وللفن أسراره ..هل تأثر الفن بالتقدم العلمي ؟

> «الأيام» فاروق الجفري:

> تحرص كثير من الدول على أن يكون فنها مصداقاً لبيئتها وثقافتها وتراثها وأمجادها، بحيث أن المتذوق له أن يدرك للحظته، أن هذا فن يمني أو سوري أو مصري أو هندي أو ياباني أو فرنسي، وإن حدث هذا، دل على أن الفن معبر عن ذلك البلد التي أحاطته برعايتها فجاء محملاً بنبضها ومميزاً لترابها وعاكساً لدقائق حياتها. والفنان إذا كان أصيلاً يعكس في فنه بطريق ضمني كل الآلام والأحلام والآمال وألوان المعاناة التي يعيشها شعبه باعتباره أحد أفراده، لهذا فإن فنه يحمل المضامين التي تشع هذا الطابع المميز بفلسفته وأيديولوجيته، اللتين يدين بهما هذا الشعب الذي ينتمي إليه .

إن الفن اليمني القديم والفن المصري القديم وفنون آشور والإغريق (اليونان) و(الرومان) والفن الإسلامي كل واحد منها له طابعه المرتبط بالبيئة التي نشأ فيها، ولا يخطؤه الإنسان على أنه فن ينتمي إلى بيئة أخرى، ومع ذلك حينما تتغير الأيديولوجيات والعقائد في بيئة ما، فإن الفن الذي ينتج على أرض تلك البيئة إنما تتغير ملامحه لتغير المقومات التي تدفع إلى وجوده. ففي العصر الحاضر ، نجد أن المسافة التي كانت تقطعها المراكب الشراعية أو البواخر في أيام أو شهور أصبحت تقطع بالطائرات في ساعات، كما أن الحدث الذي يجري في بقعة من العالم تذاع أنباؤه بعد وقت قليل في أنحاء العالم من خلال الأقمار الصناعية، ووسائل الاستقبال التلفزيوني والصحف اليومية والإذاعات، كما أن الشعوب المتقدمة أصبحت تسهم بالكثير لتعليم أبناء الشعوب النامية. ولذلك فإن مادية العصر بمظاهرها المختلفة التي تشتمل على ناطحات السحاب والسيارات وقطارات الأنفاق والطائرات وأجهزة التسخين والتبريد كلها وسائل تنعكس على سائر الشعوب مجابهة للأعداد الهائلة من السكان وحاجاتهم اليومية، ويبدو الاحتكاك المستمر بين الشعوب واضحاً وخاصة في المسائل الصحية، حتى أن مرض انفلونزا الطيور أو جنون البقر إذا حدث في بلد ما احتاطت له سائر البشرية، حيث إن سهولة الطيران وسرعة السفر يمكن أن تنقل معها الميكروبات من مكان إلى آخر. هذه الظروف المعاصرة خلقت -ضمناً- فناً لا ينتمي إلى مكان معين أحياناًً، ونراه منتشراً في عدة دول .

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى