دبلوماسية ساركوزي الناشطة امام اختبار الواقع

> باريس «الأيام» فيليب الفروا :

>
حقق الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي خلال العام الاول من ولايته بعض الانجازات من خلال نشاطه الدبلوماسي الحثيث قبل ان يرغم على خفض طموحاته لتنسجم مع الواقع.

وحين انتقل الرئيس الجديد الى قصر الاليزيه في 16 ايار/مايو بعد عشرة ايام من فوزه على الاشتراكية سيغولين روايال في ختام حملة خاضها تحت شعار "القطيعة" مع العهد السابق، كان يطمح بصورة معلنة الى "تحريك خطوط" الدبلوماسية الفرنسية.

وكان عازما على اعادة احياء المسيرة الاوروبية وتوطيد العلاقات مع الولايات المتحدة والابتعاد عن السياسة الخارجية التي انتهجها سلفه جاك شيراك والتي اعتبرت غير كافية على صعيد حقوق الانسان.

وبدأ ساركوزي سياسته الخارجية بنجاح باهر تمثل في اطلاق سراح الفريق الطبي البلغاري المحتجز في السجون الليبية.

وحقق نجاحا ثانيا حين اقرت دول الاتحاد الاوروبي ال27 مسودة المعاهدة "المبسطة" التي وضعها والتي اعادت تحريك البناء الاوروبي المتعثر منذ ان رفض الفرنسيون معاهدة الدستور في استفتاء عام 2005.

غير ان مسار ساركوزي الاوروبي بعد ذلك كان اكثر صعوبة وشهد مشاجرات متواصلة مع المانيا وانتقادات متكررة للبنك المركزي الاوروبي وتحفظات شركائه على مشروع الاتحاد المتوسطي الذي طرحه.

وتبقى السمة الابرز لدبلوماسية ساركوزي نشاطها المفرط حيث يضاعف الرئيس الزيارات الى جميع انحاء العالم مثيرا الفضول غالبا والاستياء احيانا.

ويبدي الرئيس اندفاعا للعب دور مسؤول المبيعات لحساب الشركات الفرنسية وقد حطم كل الارقام القياسية بفوزه بعقود تفوق قيمتها عشرين مليار يورو في الصين.

وهذه الزيارة التي اهمل خلالها اصطحاب سكرتيرة الدولة لحقوق الانسان راما ياد، كانت مناسبة لصدور اولى الاتهامات بحقه على صعيد حقوق الانسان، وقد ازدادت حدة هذه الانتقادات حين سارع لتهنئة فلاديمير بوتين عن الفوز المثير للجدل الذي حققه حزبه في الانتخابات التشريعية الروسية، ثم حين استقبل بمراسم احتفالية الزعيم الليبي معمر القذافي في باريس.

وتتهم المعارضة اليسارية ساركوزي بالتخلي عن "دبلوماسية حقوق الانسان" لصالح دبلوماسية "دفتر الشيكات".

غير ان هذا الانتقال الى "السياسة الواقعية" لم يأت بثماره بعد، اذ لا تزال روسيا تتمنع عن معاقبة ايران على طموحاتها النووية، فيما لم يسفر استئناف العلاقات والمشاورات مع سوريا عن النتائج المرجوة في لبنان، كما لم تسمح اليد الممدودة الى الرئيس الفنزويلي هوغو تشافيز بالافراج عن الرهينة الفرنسية الكولومبية انغريد بيتانكور.

ورأى فيليب مورو-ديفارج الخبير في المعهد الفرنسي للعلاقات الدولية ان "الرئيس اثبت عن قلة خبرة كبيرة" مؤكدا ان "الحيوية لم تكن يوما كافية في العمل السياسي".

ولم تعد "المصالحة" مع "الصديق الاميركي" والتقارب مع الحلف الاطلسي مقنعين وان كان ساركوزي يؤكد ان هاتين المبادرتين سمحتا لفرنسا بزيادة نفوذها، الا ان العديدين بمن فيه من اليمين لا يرون فيهما سوى امتثالا لموقف واشنطن.

وفي افريقيا اثار الرئيس انتقادات شديدة اذ اعلن في تموز/يوليو في داكار ان "مأساة افريقيا هي ان الرجل الافريقي لم يدخل التاريخ بالشكل الكافي".

وتندد المعارضة باستمرار بتناقضات الدبلوماسية الفرنسية وقال نويل مامير من حزب الخضر ساخرا مما يسميه "عهد النفاق"، ان ساركوزي "يعد بالدفاع عن حقوق الانسان لكنه يخص بزيارته الاولى الدكتاتور عمر بونغو" في الغابون.

ولخص فيليب مورو-ديفارج الامر قائلا "ان سياسة نيكولا ساركوزي في افريقيا كما في اي مكان اخر تترنح باستمرار بين الخطاب والواقع"، مضيفا "ان هذه الوقائع تقاوم في الوقت الحاضر عزمه على القطيعة. وفي نهاية المطاف، لا نعرف جيدا اين يريد ان يصل". (أ.ف.ب)

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى