فصل وإعادة التيار والتحكم عن بعد.. نظام جديد من اختراع شاب يمني ..اتفاقية مبدئية لإنشاء مصنع لتجميع هذه الأجهزة في عدن

> «الأيام» فردوس العلمي:

>
أثناء توقيع الاتفاقية المبدئية في الصين
أثناء توقيع الاتفاقية المبدئية في الصين
طريق الألف ميل يبدأ بخطوة، وهذه الخطوة الأولى صعبة بالطبع، فكيف سيكون الأمر حين يتعلق بإيجاد نظام كهربائي جديد يقلل من الفاقد، ويساعد المواطن بعدم تراكم المديونية عليه، ويحافظ على الشبكة العامة للكهرباء مدة طويلة!.. بالتأكيد لم يكن العمل سهلا ولكن بتعاون المخلصين ومساندة رجال الدولة وإرادة الله الصعب أصبح سهلا. اليوم نلتقي بمهندس أنجبته المدينة التاريخية (الشحر).. هذا المهندس الذي سهر سنوات طويلة لكي ينجز نظاما جديدا. ولمعرفة المزيد تعالوا نقرأ في هذه السطور الحكاية، ونتعرف على هذه الشخصية التي عملت على إيجاد هذا النظام الجديد وأظهرته للوجود.

مهندس سعى بكل جهد مقاوما العقبات لتحقيق هدفه. إنه م. هاشم شريف حسين الحمودي ، موظف في وزارة الكهرباء، يعمل في المركز الفني للتدريب والتصنيع الخاص بتدريب موظفي المؤسسة العامة للكهرباء، متخصص في مجال تشغيل وصيانة محطات الديزل، وكذا تدريب المتدربين على تشغيل وصيانة محطات الديزل في المؤسسة العامة للكهرباء على مستوى الجمهورية.

يتحدث إلينا م. هاشم عن فكرة إيجاد هذا النظام وكيف جاءته.

يقول م. هاشم:«قبل البدء بهذه الفكرة راودتني الكثير من الأفكار وكانت هذه الطريقة هى الأقرب للواقع من حيث سهولتها وكلفتها حيت فكرت أن أستفيد من جهاز البيجر الذى انتهت خدمته الفعلية وأحببت أن أكررها وأفعلها لصالح المؤسسة العامة للكهرباء كون هذا الجهاز واسع التغطية في جميع أنحاء الجمهورية اليمنية، ولكن تركت هذه الفكرة بعد رفضها من قبل المؤسسة العا مة للكهرباء».

وعن السبب يقول م. هاشم:«للبيجر عيوب فنية فهو جهاز مستقبل فقط لا يرسل الإشارات ولا يؤكدها ، و حاولت الاستفادة من نظام GSM، ولكن تم رفض الفكرة أيضا من قبل المؤسسة العامة للكهرباء، لأننا للأسف لم نوفق فيها لأن هذا النظام يحتاج إلى وجود سنترال واشتراكات وتكاليف باهظة لتشغيل هذا النظام، وتم عرض الفكرة على وزارة الاتصالات لاستخدام نظام CDMA ولكن لم نجد أي تعاون منها رغم أنها كانت ستفيد 300.000 مشترك فى لحظة واحدة، مقابل تخفيض هذه الكلفة للمؤسسة العامة للكهرباء ولكن دون جدوى».

لم يتوقف عن التفكير في مواصلة العمل ولم يقفد الأمل بل زاده ذلك إصرارا على المضي قدما والبحث عن فكرة جديدة وهو ما قاله لنا «وبعد ذلك لجأت إلى استخدام موجات لاسلكية تعمل بالتردد الخاص بالصناعة وموجات محددة تنقل الإشارات ويمكن استخدامها في نقل المعلومات واتضح لى أن هناك عددا من الشركات من فرنسا ولتوانيا (الاتحاد السوفيتي السابق) ومن جوهانسبرج في جنوب افريقيا جاءت إلى اليمن لتسويق أنظمة عديدة ولكنها باءـت بالفشل لأنها بحاجة إلى تغيير النظام الحالي للمؤسسة وإلغائه بالكامل وهذا غير مجد ومكلف عكس النظام الذى صممته بناءً على إلمامي التام بمشاكل المؤسسة وكذلك طبيعة البلاد عامة والذي كان يتماشي مع النظام القائم حاليا».

وعن الهدف الرئيس لهذا النظام يتحدث م. هاشم قائلاً:«الهدف الرئيس لهذا النظام هو المحافظة على الشبكة العامة للكهرباء من التلف، بسبب القطع التقليدي المتكرر الذي يؤدى إلى أضرار فادحة للشبكة، ويساهم بحدوث فاقد في التيار الكهربائي، الذي تصل نسبته فى اليمن إلى %30 والذي يحدث نتيجة لرداءة الشبكة والقطع المتكرر».

ويضرب مثلا لذلك قائلاً:«لو أهملنا جميع العوامل المؤثرة على شبكتي الهاتف والكهرباء شبكة الهاتف تبقى لفترة طويلة وبحالة جيدة بينما شبكة الكهرباء تتلف بصورة سريعة وتتدهور».

وعن سبب ذلك يقول:«نتيجة للقطع التقليدي المستمر، وذلك عند قطع التيار الكهربائي أو إعادته لأكثر من مرة، وهي المشكلة الكبرى التي تعانى منها الموسسة».

وأوضح أنه «من السهل إلى حد ما بناء محطات توليد ولكن من الصعب جدا إنشاء شبكة مترامية الأطراف فى جميع أنحاء الجمهورية أو ترميمها وذلك نظرا لطبيعة المادة التى تتكون منها الشبكة وهى الألمنيوم والنحاس وهي مواد غالية الثمن بالإضافة إلى التضاريس الجغرافية الصعبة لليمن ووعورتها، عكس شبكة الهاتف التي تبقي سليمة، كونها لا تتعرض للقطع أو العبث».

ويشبه م. هاشم شبكة الكهرباء «بالثوب القديم الذي يحتوى على الكثير من الرقع» ويسأل «هل يعود إلى ما كان؟.. مستحيل ».

ويتطرق إلى جدوى هذا النظام «بالتأكيد النظام له جدوى كبيرة أولاً يخلص المؤسسة من مشاكل كثيرة تعاني منها نتيجة للقطع التقليدي، منها تحصيل إيرادتها شهريا وبانتظام وكذا المساعدة على تقليل حجم الإصابات بين العمال الفنيين، التي تحدث في بعض الأحيان وتدفع فيها المؤسسة مبالغ طائلة في إصابات العمل إلى جانب أن المؤسسة لن تحتاج إلى حملات لقطع التيار الكهربائي لفصل التيار الكهربائي، كما هو حاصل الآن وسيوفر الكثير للمؤسسة فلن تحتاج المؤسسة إلى سيارات وسلالم وفريق عمل، حيث يفصل التيار الكهربائي أو يعاد مباشرة عن طريقة التحكم عن بعد.

إلى جانب سرعة التحصيل، فحملة القطع العادية تطال عشرة إلى خمسة عشر منزلا في اليوم الواحد، أما هذا النظام فسيتم فصل التيار الكهربائي عن خمسمئة مشترك كحد أدنى في وقت واحد في المنطقة المكلف بها قارئ العداد، وهنا تعمم الفائدة على المؤسسة وتمكنها من استرجاع مديونيتها بصورة سريعة».

وعن مكونات الجهاز يقول:«الجهاز مكون من (المرسل) ينقل الإشارات بتردد معين إلى (المستقبل) ويكون مثبتا عند عداد المشترك ومربوطا بقاطع كهربائي الكتروني ومجرد ما يحصل هذا القاطع على الإشارات يقوم بقطع التيار الكهربائي أو إعادته».

وعن الجهود الطويلة للعمل يقول:«لم يكن العمل بين يوم وليلة ولكنه ثمرة مجهود كبير بدأ من عام 2000»، ويؤكد أن التمويل من العوامل المساعدة لإنجاز أي مشروع، ويقول:«الحمد الله هذه المشكلة لم تكن عقبة فقد قام الأستاذ عبدالقادر هلال عندما كان محافظا لحضرموت بتكريمي بدعم غير محدود حتى ظهرت الفكرة للوجود ومن هنا ومن منبر «الأيام» أتقدم له بأسمى آيات الشكر والعرفان فما عمله يبعث الطمأنينة بالنفس بأن هناك رجالا في الدولة يهتمون بجانب استثمار العقول الشابة ونفع الوطن بها».

وعن مميزات النظام يقول:«يمكن أن يركب بطريقتين إما على العداد الكهربائي الخاص بالمستهلك أو على العمود الكهربائي بالإضافة إلى أنه ضد الماء والشمس والغبار (العوامل البيئية) ولن يزيد أي أعباء على المستهلك فهو في صالحه سيقلل عليه تراكم المديونية ولن يعاني من القطع الذي يستمر مدة طويلة قد تصل إلى ساعات كما هو حاصل الآن ربما لتأخر سيارة الكهرباء أو صادف يوم القطع إجازة فيظل المشترك بدون كهرباء لمدة يوم أو يومين فهذه معضلة حقيقية عندما تدفع قيمة الفاتورة ولم يرجع التيار إليك!!

فعندما تكون هناك حملات قطع واسعة فإن هذا الجهاز سوف يعمل بصورة سريعة ومباشرة عقب تسديد الفاتورة من قبل المستهلك فمن الإنصاف أن نقول بأنه في صالح المواطن وكذلك في صالح المؤسسة التي هى في النهاية للمواطن .

ويضيف :«بالإضافة إلى إمكانية تسويقه في الدول المجاورة خاصة في القرن الإفريقي وهناك مؤشرات لتسويق هذا المنتج إلى جمهورية جيبوتي إلى جانب طرح فكرة إنشاء مصنع صغير لتجميع هذه الأجهزة في منطقة عدن أثناء سفريتي إلى الصين وتمت الموافقة المبدئية وهذه تعتبر سابقة فى اليمن بأن تصدر منها أجهزة الكترونية بابتكار يمني ومن الأراضى اليمنية والله إنها لمفخرة بالفعل إن حصلت لكل اليمن».

م. هاشم وقع اتفاقية معمدة من وزارة الخارجية الصينية ووزارة التجارة الصينية ومن السفارة اليمنية في بكين وتحتوي الاتفاقية على 12 بندا أهمها المحافظة على الملكية الفكرية لمخترع النظام حيث تم تسجيلها في منظمة WIPO(المنظمة العالمية لحماية الملكية الفكرية وبراءة الاختراع) وكذلك وزارة التجارة والصناعة اليمنية قسم براءة الاختراعات.

وعن حلمه الذي تحول إلى واقع يقول:«كان لي الكثير من المشاريع ولكن بعد الخوض في هذا المشروع عرفت أن المشروع الواحد يأخذ جهدك ولب العقل وكنت أسهر فأنا الذى كنت أدير المشروع بشكل مباشر من ناحية التسويق والتمويل والترجمة والمراسلات والمتابعة مع الجهات المعنية فهذه حقيقة قد قالها المخترع الأمريكي المشهور توماس اديسون (الاختراع هو %2 فكرة أو إلهام و%98 عرق وجهد) وتعبت والحمد لله كانت النتائج ملموسة».

ابتسم وقال:«رغم أن لدى كثيرا من المسؤليات تجاه أسرتي وأهلي فإن هذا لم يثنني عن مواصلة المشوار».

ينصح الشباب الباحثين عن العلم «بأن هناك شيئين يجب أن يتركهما طالب العلم الكبر والحياء ويجب أن نستعين بمن هم أكثر منا معرفة وعلما كلاً في تخصصه لأنه من مقوما ت النجاح» مؤكداً أن النجاح لا يأتي إلا اذا كانت كل الخطوات سليمة وقوية. ويضيف «حصلت لي الكثير من الإخفاقات ولكن كان لدي دافع قوي أن أكمل ما بدأت بتوفيق الله عز وجل وبوقوف كل أحبتي إلى جانبي لبذل المزيد حتى أصل إلى ما أطمح إليه».

م. هاشم يقول:«الحمد الله أننا في اليمن ولدينا حرية الإبداع وحرية اختيار المجال وللاسف الكثير لم يستفيدوا من هذه الحرية لينمي فكره ويصنع شيئا ينفع نفسه وبلده».

صورة توضح الجهاز من الداخل
صورة توضح الجهاز من الداخل
وأسهب قائلا:«الانترنت نعمة وعالم واسع من خلاله تجد الكثير من المعلومات الوفيرة بيسر وقد وصلت نسبة المستخدمين فى اليمن إلى %1,4 بحسب إحصائية قناة الجزيرة»، ويحز في نفس م. هاشم «أن الغالبية العظمى من هذه النسبة يقضون وقتهم على الشات والدردشة ويتناسي هؤلاء أنه سوف يسأل يوم يقف أمام يدي الله عن شبابه فيما أفناه وعمره فيما أبلاه وعن ماله من أين اكتسبه وفيما أنفقه»، مؤكداً «أن الوقت مسؤلية وهدر الوقت في الشيء غير المفيد مضيعة للوقت وجلسات القات.. هناك تحد كبير أمام الشباب والبلد بحاجة لهم وما حد بيصلح وضع البلد غير الشباب» موضحاً «أن الخوض في البحث العلمي كمن يخوض في معركة ونحن الآن في معركة حقيقية سلاحها هو العلم».

م. هاشم لم يكتف بهذه الخطوة ولكن عمل على تأسيس جمعية خاصة بالمخترعين والباحثين اليمنيين وهي خامس جمعية في الوطن العربي تعنى فى أمور المخترعين والباحثين وقد تم إطلاق موقع على الانترنت باسم (جمعية المخترعين والباحثين اليمنيين) فى منتصف فبراير.

ويدعو كافة الشباب الباحث والمخترع والمهتمين إلى المشاركة فى منتديات هذا الموقع ويقول بأن هذه الجمعية جاءت فكرتها من المعاناة التي صادفت طريقه والجمعية كما يقول ستكون همزة وصل بين الباحث والجهات الحكومية والداعمين مؤكدا أن صناع القرار مهتمون «فقد سن مجلس النواب قانونا مفصلا للحماية الفكرية من بداية التسعينات معمدا من رئيس الجمهورية».

وأضاف: «تهدف الجمعية إلى حفظ الحقوق الملكية و الفكرية وذلك بتفعيل هذه القوانين»، ويناشد الجهات المختصة بتمويل البحوث العلمية مؤكدا «أن استثمار العقول غير مكلف ولكنه يعود بالفائدة على الوطن فالدول المتقدمة تنفق المليارات على البحوت العلمية مؤكدا في حديثه معنا «أن القوة تنهار والمال يفنى ولكن العلم يبقى».

ويقول:«من على منبر «الأيام» أقدم الجميل والعرفان لكل من مدى لي اليد العون والمساعدة وأشكر الأخ عبدالقادر هلال وزير الإدارة المحلية ومدير عام المؤسسة العامة للكهرباء م. عبدالمعطي الجنيد وخاصة نائب مدير عام المؤسسة العامة لقطاع التوزيع م. فؤاد حمود القوسي ومدير إدارة الدراسات والتخطيط التجاري م. عبدالله شرف شيبان ومدير النشاط التجارى م.علي محمد الشرفي.

كما أتوجه بالشكر والتقدير لصحيفة «الأيام» ممثلة بناشريها الأخوين هشام وتمام باشرحيل لقيامهم بنقل الأخبار بصورة مقنعة وبمصداقية ومتابعة للخبر حتى بعد نشره» مؤكدا أن صحيفة «الأيام» صحيفة تعمل على النقد البناء وبمصداقية كاملة .

إلى هنا وتوقف الحديث وأصبح الحلم حقيقة لهذا الشاب الذي عمل بصمت وثقة لكي يرى مشروعه النور بإرادة الله وفضله ومن ثم تبني الأخ عبدالقادر هلال له.. ونتمنى أن يحذو المسؤولون حذو الوزير هلال لكي نرى المزيد من العقول الشابة التي تقدم الكثير للبلد.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى