عدن: الصوت والمكان

> «الأيام» متابعات:

>
لحظة تكريم رائد مسرح الدمى الفنان أبوبكر القيسي
لحظة تكريم رائد مسرح الدمى الفنان أبوبكر القيسي
كان الإثنين 7/4 اليوم الاستثناء، بما شهده من محفل كبير في حياة عدن المدينة الاستثناء في تنويعاتها ورموزها وأمكنتها، فحق لها أن تحتفي، وحق لنا أن نحتفي بها.

وحين يصيَّر الواقع الثقافي المأزوم والمتكلس في خضم هذه المدينة الحاملة البشرى والبشارة في كل منعطفاتها التاريخية إلى نشاط استثنائي كذلك الذي نشهده هذه الأيام من خلال اللجنة التحضيرية لمهرجان عدن الثقافي في دورته الثالثة (عدن: المكان والصوت) تلكم الكوكبة النيرة من أدباء هذه المدينة، تخرس كل الألسنة الضالة ويصبح الحديث عن هذا الحراك واجباً تفرضه علينا حميمية الانتماء والعشق الأبدي والروحي لهذا الصوت وهذا المكان، المكان بما يعني مراتع الصبا وعنفوان الشباب، والشريط الممتد من الذاكرة الحامل معه كل إشراقات الوعي المخزون بكل المتناقضات من حركة وسكون وإبداع وخمول، ونهضة متسارعة وأخرى تدب رويداً حتى اكتملت، فأضحت هي عدن الجغرافيا والتاريح، الساكنة في وجداننا جميعاً.. وهذا الصوت المنساب من بعيد مع عبق البخور والمستكة حاملا أنغام الدباشي والقعطبي والمسلمي، وتلك الشخبطات التي خطتها أناملنا فأبدعت أيما إبداع، وصوت المعلم يحيى مكي الذي أفنى عمره في تعليم الموسيقى للصغار حتى إذا ما شبُّوا ملأوا أسماعنا بالأنغام الجميلة.. غانم والجرادة ولطفي والرفاعي والجابري.. أين منا تلك القامات الباسقة، وذلك الحراك الثقافي والفني الجميل الذي صنعته عدن على مر الأجيال، ولكأني بها اليوم تستصرخنا لنلملم أشياءنا ونستدعي ذلك الزمن الجميل بحضور قوي نستمد منه الألق.

وهو ما حصل صبيحة الإثنين بافتتاح مهرجان عدن الثقافي (عدن: الصوت والمكان)، فكان المكان مؤتلقاً بحضور نخبة من الأدباء والمثقفين وعلى رأسهم محافظ عدن الأستاذ أحمد محمد الكحلاني ومدير مكتب الثقافة الشاعر الجميل عبدالله باكدادة، فأذن عريف الحفل المتألق دوماً شاعرنا الكبير شوقي شفيق في الحضور بافتتاح المهرجان الذي بدأ بآي من الذكر الحكيم، ثم كلمة اللجنة التحضيرية للمهرجان قرأها رئيس فرع الاتحاد بعدن رئيس اللجنة الشاعر مبارك سالمين المبهر في كل حين بثقافته الواسعة وحضوره الألق، وجاءت كلمته بعنوان (عدن التي في الأغاني) قال فيها:«عدن هي المكان في تشكلاته والصوت والضوء؛ عدن هي العين التي تنتصر بحذاقتها لقيم الحق والخير والجمال والمحبة؛ عدن البحر الذي يحاور الجبل هي الشعر والنثر والحكمة والتدوين، ولأنها كذلك فقد جمعتنا تحت أفياء نيسانها.

بعد مهرجاننا في دورته الأولى (رفيف الماء وزرقة السماء) 2004م، ودورته الثانية (وميض الأرض.. وتر المحبة) 2006، هانحن نلتقي اليوم ونصدق الوعد في دورتنا الثالثة المكللة بعنوانها الأثيري (عدن المكان والصوت) لنؤكد من خلاله بسالة اتحادنا المجيد اتحاد الأدباء والكتاب اليمنيين الاتحاد الطود الشامخ في وجدان هذه الأرض.. وعظمة مدينتنا الرائعة عدن المزهوة اليوم بفخرها.

رئيس فرع الاتحاد أثناء إلقاء كلمته
رئيس فرع الاتحاد أثناء إلقاء كلمته
نأتي إليكم اليوم بعون ومؤازرة العديد من الشخصيات والمؤسسات التي وقفت إلى جانبنا، قيادة المحافظة ممثلة في شخص الأستاذ محافظ محافظة عدن أحمد محمد الكحلاني، وجامعة عدن ممثلة في شخص رئيسها الأستاذ الدكتور عبدالوهاب راوح، والأمانة العامة لاتحادنا التي قدمت ما يجعل فرع عدن الفرع الاستثناء، وأخص بالذكر هنا الناقد الدكتور عبدالله البار رئيس الاتحاد، والشاعرة الأستاذة هدى أبلان الأمين العام للاتحاد، ومؤسسة السعيد للعلوم والثقافة، وبنك الإنشاء والتعمير، ومصافي عدن، وكل الجهود المخلصة التي بذلها زملائي الكرام أعضاء اللجنة التحضيرية للمهرجان، وكل الذين قالوا نعم لعدن.. المكان والصوت، نعم لمهرجان عدن الثقافي، نعم لعدن عاصمة للمحبة.

إن ابتهاجنا في هذه الأيام ونحن نكرم الذاكرة الموسيقية والتشكيل والتصوير والسرد والشعر والطفولة شرفة المستقبل والأمكنة في تنويعاتها المختلفة، نكرم عدن الصوت والمكان إنما هو انحناءة احترام وتقدير لكرم عدن المدينة والإنسان، المدينة (الوسيعة مثل صدر الأم).

عدن التي في خاطري وفي دمي، عدن الرمز الأسطوري المكلل بالغار والرياحين المدينة التي تغار منها الأمكنة تفتح ذراعيها للريح، وبمنتهى الفخر ترحب بكم في دورة مهرجانها الثالثة».

ثم جاءت كلمة الأمانة العامة لاتحاد الأدباء والكتاب اليمنيين التي ألقاها الأمين الثقافي الناقد الجهبذ د. عبدالمطلب جبر، وجاء فيها:«أيها الأعزاء.. هذا المهرجان لا يقف عند مساحة الجغرافيا فقط ، لكنه يكشف أن جغرافيا المكان.. شكلت على امتداد الزمن هذا البعد الثقافي والتاريخي والحضاري لهذه المدينة، التي فتحت صدرها لقضية الوطن ولأبناء الوطن.. وفتحت ميناءها محطة لعبور أبناء العالم.. ومن ذلك تشكل هذا البعد الوطني والقومي والكوني لهذه المدينة.

كعادتها عدن.. عدن الصوت الطليق إذا ضاق رحب الفضاء.. عدن بهاء الصباحات والعشيات إذا تكاثفت الغيوم.

عدن المضاف إليه في الكتب المقدسة والمرويات.. كأنما أرادها الخالق أحد جسور العبور إلى الجنة.. عدن التي نحتفي بها.. عدن انتماء الأبناء الأوفياء.

مهرجان (عدن المكان والصوت) يلخص بعداً من أبعاد الفضاء الحضاري لإنسان هذا المكان.. المدينة.. عدن البحر.. وغناء الصيادين.. ودندنات العشاق.. وخيالات الشعراء.. عدن الجوهري والجرادة وأحمد قاسم وعبده غانم والعيدروس.. ولقمان والمرشدي.. ماهية نجيب، الأيام، النهضة، الفضول، فتاة الجزيرة، فتاة شمسان.. القامات الشاهقة لأكثر من جيل شكل الوجدان الفني والثقافي لهذه المدينة.. عدن أغاني البسطاء وشجن الصبابة الذي يردد: «تسلمي ياعدن»، «شمسان ياعز راسي»، «عدن عدن ياريت عدن»، سنوقظه أيها المغني البعيد..لنعيد: تسلمي ياعدن.

مرحباً بكم وشكراً لكل من دعم هذا المهرجان كي يصبح تقليداً ثقافياً وفنياً.. يسهم في الارتقاء بالوجدان في مواجهة كل التشوهات المعيقة لتطورنا الفني والروحي والأخلاقي».

محافظ عدن إلى يساره مبارك سالمين ود.عبدالمطلب جبر وإلى يمينه عبدالله باكدادة وياسر عبدالباقي
محافظ عدن إلى يساره مبارك سالمين ود.عبدالمطلب جبر وإلى يمينه عبدالله باكدادة وياسر عبدالباقي
وألقى كلمة الجهات المكرمة الإذاعي الألمعي ناصر بحاح، فكانت كلمة عدنية خالصة، جاء فيها: «أيها المكرمون الأوفياء!! يا من تصطفون (عدن) مكاناً للوفاء، وصوتاً للحق، ونغماً للغناء.

أيها المهرجان الثقافي الثالث، الذي تحتضنه بكل الحب حاضنة اليمانيين جميعاً (عدن)!! يا هذه الثغر والقبلة معاً يا «عدن»!

يا هذه القبلة والمنارة والبشارة !

ياهذه (عدن).. لك محبة الأبناء، وكرم الأوفياء.. هانحن نكرم في أفيائك اليوم، لأننا جزء أصيل من المكان، وصوت منماز في الزمان، ووثيقة في التاريخ، وصورة في الذاكرة، ومشهد بهي على مسرح الطفولة! وشريط من الغناء لا ينقطع الاستماع إليه!! باسم كافة المكرمين..(لعدن) نهدي هذا التكريم، وليبقى (لعدن): الناس والمكان الجلال.. كل.. الجلال ولعيونها..الجمال.. كل الجمال!!

ولنا ولكم جميعاً هذا الاحتفال؟».

ثم جاءت كلمة الداعم للمهرجان مؤسسة السعيد للعلوم والثقافة بتعز، وكان من المقرر أن يلقيها مدير عام المؤسسة الأستاذ فيصل سعيد فارع، إلا أنه اعتذر عن عدم المجيء لظروف صحية طارئة، فألقاها نيابة عنه شوقي شفيق، ناقلاً فيها تحيات الآباء المؤسسين لمجموعة شركات هائل سعيد أنعم وشركائه إلى المجتمعين في هذا المحفل الثقافي، شارحاً بإسهاب العلاقة التي ربطت الآباء المؤسسين بمدينة عدن التي شهدت انطلاقة المجموعة قبل 70 عاماً.

واختتم الحفل بكلمة راعي المهرجان الأستاذ أحمد محمد الكحلاني، محافظ عدن، الذي أسهب في الحديث عن مكانة عدن وريادتها الثقافية في المنطقة، مؤكداً دعمه واستعداده للتعاون مع الاتحاد وأمانته العامة بما يحقق تقدم الوطن الحبيب.

وحرص القائمون على مهرجان عدن الثقافي على تكريم الجهات والمؤسسات المرتبطة بموضوع المهرجان بدروع الاتحاد، وشمل التكريم كلاً من:

إذاعة عدن، الإدارة العامة لبرامج الأطفال بإذاعة عدن، تلفزيون عدن، قسم برامج الأطفال بالتلفزيون، مركز العزاني للتوثيق الفني، الفرقة العربية للموسيقى، فرقة الموسيقى الحديثة، فرقة الشرق الموسيقية، استديو عبدالرحمن بالشيخ عثمان كأول استيديو في المنطقة، والشخصية الفنية المحبوبة الفنان أبوبكر القيسي رائد مسرح الدمى في اليمن.

ثم أقيمت فعالية (عدن حنجرة الزمان والمكان) بندوة حول الأغنية والمكان، شارك فيها الأساتذة: د. مبارك خليفة الذي أسهب في الحديث عن أثر المكان في الشعر وخصوصا مدينة عدن وذكر أمثلة من شعر المحضار والجبري وبلفقيه ولطفي والقمندان، ود.نزار عانم الذي كان مفاجأة المكان بحديثه الضافي عن سالم بامدهف ومشروعه الحداثي، والشاعر الرقيق د. أبوبكر الحامد الذي كرس حديثه حول (لطفي أمان:صورة المكان)، والشاعر محمد نعمان الشرجبي الذي تحدث حول:(عدن المكان والصوت والطلع المبارك)، وأخيراً الزميل المبدع في كل فنون الكتابة فهو الناقد الفني والشاعر والصحفي والقاص المبدع فقد قرأ جزءا من مادته المطولة التي اختصرها لضيق الوقت بعنوان:(عدن المكان أغنية مسافرة في الزمان).

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى