الأدوية المستوردة والمصنعة محليا

> «الأيام» د.علي محمد سعيد الأكحلي:

> الأدوية المستوردة والمصنعة محلياً خلال عام 2007م بلغت قيمتها حوالي خمسين مليار ريال ، بنسبة زيادة %17 عن 2006م.

أنزلت الهيئة العليا للأدوية في نهاية شهر مارس الماضي تقريرها الإحصائي السنوي لعام 2007م . وهذه أول مرة يتم فيها إنزال التقرير بشكل سريع ، أي في نهاية الربع الأول من السنة التالية للعام المستهدف للإحصاء . ويأتي ذلك متوافقاً مع ملاحظتنا المتكررة عبر مقالاتنا المنشورة في صحيفة «الأيام» في الأعوام السابقة حول ضرورة طباعة وإنزال هذا التقرير بشكل مبكر، خصوصاً وأن الهيئة تمتلك قاعدة بيانات جاهزة على الكمبيوتر الخاص بها .

إن مثل هذا الإخراج السريع للتقرير، الذي تم تطويره من حيث الإعداد والتبويب ، سيمكن المهتمين من الحصول على المعلومات والمؤشرات المتعلقة بحجم الدواء المستورد والمصنع محلياً في الوقت المناسب. وكلمة حق نقولها هنا إن تقرير هذا العام ما كان لينجز بمثل هذه السرعة لولا المتابعة الشخصية لمدير عام الهيئة الجديد وكذا حرص المسئولين في دائرة الإحصاء والتخطيط على إعداده وطباعته بشكل سريع.

لقد جاء التقرير في 97 صفحة موزعة على أربعة أجزاء ، خصص الجزء الأول منه للصناعة الدوائية المحلية والجزء الثاني للأدوية والمواد الكيمائية المراقبة دولياً - وهو جزء جديد تم إضافته - والثالث لخلاصات استيراد مدخلات القطاع الصحي مثل الأدوية /الأجهزة والمعدات الطبية /الكواشف الكيميائية/ أجهزة ومستلزمات الأسنان/ الأجهزة والمعدات المخبرية الخ.. وبحسب القطاعات المختلفة (عام /خاص/ مصانع محلية/ بعثات وشركات أجنبية الخ..) . أما الجزء الرابع والأخير فقد خصص للأدوية المستوردة عبر القطاع الخاص (الوكلاء المعتمدين لدى الهيئة) مع ذكر أسماء المستوردين والشركات التي تم الاستيراد منها مع إحصائيات أخرى تخص هذا القطاع . كما تم فرد جدول بالأدوية المستوردة مرتبة بحسب المادة الكيماوية الفعالة وبالاسم العلمي (Generic Name)، مرتبة بالأبجدية الإنجليزية وكان عددها 755 مادة دوائية ، وهو جهد متميز تم بذله من قبل القائمين على التقرير لتحديد ماهية كل صنف بحسب المادة الفعالة المكونة فيه Active Chemical Substance بعكس ما جاء في التقاريرالسابقة ، حيث إن نسبة %14 من الأدوية كانت لا تفصّل بحسب المادة الفعالة وكانت تدرج تحت بند «غير مصنف» (Non-classified) . وفي هذا التقرير، لاحظنا أيضاً حذف الجزء الخاص بقيمة تراخيص الاستيراد التي تم منحها للجهات المختلفة خلال السنة والذي كان لا يفيد أحداً إحصائياً ، لأن المطلوب هو معرفة قيمة تراخيص الاستيراد التي نفذت ووصلت أدويتها فعلاً إلى اليمن. ويأتي هذا الحذف كما يبدو متوافقاً مع ملاحظاتنا حول هذا الجانب، التي ذكرت عبر مقالتنا المنشورة في صحيفة «الأيام»في السنوات الماضية.

ما يخص المصانع المحلية:

أظهر التقرير أن مبيعات المصانع المحلية من الأدوية بلغت 4,272,811,199 ريالا أي ما يعادل 21,471,413 دولارا أمريكيا وهو ما يوازي %8.5 من إجمال المطروح للسوق (المستورد والمحلي) ، أي بزيادة %1.7 عن العام السابق له (2006) ، علماً أن هناك ثمانية مصانع محلية و معملين صغيرين كانت تعمل خلال 2007م (بزيادة مصنع جديد تم افتتاحه خلال 2007م). الجدير بالذكر أن متوسط قيمة الإنتاج المحلي السنوي من الأدوية خلال السنوات الخمس الماضية للمصانع المحلية يشكل حوالي %7 من إجمال الأدوية (المستوردة والمصنعة محلياً)، وهي نسبة ليست بالمستوى المطلوب إذا ما علمنا أن الإنتاج المحلي لبعض الدول العربية قد تجاوز %70 من احتياج السوق من الأدوية.

ما يخص الأدوية المستوردة:

زاد حجم استيراد الأدوية (لكافة القطاعات) خلال عام 2007 بنسبة %17 عن العام السابق له (2006م)، حيث بلغ قيمة الواصل فعلاً إلى البلاد 45,639,849,834 ريالا (خمسة وأربعين مليارا و639 مليونا و849 ألفا و834 ريالا) أي مايعادل 229,345,979 دولارا أمريكيا (معدل صرف الدولار = 199 ريالا) ، وإذا ما أضفنا قيمة الأدوية المصنعة محلياً والبالغة 4,272,811,199 ريالا فإن إجمالي المورد إلى السوق يكون قد بلغ 49,912,661,033 ريالا وهو ما يعادل 250,817,392 دولارا. وكانت قيمة الأدوية المستوردة من قبل القطاع الخاص تساوي 40,494,141,799 ريالا (أربعين مليارا و494 مليونا و141 ألفا و799 ريالا) أي ما يعادل 203,488,149 دولارا أمريكيا أي بنسبة %81.13 .

ما يخص المستوردين والشركات المصدرة:

أظهر التقرير أن عدد المستوردين في عام 2007م بلغ 149 مستوردا (بزيادة 13 مستوردا عن عام 2006) ، وعدد الشركات التي تم الاستيراد منها هو 349 شركة تنتمي إلى 54 دولة. وذكر في التقرير أن الدول العربية (مع استثناء دول الخليج العربي) استأثرت نسبة %42.3 من إجمال الاستيراد العام للأدوية ، و استأثرت دول مجلس التعاون الخليجي نسبة %7.4 ، وهي المرة الأولى الذي يتم فيها إبراز حجم الاستيراد من دول مجلس التعاون الخليجي بشكل مستقل في تقرير الهيئة. كما أشار التقرير إلى أن نسبة الاستيراد من دول الاتحاد الأوروبي (وليس قارة أوروبا) بلغت %31.5 . أما النسبة المتبقية وهي %18،8 فقد تم استيرادها من باقي دول العالم.

إستنتاجات :

(1) استيراد القطاع الحكومي (مناقصات وزارة الصحة والمستشفيات التابعة لها) شكل %11.67 من الأدوية التي تم استيرادها عبر القطاع الخاص خلال 2007م ، وهذا يعني أن مخصصات توفير الأدوية لدى وزارة الصحة مازالت ضعيفة ، حيث يفترض أن تكون النسبة في حدود %40 من حجم الأدوية المستوردة للسوق عبر القطاع الخاص.

(2) إذا ما أخذنا ما ينشر في وسائل الإعلام من أن الأدوية المهربة تشكل حوالي %50 من الأدوية المستوردة رسمياً (عبر القطاع الخاص) ، فإن هذا يعني أن قيمة الأدوية المهربة في العام الماضي 2007م تساوي حوالي 20,5 مليار ريال !

تساؤلات نوجهها لراسمي السياسة الصحية والعلاجية في البلاد:

لاحظنا من تقرير الهيئة أن حجم الأدوية المستوردة مع المصنعة محلياً والتي طرحت في السوق في العام الماضي ازدادت بنسبة %115 عن حجمها في عام 2003م ، وهذا يعني أن حجم الاستيراد إزداد بمعدل %16.5 سنوياً خلال السنوات الخمس الماضية (2003 - 2007). إن هذا المؤشر يجعلنا نقف عنده بالضرورة لنتساءل :

(1) هل هذه الزيادة ناتجة عن استيراد أدوية حديثة ذات تركيبات كيميائية تم تطويرها في معامل شركات التصنيع العالمية ، أم أنها تكرار لما هو موجود أصلاً في السوق؟

(2) هل نوعية الأدوية المستوردة والمصنعة محلياً تتفق مع السياسة الدوائية التي تنتهجها وزارة الصحة في إطار سياساتها الصحية العامة أم لا ، بمعنى هل هذه الزيادة ذهبت لجهة الأدوية المذكورة في القائمة الوطنية للأدوية الأساسية أم لا؟

(3) هل هذه الزيادة تشكل انعكاساً إيجابياً على الواقع الصحي بسبب الحاجة لمحاربة زيادة انتشار بعض الأمراض في السنوات الأخيرة في البلاد من ناحية ، وكذا دقة تشخيص الأمراض من قبل الأطباء بسبب وصول أنواع جديدة من أجهزة التشخيص إلى السوق اليمني والتي كانت غير متوفرة في السابق من ناحية أخرى ، أم أنه يشكل انعكاساً سلبياً على الواقع الصحي ، بمعنى أن زيادة حجم الأدوية المستهلكة هي بسبب الوصف غير الرشيد للأدوية من قبل الأطباء إضافة إلى الاستهلاك غير العقلاني من قبل المواطنين للأدوية التي لا تحتاج إلى وصفات طبية ؟

[email protected]

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى