هجمة الشمايتين العزلة المنسية

> الشمايتين «الأيام» محمد العزعزي:

>
أماكن الانزلاقات
أماكن الانزلاقات
الهُجمة بالشمايتين في تعز مقطعة الأوصال بين محافظتي لحج وتعز، ومعزولة عن الدنيا بقرى شاحبة مصفرة تتوجع كأهلها المصابين بغصة الإهمال الرسمي.

الأرض الخراب منسلة من الحداثة، وبعيدة عن ركب الحضارة والمعاصرة، وتخشى اقتحام الألفية الثالثة وفي أهدابها أمنيات المدى.. تقاوم حلة الحزن المعجون بالأفئدة والمستقر في نفوس سكانها المبعدين قسرا داخل الوطن بأسوار المنفى.

هذه القرى البائسة تعشق الصخر والأسى، ويعربد في نفوس أهلها خوف من الجلاميد لمشاعر مسها الضر فتوحدت بالأزمنة الغابرة.. سألنا الناس عن حاجاتهم فردوا: «نحمد الله على غياب الصحة والعافية، وأما القمح فلا تسألوا عنه في منازلنا الخاوية».

المشكلة اليومية اختفاء الخبز وماء الشرب والدواء، فالقرى مازالت كما هي في البيئة القاسية الواقعة على حواف الهاوية.

صخرة تهدد القرى
صخرة تهدد القرى
قرى مسكونة بوحشة المكان والزمان، وأطلال تكتب التاريخ بالقهر والغبار فوق تلال الخراب في الزمن الخراب، وأماكن بدون عنوان تنتظر اللا منتظر تحت سماء تمطر قراها كل يوم صخرا.

الأماكن كلها لاتصلح للسكن في زمن الخيبة وقلة الرجاء.. كل شيء فيها إلى زوال ماعدا الفقر ينمو ويتطور في تصاعد مستمر يوما بعد يوم، فيلجأ أهلها إلى مضغ القات كمحفز قوي ساعة القيلولة، لكنه مهلك للتربة ومبدد للماء والمال.

صخرة على حافة الانزلاق
صخرة على حافة الانزلاق
التعليم

القرى المعلقة بين الأرض والسماء يسكنها المنهكون بأصالة الماضي وهم الحاضر بصمت وضبابية المستقبل. وفي هذا الصدد قال عبدالباقي حيدر: «مدرسة العبور الوحيدة في بطن الوادي، بنيت أيام التعاونيات في سبعينات القرن الماضي، واليوم المدرسة تعلم الأميين، وشطبنا الصحة من حياتنا اليومية، والمقابر ملئت بجثث الرعية».

قرى في الهجمة
قرى في الهجمة
الطرق

قال عبدالله الحاج: «طريق السيارات الوحيد يربط الشمايتين بالهجمة وصولا إلى الزريقة في لحج تم شقها زمن الحمدي وعبدالعالم، وهي منجز الثورة الوحيد، وبعد مرور 50 عاما يموت المريض فلا نستطيع حمله وإسعافه إلى مستشفى خليفة بالتربة، ويضطر الشباب إلى الهجرة حتى ترملت القرى». وتوجد طرق رجل ضيقة على شكل درج تربط بطون الأودية بالأماكن العالية، وهي قديمة وأثرية ومحفوفة بالمخاطر.

انهيارات
انهيارات
السكان

مايزال أكثر من 3000 مواطن في عزلة إجبارية عن الوطن والعالم، وهاجر الميسورون وعددهم أكثر من 4000 نسمة، ورغم مرور الزمن إلا أنهم مايزالون ينتظرون السراب حتى تلونت الأجسام بلون الأرض، فنسوا فرحة الدنيا وكأنهم في يوم القيامة.

شقوق وفواصل تهدد القرى
شقوق وفواصل تهدد القرى
المياه

كانت هذه العزلة تتلقى كميات كبيرة من المياه الجارية طول العام، والآن مصابة بالجفاف لقلة الأمطار في الأعوام الأخيرة والحفر العشوائي للآبار في العزل المرتفعة المجاورة بالعزاعز والأصابح والقريشة وأديم.

جغرافية المكان

قرى العزلة متناثرة في الأودية الانكسارية، وتبعد عن التربة 20 كم غربا، وهي شديدة التضاريس ومشتتة إداريا ومقطعة الأوصال، لكنها موحدة بالمعاناة والتعب.. وتنقسم الهجمة إلى:

جبل القصعة
جبل القصعة
هجمة الزريقة: تضم قرى النكب، دار المراقم، الناطف، القصعة، البحبح، الشاعر.

هجمة المقارمة: قرية الأكمة، الزنجة، ذراع الشعبة، النوبة، المقيصيب، العرق، برح القشب، وقرية العبور.

وفي الجهة الغربية من الجبال الشاهقة تقع قرى القرف، خربن، الدارة، المعين، البكيرة والشقات.

وفي السفوح المنبسطة تقع قرى الغيل، البحبح، القشيب، الهقنون، الدبادب.

وهذه القرى المتناثرة هنا وهناك ما هي إلا نسي منسي، تحتاج إلى المشاريع الأساسية كالماء، الكهرباء، الصحة، الطرق، المدارس والمساجد.. وغيرها.

بئر العقمة
بئر العقمة
طقوس

خوفا من تساقط الصخور على القرى عاد البعض إلى ممارسة الطقوس القديمة، فيذبحون الذبائح ويقدمون القرابين والنذور سنويا لصخرة ضخمة تشبه الجمل، كان الماء يخرج منها، وقال أسيد الشاعر: «هذه الصخرة تشبه الجمل، وفي أسفلها تقع عدة قرى مأهولة وأرض زراعية فيقدمون القرابين كيلا تسقط».

قال المدرس ناصر أحمد عبدالغفور: «نعاني من خطر الانزلاقات الصخرية وتدمير المدرجات الزراعية وانهيار التربة، وكانت آخر الانزلاقات عام 2006 من جبل القصعة، وأبلغ الأهالي السلطات المحلية، ولم نجد حلولا عملية وتعويضا مناسبا، ولم نر شيئا من الوعود، وقد تكبد المواطنون خسائر فادحة في الممتلكات والمزروعات والمدرجات الزراعية وانسداد الطرق وانهيار التربة والثروة الحيوانية».

الصواعد والهوابط

جفاف الأنهار والعيون التي كانت تنزل من أعالي الجبال ترك آثارا ماثلة للعيان ذات أشكال جمالية تسمى الصواعد والهوابط الكلسية في الكهوف والمغارات العالية.

نخيل وبركة سباحة في بطن الوادي
نخيل وبركة سباحة في بطن الوادي
رموز علمية

القرى النائية أنجبت علماء مبرزين أمثال العلامة محمد حزام المقرمي (رحمه الله) ذلك الرجل الصالح الذي كان مرجعية لكل الناس في المسائل الدينية والدنيوية.

خاتمة

هذه هي الهجمة، العزلة المنسية التي تتأرجح بين ماضيها المظلم وحاضرها الطموح بالوجع المستفز، تتمنى تفعيل الدور الرسمي والمحلي لإقالتها من عثرتها وتحريك ما أمكن تحريكه حتى تتمكن من مواكبة العصر بكل إبداعاته وتجلياته.. وهاهي تستغيث، فهل من مجيب؟!.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى