أقصوصة ..خمسون ريالا

> «الأيام» أحمد السعيد:

> ما تبقى لدي صباح اليوم خمسون ريالا.. مبلغ لابأس به.. وهذه هي المرة الأولى التي أصحو فيها صباحا، ويكون بحوزتي هذا المبلغ.. الأمر الذي يدعو إلى التفكير في توظيف هذا المبلغ بالشكل الصحيح.

قلت في نفسي: سأرتشف شربة ماء، وسأنطلق إلى سوق المدينة، لأشتم ريحة الصباح في الشوارع المزدحمة والممتلئة بصور أعرف القليل منها وأجهل الأكثر.. وسأحتجز لنفسي مقعدا في المقهى التي يجتمع فيها الناس من مختلف مشاربهم واتجاهاتهم. سأطلب فنجانا من الشاي، وسأتحدث إلى من يجلس بجواري، ثم سأثرثر في الرياضة والسياسة، وسأشتم إسرائيل وأمريكا، وأتحسر على حالنا نحن العرب.. وعندما تمضي الساعات سيأتي صاحب المقهى ليطلب مني الرحيل لأنني أحتجز المقعد لساعات طويلة، وسأقول له:

- اطمئن أنا عندي مبلغ من المال.. إنني أمتلك خمسين ريالا.. وبإمكاني أن أطلب فنجانا آخر.

لكنني لا أرغب في شرب الشاي فأنا لم أتعود عليه، كما أن الوقت قد حان لتناول الغذاء، لذلك علي الذهاب إلى المطعم، سأطلب منهم أن يناولوني خبزا ومرقا.. سيقول لي صاحب المطعم:

- عفوا فنحن لا نقدم المرق إلا مع الوجبات الكاملة.

عندها سأقول:

- أنا ياسيدي أريد أن أفتح شهيتي فقط.. أما الوجبة فسوف أتناولها فيما بعد.. إنني أمتلك مبلغا من المال.. معي خمسون ريالا.

ومع ذلك فأنا لست بحاجة لطعام.. لأنني أدمنت الجوع.. وعندما يحين وقت المساء سأذهب إلى المتجر الذي يبيع الفرش وسأقول لهم:

من فضلكم ياسيدي.. بكم تبيعون الفرش والأغطية؟ سيجيبونني:

- بألف وخمسمائة ريال.

سأقول لهم بكل احترام:

- عفوا ياسيدي، فأنا كنت أسأل فقط.. إن لدي مبلغا من المال.. معي خمسون ريالا.. سأعود في وقت لاحق لأبتاع منكم.. بيعوا هذا للزبون القادم، فهو أحوج مني.

عندها سأعود إلى منزلي، وسأفترش الأرض لأنام، ثم سأشكر الله وأحمده بأن لدي مبلغا من المال أذخره للغد.. إنني أمتلك خمسين ريالا.

ملحوظة:

الدولار = 199.15 ريال يمني

عدن الحبيبة

11 يوليو 2007.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى