«الأيام» تستطلع أوضاع منطقة جول آل عبدالمانع في شبوة ..منطقة تفتقر إلى كثير من الخدمات ومدرسة تعيش على صفيح ساخن (2 - 2)

> «الأيام» جمال شنيتر:

>
سدة-احد الحصون القديمة
سدة-احد الحصون القديمة
جول الشيخ عبدالمانع إحدى مناطق مديرية ميفعة محافظة شبوة، تقع على وادي ميفعة، منطقة غنية بموروثها الشعبي وتاريخها العريق منذ مئات السنين من خلال تعاقب مشايخ آل عبدالمانع على حكم هذه المنطقة وما كان لها من قدسية واحترام بين قبائل المنطقة.

تقع جول الشيخ على بعد نحو 15 كيلومترا من مركز المديرية، ويفصلها وادي ميفعة عن خط المواصلات الرئيس عدن - المكلا، وهي تعد مركزاً انتخابياً وتتبعها بعض القرى المجاورة لها كالسواط والدرجاج وقرين النشوة. شهدت المنطقة في الآونة الأخيرة انتشاراً واسعاً لمرض الغدة النكفية (الصمم) الذي تجاوز عدد المصابين به من أبناء المنطقة المائتي حالة، ويأتي ذلك بعد انتشار الحصبة الألمانية مطلع العام الجاري.

«الأيام» تلقت العديد من الشكاوى والطلبات من أبناء المنطقة الذين طالبوها بزيارة منطقتهم، وتسليط الأضواء على الأوضاع الصحية الخطيرة التي تعانيها، وكذا ملامسة الأوضاع والهموم الأخرى ولاسيما افتقار المنطقة إلى مشاريع التنمية.

كانت فترة الاستراحة عندما دلفنا إلى مدرسة جول الشيخ للتعليم الأساسي، الوحيدة في المنطقة استقبلنا المعلمين ومدير المدرسة وكان الجو مكهربا، كما لاحظته على وجوه من استقبلنا، وذلك على خلفية بعض الخلافات التي شهدتها المدرسة قبل أيام بين الإدارة والمعلمين .

يقول الأستاذ شيخ عمر عبدالمانع مدير المدرسة عن سير الدراسة:«مدرسة جول الشيخ يبلغ عدد تلاميذها هذا العام 467 تلميذا وتلميذة من أبناء مناطق جول الشيخ والدرجاج والقرين وما جاورها، وتسير الدراسة فيها بشكل جيد، إلا أن هناك بعض الصعوبات التي نعاني منها، ومنها نقص الحجرات الدراسية وعدم وجود سور للمدرسة، هذا بالإضافة إلى تأخر وصول الكتب المدرسية بداية العام الدراسي».

أثناء تجوال «الأيام» في الصفوف الدراسية اطلعنا على سير الدراسة التي تسير بشكل جيد، حيث يتلقى التلاميذ دروسهم من قبل المعلمين الذين يبذلون جهوداً متفانية في مهامهم التربوية في ظل إدارة يقودها الأستاذ شيخ عمر، الذي يعد أقدم مدير مدرسة بين مدراء المدارس الحاليين في مديرية ميفعة، وهو يمتلك خبرة تربوية وإدارية متراكمة .. في الصف التاسع وجدنا الدراسة تسير بشكل طبيعي، إلا أن التلاميذ يشكون من قلة الأنشطة اللاصفية المتمثلة في الندوات والنشاطات الرياضية، وكذا انعدام المختبر والوسائل التعليمية، وفي هذا الصدد يقول مدرس مادة العلوم الأخ عبدالغافر عبدالرحمن المعلم:«التلاميذ ملتزمون بالدراسة غير أن مادة العلوم تدرس نظرياً فقط نظراً لعدم وجود المختبر في المدرسة، بل حتى تنعدم المواد الأولية البسيطة التي يمكن أن تستخدم في تدريس المادة، وكذا قلة الوسائل التعليمية، ونحن نسمع عن المختبرات التي توزعها الوزارة، فأين نصيب مديرية ميفعة منها وهذه المدرسة؟».

بعض التلاميذ في صفوف دراسية أخرى شكوا من تدني مستوى النظافة في المدرسة وانعدام سور للمدرسة، الأمر الذي جعل البعض يستخدم صفوف المدرسة مكاناً مناسباً لتناول القات في الفترة المسائية.

مدرسة جول الشيخ
مدرسة جول الشيخ
الأستاذ محضار أحمد هادي المعلم، تحدث عن المشاكل بين إدارة المدرسة والمعلمين، قائلاً:

«نشكر «الأيام» على نزولها إلى المدرسة بعد أن تعرض معلمو هذه المدرسة لخصومات مالية غير قانونية بلغت مائتين وواحد وعشرين ألف ريال خلال شهر مارس 2008م مبلغ كبير حقاً، والمشكلة هو الاعتصام الذي قام به المعلمون قبل شهرين احتجاجاً على بعض التصرفات اللامسؤولة من قبل إدارة المدرسة، وقد حضرت إلى المدرسة لجنة من مكتب التربية والتعليم بالمديرية لحل الإشكال وأوصونا بالصبر والتحمل، ولكن الذي حدث وكعقاب لنا نحن المعلمين تم خصم ستة أيام من رواتبنا، وشر البلية مايضحك بحيث تم الخصم على معلمي الفترتين الصباحية والمسائية مع أن المعلمين المعتصمين هم من الفترة الصباحية فقط».

مع المجلس المحلي

الشيخ علي عبد السيد عبدالمانع عضو المجلس المحلي تحدث قائلا:«جول الشيخ منطقة ذات رصيد تاريخي وحضاري، ويبلغ سكانها الآن نحو أربعة آلاف نسمة، وتعاني من حاجتها الماسة لمشاريع التنمية، كما إن المنطقة بحاجة إلى دفاعات من السيول والفيضانات، ونحن نتابع السلطة المحلية والأجهزة التنفيذية في عدد من الأمور التي تحتاجها المنطقة، وتم حصول المنطقة على بعض المشاريع، ومؤخراً تم إقرار ردمية خط جول الشيخ إلى الخط العام، وكذا اعتمدت ثلاثة صفوف دراسية والمنطقة بحاجة إلى حالات إضافية للضمان الاجتماعي».

وأضاف:«نحن نتابع الجهات المسؤولة من أجل زيادة حالات الضمان الاجتماعي، ونتابع المسؤولين في الصحة من أجل الاهتمام بالوضع الصحي، ونطالب السلطة المحلية، وفي مقدمتهم مدير عام المديرية وأمين عام المجلس المحلي بالاهتمام بهذه المنطقة، حيث إن المنطقة تفتقر لبعض المشاريع كمشروع الصرف الصحي، كما أن الوحدة الصحية بحاجة إلى توفير الإمكانيات والكادر البشري، ونأمل أن تتحول إلى مركز طبي».

مشروع المياه

يوجد مشروع أهلي للمياه في جول الشيخ، وعنه يقول الأخ سالم أحمد القلب عضو لجنة المشروع : «المشروع أهلي ويعمل يومياً لمدة خمس ساعات أثناء الفترة الصباحية، وللأسف الشديد شبكة المشروع قديمة أُنشئت عام 1982م، وهي غير صالحة ولابد من اعتماد شبكة جديدة، كما أن البئر التي يعتمد عليها المشروع مهددة بالسيول رغم انه توجد بئر احتياطية إلا أن مياهها غير صالحة للشرب».

حصن قديم
حصن قديم
هاجس الكهرباء

ويقول الأخ خالد محمد عبدالولي عن مشروع الكهرباء:«هناك تحسن كبير في الكهرباء التي جاءت بعد معاناة طويلة عاناها أبناء جول الشيخ ومناطق المرحلة الثانية إلا أنه وللأسف الشديد تعاني المنطقة من انقطاع التيار لمدة ست ساعات من وقت المغرب حتى منتصف الليل، وهي فترة حساسة ومطلوب فيها التيار بشكل ضروري، هناك مشكلة فنية تكمن في عشوائية الشبكة الكهربائية وتتساقط الأعمدة والأسلاك مع كل هبة ريح.

كما يعاني المواطنون هنا من أن فواتير الكهرباء تأتي على خلاف القراءة بسبب عدم وجود عامل لقراءة العدادات».

ملاحظة للمحرر: أطلعنا الأخ مالك عبدالمانع على فاتورة لأحد المشتركين العداد صفر بينما جاءت الفاتورة بثلاثين وحدة ورقم ذلك العدد هو 06019867 كدليل على ما قاله الأخ خالد عبدالولي، وهنا تكمن المفاجأة والتعجب .

انعدام شبكة الهاتف

جول الشيخ تعاني من انعدام شبكة الهاتف الثابت، رغم وجودها في مناطق مديرية ميفعة، ويقول الأخ علي عبدالله الحوطي:

«منطقتنا محرومة من هذه الخدمة التي أصبحت ضرورية، مع العلم أن المسافة بين المنطقة والخط العام الذي يمر به كيبل الاتصالات عبر الألياف الضوئية ليست طويلة، ولم نكن نتوقع أن تحرم منطقتنا من هذه الخدمة .. ولهذا نناشد عبر «الأيام» الأخ وزير الاتصالات والمسؤولين في المحافظة والمديرية سرعة العمل على ربط منطقة جول الشيخ بشكبة الهاتف الثابت».

بانوراما حزينة

من المفارقة العجيبة لهذه المنطقة وجود كوكتيل حزبي وسياسي فريد في المنطقة، فرغم أن أبناء المنطقة يعتبرون أسرة واحدة تقريباً، إلا أن للأحزاب الثلاثة المؤتمر والإصلاح والاشتراكي وجودا قويا بينهم، وهذا ليس بغريب، إلا أن المثير في الأمر هو أن رؤساء فروع الأحزاب بمديرية ميفعة ينتمون إلى منطقة واحدة، وهي جول الشيخ.. وأتذكر هنا طرفة ظريفة بالمناسبة، فقبل نحو خمس سنوات وأثناء حضوري لتغطية أحد المؤتمرات الحزبية بالمديرية ألقيت في الجلسة الافتتاحية كلمات للأحزاب الثلاثة : المؤتمر والإصلاح والاشتراكي، وكان المتحدثون الثلاثة رؤساء فروع الأحزاب الثلاثة، وكلهم من منطقة جول الشيخ، ثم ألقيت كلمة المشايخ والأعيان ألقاها الشيخ الفاضل محسن بن عبد المانع، وهو أيضاً من جول الشيخ، فعلق زميل كان يجلس بجانبي، قائلاً : لقد تـسيد مـشايخ آل عبد المانع المؤتمر !!

آخر المطاف

رغم صعوبة الحياة عند الناس هنا وضنك العيش، وحاجة الناس الصعبة كغيرهم من أبناء هذا البلد المكلوم بموجة الغلاء والفقر، إلا أنه مع هذا وجدت عند الناس هنا مشاعر فياضة تصب في قالب إنساني جميل وانسياب عاطفي يطغى على كل الصعوبات التي تواجه الإنسان في هذه المنطقة، وزد على ذلك مساحات الأمل الكبيرة المرسومة على وجوه أبنائها التي تجعلهم يطلقون أحلامهم في الآفاق الفسيحة في أن تأتي أيام حبلى بالأجمل والأفضل، فليست كل الأيام سواء ..غادرنا جول الشيخ بعمارتها الطينية التي تحاكي الزمن وبسوقها البدائي المتواضع ورجالها النشامى والأمل يحذوهم في المستقبل الأفضل .

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى