مدرسة الفجر الجديد بالتربـة بين الماضي المشرق والحاضر المؤلم

> «الأيام» محمد العزعزي:

>
الإدارة
الإدارة
تعتبر مدرسة الفجر الجديد بالتربة بتعز أول منجز تم بناؤه بعد الثورة بالحجرية عام 1964م وبنيت على نفقة الكويت، فتخرج فيها وزراء وسفراء وأكاديميون وأعيان مجتمع، وكان لها دور فاعل في القضاء على الأمية والتنوير الفكري، وتعاقب على إدارتها العديد من المدراء أمثال المرحوم أحمد عبدالله سعيد القدسي و مطهر عبدالسلام الشيباني وغيلان عبدالقادر الشرجبي وعبدالله صالح سعيد الزريقي وعبدالعزيز ثابت وأحمد محمد عون وعبدالغني أحمد القرشي.

فجر الأمس

قال التربوي نبيل سعيد عباس: «هذه المدرسة كانت تمثل قبلة العلم، لذا فإنها أطقلت العنان للشعراء والأدباء وتغنوا بها شعراً ونثراً، باعتبارها اللبنة الأولى التي تحطم على صخرتها الصلبة الجهل كله، وتمثل بداية لميلاد فجر جديد شق سناه المتوهج فضاء اليمن، وعلى أسوارها زرع الأدباء أكاليل ورد شعرية تتموج وتفوح بشذا الكلمات، وقال بها الشاعر والأديب محمد يحيى المداني قصيدة نموذجية كتبها مطلع الثمانينات يقول مطلعها:

عشقناك ياكعبة التربية

ورددنا اسمك بالتلبية».

تباين:

معلم اللغة العربية نوفل محمد المسني قال: «طلاب اليوم يختلفون عن طلاب الأمس وإدارة الأمس تختلف عن إدارة اليوم من حيث المستوى والأداء فقد كان أوائل الطلبة في اليمن أفرزتهم هذه المدرسة المعنية، في حين أن طلابها اليوم في المستوى الأدنى، وهذه من المفارقات العجيبة دلالة على أن المستوى الأسري والتربوي تغير بين الماضي والحاضر، ويختلف من مرحلة إلى أخرى، يفصل التوجه العام بما فيها المستوى الثقافي لرب الأسرة والتوجه الحكومي، ومقدار كفاءة هيئة التدريس والإدارة المدرسية، ولهذا وجد التباين في النوع والكم والمستوى والكيف».

أسلاك كهربائية مكشوفة
أسلاك كهربائية مكشوفة
نمو واختفاء:

مدير الفجر التربوي عبدالرحمن سليمان قال: «عدد الطلاب بالمدرسة للفترتين صباحا ومساء 1300، وعدد المعلمين 59 ويوجد عجز معلمين في الفيزياء والتربية الرياضية والفنية والأنشطة، ومن المتوقع أن يتقدم لامتحان نهاية هذا العام للثالث الثانوي 106 طلاب، وقاعات الدراسة 16 وهي كافية لاستيعاب الطلبة بالفترتين، ومزودة بمقاعد مزدوجة».

وأضاف: «يقتصر النشاط على إذاعة الصباح، ووعدت جهات عدة بإدخال أجهزة حاسوب لتفعيل الأنشطة وتبخرت كل الوعود».

آراء المعلمين:

عدم احترام الطلبة للإدارة انعكس سلبا على المعلمين، وتساهل مخز في المتابعة وفرض النظام وغياب بعض الطلبة وحضورهم يوم الامتحان وعدم تطبيق اللائحة المدرسية إزاء ذلك، وترددت أقوال من يدفع ينجح ومن يحضر يرسب، وأبدىبعضهم شكوكا في التلاعب بالنتائج نهاية كل عام، ففقدت الإدارة الهيبة، مما أثر على سمعة المدرسة وتاريخها العريق».

أقوال:

قال طالب تحفظ عن ذكر اسمه: «تتعامل الإدارة معي كزبون وسجلت برسوم بلغت 1000 ريال». وقال آخر: «المدرسة تشبه البوفيه ادخل متى تشاء واخرج في الوقت الذي يناسبك».

وأجمع العديد من الطلبة أن المدرسة لاتغري بالبقاء فيها لتلقي العلم وهي محرومة من أدوات الترفيه والملاعب والحدائق والمختبرات والمراسم وحتى دورات المياه بدون ماء.

حرمان:

المدرسة محرومة من الوسائل العصرية وأجهزة الكمبيوتر ونتج عن ذلك: تدني التحصيل العلمي للطلبة وملل المعلمين وسوء العلاقات الإنسانية بين أعضاء المنظومة واتباع أساليب قديمة في الشرح كالتلقين والمحاضرة، فلا تخلق التفكير والخلق والإبداع وتعليم حل المشكلات، ويحرم الطالب أساليب الحوار والمناقشة لارتفاع كثافة الطلاب داخل القاعات، والأدهى أن يظل الطفل الصغير فترة طويلة دون ترفيه فيمل ويكره المدرسة.

الطابور الصباحي
الطابور الصباحي
تقارير:

أكدت تقارير المختصين في هذا المجال تذمر المعلمين، كما أكدت ضعف وتدني هذه المدرسة كنموذج للعديد من المدارس، ليس في هذه المنطقة فحسب، بل في عموم البلاد، وبات لزاماً إعادة النظر في الهيكيلية التعليمية من أساسها حتى يتبين الغث من السمين، ومعالجة مكامن القصور والخلل المؤدي إلى هذا الإحباط التعليمي العام، من خلال هيئات تربوية متخصصة لمعرفة ومعالجة الأخطاء حتى تتمكن مدارسنا وطلابنا من الخروج من هذا النفق الفوضوي الضيق وبناء جيل مسلح بالعلم والمعرفة الحقيقية أسوة بالواقع التعليمي للعديد من الدول الشقيقة، وهذا لن يتأتى إلا بتغيير جذري عام للواقع التعليمي الراهن المليء بالتناقضات. وأكدت التقارير صدقية ما أشرنا إليه آنفا وبالأمل كله نرجو الاهتمام بهذا القطاع الطلابي المهم باعتبارهم نصف الحاضر وكل المستقبل.

أطفال بعد الظهر:

يدرس أطفال بعد الظهر للصفوف 6-1، وهذا الوقت غير مناسب ولا يتلاءم مع عمر الطالب الصغير في هذه المرحلة، فيصاب بالملل، ويجب إعادة النظر في هذا الجانب ضمانا لتهيئة الأجواء بما يتناسب والمرحلة العمرية.

وأكد عدد من التربويين أن الفترة الصباحية للدراسة أفضل من المسائية التي بلاشك هي بداية الإعاقة الذهنية للطالب، وتترافق معه حتى بلوغه الجامعة.

غرائب:

من الغريب تسرب الرشوة إلى المدارس وتدخل جهات في تغيير الإدارات المدرسية وأحيانا تبديل الأعلى بالأدنى ما يسبب الإحباط، بالإضافة إلى النقل الفجائي للمعلمين من منطقة إلى أخرى، وانعدام تهيئة الأجواء وفق الأمزجة.

انعدام الإجازات العلمية للمعلمين وانعدام مبدأ الثواب والعقاب، غياب الكتاتيب ورياض الأطفال كونها البذرة الصالحة في أرضية التعليم الخصبة، عدم الاهتمام بالمبرزين من الطلبة وحرمانهم من التكريم بالمدرسة والأسرة، الكم الهائل للمنهج وصعوبته وكثافة كتبه ومنها مادة التربية الإسلامية وتشعبها إلى فروع، انعدام الترميم للمدارس يعرض الطلاب للأمراض وكراهية العلم والمدرسة، غياب دور الآباء في متابعة الأبناء وعدم الاهتمام بنتائج الطلبة أثناء الدراسة.

تراكمات:

فقد المجتمع حماسته للتربية بسبب تراكم المعضلات والعدوان المشترك من الجهات الرسمية والأسرة على الطالب، ولابد من فك الاشتباك والاهتمام بالطالب وإصلاح التربية لتصنع التحدي بمنهج عصري يواكب المستقبل.

السور الخارجي
السور الخارجي
سلبيات:

وكيل مدرسة الفجر التربوي محمد الذماري قال: «غياب بعض المعلمين يؤدي إلى إرباك اليوم المدرسي». أما عبدالرحمن سليمان فقال:«يتهرب المعلمون من العمل الإداري بسبب فارق المرتب، وسور المدرسة يحتاج إلى رفع بنائه ولم يرمم منذ افتتاح المدرسة وظهرت تشققات في المبنى الجديد الناتجة عن غش في البناء والمواصفات، ونحتاج إلى عامل نظافة وحارس وتشجير وإنارة وأدوات لتشغيل المعامل المعطلة».

وأضاف مصدر: «أن البوابة الحديدية الجنوبية للمدرسة اختفت، وأغلق الباب بالأحجار، واختفت الأدوت الرياضية والموسيقية ولوحات إنتاج الطلبة القدامى».

المكتبة:

تمتلك المدرسة مكتبة قديمة، ورفدت أخيرا بمكتبة متكاملة، لكنها مغلقة أمام الطلبة والمعلمين، فلا يستفيد منها أحد، ويحرم الطالب من المطالعة الحرة وبرامج الأنشطة المرادفة التي يفترض أن تكون ضمن جدول الحصص.

خاتمة:

الإدارة قيادة تلهم المعلمين، وتبعث فيهم الحماس والإبداع والتفاني في المهام الموكلة لهم، وهي قدرة على التأثير وأداة تطور وتعليم الناس، بوصفهم محرك النمو والتطور والارتقاء في العمل بمنظومة متكاملة، ولابد من تغيير الأنظمة القديمة بنماذج جديدة تهدف إلى إحداث تغيير كل المجالات والقيم والدوافع والأساليب والوسائل والمهارات من أجل الرقي بالطالب والاهتمام به من كل النواحي.

إن العمل الجماعي وتعاون الأطرف المعنية يذلل الصعاب أثناء تنفيذ المهام لتطوير قدرات الطالب والملكات وإدخاله عصر العلم، ولن يتم ذلك إلا بتغيير النظام التعليمي برمته.. فهل نبدأ؟!

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى