سفائن البر تجوب الشمايتين بحثا عن الكلأ

> الشمايتين «الأيام» محمد العزعزي:

>
إبل في مراعي الشمايتين
إبل في مراعي الشمايتين
لا غنى عن اقتناء ومرافقة هذا المخلوق الحيواني العجيب والأنيس والرفيق الذي لازم البشرية عبر الحقب وكان بالفعل الصاحب في السفر (حمال المتاعب) خدمة للناس وبالأخص في بلاد العرب التي اقترن اسمه باسمها وكان ومازال وسيظل الظاهرة الأصيلة والمعاصرة للإنسان سخره الله تعالى ليقوده أصغر المخلوقات ويستفيد من جميع أجزائه المتعددة الجوانب والأشكال وهذا يدل على عظمة الخالق، وتكرار الاسم في القرآن تكريما ووساما لهذا الكائن المتواضع العملاق، والواجب الوطني يلزمنا حكومة وشعبا .. حاضرا ومستقبلا الحفاظ على هذه الثروة والنعمة المباركة وتنميتها لتصبح رافدا اقتصاديا متجددا في مسار تنمية الاقتصاد الوطني المنشود .

الإبل في اللغة : الإبل (بكسرتين) لا نظير لها وهي ضخمة قال أبو حيان : «الإبل اسم جمع لا واحد لها من لفظها وهي مؤنتة» وقال سيبوبه: ( إبلا اسم يكسر عليه وإنما هما للقطيعين من الإبل» وفي المصباح :«الإبل لا تصلح في البستان وحنت الإبل إلى الأوطان».وفي الصحاح :«الجمل من الإبل والجمل زوج الناقة والجمع جمال». وفي تهذيب اللغة : «البكر والبكرة بمنزلة الغلام والجارية والجمل والناقة بمنزلة الرجل والمرأة» .

وفي القرآن :(ومن الإبل اثنين)الأنعام. وفي الغاشية:(?أفلا ينظرون إلى الإبل كيف خلقت)وفي سورة النحل(?ولكم فيها جمال حين تريحون وحين تسرحون)?.

وفي التفسير : قال الإمام البغوي:«الإبل مع عظمتها تلين للحمل الثقيل وتنقاد للقائد الصغير يأخذ بزمامها فيذهب بها حيث شاء»، وقال شريح :«الإبل أشرف المركبات وذكرت في القرآن لأنها أعجب ما عند العرب» وقال القرطبي: «الإبل أجمع للمنافع من سائر الحيوان لأن ضروبه أربعة حلوبة - أكولة - ركوبة - حمولة وبها النعمة أتم وأعم».

وفي الشعر : الجمال سفائن البر وتغنى العربي به شعرا ونثرا. وقال بن الرومي :

إني لأخوض للأهوال من أسد

عاد وأنهض بالأثقال من جمل

وقال بن المضلل :

إذا أنعمت علي بنظرة

فلا أسعدت سعدى ولا أجملت جمل

أما ابن المغرب فقال :

وقبل كم سامني خسفاً وألزمني

ما ليس لي ناقة فيه ولا جمل

«الأيام» أجرت هذا الاستطلاع الميداني مع المواطنين ورعاة الإبل القادمين من أماكن بعيدة إلى الشمايتين بتعز بهدف تلمس هموم هذه الشريحة وإفادة القارئ بفضل الجمل.

قال المواطن علي المداني:«هذا الحيوان له فضل كبير في ربط أجزاء الوطن العربي ونقل التجارة والحضارة كرحلة الشتاء والصيف بين الشام واليمن ويتكيف الجمل مع البيئة الجافة وشبه الجافة ويتغذى بالأشجار الشوكية وهو مضرب المثل في الصبر على الجوع والعطش وهو مصدر نقل وغذاء وثراء».

وأضاف: «الإبل أنواع : للحمل وهي كبيرة الجسم وقوية البنية

- الركوب : أخف وزنا وسريعة وأقل عددا وتحمل 300 كجم

- السباق : تعرف باليماني وتقطع مسافة 20 كم في الساعة وموطنها تهامة».

الإبل ثروة :

في هذا الإطار قال أشرف أحمد سلطان:«الإبل ثروة متحركة ومصدر إنتاج الحليب واللحم، استأنس الجمل منذ القدم وهو شاحنة عملاقة ومفتاح الصحراء ويتحمل العطش ويعوض الماء إذا أكل النباتات الخضراء وله قدرة على التكيف بالمناخ الحار» .

معاناة الرحيل :

قال مصطفى إسماعيل:«تأتي الإبل إلى عزلة الأصابح سنويا وهي مصدر الخير والرزق لأصحابها وترافقهم الترحال وتقطع المسافات وتجوب القفار وتمتاز بالسرعة والنشاط والعاطفة والحنين ويعاني الرعاة التعب في التنقلات فيباتون حيث تبات الإبل ويتغذون على الألبان وتاكل الإبل التين الشوكي وهو مايميز المديرية».

غرائب :

أضاف مصطفى:«كل خلق الله تحمل قائما ماعدا الجمل باركا ثم ينهض وله جفنان في العين الداخلية شفافتان والخارجية للحماية من الغبار والرمال .

والناقة لها صفات: السفينة - السحابة - القلعة - الصخرة - وارتبطت حياة العربي بها فنظروا في أحوالها وسرعتها ونشاطها وعاطفتها وحنينها وهي تحب وتكره».

طريقة الرعي :

قال مدرس الأحياء محمد عبدالرؤوف : «يعتمد الرعاة على المسافات الطويلة في الرعي وقضمة الجمل صغيرة للنبات الواحد فتحافظ على الأشجار من التدهور والرعي الجائر وتعتمد فترة الرعي على وفرة الأشجار الجيدة وليس على الماء».

الرعي حتى الموت :

قال ماجد أحمد (راعي إبل) : «جئت إلى هنا من المشاولة وتبعد عن التربة 100 كم وأرعي طول العام سيرا على الأقدام ونرعي منذ الطفولة حتى الموت ونزور الأماكن كلها الحارة والمعتدلة في الجبال والتهائم، ومراعي المشاولة أفضل من عزلة الأصابح لتوفر ماء الغيول فتشرب كميات كبيرة وإذا انعدم الماء تعوض الأبل أكل الأشجار الخضراء وتصمد أسبوعين».

البطالة :

هناك راع يدعى بجاش قال:«لا أملك إبلا وأرعى بالأجر الشهري بمبلغ 500 ريال فأقطع مئات الكيومترات مشياً على الأقدام خلف الإبل» وعلل ضآلة الراتب بالقول:«نسلك جزاع وقت» وتساءل: «فين نروح؟ المخرج نرعى أو نموت جوعا»، وأضاف:«ننام في العراء مع الإبل والمشاولة بدون مشاريع فلا طرقات ولا ماء نظيف ولا كهرباء وحتى اليوم نسكن بالخيام».

صغار النوق تجوب المرعى
صغار النوق تجوب المرعى
أماكن الرعي :

راعي الإبل سيف فارع قال : «نرعي طول العام ونرحل إلى مديريات وعزل وأماكن مختلفة مع قطيع الإبل مثل هجرة - برح العريش - الحوبان - المواسط - المعافر - الشمايتين - المخا - الوازعية - دمنة خدير - ونصل إلى محافظة الضالع».

الرحال الصغير :

الطفل ناصر عمره 9 سنوات قاطع الكاميرا والتسجيل لأنه لم يتعود على ذلك وربما هذا الرحال الصغير في العمر، الكبير في تحمل المشاق وأعباء الحياء أصغر راعي إبل في العالم وهو يتيم الأم ويملك خمس إبل يقطع خلفها المسافات إلى كل مكان .

فوائد الابل :

الحليب : لونه ناصع البياض وجودته عالية ومذاقه مائل للملوحة وقوامه سميك ويتميز بارتفاع الدهن والبروتين وتستمر الحلابة فترة 11 شهرا وتنتج الواحدة 6 ليترات يوميا وفائدة الحليب مقاوم الجراثيم ومضاد للتسمم والبكتيريا مدة 24 ساعة فلا يتخمر.

اللحوم : الراعي لا يأكل لحم إبله عدا أوقات الضرورة ويمتاز اللحم بقلة الدهون وارتفاع الماء وغني بالبروتين والمعادن وفائدته أنه يقلل من أمراض القلب

الجلد والوبر : الجلد مكسو بالوبر الخفيف وميزته قليل التوصيل للحرارة ويدخل الوبر في صناعة الملابس، والجلد متين يصنع منه الحقائب والأحزمة .

البول : علاج لبعض الأمراض بإضافة كمية بسيطة إلى الحليب لمعالجة داء الكبد والسكري والصلع .

الأسعار : يمكن تربية الإبل بهدف تجاري وسعر الناقة (120) ألف ريال والقعود الصغير للذباحة (50) ألف ريال و(جعنان) اللبن سعة لتر 100 ريال .

مشكلات :

تعرض جمل لحادث مرور على طريق التربة يوم 2008/5/4م ما أدى إلى نفوقه وقيد الحادث ضد مجهول وحزن صاحبه .

ويتعرض رعاة الإبل لمشاكل تختلف من مكان لآخر مع السكان، وقال أحدهم:«أفضل الأماكن التي نذهب لها ذبحان - الأصابح - العزاعز - قدس فلا نلقى مشاكل، وكثير من العزل تتعرض لمشاكل فنحاول الابتعاد عن القرى والمزارع».

أكد الرعاة (الأبالة) أنهم لم يجروا مقابلات من قبل وهذه أول مرة وقال أحدهم : «نريد أن نرى صورنا بالصحيفة».

أزف الرحيل

هذه الفئة من المجتمع بحاجة إلى رعاية وهتمام من الدولة وتوطينهم وتشجيعهم على الاستقرار والإنتاج وبالإمكان إيجاد علاقات متزنة بين البيئة والإبل والتخطيط للتنمية والاقتصاد وتهجين سلالات جيدة من الإبل ومساعدة هؤلاء ودعمهم من قبل السلطة بإيجاد مراكز متخصصة للبيطرة لحماية هذه الكنوز الموروثة المتنقلة من الأوبئة و الأمراض والحفاظ عليها وحمايتها من الانقراض بصفتها ثروة وطنية وقومية تخدم البشرية بأقل كلفة فنأخذ منها أكثر ما نعطي .

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى