إصدار قيم يوثق مختارات من كتابات شيخ الصحافة الحضرمية

> «الأيام» وليد محمود التميمي:

> صدر عن دار تريم للدراسات والنشر كتاب ضم بين دفتيه مختارات من كتابات شيخ الصحافة الحضرمية الأستاذ محمد بن هاشم.

الكتاب الذي جمع مادته وعلق على محتواه علي بن أنس الكاف قدمه خير تقديم الحبيب المنصب علي بن عبدالقادر بن محمد الحبشي، حيث أطنب في تحليل مضامين فصوله الخمسة التي تضمنت ترجمة للأستاذ محمد بن هاشم استعرضت تاريخ ميلاده ونشأته وسيرته وهجرته والأعمال التي قام بها في مهجرة وبعد سفره إلى مصر والعودة إلى مسقط رأسه حضرموت والمساهمة في نهضتها مع الإشارة إلى خاتمة حياته ووفاته وذكر بعض مؤلفاته وأولياته وما قيل فيه.

نزهة بين النجوم

الفصل الثاني: ضم ما يزيد على عشرين مقالاً من مقالات شيخ الصحافة الحضرمية المختلفة التاريخية والأدبية، كمقالة عن حضرموت والوطنية ونظرة في ديوان نسمات الربيع للشاعر صالح بن علي الحامد والموسيقى الحضرمية وغيرها من المقالات.

الفصل الثالث: حوى بعض محاضراته التي ألقاها في مصر عن إقليم حضرموت وجاوا وأهلها، ومحاضرة ألقاها في نادي الشبيبة المتحدة بتريم في علم الفلك بعنوان (نزهة بين النجوم).

الفصل الرابع: تطرق لبعض خطبه وكلماته التي ألقاها في مناسبات الاحتفال بالمولد النبوي الشريف وكلمات التأبين لعدد من العلماء والسلاطين والشخصيات الاجتماعية.

الفصل الخامس والأخير تضمن بعض القصائد التي قالها، من مراث ومدائح وترحيب.. إلخ.

شخصية وطنية

ويأتي بعد الفصول الخمسة ملحق خاص يتضمن بعض الصور للصحف والمخطوطات التي استعان بها جامع مادة الكتاب علي بن أنس الكاف. ونستعرض فيما يلي مقتطفات من المقالات التي خطها الأستاذ محمد بن هاشم، ولخص دلالاتها الحبيب المنصب علي بن عبدالقادر الحبشي في مقدمة الكتاب، فهو - الأستاذ محمد بن هاشم- الوطني الذي يتكلم عن الوطنية في مقاله (الوطنية والحضارم)، حيث يقول:«.. والوطنية موهبة سامية لا توهب إلا لمن أتيح من الشعوب له أن يتسنم ذرى المجد وأن يطأ بأخمصيه فراقد الشرف، والوطنية توفيق عزيز يوفق الله سبحانه وتعالى إليها من شاء من عباده أن يعيش به وطنه عيشاً سعيداً، ويحيى بها حياة طيبة ولم تكن الوطنية يوماً ما وليدة العلم ولا صنيعه، وإنما هي إلا نتيجة من نتائج التربية الصحيحة، ومبدأ من المبادئ الطاهرة التي يغرسها في نفوس صغار النشء كبار المرشدين وأعلام المربين».

ناقد اجتماعي

كما أنه الناقد الاجتماعي حين يتحدث عن حالة حضرموت الاجتماعية والأخلاقية في مقال (إلى أين)؟ يقول:«ولا نعلم في الاجتماعيات إلى أين ينتهي بنا الموقف؟ وأين هو الحضيض الذي ستصل إليه الأخلاق في تدهورها المستمر، وأنه ليصعب على الكاتب مهما حدد يراعه أن يقيم الشواهد العامة إجمالاً في مقال كهذا على تحول الاجتماعيات في عصرنا هذا بحضرموت عن مجراها الطبيعي، وعلى فساد الأخلاقيات وشذوذها عن المألوف من المناهج، لأن الهيئة الاجتماعية بهذه الأطراف متباينة المسالك مختلفة الألوان بعيدة التشابه، وأنت إذا نظرت إلى القوم وقد نفض كثير منهم كفيه عن مكارم آبائه وسمات قومياته وأخذ الطائشون منهم يمرحون منطلقين، حيث شاءت لهم أهواؤهم ورغباتهم من دون أن يتقيدوا بوازع عرفي أو مانع إصلاحي أو أدب قومي، فأصبحت الفوضى ضاربة أطنابها على الآداب والأخلاق..».

شاعراً وناقداً موسيقياً

كما تلحظه شاعراً ومتحدثاً عن الشعر والشاعرية، حيث يعرف الشعر قائلاً في مقال (نظرة في نسمات الربيع):«وهيهات أن يكون الوزن أو القافية أو الوصف أو التوشية بالمستحسنات البديعية أو الانسجام في الألفاظ أو الإجادة في الوصف أو الإغراق في التوليد أو الإصابة في الحقيقة أو الإمعان في الخيال أو الغرابة في المعاني هيهات أن يكون أحد هذه أو مجموعها هو حد الشعر أو رسمه، ولكنه بشهادة الذوق شيء وراء ذلك كله والشعر كالجمال والموسيقى يعملان إعمالهما في النفس والقلب والروح من دون أن يستطيع رجال الفن أو غيرهم أن يخلقوا لكل منهما تعريفاً ضابطاً أو حداً جامعاً مانعاً- كما يقول المنطقيون- يضبط حقيقته ويرسم قواعده وأقصى ما في الباب أن ينتحي المعرفون له منتحى يؤدي بهم إلى وصف تأثيره على النفوس فحسب من باب «النار عنصر محرق» والكهرباء جوهر يتولد..».

وأسمعه ناقداً موسيقياً متحدثاً عن «الموسيقى الحضرمية وأغانيها»: و«للحضارمة ألحان قديمة جداً قد أكل عليها الدهر وشرب لا تزال ترن في الآذان حتى اليوم يتوارثها الخلف عن السلف غير حائدين عنها قدر شعرة، ومن الغريب أن الأسماع لا تمل والألسن لا تكل من سماعها وتكرارها منذ أكثر من سبعمائة سنة والنشيد الصوفي الذي ينشده الفرد في المحافل العامة والخاصة بدون آلة تصحبه هو في مقدمتها، ومثله بني مغراه وبعض ألحان أخدام السقاف وألحان يوقة البطيق، وكذلك أصوات الدايه (حراثة الجروب) وتأبير النخل وحداء الإبل ونضح الماء من الآبار وأصوات النعي والفرح.. إلخ».

ناقداً أديباً

كما يبرز كناقد أديب رفيع عندما يقول في مقاله (النقد الأدبي):«النقد الفني تستعصي رسومه ولوازمه عن أن يكون له مساس بغير ما يعتور الفن نفسه من الملابسات، وقد يضع الفنان نقطة في الهندسة بمكان غيره أليق بها منه، وقد يخطئ الموسيقار في تلحينه خطأ لا يميزه إلا فنان مثله أو أقل أو أكثر، وقد يزل قلم الكاتب في لفظه أو فكره ربما يمجها الفن مجاً، ولكن الفنان القدير الذي يثق بنفسه في التمييز بين جيد الفن وزائفه يعز عليه أن يقف واجماً تجاه هذا التشويش الفني الذي قد لا يتقصده صاحبه متعمداً. والنقد لم يكن حكماً ولا المنتقد أو الناقد حاكماً إنما النقد تمحيص وبحث لا يلامسان شيئاً البتة من شخصية الكاتب المنتقد عليه لا من عقليته ولا من مميزاته الأخرى».

الرافض للجمود والتقوقع

وانظر إليه وهو في عنفوان شبابه وهو لم يكمل عقده الثالث رافضاً للجمود ومطالباً بالاستفادة من كل الخيرات الإنسانية الإيجابية، وترك السلبية، فيقول في مقال (حالة المسلمين في جاوا والإصلاح):«أخذ الجمود من كبرائنا مأخذه وتمكن في نفوسهم اعتقاداً أن كل جديد ضار وأن العكوف على العادات القديمة أنفع ما كان وما يكون، وأن ما سبقتنا إليه أوروبا من الخير لا يجوز لنا فعله شرعاً، رسخ هذا الاعتقاد في قلوبهم وامتزج بعقولهم وأرواحهم حتى صدهم عن استماع الدين وسد فجاج الإصلاح ودفعوا في صدر الأمة حتى قهقروها عن التقدم زاعمين أن التحسين والتنظيم وتسهيل وسائل التعليم مخل بالنسب الكريم أو الدين القويم، ومعاذ الله أن يكونوا في هذا من الصادقين، فإن الفتن في الإصلاح شيء والأنساب شيئان آخران..».

خبيراً صناعياً وبيئياً

كما تكشفت كتاباته، عن فكاهي لاذع في مقال بعنوان (أجدٌ أم هزل)، وخبير صناعي عندما يتحدث في مقال عن (المصنوعات الوطنية)، وخبير بيئي ومحافظ على سلامة البيئة في مقالة (أهم الأشجار بحضرموت).

تحية مودع

وفي مقاله (تحية مودع) يجسد عقلية الكاتب الذي يتمتع بحصافة رأي وإنصاف لغيره ونزاهة علمية، حيث يقول:«ثم إنا نستميح الآن قراءنا عفواً يغسل عنا درن ما لعلنا فرطنا فيه أو أفرطنا من خطل في القول أو حيد عن الجادة أو بطلان في القياس أو كبوة يراع يتألم منها الحق وينتعش بها الباطل ويسري بخارها إلى نوايا حسنة وسرائر طاهرة تلقى القول على علاتها وتأخذه ظاهره مما يريد الحق باطلاً والباطل حقاً».

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى