ورحل «فارع» الأدب اليمني!

> «الأيام» أحمد المهندس :

> كعادته الطيبة في التواصل وإحاطة الأصدقاء وزملاء الحرف بالجديد من الأخبار والمواضيع الثقافية والإنسانية، أرسل لي الصديق الشاعر شهاب محمد عبده غانم عبر بريدي الإلكتروني رسالة حزينة وردته من صديق في عدن ينقل له من خلالها خبر وفاة التربوي والأديب الشاعر الكبير عبدالله فاضل فارع (رحمه الله)، الذي ضمت مقبرة الرحمن بالمنصورة جسده في جنازة مؤثرة، شارك فيها تلاميذه وأصدقاؤه وأسرته والمحبون.

وقد أحزنني الخبر إنسانيا في المرتبة الأولى، فلم أسعد بأن أكون من تلاميذ هذا الرائد التربوي، ولكنني أعتز بمعرفتي له من خلال أشعاره المغناة بأصوات كبار الفنانين في اليمن، وبقراءة تاريخه وإنجازاته في التربية والتعليم والأشعار الغنائية، ومن خلال تشريفي بحضوره لحفل تكريمي من قبل معالي وزير الثقافة اليمني الأسبق الدكتور عبدالملك منصور في مقر الوزارة بالعاصمة صنعاء ضمن فعاليات أسبوع محمد عبده غانم الثقافي الأول الذي نظمه المركز الثقافي في صنعاء.وألقيت فيه محاضرة عن تاريخ الفن اليمني وأصالته، وكان فقيدنا الكبير الأستاذ عبدالله فارع قد ألقى بدوره محاضرة ضمن الأسبوع في قاعة مؤسسة العفيف الثقافية مع الأساتذة عبدالرحمن العمراني وعبدالله علوان.

وفي حفل وزارة الثقافة التكريمي للعبدلله والشاعر شهاب غانم، ومن خلاله وقعنا كتبنا، كتابي (على الحسيني سلام) الذي حوى كتابات في الفن والأدب اليمني، والشاعر شهاب غانم الذي وقع أيضا ديوانه (الزمن السريالي)، وكان الرائد التربوي والشاعر الأديب عبدالله فارع على يميني في منصة التكريم، وعندما ألقيت كلمتي في الحفل وقلت فيها بأنني في بلدي الأول مكرر اليمن، استحسن الأستاذ عبدالله الكلمة والعبارة، وقال بلغته التشجيعية والتربوية «عبارة وكلمة جديدة يا مهندس»، وأشاد بها، ولم أره بعد هذا اللقاء التاريخي، فقد عدت إلى الوطن (السعودية) بعد أسبوع ثقافي حافل عشت فيه في صنعاء الفن والثقافة، وسعدت بصحبة ومعرفة رواد أدبها وفنها، وزادت معرفتي الفكرية بهذه المعرفة واللقاءات، وكانت من أسعد أيام حياتي الإنسانية والأدبية.

وكنت أقرأ بين الحين والآخر في صحف اليمن عن أخبار أستاذنا عبدالله فارع ونشاطه الثقافي في الشعر والترجمة، وأطمئن عليه من الأصدقاء عند سؤالي عن الرواد في يمن الإيمان والحكمة، وعن وعكته الصحية.

إلى أن قرأت مقالا ضافيا وجميلا كتبه عنه تلميذه الوفي الصديق الدكتور نزار محمد عبده غانم سليل الأسرة الأدبية اليمنية الشهيرة، ونشره في 30 مارس المنصرم في جريدة «14 أكتوبر» العدنية الصدور، قدمه فيه من جديد لمن لايعرفه من جيل الفضاء المفتوح والإنترنت بعد أن أرسله عبر بريدي الإلكتروني، وكان مقالا يفيض بالوفاء والصدق. عن نفسي عرفت من خلاله الرجل وريادته وجهوده في الأدب اليمني والتعليم، وكيف أصبحت مادة الرياضيات التي لطالما كانت صعبة الدراسة على الكثيرين، سهلة بأسلوب شرحه وتدريسه الأقرب إلى الأدب منه إلى أسلوب الأستاذ التقليدي والحفظ.

وقد رددت على الصديق نزار عبر بريده الإلكتروني، أثني على مقاله، وقلت له بالحرف الواحد.

«أحب أهل الوفاء ومن يقدر الرواد الكبار وأصحاب الفضل، فهم أيضا أصحاب فضل وأصل، وما كتبته عن أستاذنا عبدالله فاضل فارع قليل من فيض، وعرفنا من خلاله المزيد من الإنسانية والحياة الكفاحية لقامة أدبية في مكانته».

إلى أن جأني خبر نعيه بعد أكثر من أسبوع على نشر مقال الوفاء، وكأني به وقد قرأه في حياته قد فاضت عينه بالدموع بعد أن عرف مقدار حب الناس للي يودون.

وكان المقال أشبه برثاء، سبق فيه نزار الأجل المحتوم المقدر.. رحم الله الفقيد الشاعر التربوي عبدالله فارع (أبو ريا) كما كان يحلو له أن يدعوه الناس كنية بابنته البكر، والعزاء لكل أفراد أسرته وتلاميذه وأصدقائه ومحبيه والمثقفين في اليمن والعالم العربي من البحر إلى البحر.

وكلي رجاء أن تطبع وتعيد طباعة مؤلفاته جامعة عدن، فقد كان أول أساتذة كلية عدن، وأول عميد لكلية التربية، وأول مؤسس لجامعة عدن، ومستشار رئيسها الثقافي، وأن تطلق على إحدى قاعاتها في العلوم أو الآداب اسمه، تخليدا لذكراه، وتقدم أيضا جائزة في الأدب باسمه من قبل اتحاد الأدباء والكتاب اليمنيين باعتباره أول أمين عام لها.. دعواتنا له من أرض الله من جدة، ومن جوار البيت العتيق أن يرحمه الله بواسع رحمته ويسكنه فسيح جناته ويغفر له ولنا ولكافة المسلمين، ويلحقنا بالصالحين، وإنا لله وإنا إليه راجعون.

أديب وصحفي سعودي - جدة

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى