حسابات الكونجرس وراء إعلان معلومات بشأن مفاعل نووي سوري

> واشنطن «الأيام» أرشد محمد:

> إذا كان الرئيس الأمريكي جورج بوش يريد احراز تقدم في وضع حد لطموحات كوريا الشمالية النووية قبل أن يغادر البيت الأبيض في العام القادم سيكون عليه أولا ابرام صفقة مع الكونجرس.

واتخذ البيت الأبيض خطوة لمحاولة الظفر بتأييد الكونجرس يوم الخميس بالكشف عن معلومات للمخابرات تزعم أن كوريا الشمالية ساعدت سوريا على بناء مفاعل نووي يقول مسؤولون أمريكيون إن إسرائيل دمرته في السادس من سبتمبر.

وحاول البيت الأبيض بادئ الأمر ابقاء الأمر طي الكتمان تخوفا من أن دمشق قد تتعرض للاحراج من جراء الاعلان عن الضربة–وحقيقة أن المقاتلات الإسرائيلية دخلت وخرجت دون أن تمس–وقد تعمد إلى توجيه رد انتقامي.

ومن ثم اطلع فقط 22 مشرعا أمريكيا على القضية العام الماضي ورفض التعليق حتى بعدما أفادت صحيفة نيويورك تايمز منتصف أكتوبر أن الضربة الإسرائيلية كانت تستهدف مفاعلا نوويا.

وبمرور الوقت خلص البيت الأبيض إلى انحسار خطر رد انتقامي سوري على إسرائيل التي يعتقد على نطاق واسع أنها تملك الترسانة النووية الوحيدة في الشرق الأوسط.

كذلك تعرضت الإدارة لضغط متزايد من الكونجرس من أجل تبادل المعلومات على نطاق أوسع حتى يساند المشرعون أو على الأقل لا يعرقلون جهودها لإنهاء برامج كوريا الشمالية النووية.

وبموجب اتفاق توصل إليه في سبتمبر 2005 التزم البلد الشيوعي الفقير بالتخلي عن كل الأسلحة والبرامج النووية في مقابل مزايا اقتصادية ودبلوماسية.

وأبرم ما يسمى باتفاق المحادثات السداسية بين الكوريتين والصين واليابان وروسيا والولايات المتحدة.

لكن الاتفاق تعثر بسبب عدم اعلان كوريا الشمالية عن برامجها النووية كما كان مقررا بنهاية العام الماضي.

وفي المقابل يتعين أن تسقط واشنطن مجموعتين من العقوبات الأمريكية المفروضة بسبب ادراج بيونجيانج على القائمة الأمريكية للدول الراعية للارهاب وبموجب قانون التجارة مع العدو.

وقال مايك جرين خبير شؤون آسيا السابق بإدارة بوش والذي يعمل الآن بمركز أبحاث سي.اس.آي.اس «طلب الكونجرس تفاصيل بشأن سوريا قبل أن يوافقوا على رفع أي عقوبات..لم يكن أمام الإدارة من خيار سوى اطلاعه».

ويملك الكونجرس سلطة توفير المال للإدارة من أجل تفكيك المواقع النووية الكورية الشمالية وقد يمنع رفع اسم البلد من قائمة الارهاب الأمريكية.

وقال بروس كلينجنر خبير الشؤون الكورية بمؤسسة هيريتدج إن الكشف عن تقارير المخابرات عكس جزئيا ادراك الإدارة أنها بدون ذلك «لن تحصل غاليا على التمويل» اللازم لتفكيك المنشأة النووية لكوريا الشمالية في يونجبيون.

وتقول عدة مصادر مطلعة إن واشنطن وضعت معادلة لحفظ ماء وجه كوريا الشمالية تصدر الأخيرة بموجبها اعلانا عن برنامجها للبلوتونيوم مع «الاقرار» ببساطة بالمخاوف الأمريكية بشأن أنشطتها المشتبه بها لتخصيب اليوارنيوم ونشر السلاح بما في ذلك في سوريا.

ويبدو أن المعادلة التي كشف عنها قبل أسبوعين جعلت واشنطن تقترب أكثر من الحصول على الاعلان لكن عددا من الجمهوريين انتقدها.

ورفض عدة محللين ومساعدو أعضاء بالكونجرس تقارير اعلامية بأن الكشف عن معلومات المخابرات هذا الأسبوع كان مدفوعا من قبل مسؤولين أمريكيين يعارضون المحادثات مع كوريا الشمالية ويأملون في افشالها.

وقال مساعد بالكونجرس طلب عدم نشر اسمه «النقطة المحورية هنا كانت ترتبط بالتقدم في المحادثات السداسية وليس بمجهود لتقويض المحادثات السداسية». وقال مساعد آخر طلب عدم كشف هويته أيضا إن الطبيعة السرية لمعلومات المخابرات عن سوريا بما في ذلك ما قال مسؤولون أمريكيون إنها صور التقطت من داخل المفاعل المزعوم قد زادت الضغط على البيت الأبيض لضمان أن أي صفقة مع كوريا الشمالية يمكن التحقق منها.

وقال كريس هيل مساعد وزيرة الخارجية الأمريكية وكبير المفاوضين الأمريكيين مع كوريا الشمالية إن الولايات المتحدة وكوريا الشمالية أجريتا محادثات «بناءة» في بيونجيانج هذا الأسبوع بشأن الاعلان وسبل التحقق منه.

وأبلغ هيل الصحفيين بعد كلمة بجامعة براون في بروفيدنس بولاية رود ايلاند «المهم للأطراف الستة هو ضرورة أن نكون قادرين على التأكد من أن كل تعهد وكل التزام يمكن مراقبته والتحقق منه». وأضاف «لا يمكنك قبول التزام لا يتضمن آلية ما للتحقق ملحقة به». من جهته وفي العاصمة النمساوية فيينا اعلن المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية محمد البرادعي فتح تحقيق بعد ان تلقى معلومات من واشنطن حول بناء سوريا مفاعلا نوويا بمساعدة كوريا الشمالية، بينما نفت دمشق هذه المعلومات ولزمت بيونغيانغ الصمت بشأنها.

وأكد مندوب سوريا في الامم المتحدة بشار الجعفري ان دمشق ستواصل التعاون مع الوكالة الدولية.

وقال ان «سوريا انضمت الى اتفاقية الحد من الانتشار النووي في 1970.

نتعاون بشكل وثيق مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية». واضاف «نحن لا نخشى هذا التعاون وليس لدى سوريا ما تخفيه».

ورأى الدبلوماسي السوري انه «على مفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية ان يتوجهوا بالاحرى الى اسرائيل»، معتبرا ان «الخطر الحقيقي هو الترسانة النووية الاسرائيلية».واشار الجعفري الى ان وكالة الاستخبارات المركزية الاميركية «السي آي ايه استخدمت في الماضي الكثير من الاكاذيب لتبرر التدخل الاميركي في الشؤون الداخلية لدول اخرى».واضاف ان على الاستخبارات المركزية «اللجوء الى كل عناصرها الجيدين لإعادة بناء نفسها لتقدم للرأي العام الاميركي تحليلات اكثر مصداقية».

وكان البرادعي انتقد في بيان واشنطن لأنها لم تبلغ الوكالة بالتعاون النووي بين دمشق وبيونغ يانغ على اساس معلومات تسلمتها بعد تدمير منشأة في سوريا في غارة جوية اسرائيلية في سبتمبر الماضي.

وفي هذا الاطار، أدان المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية «استخدام القوة من جانب واحد من قبل اسرائيل»، موضحا ان ذلك «يؤثر على عملية التحقق التي تشكل صلب نظام منع الانتشار النووي”.

من جهة اخرى، ذكر البرادعي دمشق بواجباتها في ابلاغ الوكالة بأي مشروع او بناء منشأة نووية، بموجب بنود اتفاق الضمانات الموقع مع الوكالة الدولية.

وأكدت دمشق ان الغارة الاسرائيلية لم تؤد سوى الى تدمير مبنى عسكري قديم بينما رفض السفير السوري في واشنطن عماد مصطفى بشدة الاتهامات الاميركية الجديدة لدمشق.

وقال مصطفى «ان المرة الاخيرة التي ذهب فيها مسؤولون كبار في الادارة الاميركية الى مجلس الامن الدولي وتحدثوا عن أدلة فاضحة عن وجود اسلحة دمار شامل، كانوا يتحدثون عن اسلحة دمار شامل عراقية» لم يثبت وجودها بعد ذلك.

وبعد الاتهامات الاميركية دعت فرنسا سوريا الى «القاء الضوء» على نشاطاتها النووية.وبدأت القضية الخميس بعد تصريحات أدلى بها مسؤول اميركي في مجلس الامن القومي امام الكونغرس، مؤكدا ان مفاعلا نوويا كان يجري بناؤه في سوريا دمر في غارة جوية اسرائيلية في السادس من سبتمبر من العام الماضي.

وأكد الاميركيون ان بناء المفاعل كان على وشك الانتهاء عندما قصف لكنه لم يكن مزودا بالمحروقات. وشددت الوكالة الدولية للطاقة الذرية الجمعة على هذه النقطة مشيرة الى ان المعلومات التي قدمتها واشنطن تفيد ان «المفاعل لم يكن في مرحلة التشغيل ولم تدخل اليه أي مواد نووية».

وصرح الجعفري ان «الادعاءات» الاميركية هدفها «تبرير» الغارة الاسرائيلية على سوريا وقد تكون مرتبطة بالنزاع بين الصقور والمعتدلين داخل ادارة الرئيس جورج بوش حول معالجة قضية البرنامج النووي الكوري الشمالي.

وقال ان «بعض الصقور في الادارة (الاميركية) ليسوا راضين عن الاتفاق».

وردا على سؤال حول صور لمسؤولين سوريين كبار مع خبراء نوويين من كوريا الشمالية، قال المندوب السوري «يمكن فعل كل شيء في أيامنا هذه بالتقنيات المتطورة التي تملكها الاستخبارات».

من جهتها، لزمت كوريا الشمالية الصمت التام منذ الكشف عن هذه القضية.

وصرح كبير المفاوضين الاميركيين في الملف النووي الكوري الشمالي كريستوفر هيل الجمعة ان كوريا الشمالية وسوريا لم تعودا تتعاونان في القطاع النووي رغم اتهامات الادارة الاميركية لدمشق ببناء مفاعل نووي سري بمساعدة بيونغ يانغ.

وقال هيل لصحافيين في حديث في نيوهافن (كونيكتيكت) الجمعة بثه التلفزيون الياباني ان التعاون النووي بين البلدين اصبح من الماضي.

واضاف ان «الولايات المتحدة ترى ان لا تعاون جار حاليا في سوريا في هذا المجال» مع كوريا الشمالية.

رويترز/ا.ف.ب...شارك في التغطية جيسون زيب في بروفيدنس

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى