المصالح الشخصية أمراض نفسية

> «الأيام» عدنان سالم بن عويد:

> أصبحنا في زمن طغت فيه الماديات على السلوكيات السليمة، وتغيرت فيه البلاد بمن عليها، وخيمت المصالح الشخصيه التي لاتجدي لصاحبها بنفع ولا فائدة، إنما هي متاع زائل، طال الزمان أم قصر، وتعكر جوه الصافي بمعاملات لم نعهدها من قبل في حياتنا اليوميه، إلا في خضم هذه الظروف التي تلبدت سماؤها بسحاب الجفاء والضيم والنظرات الدونية، وعدم تقدير واحترام الآخرين، الذين سادت عليهم السلوكيات الخاطئه جراء ما آلت اليه هذه الأحوال التي جعلت من النفوس المتمصلحة، إن صح التعبير، أن تبث سمومها القاتلة بين الجميع، ولأنها مرض من الأمراض النفسية المنتشرة في هذا العصر، فإنه لابد لمن أصيب بها من تربية روحية للحد من حب الذات والأنانية، والجري خلف المصالح الشخصية الجاثمة على كثير من النفوس الضعيفة.

لقد خضت في هذا الموضوع لما رأيت من معاملات لاتصب إلا في قالب المصالح الشخصيه التي لايعرف أصحابها أي حق لأحد لاهم لهم إلا أن يشفوا غليل هذه النفوس حتى إذا أدى ذلك إلى إذلالها وإهانتها تعجب وأنت ترى هذه المعاملات المسيطرة على قلوب الناس، فلا تلج مرفقا من المرافق الحكومية ولا مكانا من الأماكن التي يفترض أن تكون فيه المعاملات السمحة هي العنوان الرئيسي الذي يعكس الصورة النقية لأصحابه إلا وتجده يعاملك بتكلف، ولايطيق معاملتك أو حتى مبادلتك روح المعاملة السامية إلا لمصلحة يترقبها منك، ولاسيما إذا كنت صاحب مال وفير، أو لك يد وسلطة، وكثيرون هم ذوو النفوس الضعيفة الذين يلبسون معاملاتهم بالكلام المعسول، وهم يضمرون في داخلهم شيئا آخر.. حياك إن لم تكن ترجو تحيته، لولا الدراهم ما حياك إنسان.

ولم يقتصر الأمر على هذا الحد، بل تسرب هذا المرض النفسي إلى ما هو أقسى من ذلك إلى الأسرة التي هي عماد المجتمع، فأخذ ينخر بين الإخوة إذا كان الأمر قد وصل إلى هذا الحد، فكيف يا ترى بعد أعوام فلا ترى المعاملات إلا رياح لا تهب من صاحبها إلا وتصحب الصرير والغبار والكلمات النابعة من مشاعر جافة تشعر باليأس والإحباط، فلا طعم ولا معنى للحياة إن كانت لمصلحة زائلة. أناس كانت تربطهم مصالح دنيوية بحتة، فلم يمض عليها إلا الوقت اليسير حتى فرقت طريقهم تلك المصالح الزائفة، لأنهم لم يستثمروها حق الاستثمار، بل قصروها عليهم فقط.

أين المصالح الخالصة لله التي يتفتق منها الحب بأسمى معانيه، فلن تنفع إلا المصالح في الله، فهي مكسب لايضاهيه مكسب، ومنفعة لخيري الدنيا والآخرة، فيظهر أثرها ويعم خيرها، لكننا اليوم نفتقر لمثل هذه المصالح السامية التي قلما نجدها أو حتى نحسها على أرض واقعنا، وربما كان مرد هذا كله إلى الوضع السائد المزري والأوضاع المتأزمة، ولظى الأسعار الحارق الذي أدخل الناس في دوامة حب الذات والتخلي عن الآخرين، اليوم.

فلتستفق النفوس الضعيفة الجشعة الطامعة في حق غيرها، وعليها أن تخلص معاملاتها لله وحده أيا كان منصبها، عندها يعم الأمن والأمان، ويحلق طير السلام والوئام في كل ربوع الوطن إن شاء الله.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى