في كتاب (العيب في ذات أفندينا):مصر بلد «عبد حكامه» والعيب في ذات الحاكم لم يختلف منذ 150 عاماً

> القاهرة «الأيام» سعد القرش:

> يحمل غلاف كتاب (العيب في ذات أفندينا) للراحل يونان لبيب رزق لوحة لمظاهرة قصر عابدين الشهيرة بالقاهرة في التاسع من سبتمبر 1881 حيث يقف حاكم مصر الخديو محمد توفيق في مواجهة الزعيم أحمد عرابي الذي يمتطي جواده.

لكن لرزق–الذي كان أستاذا للتاريخ الحديث وتوفي في يناير 2008 رأيا آخر هو أن مصر بلد «عبد حكامه» مضيفا أن هناك «حقيقة» هي أن المصريين منذ عصور طويلة استقر في نفوسهم «إضفاء درجة من القداسة على الحكام» بصرف النظر عن كونهم مصريين أو أجانب وأيا كان لقبهم..السلطان أو الملك أو الرئيس.

ويضيف أن لقب أفندينا كان «الأكثر تعبيرا» على حاكم مصر قبل ثورة 23 يوليو 1952 التي أنهت حكم أسرة محمد علي (1952-1805) وإن العيب في الذات الخديوية أو الملكية لا يختلف كثيرا عن العيب في ذات رئيس الجمهورية بعد الثورة.

والكتاب الذي يضم فصولا عن العلاقة التاريخية بين المصريين وحاكمهم يحمل عنوانا فرعيا هو (دراسة وثائقية تاريخية موثقة من 1866 حتى اليوم) ويقع في 234 صفحة كبيرة القطع وأصدرته (دار الشروق) في القاهرة.

ويقول رزق إن «الهبة العسكرية التي تحولت إلى الثورة الشعبية المعروفة بالعرابية» أدت إلى اهتزاز الذات الخديوية على نحو غير مسبوق ومعها انتهى «عصر عبادة أفندينا» ونظر المصريون إلى الحاكم على أساس أنه بشر.

ويربط بين إنشاء المؤسسة التشريعية (مجلس شورى النواب) عام 1866 وظهور التعددية في الآراء حيث ظهرت الصحافة الأهلية التي انتقدت الخديوي إسماعيل (-1863 1879) الذي كان «شديد الحساسية لكل ما يمسه أو يمس سياساته» إذا اقتربت منها الصحافة من بعيد أو قريب بدليل تعرض بشارة تقلا للسجن -رغم تمتعه بالحماية الفرنسية- وإغلاق صحيفته (صدى الأهرام) قبل خلع إسماعيل من الحكم ببضعة أشهر بعد أن نشرت يوم 29 ابريل 1879 مقالا عنوانه (ظلم الفلاح).

وينقل من نص المقال قوله «إن الفلاح مظلوم في ماله وتربيته وينبغي له أن يعرف هذا الداء ويعرف أن له دواء وهو في يده لا في يد قادته.

فإن كان هو صابرا ذليلا جبانا دون حقه كان المولى عليه مطاعا طلالا جريئا عليه بالمغارم وإلا كان الأمر عليه بالعكس» حيث رأى المسؤولون في المقال تحريضا للفلاحين على التمرد والعصيان.

ويقارن رزق بين تأسيس (مجلس شورى النواب) والمؤسسات المماثلة في أوروبا قائلا إن هذا المجلس ولد «مستأنسا كمنحة من ولي النعم» وإنه لا يختلف عن بنايات أخرى أنشأها إسماعيل مثل دار الأوبرا والقصور وتخطيط القاهرة انطلاقا من افتتانه بمظاهر الحضارة الأوروبية «على عكس الحال في إنجلترا مثلا حين انتزع البارونات الإقطاعيون من الملك جون الثاني عام 1215 أول دساتير البلاد المعروف بالعهد الأعظم (الماجنا كارتا) ولم يكن هؤلاء أو خلفاؤهم مستعدين للتنازل عن أي حق اكتسبوه».

ويرى أن مظاهرة عابدين عام 1881 كانت أحد تجليات التعددية إضافة إلى جلسة مجلس شورى النواب في مايو 1882 وفيها تعالت الأصوات منتقدة تصرفات الخديو توفيق (1892-1879) بل «وصلت إلى المطالبة بخلعه» بالتزامن مع الصحافة في فترة الثورة العرابية التي كانت تهاجم بصراحة رأس الدولة.

ويضيف أن عرابي الذي كان وزيرا للحربية ألقى في التوقيت نفسه (مايو 1882) في مجلس النظار (الوزراء) خطابا حماسيا وجه فيه انتقادات إلى «الأسرة الحاكمة من أول عهدها إلى ذلك اليوم..

لم ينجح العرابيون ليس في مجرد العيب في ذات أفندينا وإنما في وضع صاحبه في جيب الثوار وكان الجيب أضيق مما يحتمل أن يسع لتوفيق» الذي انتقل إلى مدينة الإسكندرية الساحلية واحتمى بالأساطيل الأجنبية التي جاءت بدعوى حماية الرعايا الأجانب في البلاد التي تعرضت للاحتلال البريطاني عام 1882. رويترز

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى