«الأيام» تستطلع أوضاع أهالي الفرع في إب.. مديرية فرع العدين.. أسيرة الحاضر الحزين وعُزل تتناثر على صدر الجبال لتحكي قساوة الصراع المرير مع الحياة

> «الأيام» محمد مرشد عقابي:

>
منظرجزئي لمنطقة صمعر
منظرجزئي لمنطقة صمعر
عزلة الوزيرة أحد فروع الأصل لمديرية الفرع، تمتلك هذه العزلة جمالا طبيعيا آسرا، فهي سحبت بساط الروعة من تحت الكثير من المناطق، فأراضي هذه العزلة تحفل بروائع رسم الإبداع الرباني, تدرجات مطرزة بالاخضرار وجبال تكسو جسدها أشجار نادرة. عزلة تتوزع مناطقها على شكل لوحة فنية على سفوح وصدور جبال شاهقة يمتزج فيها جمال المكان بروعة المنظر، ومنازل هذه العزل تعيش حرارة قبلات اللقاء اليومي مع غمائم الضباب الذي يصفو بين لحظة وأخرى زائراً عليها. تتفكك المفردات وتتعطل لغة الوصف والكلام عند الحديث عن مفاتن عزلة الوزيرة، لتأخذنا مشاهد حية من مسلسلات مآسي أهاليها إلى منحنى آخر، إليكم أعزائي القراء تفاصيله:

عزلة تنتحب من ضربات مطارق الإهمال

عند دلوف «الأيام» أراضي العزلة كان الشوق واللهفة أبرز سمات الاستقبال التي حظيت به الصحيفة، وفي منطقة الرمد أولى مناطق العزلة كان فيها الاستقبال حاراً من قبل شيخ المنطقة نائف دجاج، بعد ذلك تهافت وتوافد جمع من المواطنين من مختلف أنحاء وأطراف العزلة يحييون ويرحبون بقدوم «الأيام» باعتبارها أول وسيلة إعلامية يمنية تزور العزلة، وللأمانة فقد صادفنا لحظات جميلة عشناها وسط الأهالي هناك، الذين تربطهم بالبساطة والتواضع في المأكل والملبس والمسكن صلة قرابة ورحم متوارثة، وتجمعهم بالفقر المدقع والمرض والجهل أخوة أزلية من الرضاعة إلا أنهم لأمانة القول كانوا عند المستوى في الضيافة والكرم، وخلال ذلك كان الشيخ دماج لا يكاد يقدر على كتم ما في جوفه وإخفاء فتيل المعاناة بين أضلعه، فتهدجت شفتاه، فانطلقت منهما كلمات أفادت بالقول: «سنين طويلة ونحن نعاني الألم ولا نكاد نبرحه ولو للحظة، أعوام مديدة مرت ونحن نتلوى من سياط الإجحاف ونتعذب تحت وطأة الإهمال، عقود آزفة من الزمن وجراحنا تثخن وتزداد بالتوسع والتعمق ومصير منطقتنا وأهاليها تقتاده الأقدار بفعل فاعل نحو مستقبل غامض ومجهول، والسلطة المحلية بالمديرية تمتلك درجة الامتياز وعلامة الجودة كاملة في عرض مصفوفات المشاريع الورقية والنسيج العملي (لا من شاف ولا من دري)». وتابع وصلات حديثه بالقول:«عزلة الوزيرة بجميع مناطقها المترامية تفتقر لأبسط مقومات الحياة، والصبر والمكابدة عنوان العيش فيها، فحتى الطريق لا تتوفر لدينا، فنحن نعترف بواقع حالنا، فالحقيقة أننا نعيش وسط غابة مغلقة جرداء تكثر فيها الوحوش الناهشة والثعالب الماكرة التي تلهث وتنهش في وقت لا تقدم ولا تعطي الشيء اليسير»، واختتم حديثه بالقول: «إنني أناشد من على شمعة الوطن «الأيام» كل الجهات الرسمية بالمحافظة بعدم تصديق أولئك الذين يمنحون مديريتنا مشاريع وهمية ويقلبون واقع مآسينا إلى إنجازات كاذبة وافتراءات ملفقة، كما نناشدهم النظر بعين العدالة والمسؤولية لوضع مديريتنا وأهاليها البؤساء الذين يكابدون ضراوة ومرارة وقساوة العيش ويعانون الافتقار التام لجميع الخدمات الأساسية، فلا وحدات صحية ولا مدارس ولا شيء غير المعاناة».

منطقتا المأثرة والحشرفة عنوان المراهنة على الواقع المعكوس

وخلال تجوال «الأيام» بعزلة الوزيرة اصطحبنا بعض الأهالي إلى منطقتي المأثرة والحشرفة، حيث البؤس باد للعيان وسيطر اليأس والقنوط على أوضاع الأهالي هناك، فهاتان المنطقتان تعتبران نموذجاً حياً لصلابة صمود الإنسان وجلافة مقاومته لظروف الحياة المتعبة، نبرات أصوات الأهالي توحي بحجم المأسآة وحشرجات نساء وأطفال تحبل بمئات الأبعاد لمعاني كآبة الأقدار، كلمات الأهالي تحمل في طياتها مقاييس المقاومة الشرسة لتقلبات ومتغيرات الحياة الصعبة، وبين ومضات اللحظات الحزينة للأهالي تداخل معنا شيخ المنطقتين فرحان دبوان قرانع، لينفض غبار المعاناة إلى كلمات شرحت بعض المآسي فبدأ قائلاً:«المعاناة قد حفرت لها أساسا في كل منزل عندنا، فالفقر والجوع والبطالة وغياب الخدمات هي العلامات المعرفة لواقعنا»، وأضاف قائلاً: البؤس والشقاء والفقر تعشعش في جدران كل منزل في وقت أحكم فيه المسؤولون تطويقهم الكامل علينا بالمشاريع الوهمية»، وقال: «مديرية الفرع بكل عزلها تعاني الأمرَّين، فالمعاناة لا تقتصر على عزلة الوزيرة والمناطق التابعة لها فحسب إنما المآسي قد غطت رقعة المديرية كاملة والفقر والبطالة قد اكتسحا جميع المواطنين، ولم يعد بصيص أمل لإيجاد هدف لنا في هذا الوطن».. واستطرد بالقول: «منطقتنا لا يوجد فيها طريق نوصل من خلالها ما نحتاج من مركز المديرية، فالمواد الغذائية وغيرها حالياً نوصلها إلى منازلنا بأضعاف أسعارها إضافة إلى مشقة وإرهاق وأتعاب النقل والسفر، وكل ذلك يكلف أسعارا باهظة، فالمواطن منا يجبر على الاستلام لهذه الظروف في غياب دور المنقذ له من المسؤولين، فلا سلطة تحركها مشاعر المسئولية تجاه المواطنين ، ولا مسؤول يعمل بضمير الأمانة»، واستمر بالحديث قائلاً:«الطريق أصبحت حجر عثرة أمام إنجازنا لكثير من أعمالنا وهي أبرز ما يعرقل مشاويرنا، فالمرضى تتأزم ظروفهم وتتفاقم مصائبهم ويتدهور وضعهم نحو الأسوأ عند إسعافهم على هذه الطريق الجبلية الوعرة، حيث لا نجد منفذا لإنقاذ مرضانا وإيصالهم وهم على قيد الحياة إلى مستشفى العدين في وقت يعاني فيه المواطن بلاوي الفقر وضيق الحال، وبالكاد يوفر قوت أطفاله اليومي»، وأردف قائلاً: «أصبحت الطريق تمثل الكابوس اليومي المزعج أمامنا، فبسببها تزايدت متاعبنا، فأصبح الجميع في كل منزل يرصد ميزانية مالية يومية للطريق، فإيصال حاجياتنا من مركز المديرية يستلزم صرف وإنفاق مبالغ خيالية بالنسبة لواقعنا عند عبورنا هذه المتعرجات والالتواءات الجبلية، فالسلعة الغذائية وغيرها المشتراة من أسواق المديرية تصلنا بأضعاف أثمانها والسبب في ذلك هذه المدعوة (طريق) ونتيجة لذلك فقد اعتاد المواطن على عمل ألف حساب للطريق ويضعها دوماً في مقدمة برامج نفقاته اليومية كوضع احترازي لمواجهة متغيراتها المتصاعدة والطارئة». وأضاف:«الطريق الحالية أضحت تستنزف ما لدينا من مال متواضع نظل نجمعه أياما في سبيل الحصول على قوتنا الضروري من خلاله، والجهات الرسمية بالمديرية رغم نداءات المناشدة التي بحت لها حناجر جميع الأهالي لا تعيرنا أدنى اهتمام ولا تكلف نفسها حتى النظر لشكاوينا ولو من باب الرحمة إذا غابت ضمائر الأمانة والمسؤولية»، وقال في سياق حديثه: «نحن أبناء عزلة الوزيرة يلتوي علينا الظلام بحباله السوداء الحالكة، ليجسد حالة الحداد المستنسخة منذ عقود من الزمن تذوقنا فيها أشكال وأنواع المآسي، فالظلام الدامس أوجد له كيانا على أجوائنا وبسط على عزلتنا بكل مناطقها واستوطن فيها منذ أعوام ماضية والسلطة المحلية رغم تعاقب وتغير وجوه قاداتها لم تعمل لنا حلا لزحزحة الظلام وإزالته، فكل مناشداتنا الموجهة لأصحاب الكروش المنتفخة لإيجاد ولو مولد كهربائي للمديرية يخفف عن أطفالنا وأسرنا وحشة الظلام، وتزيل كوابيسه، لم تؤت ثمارها وباءت بالفشل الذريع وخيبة الرجاء».

واختتم:«إننا من على صوت كل مظلوم ومرآة الواقع «الأيام» نرسل آهاتنا لأصحاب الكراسي والمناصب بالمديرية والمحافظة بأن يراجعوا حساباتهم فينا قبل يوم العرض والحساب عند الكبير المتعال وأن يراعوا الله ويعملوا لنا طريقا نسير عليها قبل أن تنقطع أنفاسنا وتزهق أرواحنا في هذا المكان المعزول».

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى