صفحات أخيرة من زيارة إلى الربوع الرياضية في مصر:أندية عملاقة.. رسمية وأهلية.. تصنع أبطال مصر وعضويتها شبه خيالية!.. ماذا يدور في كواليس الرياضة المصرية عن الحضري والمنتخب (والمعلم) شحاتة؟!

> «الأيام الرياضي» محمد سعيد سالم:

> وسط كثافة فعاليات زيارة وفد وزارة الشباب والرياضة إلى مصر، الذي ضمني والزميل كمال محمد البعداني المدير العام للتسويق في الوزارة، كان لا بد لعين (مُصاب مثلي بمرض الصحافة والكتابة) أن تجمع بين أهداف الزيارة في إطار تعاون حكومي بين بلادنا ومصر، وحاجات الفضول والرصد الصحفي.. وهذا ما حدث بالفعل.

الأندية في مصر

- الزيارة أنهت برنامجها الرائع الذي تناولته «الأيام الرياضي» بوفاء والتزام أكثر من مرة، وكان آخر فعاليات البرنامج زيارة الأسكندرية، وهناك قدمت التجربة المصرية رصيدها المتميز والمتنوع في الإدارة الرياضية، وصيانة المنشآت، ومنحتنا فرصة جديدة للاطلاع على واقع الأندية المصرية بشقيها الرسمي والأهلي،ولقد كانت عملية اطلاعنا على تجربتي (الأهلي) و(الزمالك) و(نادي 6 أكتوبر) في مدينة 6 أكتوبر (أندية رسمية)، ثم (نادي وادي دجلة) في المعادي (ناد أهلي) فيها من الثراء المعرفي الكثير، وجاء اطلاعنا على تجربة نادي سموحة (الأهلي) في الأسكندرية، بعد معرفة أندية الاتحاد السكندري والأوليمبي والتزام المعروفة، وهي مدعومة من الحكومة.. كل ذلك جاء ليؤكد حقائق محددة.

الأندية الرسمية وعراقة التفوق

- أهم الحقائق: امتلاك الأندية الرسمية مقومات كبرى من البنى التحتية والمنشآت لمختلف الألعاب، وقاعدة للعضوية (شبه خيالية)، فعدد أعضاء أندية مثل الأهلي والزمالك والترسانة يمر بين 30 إلى 50 ألف عضو، وكلهم يتم اختيارهم بعناية، بينما يتم التحفظ على آلاف الطلبات التي لا تتوافر لديها مواصفات استحقاق العضوية، رغم قدرة أصحابها على تسديد قيمة الحصول على بطاقة العضوية، التي وصلت إلى 120 ألف جنيه في الأهلي والزمالك.

- من الحقائق الأخرى: أن هذه الأندية تملك قدرة إنشاء أندية (كفروع لها) في مناطق أخرى، وبالمواصفات المذكورة نفسها، بل إن النادي الأهلي أنشأ له نادياً (كفرع) في مصر الجديدة أكبر مساحة وإمكانات من الموقع الرئيس في (الجبلاية) بجانب برج القاهرة، وهذا يقدم دليلاً كبيراً على أن هذه الأندية تملك مصادر دخل وتمويل غير الدعم الحكومي، وهو قد يفوقه بدرجات كبيرة، وبلاشك في أن أندية بهذه المواصفات تملك قدرة على صناعة النجوم والأبطال، وبالتالي تحقيق إنجازات، ثم النجاح في توفير مقومات الجذب والاستقطاب لجهات الرعاية والتسويق الداخلي والخارجي(أعتقد هنا أن مثل هذا الأمر يجب أن يفرض علينا قراءة هذه التجربة واستخلاص منهج جديد لمستقبل الأندية في بلادنا).

الأندية الأهلية وشراكة المال والأعمال

- حقيقة أخرى: مالمسناه عن الأندية الأهلية مثل نادي (وادي دجلة) في المعادي، ونادي سموحة في الإسكندرية، إنها أندية ذات طبيعة مؤسسية رائعة، تمول نفسها تمويلاً ذاتياً، ولا تحصل على أي دعم من الدولة، ويقودها مجالس إدارية من رجال مال وأعمال وشركات .. وهي شريك فاعل ومباشر في المسابقات والمواسم الرياضية في مصر.. وقدم الناديان عدداً من أبطال مصر في عدد من الألعاب الفردية، وربما على مستوى العالم، مثلما فعل (سموحة) في الأسكواش ويفعل في كرة اليد والسلة، بينما يعمل (وادي دجله) في تنفيذ تجربة في تبني ورعاية مجموعة من لاعبي كرة القدم (البراعم) تحت عشر سنوات، يبلغ عددهم بعد تصفية حوالي ألف لاعب من المواهب المتميزة ثمانية لاعبين، يقول مسئولو النادي أنهم يحصلون على كل الرعاية من تعليم وتغذية وتنمية، وهم متفرغون في النادي طوال فترة الرعاية التي تصل 6 سنوات، تحت إشراف تنمية المواهب المأخوذة عن مدرسة نادي الآرسنال الإنجليزي.

هذه الرعاية ستقدم لاعبين على درجة عالية من الاحتراف، يسهل تسويقهم في الملاعب العالمية، مثلما حصل في ساحل العاج عندما كان دروجبا ويايا توريه وغيرهم في نفس السن عندما تبنتهم مدرسة الآرسنال في تجربة مماثلة.

الأندية الأهلية في مصر لديها مقومات قد تفوق ما يملكه الأهلي والزمالك من منشآت وعقارات وهذا أكيد، فنادي الشمس في القاهرة هو أكبر ناد في مصر، وينافسه على هذه المكانة اليوم نادي سموحة في الأسكندرية. ولا تستغربوا إذا علمتم أن صالات وملاعب ومراكز عملاقة لهذه الأندية، وبمواصفات دولية يتم إنجازها في أقل من 9 أشهر.

الزيارة إلى الأسكندرية

- عندما زرنا الأسكندرية، لفت نظرنا ستاد الأسكندرية لكرة القدم، إنه تحفة معمارية تراثية، قال عنها رئيس الاتحاد الأفريقي لكرة القدم عيسى حياتو في زيارة له:«إنه ليس ملعباً.. إنه قصر».

- الوصف كان في محله.. فمدرجات الملعب، وتصاميم زواياه ومقصوراته، بقيت على حالها منذ إنشائها عام 1929 زمن حكم أسرة محمد علي باشا لمصر.. وعندما تشاهد الملعب، وتزور المقصورة وغرفها الداخلية الخلفية يتمتع ناظراك بجمال وسخاء الانفاق على المكان، وهذا لن يكون غريباً إذا عرفت أن الملك فاروق، كان يستريح في هذا المكان، عند حضوره مباريات أو فعاليات رياضية، ولهذا كان في يوم ما منطقة ملكية (سامية) تضم الملك وضيوفه، وصار المكان اليوم متاحاً لكثيرين. وقد أعجبني أن الذين تعاقبوا على المكان منذ عهد الثورة والرئيس جمال عبدالناصر، ثم الرئيس أنور السادات، واليوم الرئيس حسني مبارك، حافظوا على أصالة المكان، وطبيعته التاريخية والتراثية، لأن بها صفحة من صفحات تاريخ مصر.

- لقد خاطبت نفسي كثيراً، وأنا أراجع هذه الصورة في الإستاد وأحسست بأشياء كثيرة ناقصة في حياتنا.

إبعاد السياسة عن الرياضة

- علينا أن نعرف كيف نبني، ثم كيف نصون، ثم كيف نحايد في الموقف من التاريخ!! ولا نسمح للسياسة بإفساد نسيج الوحدة الوطنية وتطور المسيرة التاريخية للوطن والأجيال..علينا أن نتعلم من (عمق شعور المصريين بالإنتماء لمصر)، وأن نراجع الأسباب، حتى لو كان في مجال الرياضة.

مستجدات الواقع الرياضي المصري

وخلال وجودنا في أرض الكنانة، أجبرني الفضول الصحفي على التقاط مستجدات بعض القضايا الرياضية، التي تثير الشارع الرياضي المصري، وأن أضعها على سطور «الأيام الرياضي» .. تكرموا بالمتابعة:

سطوة الأهلي وحق الحضري

- في مصر، يرى كثيرون أن اتحاد الكرة وضع نفسه في مأزق وفضيحة مكشوفة، عندما أرسل خطاباً إلى FIFA عقب سفر الحارس عصام الحضري لسويسرا، يقول:«إن الحضري هرب من ناديه دون علمه»، وشمل الخطاب العديد من الاتهامات التي وصفت الحارس بأنه مارق وسيء السلوك وخدع الأهلي..ونشرت عدة مطبوعات إعلامية أن العديد من الاتهامات أوردها اتحاد الكرة لمجاملة الأهلي رغم علمهم وتأكدهم من صحة موقف الحضري وأحقيته في الاحتراف، وقد استغل الحضري في اتخاذ القرار للاحتراف بنادي سيون السويسري ثغرة قانونية في لوائح FIFA مستندا إلى المادتين 14و17 من لوائح الاتحاد الدولي..وقد تضمنت المادة 14 على أن الحكم في هذه القضية يصب في مصلحة اللاعب (في حال ظروف قضية عادلة)، وتعني كلمة (عادلة) أن تكون هناك حالة إنسانية تقتضي ذلك،وهو ما ينطبق على عصام الحضري الذي تخطى سن الـ 35 ،وهي حالة تسمح للاعب أن يرى مستقبله كيفما يشاء!

- العارف بكواليس وحياة الرياضة في مصر سيتأكد له حجم السطوة التي يملكها ويمارسها النادي الأهلي، قد يصل تأثيرها إلى جهات ذات قرار مثل اتحاد الكرة أو المجلس القومي للرياضة.. وهنا يرى محايدون في مصر أن عقد الحضري مع الأهلي البالغ 550 ألف جنيه في أربعة مواسم، بينما عقده مع سيون يبلغ مليوناً و250 ألف يورو، بما يعادل 13 مليون جنيه (أي أكثر من 3 أضعاف عقده مع الأهلي)، وهو ما يؤكد أن مصلحة اللاعب في الانتقال إلى سيون، وهو الرأي الراجح لدى FIFA في ظل تطبيق اللوائح.

منتخب مصر بعد أمم أفريقيا

- قبل انطلاق لقاء منتخبي مصر والأرجنتين الأربعاء الماضي (ثم بعد ذلك) أجمعت آراء الشارع المصري أن للمباراة أهمية إعلامية وعالمية كبيرة، وبصفة خاصة من الجانب المصري، فهي أول ظهور لمنتخب مصر بعد فوزه بكأس أمم أفريقيا، وتهم سمعة منتخب مصر، وحماس الجماهير التي ما زالت تعيش نشوة فرح الفوز باللقب الأفريقي..الشعور بأهمية المباراة ناتج من كونه أول اختبار لكفاءة المنتخب المصري بعد الإنجاز الأفريقي، وعلى طريق تحقيق إنجاز جديد، هو التأهل إلى نهائيات كأس العالم القادمة في جنوب أفريقيا 2010..التطلعات المصرية تبحث عن كل السبل ليحافظ منتخب مصر على قدرته في استكمال مشوار التفوق، خاصة وأن التجارب في الكرة المصرية تؤكد أن الوصول إلى القمة قد يكون سهلاً، لكن الصعب هو في الحفاظ عليها.

- في مصر لا يريدون تكرار سيناريو جيل 1998، وانهياره بعد الفوز بكأس الأمم الأفريقية ببوركينا فاسو، وفي هذه الجزئية بالذات تتجه الأنظار إلى المدرب المصري حسن شحاتة، الذي نال الاعتراف بأنه أحسن مدرب في تاريخ الكرة المصرية..الاختبار أمام منتخب الأرجنتين جاء في غير صالح منتخب مصر (صفر/2)، ولكن تؤكد مصادر مصرية أنه اختبار بالغ الأهمية لقياس ما يحتاجه منتخب مصر من تعزيزات على طريق النجاح في استحقاق التأهل إلى نهائيات كأس العالم. وهنا أدعوكم لقراءة أسباب الثقة الممنوحة (للمعلم) حسن شحاتة!!

لماذا حسن شحاتة؟

- يعد حسن شحاتة أول مدرب يكسر قاعدة انكسار ما بعد الانتصار، بقيادته منتخب مصر إلى إحراز لقبي كأس الأمم الأفريقية عامي 2006م 2008م بالإضافة إلى ذهبية دورة الألعاب العربية الحادية عشرة في القاهرة عام 2007م .. إنها 3 إنجازات في 3 أعوام متتالية، حققها شحاتة مع منتخب مصر، يصفها المصريون بالإنجاز غير المسبوق، حيث لم يستطع أي مدرب قبله تحقيق ذلك.

- تعود الجميع في مصر أن يسقط المنتخب بعد كل إنجاز والوحيد الذي اقترب من حسن شحاتة هو مايكل سميث المدرب الإنجليزي الذي قاد المنتخب إلى الفوز بكأس أفريقيا عام 1986، ثم الفوز بالميدالية الذهبية في دورة الألعاب الأفريقية عام 1987، ولكنه سقط في كأس أفريقيا في المغرب عام 1988م.

- حتى محمود الجوهري أسطورة التدريب المصري، احتاج إلى 8 أعوام لصناعة إنجازاته، التي تمثلت في الصعود إلى نهائيات كأس العالم في إيطاليا عام 1990م والفوز ببطولة العرب عام 1992م في سوريا، ثم الفوز بكأس أفريقيا عام 1998م في بوركينا فاسو..وعلى ذلك يكون المعلم (شحاتة) هو الاستثناء في سجلات تاريخ الكرة المصرية، الذي حقق لقب أمم أفريقيا مرتين متتاليتين، وحقق ذهبية دورة الألعاب العربية،ومع كل ذلك، لا بد من التذكير بأن الشارع الرياضي المصري (طماع)، ولا ينظر كثيراً إلى الوراء، وبات مهيئاً ليسمع عن إنجاز التأهل إلى نهائيات كأس العالم القادمة، وهو التحدي الكبير الذي قبل شحاتة أن يخوضه، وسيجعل من أول تجربة له أمام الأرجنتين (الخسارة) تمهيداً لتجاوز النواقص والمشكلات.

وبغير التأهل فإن (السكاكين) التي كانت تنتظر فشله في غانا، ستجد فرصتها لعملية(الذبح الحاقد).

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى