رجال في ذاكرة التاريخ

> «الأيام» نجيب محمد يابلي:

> 1- الفقيد عوض الحامد:سلطنة العوالق العليا ..ورد في كتاب «العوالق وتكوينهم السياسي الحديث - 1918/1967م- دراسة تاريخية سياسية» ص (245-246) للباحث خالد عبدالله طوحل : «قبائل هذه السلطنة مشهورة بشجاعتها، وببسالتها وشهامتها، وتعرف قبائل سلطنة العوالق العليا بـ«المحاجر» وعددها إحدى عشرة قبيلة رئيسة، بالإضافة إلى قبيلة الدولة، وبعض من الفئات الاجتماعية الأخرى، مثل السادة والمشايخ والفقهاء وفئات أخرى..».

يمضي طوحل في إفادته :«وكان العوالق يدينون بالطاعة لسلاطين بيوت الدولة الخمسة وهي: آل صالح بن عبدالله وآل ناصر بن عبدالله وآل أحمد بن عبدالله وآل سالم بن عبدالله وآل محمد بن عبدالله».

«ومن أهم مدن سلطنة العوالق العليا : نصاب وخورة والحنك وحطيب، وأهم القرى بها الصلبة وأمكدة والرباط والرحيبة..».

«ويسكن في سلطنة العوالق العليا القبائل والفئات الاجتماعية الأخرى وهي : قبيلة الدولة والسادة آل الحامد والمشايخ، وأهم ساكنيها الفاعلين المحاجر ولها فروع منها: ربيز والمرازيق وهمام وآل ديان وآل دغار والمكارمة وآلن غسيل وآل باثوبان وآل إسحاق وآل تعيط وآل باكلوه».

الميلاد والنشأة :

الفقيد عوض الحامد (الذي اعتاد على مناداة محدثه بـ«أخ العرب») من مواليد عام 1929م في قرية الحنك بنصاب حاضرة سلطنة العوالق العليا، ونشأ وترعرع فيها في مرابع عشيرته من آل المرازيق الأشاوس، وحصل على تعليمه الابتدائي في القرية، وتتلمذ على يد خاله عوض بن عبدالرحمن - رحمه الله - حيث حفظ القرآن وألم بمبادئ القراءة والكتابة والحساب، كما تلقى دروساً في الفقه واللغة وأهله ذلك على مساعدة خاله في تعليم صبيان القرية، ولتأمين مصدر عيش الأسرة عمل في فلاحة الأرض وتربية الإبل.

الحامد يشد الرحال إلى عدن:

كتب الباحث محمد مرشد عقابي أن الفقيد عوض الحامد أفاد في رسالة بعثها لأحد أصدقائه بأنه اقتنى في (الحنك) ثلاثة جمال، وكانت وسيلة النقل الرئيسية آنذاك، وكانت جماله من أفضل أنواع جمال النقل، وكان الحامد بحسب إفادته مولعاً بتربة الإبل وحريصاًَ على ارتسام الابتسامة على شفتيه، وكان باراً بأهله ومحيطه، وإنه كان في مظهره شبيهاً بالارستقراطي لاقتنانه الملابس المصبوغة، وقد اشتهرت نصاب بصناعة الصباغ، وانحصر الجمال في شيئين عند الحامد وهما إبله ووادي الحنك.

كان عوض الحامد في ربيعه الثالث عشر، وقد تجلت بشائر الشباب على جسمه ومحياه و تفكيره، ووقعت عيناه عل فتاة جميلة أردها زوجة المستقبل وخاب طنه عندما علم بأن ابن عمها قد سبقه، وحتى يحافظ (كما ورد في رسالته) على صورته بين أهله وناسه عزم على الرحيل إلى عدن، ليشق طريقه في مجتمع المدينة بكل ما فيها من تعقيدات، فغادر مع نفر من أقاربه.

الصف ضابط الحامد يغادر إلى السعودية:

التحق عوض الحامد بالخدمة العسكرية في عدن عام 1942م، وتدرج في الخدمة حتى وصل إلى رتبة صف ضابط عام 1952م، ومكث في الوطن بضعة أشهر، وشد الرحال إلى المملكة العربية السعودية عام 1954م سعياً ولاشك وراء تحسين مصدر دخله ومعيشته، ومكث في السعودية حتى عام 1958م، ويبدو أنه تأثر برياح ثورة 23 يوليو 1952م، فظهر حماسه للعمل الوطني والسياسي في فترة مبكرة، وسترد تفاصيل ذلك لاحقا.

الحامد يشد الرحال إلى تعز عبر القاهرة :

ورد في المادة المقدمة من الباحث محمد مرشد عقابي بأن ارتباطات عوض الحامد بحركة القوميين العرب بدأت في السعودية، وترسخت علاقته التنظيمية بالحركة بعد مغادرته السعودية إلى الجمهورية العربية المتحدة، وإقامته في القاهرة خلال الفترة 59/1960م، وغادرها بعد ذلك إلى تعز عام 1960م، حيث التحق بالمرتبة التنظيمية المؤسسة لفرع الحركة في أواخر عام 1960م.

عند قيام ثورة 26 سبتمتر 1962م شارك عوض الحامد ورفاقه في الحركة في معارك الدفاع عن الثورة وترسيخ النظام الجمهوري منذ اللحظات الأولى لقيامه.

الحامد مشاركاً في التحضير لقيام الجبهة القومية:

شارك عوض الحامد في الإعداد والتحضير لقيام الجبهة القومية لتحرير جنوب اليمن المحتل التي تبنت الكفاح المسلح ضد الوجود البريطاني، الذي انطلقت شرارته من جبال ردفان في 14 أكتوبر 1963م، وتولى عوض الحامد منصب مدير إعلام في كل من البيضاء وقعطبة، وكان في مقدمة المسيرة الجماهيرية لإسقاط إمارة الضالع ضمن إسقاط المناطق في النصف الثاني من عام 1967م بحسب إفادة المادة المقدمة من الباحث العقابي.

الحامد ومشاركات في مؤتمرات الجبهة القومية:

عقدت الجبهة القومية ستة مؤتمرات عامة علاوة على المؤتمر العام التوحيدي، حيث عقدت مؤتمرها الأول بتعز في يونيو 1965م، ومؤتمرها الثاني في جبلة في يونيو 1966م، والثالث في حمر في 29 نوفمبر حتى 3 ديسمبر 1966م، والرابع في زنجبار في مارس 1968م، والخامس في عدن في مارس 1972م، والسادس في عدن في مارس 1975م والمؤتمر التوحيدي في أكتوبر 1975م.

وأصبح التنظيم يعرف بـ«التنظيم السياسي الموحد الجبهة القومية»، الذي ضم الجبهة القومية إلى جانب حزب الطليعة الشعبية والاتحاد الشعبي الديمقراطي، وفي أكتوبر 1978م عقد المؤتمر الأول للحزب الاشتراكي اليمني.

ورد اسم عوض الحامد في قوائم المؤتمر العام الثالث والمؤتمر العام الرابع والمؤتمر العام السادس والمؤتمر التوحيدي، إلا أنه احتجب في المؤتمر الأول للحزب الاشتراكي، وكان الوضع التنظيمي والرسمي لعوض الحامد قد دخل العد التنازلي قبل ذلك التاريخ.

الحامد يبدأ نشاطه الرسمي محافظاً للحج.. وينتهي صياداً وبائع سمك:

دخل عوض الحامد دائرة الضوء محافظاً للحج خلال الفترة الممتدة من نهاية 1969م حتى عام 1974م، ولذلك فإن أهل لحج هم أكثر الناس احتكاكاً ومعرفة بعوض الحامد، أما على المستوى العام فقد عرفه الناس عامل إذكاء لمزاج المسيرات الفلاحية والصيادية، التي أخذت طابعاً عنيفاً نتيجة التربية والمفاهيم الخاطئة التي اعترض عليها السوفييت أنفسهم آنذاك ولايتسع المجال للاسترسال في هذه النقطة.

منذ انكافائه على نفسه استأنس عوض الحامد السير على الأقدام لمسافات طويلة، وبدأ هواية صيد السمك، وكان يسوقه بنفسه في سوق كريتر أو الشيخ عثمان، إلا أنه اهتدى إلى فكرة عملية عادت عليه بمردود أفضل، ذلك أنه اشترى ثلاجة متنقلة كانت تجوب مناطق الاصطياد لشراء السمك ويبيعها بنفسه في سوق الشيخ عثمان، وقد كان رحمه الله يستأنس لمدينة الشيخ عثمان كثيراً.

الحامد شاعر وصاحب خواطر:

كان عوض الحامد مجبولاً على قول الشعر، وكان منحازاً للفقراء، وكان متأثراً بالفكر الاشتراكي، إلا أنه كان متأثراً على مايبدو بالنهج الماوي (الصيني) المتشدد المؤمن بزحف الريف على المدينة ومن شعره:

من كوخ طلاب الحياة

كوخ الوجوه السمر شاحبة الجباه

يتصارع الضدان

لا المهزوم يفنى، لا وليس المنتصر ضامن بقاه

كما كان الحامد صاحب خواطر يفصح عنها للسامعين أو القراء، ومن خواطره التي قالها في مناسبات معينة :«30 يوم أفضل 30عام» و«30 من الفدائيين أفضل من 95 مليون» و«أسن من القات أجهزة المخابرات».

الحامد محتسب عند ربه:

في ثاني أيام عيد الفطر المبارك المصادف 9 فبراير 1997م انتقل عوض الحامد إلى جوار ربه عن عمر ناهز الثامنة والستين عاما مخلفا وراءه صفحات من العمل الوطني والسياسي، وسيقول فيها التاريخ حكمه، وخلف أسرة لم تلق الاهتمام الكافي من ولاة الأمر.

2- الفقيد عبدالله القراوي :

الميلاد والنشأة:

الفقيد عبدالله محمد عبده القراوي من مواليد المعلا (عدن) عام 1930م، تلقى دروسه في حفظ القرآن ومبادئ القراءة والكتابة في أحد الكتاتيب (معلامة) وفي العام 1944م وكان في ربيعه الرابع عشر التحق بشركة البس (A.BESS) بوظيفة مساعد نجار، وأصبح نجارا ثم مشرف نجارين (FOREMAN) ثم انتقل إلى شركة «بول رايس» PAUL RIES فرنسي الجنسية كالبس، واشتهر باستيراد المعدات الزراعية ووسائل النقل ومنها سيارات «أوبل» و«بيجوت»، ووجد قراوي استقراره في تلك الشركة، حيث امتدت خدمته منذ العام 1952م حتى عام 1967م.

وبعد تأميم الشركات الأجنبية، ومنها بول رايس التي آلت لشركة التجارة الداخلية الوطنية، واصل عبدالله القراوي خدماته معها بوظيفة كبير مشرفي النجارة، حتى تقاعده في بداية تسعينات القرن الماضي.

بداية المشوار مع النهاري وحسين باوزير وآخرين:

في لقاء جمعني في بيت أحمد يوسف النهاري (أبوعدنان) مع عبدالله القرواي ورفيق عوض وزكي أحمد قائد وسمير عفارة وحسين جاوي وشكيب الحبشي عصر الخميس 7 فبراير 2008م، قال لي عبدالله القراوي إنه نشط في خمسينات القرن الماضي مع أحمد يوسف النهاري ومحمد علي عوض وحسين باوزير وحسن أحمد العبسي ومحمود صادق وعلي أحمد اللحجي في تأسيس نادي شباب الجزيرة (نادي شمسان الرياضي) بالمعلا. أفادني القرواي بأن الموقع الحالي للنادي هو الرابع من حيث الترتيب، وكان مقر النادي بداية بجانب مبنى شرطة المعلا (حاليا مصنع الطلاء والأمشلن)، وكان عبارة عن كوخ وإلى جانبهم الميدان والساحل والعيادة الحكومية.

القراوي من لاعبي الرعيل الأول:

ظهرت في مدينة المعلا فرق رياضية مثل «مجد العرب» و«الوحيد» و«المجر»، إضافة إلى فريق «المستقبل» وكلها فرق درجة ثالثة، إلا أن فريق شباب الجزيرة تسيد الساحة الرياضية في المعلا وصعد درجات السلم وضمن استمراريته.

كان عبدالله قراوي من كوكبة الرعيل الأول من لاعبي نادي شباب الجزيرة، وهم : أحمد يوسف النهاري وعبدالله قراوي ومحمد ناصر اللافتي وعلي محمد صالح وأحمد محمود الوصابي ومحفوظ مسكينة وحسن أحمد الصبي وأحمد عبدالله يافعي (قيادي رابطي لاحقاً) وعوض عبدالكريم ومحمود صادق وسعيد حبيشي وأحمد عوض يافعي وعلي ميوني وحسن نور ربيح ومحمد صالح سوده وحسين عبدالرحمن عوض وناصر سالم عكة وأحمد خوباني وعمر عبد ربه وأمان سالم ومحمد عبدالله العجيل (أول من لعب بالحذاء).

قراوي الأطلس الذي فقدناه:

في لقاء الخميس 7 فبراير 2008م حدثني أحمد يوسف النهاري أنهم كانوا يتطوعون للعمل مع عبدالله قراوي الذي كان يتعهد بإنجاز مقاولات بسيطة في أعمال نجارة ويسخرون العائد لشراء شباك كرة قدم أوشباك صيد أوشراء كرات، لأن عبد الله قوراي كان فناناً في مهنته، هكذا عاش عبدالله قرواي عاشقاً لكرة القدم لاعباً ومتفرجاً وراعياً للنادي ولاعبيه في حدود إمكاناته وفي حدود عشقه للرياضة، ملتزماً لها بأنه لم يذق في حياته قاتاً ولا خمراً ولا تبغاً.

كان عبدالله قرواي أطلساً معلاوياً شاملاً لجغرافية وتاريخ المعلا، كان يعرف كل البشر وكل العائلات حتى أنه حدثني عن خالي الصياد عبدالله محمد الرياشي بأنه كان من أصدقائه وسألته عن فتوات المعلا فقال لي :من فتوات المعلا الذين تحضرني الآن أسماؤهم : علي سعيد زنقور وحافظ أحمد وشقيه جابر أحمد.

يحدثك عبدالله قرادي عن كل منشآت المعلا سواء الرياضية منها أوالاقتصادية أو الخدمية.. يحدثك عن حافة الريل (القطار).. ويحدثك عن مقهى طه الذي كان ملتقى لاعبي نادي شباب الجزيرة (الكائن في الشارع الخلفي شارع الصعيدي حالياً) رحم الله موتاهم وأعز أحياءهم.

قرواي محتسب عند ربه:

كنت قد قطعت عهداً للمغفور له بإذن الله عبدالله قرواي عصر الخميس 7 فبراير 2008م بأنني سأورده مع الكابتن رفيق عوض في حلقات رجال الذاكرة، إلا أن مشيئة الباري عز وجل فضت بانتقال عبده -عبدالله محمد عبده قراوي -إليه يوم الأربعاء الموافق 16 أبريل 2008م وليغفر الله لي تقصيري..الفقيد عبدالله محمد عبده القراوي متزوج وله ولد هو (محمد) من لاعبي فريق نادي شمسان الرياضي في مركز الدفاع، ولعبدالله القراوي أيضا (3) بنات وله ابن أخ، وهو محمد حسن قراوي من لاعبي نادي شمسان الرياضي في مركز الهجوم.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى