الكوميديا .. ليست تهريجا فقط

> «الأيام» صالح علي بامقيشم:

> الإهداء : إلى فهد القرني ..نتوهم أحيانا أن الكوميديا هي فن التهريج وإطلاق النكت والاستظراف.. ونتوهم أيضا أن الكوميديا على خصام دائم مع السياسة والواقع المؤلم، وأن بينهما سوء تفاهم.

والصحيح أن الكوميديا أرقى أنواع التعبير الفني عن الواقع بما تحمله تصورات الفنان الساخرة الناقدة للمجتمع، فالفن بشكل عام والكوميديا خصوصاً لاتكف عن القيام بتحريضنا على إعادة النظر في كثير من القناعات المتوارثة، وطرح ومناقشة كل ما يثري ويرتقي بحياتنا بطريقة محببة تعكس إبداع صناع العمل وذوقهم الرفيع.

ومن هنا ولدت (النكتة) والأفيشات التي تنقد الأوضاع السياسية والثقافية والفكرية، وتتندر عليها وتهاجم قمع المثقف، الذي يحول دون قيامه بدوره كمصلح يمد مجتمعه بجرعات العلاج لأمراض تتعلق بسطحية التفكير وضبايته وغيبوبة الذهن في نظرته لمشاكل الحياة. في مجتمعاتنا العربية أعمال ليست كثيرة قامت بخلخلة البنية الفكرية، وإعادة إنتاجها،حدث هذا في قالب من الضحك والمرح، وهو ما يؤكد تصدع نظرية تقول «الفن للفن».. أوسكار وايلد ولتحيي مقولة أخرى «الفن ليس لكل الناس.. إنه للمثقفين الذين يفهمونه !!» فقدرة العمل الفني -الكوميديا كمثال - على تحقيق التغيير الجدري أو الآني، ترتبط حقيقة بمستوى التقبل الذهني ودرجة نضوج تفكير المتلقي، فكما يزرع المشهد المضحك الابتسامة على شفتي المتابع فإن عقله وخلايا تفكيره تحتضن الخلفية المريرة والرسالة المبطنة التي تنضح بالسخرية والفجيعة.

العمل الكوميدي نفسه أيضاً يفترض أن يسهم في زيادة فاعليته من خلال طريقة توصيله وعرضه للفكرة ومستوى القضية التي يريد توصيلها مع الأخذ بالاعتبار ذوق المتابع العادي كي تصل رسالته السامية إلى جميع الناس والفئات والطبقات.

وأخيرا ماذا لو نظر بعض راديكاليي زماننا الذين يفسقون أهل الفن.. إلى العمل الفني من منظار آخر ومن زاوية أخرى تتفهم رسالته ودوره الحضاري الكبير.. فهل ستتغير فكرتهم الساذجة؟!

لا أظن لسبب (تافه وصغير) وهو أن الفن للمثقفين الذين يفهمونه، وقس هذا على جميع الفنون المسرح، الرسم، السينما، الروايات الأدبية .. إلخ.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى