خنجر الأسمنت المغروس في قلب الأرض الزراعية مسؤولية من ؟؟ ..تدمير الأرض الزراعية .. تدمير للصحة العامة وغياب الاستراتيجية

> «الأيام» شكري حسين:

>
أغلب الظن .. وبعض الظن حلال .. أن عدداً كبيراً من المسؤولين في محافظة أبين (لايعلمون) قيمة الأرض الزراعية (ولايعون) أهميتها (ولا يدركون) مخاطر البناء عليها ولم يستوعبوا بعد معنى الحفاظ على تربتها .

أمام ذلك كان من الطبيعي أن تتوارى أصوات (الرفض) وتتلاشى معاني (الاحتجاج)، وتختفي حدة (الغضب) على المساحات الزراعية التي (طمست)، والأشجار التي (ذبحت)، والمروج الخضراء التي غيّبها (جنجر الأسمنت) المغروس في قلب الأرض الزراعية.

وأجزم يقيناً أن ما حصل وما قد سيحصل لاحقاً لم يكن اعتداء على الزراعة وحدها .. بل هو أيضاً اعتداء على الهواء الذي نستنشقه، والأرض التي نعشقها والخضرة التي نستأنس برؤيتها، والبيئة التي نأملها ونحلم بها انطلاقاً من كون تدميرها إنما هو تدمير للصحة العامة والإصحاح البيئي، وتهميش لحياة الإنسان الذي إذا ما عاش حياة مدمرة، فإن ذلك ينعكس على جل شؤونه.

غياب الاستراتيجة الواضحة:

عرفت أبين ومن قديم الزمان بأرضها الزراعية الخصبة وجودة تربتها ونقاء أجوائها وتعدد المحاصيل التي تزرع فيها والتي نالت على أثرها شهرة كبيرة ليس في اليمن وحده، بل والوطن العربي وحتى العالم، وذاع صيتها في أكثر من مكان، ولعل محصول القطن الذي اشتهرت بزراعته وتفوقت في إنتاجه قد مهد لها طريق النجاح لتكون من أكثر المحافظات اليمنية شهرة وأعلاها كعباً.

ولم يقتصر الأمر عند حد زراعة المحصول النقدي (القطن)، بل تعداه أيضاً إلى مزروعات لاتقل أهمية عنه، كما هو الحال بأشجار (الموز) ونبات (السمسم) الأكثر حظوة في السوق، ناهيك عن مختلف أنواع الخضار والفواكه (الباباي، المانجو، الزيتون، الطماطم، الباذنجان، الكوسة، البامية، البصل، ومختلف أنواع الحبوب)، ويكفي في كل صباح أن تدير (زر) مذياع إذاعة عدن لتعرف كم هي المنتوجات التي تصدرها المحافظة إلى الأسواق اليمنية .. وبالتالي فإن البناء على الأرض الزراعية معناه (غياب) روح المسؤولية وضبابية في التفكير، وعدم وجود مشروع أو خطة واضحة للتنمية، وكل الأشياء خاضعة للعشوائية.

ومؤلم جداً أن نتحدث عن ارتفاع أسعار الحبوب والفواكه، ولدينا ثروة (مطمورة) بالخيرات لم تستغل كما يجب، وبدلاً من ذلك انتصبت عليها أعمدة الحديد، وكتل الأسمنت في دلالة واضحة على أننا لانهتم بحاجة اسمها تخطيط ولانقيم وزناً للتنمية .

الاكتفاء المأمول:

وبالتأكيد فإن الشكوى أو إقامة سرادق العزاء على ضياع الأراضي الزراعية حالياً لايفيد، ويجب عدم التوقف عند فاجعته وإنما الحل يكمن في استغلال ما بقي منها لإنتاج المحاصيل الزراعية التي ستساعد على التخفيف من حدة ارتفاع الأسعار، وأيضاً تشغيل الأيدي العاملة وتحقيق ولو على المدى البعيد الاكتفاء الذاتي، كما هو حاصل في بعض البلدان، كسوريا على سبيل المثال لا الحصر .

وأتصور أن بلدنا بما تمتلكه من أراض زراعية قادرة متى ما استغلت بالشكل الصحيح أن تمنحنا الاكتفاء الذي ننشده، وتحقق لنا الفائض النقدي الذي نأمله .. ولايمكن تحقيق ذلك إلا من خلال العناية أولاً بالأرض الزراعية، وعدم التفريط بمساحاتها تحت يافطة (الإعمار)، ومن ثم إقامة الحواجز والسدود لضمان وصول المياه إليها.

هي أيضاً مرتكز مهم:

جميل جداً أن تتسع رقعة الإعمار وتكبر مساحات البناء وتزداد مواقع التخطيط الحضري، لكن ذلك لايكــون على حساب الأرض الزراعية واستقطاع مساحــات منها .. فهناك بدائل كثيرة بالإمكان الاتجــاه إليها بعيداً عن أماكن الزراعة، كما هــو الحال بالمساحات الشاسعة التي تربـــط بين محافظتي (عدن وأبين) الخالية تماماً من مظاهر الزراعة والخضرة، لوقوعها على الشريط الساحلي، وهي المنطقة (الأنسب) لأي توسع عمراني أو استثمارات متى ما أحسنت الدولة والسلطة المحلية في المحافظة تهيئتها وإعدادها بالشكل المأمول وتزويدها بما تحتاجه من مظاهر الحياة وتمكنها قبل ذلك مـــن إيقاف عجلة الفوضى والعشوائية التي تكتنف عملية البناء فيها.

ولا أتصور أن عاقلاً يؤيد فكرة البناء على الأرض الزراعية حتى وإن كانت (مجدبة) إذ لا يعني عدم الاهتمام بها وصعوبة وصول مياه الري إليها التفريط بها والعمران عليها انطلاقاً من كونها - أي الأرض الزراعية - مرتكزاً مهماً في اقتصاد البلد، ومنطلقاً أساسياً ينبغي التركيز عليه مثلها مثل البترول، وبفقدانها تفقد الدولة أحد (أوجه) الثروات المساعدة في دعم الاقتصاد والمعالجات المهمة والمعينة في التخفيف من حدة الفقر التي يتلظى بنارها ويكتوي بفحيح حرها الغالبية من أبناء الشعب .

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى