مرايا الحطيئة وزمن اللعب على الكلمات

> «الأيام» علي عبدالله الصبيحي:

> قيل إن الشاعر الجاهلي (الحطيئة) كان صادقا مع نفسه عندما رأى وجهه على صفحة الماء، فقال محدثا نفسه: «أرى لي وجها قبح الله خلقه!».

ربما الحطيئة في ذلك معذور، لأن المرايا لم تكن بعد موجودة في عهده، وربما كانت صفحة الماء تلك معتكرة حسب طقس الصحراء، ولكن الأكيد أنه كان بالغ الصدق مع نفسه .. ولو تواضعا.

اليوم المرايا كثيرة، لاسيما مرايا المفسدين والعابثين بثروات الوطن، فهل هناك من يجرؤ على رؤية وجهه؟

ولأننا نحن أمة العرب نتقن اللعب على الكلام، وفي أزمنة الانحطاط الفكري فقط تتحول الكلمة إلى تجارة، وفي زمن الرداءة الثقافية وحده تعود الكلمة سلعة إلا أن ذلك التلاعب بالكلمة سرعان ما تظهر حقيقته، لأن الواقع أصدق المرايا، وعندها يصبح لسان الحال يغني عن المقال.

وها نحن نشهد العالم العربي والواقع اليمني على وجه الخصوص قد تحول إلى ساحة مريعة للتجارة بالكلمات، والكلمة التي كانت فاتحة الحقيقة وجسدها تحولت اليوم إلى زينة رخيصة في واجهة السوق اليمنية، كلمات للزينة، وأخرى للتجارة، وثالثة للنفاق والمزايدة من أجل عرض زائل من الدنيا، سرعان ما تفنى لذته وتبقى حسرته لتهلك صاحبها.

لماذا؟.. سؤال أمسى الجواب عنه سيفا يهدد عنق السائل، فهل يصمت أم يتكلم، وكيف يصمت وهو يعرف أن الكلمة العربية على وشك أن تبيع شرفها على قارعة الطريق!.. نحن نرفض وسنرفض وسنناضل من أجل أن يرفض الآخرون معنا زمنا تصبح فيه الكلمة خنجرا يمزق الحقيقة كي يخفيها. والوحدة وتقسيم الثروة والمنجزات وارتفاع الأسعار، كلمات، ترى أي نوع من الكلمات، وأي نوع من المرايا.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى