«الأيام» تستطلع أوضاع مناطق القبيطة.. مواطنون يتحدثون عن الأسباب والمعالجات والأحلام في موسم الجفاف بالقبيطة (4-4)

> «الأيام» أنيس منصور :

>
مفارقات غريبة مفادها أن القبيطة فيها قامات تجارية وسياسية وثقافية وعسكرية في مختلف مراكز ومكونات الدولة، لكنهم خارج المديرية، بلادهم لم تلمس خيرهم، الناس توحدت معاناتهم يدفعهم الجفاف إلى أفواه القبور.. وثمة مشاهد لبعض المشاريع التي ذهبت إلى جيوب معلومة ومجهولة باسم «التخفيف من المعاناة» لا نصيب للمواطن سوى حمى الشعارات. القبيطة مليئة بجروح مدملة لها قصة كفاح ضد الجفاف.. أسئلة كثيرة تضع نفسها بعد هذا السرد حول المعالجات المرضية والمقترحات والأسباب والأماني والأحلام، التي تم عرضها على بعض الشخصيات الاعتبارية فكانت الحصيلة التالية :

مسببات الجفاف

تحدث الشيخ محمد عبدالرب ناجي رئيس مجلس الوجهاء بالمديرية وهو من الشخصيات التي تحب أن تعمل للقبيطة وتحمل همومها كان حديثه جميلا ومفيدا حيث قال:«المياه بالقبيطة شحيحة للغاية والجهات الرسمية مدركة لهذه المشكلة إلا أنها لم تحرك ساكناً رغم المناشدات والشكاوي والتناولات الصحفية، وقد اشتهرت القبيطة بإنشاء الخزانات الصغيرة (السقاية) منذ القدم وتتوزع في القرى للاستفادة من مياه الأمطار، وهذه الوسيلة أثبتت طوال السنوات الماضية أنها وسائل مجدية، وهناك مساعدات تقدمها حكومة اليابان في هذا الجانب كنا نتمنى أن تدرج قرى القبيطة ضمن هذه المساعدات ولو باليسير منها، لقد وصل الوضع إلى قيام الطلاب والطالبات بترك التعليم مقابل البحث عن الماء، وهناك طرق تقليدية متبعة في المنطقة أثبتت جدواها على المدى الطويل، وقد فشلت كل الطرق الأخرى للحصول على مياه الشرب لأسباب ومسببات كثيرة منها هطول الأمطار بنسبة ضئيلة جدا لاتكفي حاجة الناس، وطبيعة التركيب الجيولوجي الغالب على القبيطة المكونة من صخور نارية غير خازنة للمياه، وبالتالي لاتوجد خزانات جوفية في المنطقة والطبيعة الصخرية والانحدارات الشديدة لاتحفظ مياه السيول، وتدهور الغطاء النباتي الناتج عن حملات التحطيب التي جرت في السبعينات، وقلع الأشجار من جذورها أدى ذلك إلى انجراف التربة والتصحر وجفاف الينابيع والمياه السطحية، والهجرة من الريف إلى المدينة أدت إلى إهمال صيانة المدرجات الزراعية وإهمال صيانة مداخل القنوات والسواقي التي تعتبر طريقة ري تقليدي، وطبيعة الرسوبيات في الأودية الرئيسية ذات مسامات عالية لاتخزن المياه، وأسباب أخرى تندرج ضمن مصطلح (الطبوغرافيا)».

ويعبر الأستاذ علي عبدالرب القباطي أن فساد الأخلاق والحسد وأكل أموال الناس بالباطل ووجود بعض المظاهر المتفشية كانت سببا في القحط والجدب وعدم نزول غيث السماء، وعلى الناس أن يراجعوا نياتهم ويصلحوا أنفسهم لأنه على قدر نياتكم ترزقون وكل مصيبة بذنب» .

معالجات ومقترحات

استغرب صادق علي هزاع لماذا لم يستفد أهالي وادي (ظمران) من سد ظمران في الزراعة ولماذا لم يتم استغلال مياه السيول استغلالا مناسبا؟ هناك أشياء تدعونا للانتنباه والاستيقاط لأن الجفاف لايستطيع أحد الصبر عليه، فكل شيء إلا انعدام الماء، نحن مهددون بالرحيل من منازلنا إذا لم نتعاون في وضع المعالجات للتخفيف من وطأة الجفاف خصوصا أيام الصيف».. ويرى الشيخ محمد عبدالرب ناجي أن من أهم المعالجات عمل مصدات وحواجز أرضية لحبس مياه السيول والحفاظ على مياه الينابيع، ويتطلب أيضا تدخل الجهات ذات العلاقة في صيانة المدرجات».. ويبدي الدكتور صلاح الدين الجمهوري مقترحات بالاهتمام بإنشاء السدود وخزانات حصاد مياه الأمطار، وتكثيف العمل في هذه الجوانب، لأن جميع الطرق الأخرى مثل مشاريع المياه بالنقل من الآبار عبر أنابيب ومواطير أثبتت فشلها وعدم الإسراف والتبذير بالماء». كما أوضح الطالب أصيل محمد ردمان من عيريم أنه لابد من التوعية الإعلامية وسط النساء وطلاب المدارس خصوصا وقت الطابور الصباحي عن أهمية الماء وكيفية الحفاظ عليه، والتعاون في إنشاء السدود والحفاظ على الأشجار من القطع والاحتطاب.. وطالب صفوان إبراهيم ناجي بعقد لقاءات موسعة لجميع المشايخ والوجاهات وأعضاء المجلس المحلي ومدراء المدارس لعرض مشكلة الجفاف على السلطة كمطلب رسمي لإنشاء سدود وحواجز بعيدا عن الحزبية والمناطقية والسباق على الزعامة. ودعا سلطان العماد إلى جمع أحجار الأساس والملفات والوثائق التي تحتوي على متابعات ومذكرات ووعود انتخابية إلى أمام مكتب المجلس المحلي ثم أمام ديوان المحافظة كما فعل أبناء محافظة ذمار، وأن يكون تسمية المديرية بمديرية «الجفاف» لأن أبناءها أذكياء طيبون لكنهم ضحية لسحابة صيف لجفاف أوهن عزمهم وقتل طاقاتهم. فيما يشير النائب البرلماني عبدالجليل جازم إلى أن جميع قرى القبيطة لا توجد بها مياه جوفية، وأن من أهم المعالجات عمل الدراسات الهندسية لحواجز حصاد مياه الأمطار، وقد تم اعتماد مايقارب خمسة سدود وعشرة خزانات على حساب وزارة الزراعة والري، وهناك عشرة خزانات حصاد المياه على حساب مكتب الأشغال العامة سيتم تنفيذها حسب تأكيدات القائمين خلال العام القادم. وقال جازم :«إن نزول المهندسين لوضع الدراسات سيكون مكلفا ولابد من تضافر الجهود للتخفيف من معاناة المواطنين في مشكلة الجفاف»، وثمن النائب عبدالجليل جهود ومساعي مؤسسة هائل سعيد في بناء خزانات حصاد مياه الأمطار.

أماني وأحلام

في تحقيقنا الميداني برفقة مدير عام القبيطة قائد سعيد عقلان قمنا بتوجيه سؤال لبعض من قابلناهم في القبيطة في مواقف ولقاءات متفرقة: ماهي أحلامكم وأمنياتكم وأنتم في صراع يومي مع الماء بعد مرور 46عاما من الثورة وثمانية عشر عاما من الوحدة وعامين من انتخاب المجلس المحلي؟ سألنا أبناء القبيطة هذا السؤال، فقال شفيق الجعيدي:

«نحلم أن يأتي اليوم الذي يعيش فيه أبناء القبيطة بالاستكفاء من مشاريع المياه والخزانات والسدود»، وقالت طفلة في عامها العاشر تدعى أفنان مرشد:«إني أحلم أن أعود إلى المدرسة لمواصلة تعليمي ويرتفع منسوب المياه في الآبار لأني تركت الذهاب للصف الدراسي وذهبت للبئر أنقل الماء».

وتمنى عضو المجلس المحلي علي أحمد الجمهوري أحد الناشطين وضع الدراسات الجيولوجية لحفر الآبار وإنشاء السدود، وتمنى أن تعود القبيطة كما كانت عليه «زمان» وافرة المياه غزيرة الأمطار فيها الغيول والينابيع، ويعود كل أبناء المديرية المهاجرين إلى وطنهم.. أما عضو محلي القبيطة عن مناطق الكعبين جميل سيف عبدالوهاب فأمنياته وأحلامه أن يأتي اليوم الذي تنجب فيه المديرية شخصيات ومسئولين يهتمون بأحوال وأوضاع مناطقهم و بمشاريع المياه وإعادة تأهيل مشروع مياه اليوسفين.

كما التقينا بالأستاذ ياسين عبده علي وقال:«حلمي وأمنياتي أن يرفع أبناء القبيطة شعار (من أجل مديرية خالية من الحمير)، لأن هناك إقبالا على الحمير ويتم الاستعانة بها في نقل الماء من مناطق بعيدة».. ويحلم صبري الحداد أن تحذو الصحف الأهلية والمستقلة حذو صحيفة «الأيام» التي نزلت إلى معظم المناطق للاستطلاع عن قضية الجفاف ونقل مايعانيه مواطنو القبيطة من عذاب في سبيل الحصول على قطرات الماء .

هكذا أبناء القبيطة حتى نومهم فيه الكوابيس والأحلام المزعجة ولم يشعروا بالأمان حتى في نومهم وعالم أحلام اليقظة يوقظ كل قباطي مرات عديدة في الليلة الواحدة يتمنى أن تكون السماء كلها سدودا وآبار مياه، فهم في حالة استنفار وطوارئ سواء أكانوا جالسين أو سائرين أو نائمين.. فهل وعى المتفيقهون درس الجفاف جيدا؟

أخيرا نعتذر لكل الذين لم نشاطرهم همومهم ولم نستطع الوصول إليهم نظرا لصعوبة الطريق وطولها وكآبة المنظر وكثرة التكاليف.

لقد أجهدنا التعب من المشاهدة والرصد والاطلاع وأمامنا ليل طويل وستكون لنا محطات إعلامية صحفية متواصلة عن الجفاف حتى يفتح الله بيننا وبين النائمين المتهربين من مواجع وفواجع القبيطة .

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى