طريق الندامة!

> علي الكثيري:

> ظللنا مشدودين لعقلية تقدس الأحادية الاستبدادية، وتسوغ للإقصاء والاستئصال، فكنا على مدار أربعين عاما فارطة وقودا لمتوالية من دوامات الصراع والعنف وحمامات الدم، التي لم تنتج لنا غير هذا الركام الراعب من الخراب والهزائم والجراح.

لا أرانا اتعظنا بعد كل ذاك العبث و(الشيطنة).. بل لا أرانا جانحين للاهتداء إلى تلك السبل التي مكنت أشقاء لنا في الجوار من إنجاز أمجاد وإعجازات نهضوية باذخة بالنماء والرفاه والازدهار، في أزمنة قياسية قصيرة.. ذلك أننا- للأسف الشديد- أمة محكومة لأولئك الذين تأخذهم العزة بالإثم، فيأنفون الوعي بحقيقة أن ما فاض على الأشقاء في الجوار من رواء وامتلاء وازدهار لم يكن إلا نتاجا لعقول راجحة بالحكمة، عرفت أن طريق الرقي والسؤدد لاينطلق إلا من بهاءات الاستقرار والوئام والتعايش والاندماج، وأن الفعل الخلاق في معترك البناء والإنجاز هو الأداة الأقدر لإحداث التطور، وليس الانهماك في تدبيج الشعارات، وتنمية الأزمات وإذكاء الثأرات.

المروّع- والحال كذلك- أن بين حاكمينا ومعارضيهم اليوم من ينساقون- كلٌ من موقعه- لنسف تفتقات أي توجه جدي من شأنه الخروج بالبلاد والعباد من مسارات أشبعتنا دمارا وخرابا ورعبا، حيث يكرسون من المفاهيم والممارسات ما يمزق الجسد الوطني، بين (منتصر) و(مهزوم) وبين (أصل) و(فرع) وبين (سالب) و(مسلوب)، بل ويمضون- مع سبق الإصرار- في تأجيج الأزمات، وبعث الضغائن والثأرات، وتعزيز وتعميم روح الإحباط واليأس، وهو ما يؤبد حالة التردي المستدام بالوطن وأبنائه، في مجاهل دوامات لامتناهية من الصراعات والحروب والكوارث المدمرة.

إن لسان حال الوطن المنكوب، المنهوب، المرعوب، لا أحسبها إلا تستصرخ ضمائر جميع الفاعلين المؤثرين في صناعة القرار من كل الأطياف للكف عن نهج كارثي مبيد للنماء، مقوض للاستقرار والتعايش، ممزق للحمة والوئام، تجرعت الأرض والإنسان مرارات جنونه وفواجع سطوته، ولم يغمرها إلا بالمآسي والبؤس والانكسارات والخيبات حتى جعلنا بعد أربعين عاما عنوانا صارخا للبلدان (الفاشلة) و(الهشة).. نزعم أن هناك فسحة للأمل رغم كل ما يداهمنا من قتامة.

والله المستعان وإليه الأمر من قبل ومن بعد!

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى