لمحات من تاريخ عدن

> «الأيام» نجمي عبدالمجيد:

>
مدينة المنصورة مطلع العام 1961
مدينة المنصورة مطلع العام 1961
مرت عدن أثناء الحكم البريطاني بعدة مراحل من التطور، تلك المراحل التي جعلت منها مدينة عصرية تصل سمعتها إلى مختلف دول العالم، وأصبحت المقصد إلى مختلف دول العالم، وأصبحت المقصد للعلاقات التجارية، وقد تطلب هذا الحراك الاقتصادي الواسع توسعا في العمران، وإقامة المناطق السكنية والمرافق الخدماتية الجديدة، ومن المناطق التي وجدت في تلك الفترة، مدينة المنصورة، التي كانت عبارة عن مساحة من الأرض المنبسطة بعيدة عن جبال عدن وقريبة من الشيخ عثمان.

وكانت حكومة عدن في عهد السر تشارلس جونستون، الذي حكم عدن من عام 1960 حتى عام 1962، قد أعدت عدة خطط لبناء مشاريع سكنية في المناطق الخالية من عدن.

وجاءت إلى عدن شركة ماكس لوك، وهي شركة متخصصة في تخطيط المدن وتستشار من قبل الدول في مثل هذه الأعمال، وقد أخبرت هذه الشركة من قبل حكومة عدن بأن تعد مشروعا لبناء مدينة جديدة تتسع لـ 90.000 نسمة من السكان، وفي عام 1961 انتهى التخطيط للمشروع، وتمت الموافقة عليه من قبل حكومة عدن، وكانت بداية العمل في تنفيذ ثلاث تجمعات سكنية بما فيها أماكن تجارية مثل الدكاكين والمطاعم والمركز الاجتماعي والمسجد والحدائق العامة والملاعب والمسبح، وإنشاء منطقة صناعية كبيرة وتسهيلات ترفيهية وتثقيفية.

في عام 1961 تقدم المشروع بشكل ملحوظ وعبدت طرقات تقدر من حيث الطول بعشرة أميال، وأدخلت خدمات الكهرباء والماء، وتم بيع 2000 بقعة للجمهور، وفي شهر مايو عام 1962 بدأ بناء منازل لعدد من الناس يقدر عددهم بـ 100 شخص، وفي أواخر عام 1962م وافقت حكومة عدن على مشروع بناء 1000 منزل منها 500 منزل كانت تبنى و100 منزل كان قد تم الانتهاء منها، وإضافة إلى مشروع البناء الخاطئ الفردي فإن حكومة عدن دخلت في مقاولة لبناء 800 منزل ، وعندما أقبل شهر مارس من عام 1963م كان عدد العائلات الساكنة في مدينة المنصورة الجديدة قد وصل على وجه التقريب إلى 100 عائلة .. ويوشك البناء على الانتهاء من 400 منزل.

كذلك زرعت الأشجار والأزاهير في حديقة عامة، كما وزعت 1000 شجرة على طول الطرق الرئيسة، وكانت هناك مشاريع قيد التنفيذ للأماكن التجارية والسوق وقسم الشرطة، والذي كان يعرف بين الناس بمفردة عامية، وهي (الشوكي) ومحطة لإطفاء الحرائق ودار للحضانة والولادة وغيرها.

أما نجاح هذا المشروع فيعود إلى الحماس الذي أظهره الجمهور المستفيد بشكل كبير من هذا العمل الذي عملت على تنفيذه حكومة عدن، وكان مستوى العمران في هذه المنطقة السكنية فاق ما تطلبته حكومة عدن.

وكان نظام المنازل يحتوي على 4 أنواع:

1- منازل صغيرة ذات طابق واحد وسقف.

2- منازل ذات طابقين وسقف ومن الممكن لعائلتين أن تسكنا فيها.

3- منازل منفردة ذات طابق واحد أو طابقين محاطة بسور.

4- منازل ذات 3 طوابق عبارة عن شقق للإيجار.

وكانت أسعار هذه المنازل مابين 8000 شلن للمنزل الواحد الصغير إلى 60.000 شلن للمنزل الكبير، كما عملت حكومة عدن البريطانية على تقديم الدعم عبر الخبراء في مجالات المسح والتفتيش لمساعدة أفراد العامة وإرشادهم في ما يخص البناء، وكان شابا يبلغ من العمر 15 عاما قد بنى بنفسه منزلا لأمه الأرملة، وقدمت عدة مساعدات في هذا الجانب، أما عن الزوابع والأعاصير الرملية التي تهب في الصيف على هذه المناطق، فإن السلطات المختصة عملت على دراسة عدة وسائل للحد منها وحماية السكان منها، وقدمت عدة مقترحات مثل زراعة حزام أخضر في عدة مساحات تساعد على وقف زحف الرمال، وكانت هناك بعض الأفكار لإقامة بساتين في منطقة المنصورة، مثل بستان (الكمسري)، الذي كان من أكبر بساتين عدن، وبه الأزهار والرياحين والأشجار الباسقة التي تنشر الظلال للإنسان الباحث عنها من حرارة شمس عدن المحرقة، وقد أشرف على إقامة هذا البستان وزراعته المقيم السياسي البريطاني (بريجيدير جنرال جاي. آيه. بل) الذي شغل هذا المنصب في عدن من عام 1910 حتى عام 1914، وحفرت فيه آبار ارتوازية مونت عدن بالمياه الصالحة للشرب وزراعة الأشجار، وقد ساعدت على تنمية الحدائق، وفي شهر أبريل 1954 زارت صاحبة الجلالة الملكة إليزابث الثانية بستان الكمسري واستقبلت فيه عددا من السلاطين والأمراء من محمية عدن الشرقية والغربية، وكان ذلك في فترة حاكم عدن (السير توم هيكنبوتم)، الذي شغل هذا المنصب من عام 1951 حتى 1956.

ويقول الضابط البريطاني هارولد.ف .يعقوب في كتابه (ملوك شبه الجزيرة العربية) عن منطقة الشيخ عثمان، الصادر في عام 1923: «أما عن الشيخ عثمان فإنها قد نمت أيضا وكبرت كذلك، وفي الإحصاء الذي تم مؤخرا في عام 1921 بلغ عدد السكان 13 ألف نفس. فقد اتسعت هذه القرية التي تبعد عن الموقع في عدن بحوالي عشرة أميال وامتدت بصورة كبيرة وهائلة، والفضل في ذلك إلى الحرب العظمى، وأما القرية القديمة أو (الشيخ الدويل)، وهي التي كانت فيما مضى عبارة عن القرية الأصلية الصغرى، حيث يرقد الشيخ الولي مضطجعا في قبره فإنها تنظر- بحسد وغيرة عبر الجانب الآخر المقابل- إلى المدينة الحديثة ذات النشاط التجاري. وتلك ثمرة من ثمار العقيد (ف.م.هونتر)، وكان المهندس المعماري الذي قام بتنفيذ المشروع وتولى التخطيط له هو مسجل العقود السيد منشرجي، س. آي. اي. وهو فارسي الأصل أي زرادشتي منحدر من أصلاب اللاجئين الفرس الذين أقاموا في مدينة بومباي. وتلك القرية التي كانت في بداية الأمر عبارة عن مكان ناءٍ لنفي المتشردين أو المطرودين من عدن هي الآن بستان نامٍ وحديقة ناشئة ذات براعم.. وفيها مساحات من الأرض المستصلحة والمنسقة، والمزروعة بالخضروات والنباتات، والمفعمة بالأشجار الغناء الوارفة، والتي صارت مقرا للطيور المختلفة.

لقد ازدهرت الصحراء فعلا، وأزهرت كما تزهر الورود وتتفتح كمائمها، والعرب الذين يعانون من الإجهاد والإرهاق في عدن وكذلك التجار الآخرون يملكون بيوتهم الخاصة ذات الحدائق الوارفة هنا- في البلدة الجديدة- والتي فيها يبحثون عن الراحة، أو ينشدون الترويح عن النفس، أو يفرون إليها من عناء الأرصفة، ومن أحابيل المخازن التجارية، وإرهاق مستودعات البضائع. وتوجد هنا كذلك دار بعثة كيث فالكونر، بينما يضطجع المؤسس الباني في المكان المنعزل من المقبرة الموجودة في خليج حقات، وهي التي يشاهدها المرء عندما يعبر البوابة الجنوبية وهو في طريقه إلى هضبة مرشق في كريتر. إن الشيخ عثمان مدينة نظيفة تقريبا وخالية من التصعدات الأجمية ومن الأبخرة التي تولد البعوض وتسبب الملاريا، والفضل في ذلك يعود إلى الجهود المضنية التي لاتكل ولاتمل، والتي تولى القيام بها الرائدان ويتويك وآريلي، وهما ضابطان سياسيان، ولايزال كلاهما يعملان في عدن».

وكانت الشيخ عثمان قد شهدت إقامة منازل للشرطة في عام 1914 المعروفة باسم (لين العسكر)، وقد سارت نوعية الحياة في الشيخ عثمان مع تطور الحياة في مستعمرة عدن، ودخلت فيها الحياة السياسية، وقد نشر الملحق العربي بجريدة «عدن» الرسمية العدد 56 يوم الخميس 10 سبتمبر 1964 هذا الإعلان.

إعلان حكومة رقم 119 لعام 1964

(ملف رقم سي 10م/س/4)

قانون انتخابات المجلس التشريعي 1955 (رقم 25 لعام 1955)

إعلان انتخاب ثلاثة أعضاء للدائرة الانتخابية الشيخ عثمان

(بموجب قسم 25)

بما أن صاحب السعادة المندوب السامي بالنيابة أصدر مرسوما لانتخاب 3 أعضاء للمجلس التشريعي للدائرة الانتخابية الشيخ عثمان، فسيكون ضابط الفرز في اليوم الثاني والعشرين من سبتمبر 1964 بين الساعة الحادية عشرة صباحا والثانية عشرة ظهرا في مكاتب سلطة الضاحية، الشيخ عثمان، لتلقي طلبات الترشيح، وفي حالة عدم وجود منافسة، لإعلان انتخاب 3 أعضاء للدائرة الانتخابية الشيخ عثمان.

يمكن الحصول على استمارات أوراق الترشيح من مكتب ضابط الفرز في مكاتب سلطة الضاحية، الشيخ عثمان، بين الساعة السابعة والنصف صباحا والواحدة والنصف ظهرا يوميا، ماعدا يوم الأحد حينما يغلق المكتب في الحادية عشرة والنصف صباحا (ويستثنى أيضا يوم الجمعة). يجب أن توقع كل ورقة ترشيح من قبل أي 6 أو أكثر من الناخبين المؤهلين للتصويت في الدائرة الانتخابية الشيخ عثمان، وأن تسلم إلى ضابط الفرز على نسختين بين الساعة الحادية عشرة صباحا والثانية عشرة ظهرا.

لن تكون أية ورقة ترشيح شرعية ولن يعمل بها ضابط الفرز إلا إذا كانت مصحوبة بـ :

(أ) موافقة الشخص المرشح فيها كتابيا. (ب) إيداع نقدي قدره ألف شلن، أو استلام يشير إلى إيداع مثل هذا المبلغ وفقا لنصوص قسم 28 من قانون انتخابات المجلس التشريعي 1955.

(ج) تصريح دستوري بموجب قسم 27 (3) من القانون المذكور أعلاه.

إن مكتب ضابط الفرز كائن في مكاتب سلطة الضاحية، الشيخ عثمان.

عبدالله حامد خليفة

ضابط الفرز

في تلك الحقبة من تاريخ عدن، شهدت حركة البناء في مختلف المجالات عددا من المشاريع، وما بين الأعوام 1964- 1965 تم التوقيع على عدة عقود، وهي (مع مقدارها المالي):

1- توسيع المركز الطبي الرئيسي في خورمكسر: 4.978 جنيه استرليني.

2- أرض المستودع في المطار المدني: 1.850 جنيه.

3- مدرسة الصبيان المتوسطة في كريتر (المرحلة الثانية) 4.777 جنيه.

4- 56 بيتا للبوليس في المنصورة 39.266 جنيه.

5- بيت السجن في المنصورة 60.021 جنيه.

6- محطات كهربائية فرعية في الاتحاد 3.945 جنيه.

7- مقسم جديد للهاتف في المنصورة 29.707جنيه.

8- مطبخ جديد - تشامبيون لاينز 4.990 جنيه.

9- بنايتان من الشقق للعازبين في الاتحاد 54.190 جنيه.

10 - سياج أمن في الاتحاد 5.427 جنيه.

11- ثلاثة بيوت للوزراء في الاتحاد 35.133 جنيه.

12- ثلاثة بيوت من فئة (أ) في الاتحاد 15.304 جنيه.

14- مدرسة ابتدائية للصبيان في المعلا 31.261 جنيه.

15- سجن المنصورة 186.785 جنيه.

16- مدرسة الأولاد المتوسطة في عدن الصغرى 34.975 جنيه.

17- وزارة الداخلية ودائرة الأشغال العامة الاتحادية 102.967 جنيه.

18- مدرسة الأولاد الابتدائية في الاتحاد.

(المرحلة الثانية) 7.691 جنيه.

19- كلية تدريب المعلمين في الاتحاد (المرحلة الثانية) 12.672 جنيه.

20- تعديلات على بيتين من بيوت الموظفين في دائرة المفوض السامي في الاتحاد 4.425 جنيه.

وأعدت من المشاريع أعلاه عقود بقيمة 380.777 جنيها بواسطة شركات خاصة، بينما أعد قسم الدراسات في ذلك الوقت بدائرة الأشغال العامة عقودا بقيمة 259.848 جنيها.

وما بين 1965 و 1966 أبرم 31 عقدا لإقامة مبان جديدة، وكانت القيمة الإجمالية لتلك العقود 708.407 جنيها، وشملت العقود 8 أعدها مختلف المستشارين المعماريين اعتمادا على وثائق للكميات المطلوبة.

وقد طلب تقديم عطائين أحدهما لإقامة منازل لأفراد جيش الاتحاد النظامي المتزوجين بمبلغ وقدره 175.000 جنيه، وآخر لإقامة منازل للموظفين الطبيين بمبلغ وقدره 53.000 جنيه.

كما وقعت 8 عقود لصنع قطع أثاث بتكاليف وقدرها 23.441 جنيها، كما أجيزت 220 وثيقة فيما يتعلق بـ 42 عقدا معماريا من كل العقود التي أبرمت خلال عام 1965 - 1966 وبلغت القيمة الإجمالية لهذه الوثائق 513.284 جنيها، وأجاز المستشارون المعماريون 7 عقود بمبلغ 160,026 جنيها.

كما منحت 3 عقود كبيرة لإقامة مستشفى للأمراض العقلية بالشيخ عثمان، ووحدات معاينة طبية في مستشفى الملكة إليزابيث بخورمكسر، وإقامة مبانٍ إضافية للمعهد الفني بالمعلا، وقد كانت تكاليف هذه العقود 146.435 جنيها.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى