اشتهرت بمياهها المعدنية الساخنة.. الحامي بين أهمية موقعها وتواضع الخدمات فيها

> «الأيام» شكري حسين :

>
عبدالله بانجار من ابناء المنطقة يقف عند احد العيون
عبدالله بانجار من ابناء المنطقة يقف عند احد العيون
لم يدر بخلدي وأنا أتجول في ربوع ساحل حضرموت مؤخراً أن أقف ذات مساء ودون سابق ترتيب أو إعداد على (العيون) المعدنية العلاجية الساخنة في منطقة (الحامي) الواقعة على ساحل البحر العربي إلى الشرق من مدينة الشحر التاريخية، وكم كنت محظوظاً بمشاهدة المناظر الخلابة الساحرة التي تتميز بها المدينة، حيث (يناجي) بحرها أشجار النخيل الوارفة فيها، فوجدت في نفسي شوقاً جارفاً وحنيناً عارماً للكتابة، رغم منغصات اللحظة والمتمثلة في غياب الورقة والقلم إلى جانب عصيان الكاميرا التي أعلنت تضامنها إلى جانب ثالوث (التمرد) العجيب قبل أن يأتي الإنقاذ من رفقاء الرحلة الأجلاء الإخوة ناصر أحمد مهدي نائب رئيس الغرفة التجارية بأبين وزميلاه عارف عبدالرزاق وسالم ناجي الذين تمثلوا قولاً وفعلاً (الرفيق قبل الطريق) فتولى الأول مهمة التصوير عبر جوالة الشخصي فيما تبرع الآخران بالورقة والقلم، فانزاحت بفعلهم الجميل أكدار اللحظة وبدأت من حينها بلملمة أشتات الكلمة.

جمالية المكان

أجمل ما يميز منطقة الحامي أنها تقع قبالة الساحل من الغرب إلى الشرق وتحميها سلسلة من الهضاب وتحيط بها من الشمال مجموعة من بساتين النخيل وحقول الحبوب والخضار التي ترويها قنوات محفوره في الأرض تستمد مياهها من أكثر من (30) عيناً بحسب إفادة أحد أبنائها ويدعى عبدالله محفوظ بانجار، الذي أبدى سعادة غامرة حين معرفته باسم كاتب السطور والصحيفة التي ينتمي إليها.

فتولى مهمة التعريف والشرح للكثير من المواقع التي وطأتها أقدامنا، والتي أكد أن تسميتها (بالحامي) ربما يعود للمياه المعدنية الساخنة المتدفقة بين جنباتها.

مواطنون يبحثون عن العلاج
مواطنون يبحثون عن العلاج
دار للشفاء

تعد الحامي دار علاج ومركز استشفاء مهماً، لوجود مواقع علاجية طبيعية فيها، حيث يؤمها الناس يومياً على مدار العام من حضرموت وخارجها، بل ويذهب ببعض مياه (العيون) منها إلى الخارج، وخصوصاً دول الخليج العربي بحسب شهادة ابن المنطقة الأخ عبدالله بانجار، الذي قال: إن المنطقة توجد فيها عدد من العيون العلاجية تحت مسميات مختلفة منها عين (عبدالله حسن وابن إسماعيل،وبن قمري)، ومنها ما تختص بعلاج أمراض محددة، كما هو الحال بعين (باحميد) الخاصة بعلاج الحموضة والديدان وعين (بو سالم) للأمراض الجلدية والحساسية وعين (القمبنع) الخاصة بأمراض الشلل والروماتيزم والأعصاب وعين (عبدالله) لأمراض البواسير والأجهزة التناسلية وغيرها، لكن ما يعيب هذه المواقع أنها تستغل بطرق تقليدية وعشوائية مع عدم توفر الوسائل الخدمية.

والأسوأ من ذلك كله أنها عرضة للرياح والأتربة وتساقط ورق الأشجار، وافتقارها لمظاهر الصفاء والنقاء المفترض أن تكون عليه انطلاقاً من الفائدة التي تقدمها لزائريها، وأهمية تعلق الناس بها، ويقينهم بجدوى التشافي فيها.

رجل مسن يستحم بمياه ساخنة بحثا عن الشفاء
رجل مسن يستحم بمياه ساخنة بحثا عن الشفاء
جهود ولكن ..

لعل ما قام به بعض رجال الخير في المنطقة من إقامة بعض البيوت الخاصة للقادمين إليها لغرض العلاج وتحديد أماكن خاصة للرجال وأخرى للنساء يندرج في إطار الأعمال الخيرية والتفاعل الرائع من بعض أبنائها تجاه الوافدين إلى المنطقة أو هو جزء من إكرام الضيف الذي (جبل) عليه أبناء حضرموت عموماً مع كل الزائرين.. لكن ذلك لا يعفي السلطة المحلية في المحافظة، والدولة بشكل عام من الاهتمام بتلك المواقع، وإخضاعها للدراسات العلمية واكتشاف مكنوناتها وعناصرها.. وأيضاً إلى دراسات جدوى اقتصادية لاستثمار ما يمكن منها بطرق حديثة طبياً، وتجهيز مرافق وخدمات سياحية ملائمة خصوصاً والحاجة لمثل هكذا (أعمال) بدت ملحة إذا ما أخذنا بعين الاعتبار الأعداد المتزايدة القادمة إليها.

إشارات عابرة

على تواضعها ومحدوديتها إلا أن البيوت التي قام ببنائها أهل الخير للقادمين إلى المنطقة للتشافي عمل (إنساني) رائع تكمن جماليته في مجانية السكن، وهو عمل أراد أصحابه من خلاله البحث عن الأجر والثواب.

ليست الحامي وحدها كما علمت من أخينا عبدالله بانجاز التي توجد فيها مثل هذه المواقع العلاجية، ولكن هناك مواقع أخرى في الشحر والديس وغيرهما.

إلى جانب صور التشافي المنبثقة من بين مياه العيون الساخنة هي أيضاً تستخدم في ري الكثير من المزروعات وأشجار النخيل المحيطة بها.

أحاطنا الأخ أبوبكر بامعلم من أبناء الشحر بشمائل كرمه وجميل مودته وأبى إلا مرافقتنا إلى كل المواقع التي زرناها، وكان دليلنا في الرحلة خصوصاً وهي الأولى لي ولرفقائي في ربوع الساحل.. تحية خاصة له.

العين الخاصة بامراض الشلل والروماتيزم
العين الخاصة بامراض الشلل والروماتيزم
كان هاجس الكتابة لدي وليد اللحظة، لأجل ذلك لم أصطحب معي ما ينبغي للصحفي (اصطحابه) سوى الكاميرا التي توقفت هي الأخرى فجأة عندما هممت بالتصوير، ولا أدري ما إذا كان لذلك علاقة بسوء الطالع أم هي الصدفة التي جعلتني في حيرة من أمري.

أجمل تعليق سمعته من الأخ عبدالله بانجار في معرض دفاعه واستماتته بفائدة العيون العلاجية.. قوله وبلهجته الحضرمية المحببة:(أوه كنك منت مصدج أن هذه فيها شفاء.. هيا والله من يوم (يانا) يعني جاءنا مشروع الماء (يات) الأمراض معه، ويوم كنا نشرب من هذه العيون ما نعرف المستشفى طول).

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى