د.الشدادي:الفساد أصبح حديث الجميع إلى درجة أنه كان أحد الأركان في برنامج الرئيس

> صنعاء «الأيام» بشرى العامري:

> نظمت صباح أمس الأول منظمة (برلمانيون ضد الفساد يمن باك) حلقة نقاش حول دراسة حالة الفساد في اليمن، تناولت الدراسة محاور عدة منها مناقشة وتحليل طبيعة الفساد وأسبابه ومظاهره وتداعياته المختلفة، ومكافحة الفساد في التشريعات اليمنية، والمبادرات والبرامج الرسمية العامة والخاصة في مكافحة الفساد في اليمن.

وفي تصريح لـ «الأيام» قال النائب د. عيدروس النقيب:«إن الدراسة هي حصيلة جهد فريق عمل متكامل من الباحثين والمتخصصين بتكليف من منظمة (يمن باك) دام العمل فيه أربعة أشهر، وجرى استقصاء لـ 110 مستطلع لآرائهم، وجهت لهم ثلاثة عشر سؤالا حول وضع الفساد وأسبابه ومدى جدية الحكومة في محاسبة القطاعات التي ينشر فيها الفساد وما إلى ذلك». وأضاف: «إن هذه الدراسة تأتي في إطار جهد في منظمة (برلمانيون عرب ضد الفساد عرب باك) لتقييم حالة الفساد في الوطن العربي وهذه الدراسة هي إسهام منظمة (يمن باك) في هذا الجانب».

وأشار د.عيدروس في تصريحه إلى أن العمل مازال متواصلا ، وتأتي هذه الندوة في إطار منظومة التقرير وإثراء الدراسة.

وردا على سؤال «الأيام» حول ما حقق في مكافحة الفساد أجاب:«لا نستطيع القول بأن شيئا قد حقق في مكافحة الفساد، وما تم التوصل إليه هو مجموعة من التشريعات واللوائح والوثائق، لكن أهميتها تكمن في مدى تطبيقها وإلا ظلت حبرا على ورق».

ورأى أن ما يجري على الساحة اليوم ليس حربا على الفساد وإنما هو حملة إعلامية دعائية ربما يكون فيها بعض النوايا الطيبة في محاربة الفساد.

وأشار إلى أن محاربة الفساد تتطلب إستراتيجية سياسية وخطوات عملية جادة وأجندة عملية في الشروع لاجتثاث الفساد والشروع في كشف كبار الفاسدين أو عينة منهم وتقديمهم للقضاء واسترداد ما تمَّ نهبه من الأموال العامة.

وقال: «قد لانستطيع القضاء على جميع الفاسدين في البلاد، ولكن لو حاسبنا ولو مجموعة قليلة من الفاسدين سيشكلون نموذجا للبقية لردع المستهترين والمتلاعبين بالمال العام وخيرات البلد، ويكون المشروع بعيدا عن أي اعتبارات أو حسابات وتوازنات سياسية». وأضاف:«نخشى أن يتحول الفساد إلى سياسة والتستر على الفاسدين والعطف عليهم وحبهم لأن في هذه القضايا من المفترض أن نخضع الناس للمساءلة، وأن يقدموا للقضاء العادل».

وقال د. محمد الشدادي نائب رئيس مجلس النواب في مستهل الندوة :«إن الفساد أصبح حديث الجميع إلى درجة أنه كان عبارة عن أحد الأركان التي ذكرت في برنامج الأخ الرئيس علي عبدالله صالح وأفرد له جزءا كبيرا لمحاربته ومكافحته، وكذلك البرلمان أصدر عددا من التشريعات مثل قانون مكافحة الفساد وقانون براءة الذمة المالية وقانون المناقصات والمزايدات وكلها بغية مكافحة الفساد».

وأشاد عضو مجلس النواب صخر الوجيه رئيس المنظمة بدور الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة الذي اكتشف قضايا عدة وأحالها إلى نيابة الأموال العامة.

وخلصت الدراسة إلى أن الفساد صار أكثر تجذرا في ممارسة أفعاله وتجاهل الانتقادات الحادة الموجهة للفساد والفاسدين الفاضحة لممارسات الفساد سواء أكان ذلك في الصحافة أو في تقارير أجهزة الرقابة بالرغم من حدوث إجماع، ولو كان ظاهريا بين الحكومة والمعارضة، على وجود الفساد واستفحال خطورته في اليمن وضرورة مكافحته، وتعد هذه المفارقة من أخطر مظاهر الفساد في الحالة اليمنية لأنها تزيد من حالة الاحتقان الشعبي واليأس من إمكانية الانعتاق من مخاطر الفساد وآثاره الضارة.

وصنفت الدراسة أشكال الفساد إلى فساد اقتصادي وفساد سياسي وهناك الفساد الإداري والمالي للحكومة، كما أشارت إلى أن أسباب وعوامل الفساد في المجتمع اليمني هي أسباب اقتصادية وسياسية وأسباب اجتماعية وثقافية وأسباب داخلية وأسباب خارجية، وهناك أسباب وعوامل ذات خصوصية نسبية في اليمن منها:

- ضمور القيم الإيجابية كالأمانة والصدق في بيئة إدارية لا تشجع على التحلي بها.

- انتشار مظاهر الجهل ونقص المعرفة بالحقوق والواجبات وبطبيعة الإجراءات وخطوات الحصول على الخدمات العامة.

- ضعف أو غياب دور مؤسسات المجتمع المدني والمؤسسات الخاصة في الرقابة ومتابعة الأداء الحكومي.

- حداثة مفهوم الفساد وأبعاده العملية والعلمية المختلفة في المجتمع اليمني.

وأشارت أيضا إلى وجود مصالح وعلاقات تجارية مع شركات ومنتجين من دول أخرى تسعى هذه الشركات إلى الحصول على امتيازات واحتكارات داخل الدولة، مستخدمة في ذلك وسائل الترغيب والترهيب مفسدة بذلك جزءا لا يستهان به من موظفي الدولة.

وأكدت الدراسة أن المصدر الأخطر والأكبر هو فساد البيئة السياسية «فهي الحاضنة لكل فساد، وهي التي توفر له أسباب النمو والتنوع والتوغل في المجتمعات».

وتعرضت الدراسة للعديد من الأمثلة التي كشفتها الصحافة اليمنية الحزبية والمستقلة أو ذكرتها تقارير أجهزة الرقابة والمحاسبة من ممارسات فساد خطيرة مارسها رجال أعمال في مجالات النفط والمقاولات ولم تتعرض لسوء يذكر باستثناء التشهير الإعلامي قصير النفس بسبب الحماية المتوفرة التي تمنع أن يتطور التشهير إلى خطوات فعلية في المحاسبة والإحالة إلى القضاء.

وتطرقت إلى توجه الحكومة لخصخصة عدد من المرافق العامة التي كشف فيها عن نماذج من الفساد تظهر الروابط الخفية بين مسئولين رسمين ورجال أعمال.

وأشارت الدراسة إلى أن الوجه الآخر للفساد الكبير الذي يمثله الإطار السياسي يكمن في استبعاد القيادات النزيهة وإحلال بدلا منها شخصيات ضعيفة مهنيا وذات مستوى أقل من الكفاءة اعتمادا على الولاء الحزبي أو القبلي أو المناطقي.. كما استعرضت أبرز دوافع الحكومة لتبني برامج مكافحة الفساد المتمثلة في الضغوط السياسية والشعبية التي ركزت انتقاداتها على الفساد المالي والإداري باعتباره السبب الأكبر لحالة التدهور المعيشي، والضغوط الخارجية التي مارستها الدول والمنظمات الدولية المانحة باتجاه جعل مكافحة الفساد المالي والإداري أحد معايير تقديم المساعدات والقروض، إضافة إلى التباطؤ الشديد الذي حدث في تنفيذ مختلف برامج وسياسات إصلاح منظومة الحكم الجيد ومكافحة الفساد.

وعن فشل التنمية الاقتصادية كشف تقرير للجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة المرسل إلى اللجنة المالية في مجلس الشورى عن حجم المال العام المهدر في عدد 1353 قضية وبلاغا فقط، حيث بلغ إجمالي المخالفات المالية 37,841,529,073 ريال يمني أي ما يعادل 31,534,533 دولار.

ولخصت الندوة إلى ضرورة إصدار توصيات تحتوي على كافة جوانب عملية الإصلاح وتلم مكوناته المشتتة وتضمينها في وثيقة رسمية عامة، وإصدار وثائق تفصيلية خاصة ببرامج الإصلاحات القطاعية والعمل على نشرها وتوعية القيادات العليا والوسطى المعنية بتنفيذها وإنشاء آلية مؤسسية تنظيمية تختص بمراقبة ومتابعة تنفيذ سياسات ومشاريع وإجراءات الإصلاحات المختلفة، وإيجاد آليات وقنوات مؤسسية مع مجلس النواب وبالذات مع اللجان ذات العلاقة تساعد على تسهيل إجراءات إصدار القوانين وإقرارها وتقوية الدور الإعلامي الشامل لدعم عملية مكافحة الفساد والإصلاح الشامل وتعزيز وتقوية الإطار التشريعي والبناء المؤسسي للجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة وتطوير وتحديث التشريعات القانونية والتنظيمية ذات العلاقة وتفعيل الدور الرقابي لمجلس النواب وتعزيز الشفافية والمساءلة في العمل الرقابي على الحكومة، وكذا المجالس المحلية والمساءلة والشفافية على مستوى المديريات والمحافظات وتفعيل دور المجتمع في مكافحة الفساد مثل تشجيع إنشاء منظمات المجتمع المدني المتخصصة في هذا المجال.

حضر الندوة النقاشية عدد من أعضاء مجلس النواب ومنظمات المجتمع المدني وأكاديميون ناقشوا خلالها الدراسة وأثروها بالكثير من الملاحظات المهمة.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى