الشعر في موكب القضية..(1)

> «الأيام» د. عبده يحيى الدباني:

> منذ وجدت القضية الجنوبية وظهرت على السطح السياسي الوطني والإقليمي والدولي فإن الشعر كان حاضراً فيها ومن خلالها، وذلك منذ الأزمة التي سبقت الحرب ومن ثم الحرب نفسها التي شنت على الوحدة السلمية ومشروعها الحضاري إلى ما تلا ذلك من امتداد الحرب من سلب ونهب وإقصاء وتسريح وعسكرة الحياة المدنية وفرض النظام القبلي العسكري على المحافظات الجنوبية وتدمير كل مقومات الدولة المدنية والإجهاز على إنجازاتها الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والقانونية وغيرها. أجل لم يغب الشعر خلال كل تلك الأحداث والأيام العجاف وصولاً إلى الحراك السلمي الذي انطلق مارده قبل أكثر من عام وجعل جدوة الشعر تزداد اشتعالاً وتألقاً، على أن هذا الشعر الذي رافق موكب القضية وجسدها وسبر أغوارها كان امتداداً شرعياً وفنياً للشعر الوطني الثوري في اليمن، الذي بدأ في التشكل منذ أربعينات القرن الماضي، كما هو حال النضال السلمي في المحافظات الجنوبية اليوم امتداد حقيقي للنضال الوطني اليمني في سبيل الحرية والاستقلال والدولة الحديثة والتقدم الاجتماعي، ولكن لكل مرحلة أساليبها في النضال، فضلاً عن أن شعر القضية هذا لم يكن ذا نمط فني واحد، فهناك القصيدة العمودية الفصيحة، وهناك القصيدة الشعبية أي العامية، وهناك القصيدة الجديدة التفعيلية والنثرية، وهناك أيضاً القصائد الحمينية المغناة وكذا الأناشيد والأراجيز والزوامل، هذا في ميدان الشعر الذي نحن بصدده أما في ميدان النثر فإن الحديث يطول، وحسبنا أن نشير إلى أن ثمة قصصاً وروايات عديدة أرخت لهذه القضية وفصلت في جوانبها مثل رواية الدكتور حبيب عبدالرب سروري (طائر الخراب)، أما فن المقالة فهو الأكثر حضوراً في مسار القضية وبلورتها وإن كان الكثير من المقالات لا تتوافر فيها عناصر فن المقالة الأدبية ولكنها على أية حال مقالات سياسية مباشرة كان لها أثرها الكبير والرائد في بقاء القضية حية متوهجة في النفوس والعقول والوجدان مثل مقالات أبى بكر السقاف وخالد سلمان وأحمد عمر بن فريد وعلي هيثم الغريب - وهذان الأخيران يرزحان اليوم في المعتقل - ونجيب يابلي وأحمد القمع وسامي غالب والمرحوم عبدالحبيب سالم مقبل وعدد آخر من كتاب «الأيام» و«الثوري» و«الوسط» و«النداء» وغيرهم كثيرون، على أن الشعراء والأدباء كثيراً ما نجدهم لا يميلون إلى كتابة المقالة السياسية بما تنطوي عليه من عناصر أدبية حية وتأثير سياسي وعاطفي ولغوي وأدبي، ولو جربوا وكتبوا لأجادوا وارتقوا بمستوى المقالة، فليس محظوراً على الشعراء أن يمارسوا فن المقالة، ولعلهم الأقرب إلى جمالها وأدبيتها، ولنا في كل من الشعراء نزار قباني ومحمود درويش وجبران خليل جبران والعقاد والبردوني والمقالح ولطفي أمان أمثلة بارزة، فهم من خير من كتب المقالة الأدبية بمضامينها وأفكارها السياسية والاجتماعية والثقافية والأدبية.

كما أن الواقع الاجتماعي والسياسي والثقافي المعاصر يعوزه كل ألوان الكتابة الأدبية المباشرة وغير المباشرة، وكذا الكتابة غير الأدبية بكل مستوياتها وأنواعها، حتى لايكون ثمة انقطاع وأزمة توصيل وتواصل بين الأدباء والمثقفين، وبين الجمهور على مختلف مستوياته على أن هذه الأزمة موجودة حالياً .

[email protected]

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى