الدفاع عن الرسول (صلى الله عليه وسلم) شعراً (4)

> «الأيام» عبده يحيى الدباني:

> ومما جاء في أبيات حسان بن ثابث رداً على الهاتف الشعري الذي سمع في مكة:

ترحل عن قوم فضلت عقولهم

وحل على قوم بنور مجدد

هداهم به بعد الضلالة ربهم

وأرشدهم من يتبع الحق يرشد

وهل يستوي ضلال قوم تسفهوا

عمى وهداة يهتدون بمهتد

لقد نزلت منه على أهل يثرب

ركاب هدى حلت عليهم بأسعد

نبي يرى ما لا يرى الناس حوله

ويتلو كتاب الله في كل مسجد

وأن قال في يوم مقالة غائب

فتصديقها في اليوم أو في ضحى الغد

ليهن أبا بكر سعادة جدة

بصحبته من يسعد الله يسعد

إن أبيات حسان السابقة تدل فيما تدل على معرفة كبيرة برسالة الإسلام وبفضل صاحبها وبما تميز به من معجزات وعلم من لدن الله سبحانه وتعالى، كما يشير في أبياته إلى حصافة عقول الأنصار، حيث آووا الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه وأحسنوا الإيمان برسالته ومناصرته والقتال تحت رايته في سبيل الإسلام مثلما كانوا راضين وفخورين وشاكرين لما شرفهم الله تعالى إذ اختارهم لمناصرة نبيه صلى الله عليه وسلم، لقد قال النبي فيهم (اللهم بارك في الأنصار وفي آل الأنصار، فلو لا الهجرة لكنت رجلاً من الأنصار.. فما سلك الأنصار فجاً إلا سلكته) أو كما قال.

كما أشار حسان في أبياته إلى صلف قريش وغرورهم وتعنتهم وعدم اهتدائهم إلى الحق الذي جاء به النبي صلى الله عليه وسلم ساطعاً سطوع الشمس، فهذا يدل على شقاوتهم وعماهم وخسرانهم الكبير، فشتان بين من آمن بمحمد صلى الله عليه وسلم وصدقه وناصره، ومن كذبه وعاداه وأخرجه وأصحابه من بلدهم وتربص به وآذاه وسخر منه ومما أنزل عليه. كما تدل الأبيات - مثل الكثير من شعر حسان - على تأثر الشاعر بالمضامين الإسلامية الجديدة والتخلص من المضامين الجاهلية إلى حد بعيد. وحينما كانت الوفود ترحل إلى الرسول صلى الله عليه وسلم من كل أصقاع الجزيرة العربية من مختلف القبائل في سنة 9هـ (عام الوفود) وفي غيرها تبايعه على الدخول في الإسلام كان هناك شعراء وخطباء يتقدمون هذه الوفود وينشدون ويخطبون في حضرة الرسول وأصحابه ومن ثم يطلب الرسول من شعراء الإسلام وخطبائه أن يردوا على شعراء الوفود وخطبائهم، ومن شعر الوفود نختار هذه الأبيات لشاعر يدعى مازن ابن الغضرية:

إليك رسول الله خبث مطيتي

تجوب الفيافي من عمان إلى العرج

لتشفع لي يا خير من وطئ الحصى

فيغفر لي ربي فارجع بالفلج

إلى معشر جانبت في الله دينهم

فلا دينهم ديني ولا شرجهم شرجي

فالأبيات السابقة تكشف عن موقف الشاعر الإيجابي من الدعوة الإسلامية وعقده العزم على ترك دين قومه الذين لم يفدوا معه إلى الرسول كما أشار إلى طول الرحلة التي قطعها باتجاه مدينة رسول الله صلى الله عليه وسلم.

ويقول شاعر محيياً النبي من بعيد مؤمنا به:

ألا أيها الركب المعرس بلغوا

إذا ما وقفتم بالحطيم وزمزما

محمد المبعوث منا تحية

تشيعه من حيث سار ويمما

وقولوا له أنا لدينك شيعة

بذلك أوصانا المسيح بن مريما

فيبدو أن هذا الشاعر كان من أهل الكتاب، ولكنه آمن بدين محمد حسب وصية المسيح بن مريم عليهما السلام وتبشيره به.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى