الشاعر صالح مهدي العبدلي .. ابن الهوى المغيون

> «الأيام» سند حسين شهاب:

> لحج مدينة شاعرة، وأهل لحج شعراء بالسليقة فعل الهوى فيهم فعله فراحوا ينصاعون له شعراً يقطر عذوبة.

العاطفة الملتهبة سمة مميزة في الأدب اللحجي جاءت كإفراز للعنفوان الغزلي الذي يتقمص اللحجي حد التمخض فتتولد قصائد الهوى ونغمات الوتر وصوت العندليب.

صالح مهدي العبدلي الشاعر الأمير أو الأمير الرومانسي، واحد من العبادلة المسكونين بحب الشعر والهوى، امتلأت روحه هوى حتى فاضت شعراً جعله ينام قائماً حتى لا تخونه عيونه.

لم يدخل الشعر في علم الوراثة، لكن صالح مهدي العبدلي لم يتورث العسكرية فقط من خاله القمندان بل تورث الشعر أيضاً الذي تأثر به كثيراً حد عدم استطاعة البعض التفريق بين قصائد الرجلين.

لاشك أن دولة العشق دولة جبارة لها قوانينها وفلسفتها الخاصة، ولا ينبغي لأحد الاقتراب من تخوم هذه الدولة إلا وهو مستوعب كل التفاصيل. وفي هذا المنحى يبدو أن الأمير صالح مهدي قد تشرب كل مبادئ هذه الدولة، وهاهو يسرد لنا بالشعر حكايات هواه المقدس ليؤكد لنا علة كعبة وامتلاك الناصية في هذا المضمار:

صابر على الحب دايم ينام من حب قائم

خايف تخونه عيونه

يعزي حبيبه بروحه

ينسى الدماء في جروحه

يموت في الحب دونه

الحب سلطان قاهر والحب فاتن وساحر

والعشق ما يعلنونه

من باح سره تعذب تمسي بيوته مخرب

والناس بايلعنونه

من حب يحمل ويصبر

والزين يوصل ويحجر

إن صاح من بايعونه

يبات من حب ساهر

يمسح دموع الحواجر

يمسي يداري شجونه

للحب والعشق أهله ما كل واحد يشله

له ناس ذي يعرفونه

ومع استيعاب الشاعر صالح مهدي منظومة العشق هذه، لكن طالعه غير حسن في هذا الشأن ومع هذا يبدو الرجل مقتنعاً بنصيبه معللاً النفس بتقبل الآلام جسراً إلى تحقيق الآمال.

يقولو لي نسي حبك وليه تجري وراه

تناسى الحب من قلبك ودور لك سواه

كيف أنسى ونار يده وقلبي ملك في إيده

أنا مدمن على حبه وقلبي دي يباه

هوانا في الدماء يجري ودمي من دماه

أنا عمره وهوه عمري وزاد روحي معاه

حبيبي كيف باسيبه وغيره ليه باجيبه

ونا بعته هوى قلبي وهوه مين اشتراه

حبيبي لو يجافيني أنا بحمل جفاه

مصيره يوم بيجيني وترجع لي الحياه

هوانا قد ربي معنا ولا حاجة تفرقنا

كلام الحاسد العاذل ولا قول الوشاه

الوصال والهجران عناصر مألوفة في معادلة الهوى والعشق، لكن السؤال الذي يقفز دائماً كيف لقلب مثل هذا الذي يحمله شاعرنا بين جوانحه أن يتحمل الهجران من محبوبه وأن يتقلب في الوقت ذاته على نيران أداة التمني التي تعكس كل ما يعتمل في وجدانه.

ليتني نسمه على وجه الحبيب

في شمال الخد والا في الجنوب

ليتني ورده شذاها له يطيب

ليتني حليه تزين ذي الكعوب

ليتني باكون له كأس المدام

في السمر في الليل في حال انسجام

بالثم المبسم من خلف اللثام

باعصره قلبي وباصبه صبوب

هل صار لزاماً على كل من يحمل قلباً عاشقاً أن يوطن نفسه ويجبلها على غير المألوف، وكم هو محيط وجدان شاعرنا ونطاق عواطفه حتى يتحمل كل هذا من محبوبه، فلا يكون رد فعله إلا مزيداً من الإيثار والطاعة والذوق الراقي عل هذا الأمر يفتح نافذة أمل في قلب من يحبه.

يواعدني وينساني ولا مرة غلط جاني

يقلي نلتقي بكره

وبكره عذر له ثاني ونا صابر وأشجاني تقلي لا متى بكره

تعذبني مواعيده ولو شفته أبوس إيده

واحظي باللقاء بكره

ولو ماجاء وزاد الشوق

أقول الحب أصله ذوق

لعله بايجي بكره

ولادة القصيدة عند الشاعر صالح مهدي العبدلي لا ترتكز على الخيال عند النظم كما يفعل الكثير، بل تأتي إسقاطاً ناطقاً عن معاناة حقيقية عاشها الرجل، ولذا فإن الصدق ينثر شظاياه في كل محيط تقرأ فـيه هـذه القـصيدة:

إن قلت باتوب قلي القلب لا تكذب

انته أسير الهوى لا فين باتهرب

أنا أعرفك ياحبيبي أنته كلك حب

تنساه في الصبح تسري له من المغرب

هل ولاء الرجل وصدق مشاعره كانا سبباً في هذا الغبن الذي عاشه طيلة حياته أم أن الأقدار التي يبدو أن الرجل مؤمن بها هي التي جعلته يتحمل كل هذا الغبن في حياته علها تكون طريقاً إلى السعادة الدائمة.

نامت عيون التي كانت معي تسهر

والحب يشجيها

وسهرت وحدي ونا حيران أتفكر

لمين أشكيها

أشكي الهوى والنوى

أشكى السهر والنار

أشكي الضنا والعنا

والسهد والأفكار

وأشكي عيون التي نامت وأبكيها.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى