الحرمان.. الفقر.. البطالة.. المرض.. نقص الخدمات أبرز عناوين المعاناة القاسية التي يكتوي بنارها أهالي جيشان

> «الأيام» سالم لعور:

> مديرية جيشان إحدى المديريات النائية بمحافظة أبين، وتقع في الركن الشمالي الشرقي من محافظة أبين، وتبعد نحو 70 كيلو متر شمال شرق مدينة لودر عاصمة مديرية لودر محافظة أبين، يبلغ عدد سكان مديرية جيشان نحو 20000 نسمة حسب إحصائيات عام 2004، يشتغل معظمهم بالزراعة والرعي وتربية النحل.

يحد جيشان من ناحية الشرق مديرية نصاب محافظة شبوة، ومن الغرب مديرية «الصومعة» محافظة البيضاء، ومن الشمال مديرية مرخة محافظة شبوة، ومن الجنوب الأجزاء الشرقية من مديرية لودر محافظة أبين.

ولايزال أهالي مديرية جيشان يعيشون حياة معيشية بدائية، غاية في الصعوبة في القرن الحادي والعشرين، وغالبيتهم يرزحون تحت مستوى خط الفقر.. هذه المديرية النائية كانت ولاتزال ضحية إهمال السلطات على مختلف المراحل منذ قيام ثورة 14 أكتوبر ومرورا بقيام الوحدة اليمنية المباركة وحتى اليوم.. الحرمان.. الفقر.. المرض.. نقص الخدمات أبرز عناوين المعاناة القاسية التي يكتوي بنارها أهالي جيشان بعد أن طال انتظارهم، وهم يأملون أن تمتد إليهم يد دافئة بلمسة حنان من قبل السلطة لاستكمال طريق أو فتح مستوصف صحي أو حفر بئر يعيد الحياة إليهم بعد مشقة وعناء البحث عن شربة ماء من أحد مشاريع المياه التي إن وجدت إما أن تكون فاشلة في جدوى تقديم خدماتها للمواطنين، وإما أن تتعثر بسبب عدم الحصول على اعتمادات لها أو ترحيلها من عام إلى آخر... الطرقات عصب الحياة وجيشان إحدى المناطق النائية التي كتب على أهلها الحرمان من نعمة الطرقات.

و«الأيام» حرصا منها على تلمس هموم أبناء المناطق النائية وإبراز معاناتهم التقت عددا من مشايخ وأبناء مديرية جيشان تحدثوا عن معاناة مواطني مديرية جيشان من نقص الخدمات في مختلف جوانب الطرقات والمياه والصحة وغيرها من الجوانب الخدماتية الأخرى.

لأبناء جيشان مواقف مشرفة مع الوحدة وليسوا من مثيري التخريب والقلاقل

فلماذا تستكثرون عليهم تنفيذ طريق طال انتظاره يافخامة الرئيس؟

الشيخ/ عبدالله محمد جميل العلهي رئيس لجنة المتابعة لمشروع طريق نصاب - جيشان- الصومعة تحدث قائلا: «طريق نصاب - جيشان - الصومعة (البيضاء) تم مسحه ووضع الدراسات والتصاميم له عام 2002م، وتم توقيع العقد بين وزارة الأشغال والمقاول، وفجأة فشل المشروع مرة أخرى، اعتمد المشروع من قطر الشقيقة ولم ير النور، والمرة الثالثة اعتمد على الصين ولم ير النور، رغم إعلان ذلك عبر وسائل الإعلام، ورغم المتابعات مع وزارتي الأشغال والطرق والتخطيط والتعاون الدولي، والمرة الرابعة وعدونا باعتماده ضمن المشاريع الاستراتيجية الممنوحة من الدول المانحة بعد مؤتمر لندن، واتضح لنا خلال متابعتنا لجهات الاختصاص أنه لا وجود لاعتماد الطريق، رغم توجيهات القيادة السياسية ممثلة بالأخوين علي عبدالله صالح رئيس الجمهورية ورئيس مجلس الوزراء السابق.

نحن أبناء جيشان مشايخ وأعيان وأحزاب ومنظمات مجتمع مدني نناشد فخامة رئيس الجمهورية بإعطاء التوجيه للوزارات المعنية وجهات الاختصاص بتنفيذ المشروع بموجب الدراسات والتصاميم الموجودة لدى هذه الوزارات، لما لهذا الطريق من أهمية ليضاف هذا المشروع إلى إنجازاتكم، علما بأن لأبناء جيشان مواقف مشرفة مع الوحدة والوطن، وليسوا ممن يثيرون القلاقل والإشكاليات ضد المصالح العامة والأمن والاستقرار في البلاد من أجل مطالب شخصية أو فردية لاتخدم الصالح العام والمصلحة العامة».

أهالي جيشان يعتمدون على الجمال والحمير في نقل المرضى وما يحتاجونه من المواد الغدائية

الشيخ/ عوض محمد امتييس تحدث قائلاً:«مديرية جيشان تعيش في عزلة تامة عن سائر المناطق اليمنية، وما زال الأهالي حتى اليوم يعتمدون على الجمال والحمير في نقل مرضاهم والمواد الغذائية وغيرها من احتياجاتهم بسبب الطرقات.. المرضى يموتون في الطريق قبل وصولهم إلى أقرب مستشفى في لودر أو مودية أو شبوة أو البيضاء.. جيشان بحاجة إلى طرق إسفلتية للخروج من هذه العزلة والمعاناة الدائمة.. الطريق شريان الحياة، سئم أبناء جيشان من كثرة وعود السلطة بتنفيذ طريق نصاب - جيشان - الصومعة، وكلها وعود سراب في سراب، واتضح لنا الآن أنها مجرد دعاية انتخابية للفوز بالكراسي والضحك على ذقون أهالي جيشان.. نطالب الجهات المختصة باعتماد هذا الطريق الحيوي الاستراتيجي الذي سيربط جيشان بثلاث محافظات، ونتساءل هل هذا جزاء أبناء مديرية جيشان الذين ساهموا في تحقيق الوحدة والدفاع عنها؟! وإذا أردتم أن نحصل على حقوقنا بقطع الطرق أو الاختطافات أو التخريب فلن نفعل ذلك، ولن نقول إلا ما ورد في الآية الكريمة: «وبشر الصابرين الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون» صدق الله العظيم».

أهالي جيشان (في الجيب) ومشاريع الطرقات (في المشمش):

وتحدث أخيرا الأخ (محمد علي دبوه رئيس اتحاد القوى الشعبية محافظة أبين قائلا:«يعاني أهالي مديرية جيشان من نقص في جميع جوانب الخدمات من طرقات وكهرباء ومياه وصحة وتعليم، ولا أبالغ إذا قلت أن أبناء جيشان من أكثر مواطني اليمن معاناة في نقص الخدمات والمستوى المعيشي، إذ أن غالبيتهم يعيشون تحت خط الفقر، فغالبيتهم يعتمدون على الزراعة ورعي الأغنام، وقد أثرت عليهم عوامل شحة المياه ووعورة الطرق وتتابع مياه الفيضانات والسيول الجارفة التي جرفت أراضيهم ولم يستفد منها لعدم وجود سدود وحواجز مائية.. هذه العوامل يضاف إليها وعود السلطة بتوفير الخدمات وعمل دفاعات ومصدات لحماية الأراضي الزراعية كلها أثقلت كاهل أبناء جيشان، وهكذا نرى قيمة كيس الدقيق 10000 ريال وكيس الذرة أو الدخن بـ 10000 ريال و(الدبة) البترول سعة 20 ليتر بـ 1800 ريال ودبة البوتاجاز المنزلي بـ1200 ريال هذه نماذج للمعاناة ليس إلا.

هذه المعاناة سببها عدم وجود طريق يربط المديرية جيشان بعاصمة محافظة أبين أو محافظتي شبوة والبيضاء المجاورتين، والسلطة بالمحافظة أبين لم تولي جيشان أي أهمية كبقية مديريات المحافظة، حيث يتم تهميش مديرية جيشان، كونها كما يقال (في الجيب)، ودائما ما ينتخب أهلها مرشحي الحزب الحاكم (المؤتمر الشعبي العام) الذين يفوزون بغالبية المقاعد، وهذه هي المكافأة.. السلطة وعدت بتنفيذ طريق مودية - طلح- جيشان، ولم ينفذ، وطريق الري - ضراء - جيشان ولم ينفذ، وطريق الحلحل- دمان - جيشان ولم ينفذ، وأخيرا طريق البيضاء- جيشان - نصاب ولم ينفذ، رغم أن الدراسات والتصاميم قد أجريت له كاملة عام 2005م وتم اعتماد التحويل من دولة قطر، ثم حول إلى البنك الدولي والدول المانحة، ولكن كلها وعود في وعود».

ويتابع الأخ محمد علي دبوه حديثه: «طريق البيضاء- حيشان- شبوة أحد المشاريع الحيوية الاستراتيجية، لأنه سيربط محافظات البيضاء وأبين وشبوة بالطريق الدولي عدن - حضرموت - المهرة، حيث سيستوعب حركة المرور الحالية والمستقبلية، كون مساره سيقرب المسافة ويختصر الوقت والجهد، كما يسهم في خفض الحوادث المرورية وسيمتص الازدحام المروري في عدد من الخطوط الرئيسية، وسيرفد الاقتصاد الوطني بشكل كبير ودائم مثل نقل النفط الخام والغاز، والجدوى الاقتصادية للطريق ستسهم في انخفاض تكاليف تشغيل المركبات والناقلات، وسيقلل من حجم الخسائر الناتجة عن الحوادث المرورية، والتكلفة التقديرية لمشروع هذا الطريق الحيوي الاستراتيجي 42000000 دولار أمريكي».

إذا شعر المريض بحمى في جيشان يسعف إلى لودر(70 كيلو متر) لإجراء الفحوصات:

ويواصل الأخ محمد دبوه رئيس اتحاد القوى الشعبية محافظة أبين حديثه عن معاناة أهالي جيشان بالقول: «تعاني مديرية جيشان من انتشار البطالة، حيث أن الوظائف التي تمنح لمديرية جيشان لم تستوعب مخرجات التعليم بالشكل السليم المطلوب.. وفي جانب التعليم هنالك نقص حاد في المعلمين ذوي التخصصات العلمية ولايزال بعض التلاميذ يدرسون تحت الأشجار بسبب عدم وجود المدارس ونقص المعلمين ذوي التخصصات، يرجع إلى أن معظم المعلمين في مديرية جيشان هم من خريجي معاهد المعلمين والمعلمات ويدرسون في الصفوف 1-4.

وفي الجانب الصحي لايزال أبناء جيشان يعانون من عدم وجود مستشفى أو أطباء اختصاصيين، حيث لا توجد إلا وحدة صحية بعاصمة المديرية وبإمكانيات بسيطة، وعدم وجود مختبر فيها، فإذا شعر المريض بحمى يتم إسعافه إلى أقرب مستشفى في لودر أو البيضاء على بعد 70كم - في الحد الأدنى - من أجل الفحوصات، كما أن مديرية جيشان تحتاج إلى طبيبات نساء وولادة.

وتحتاج مديرية جيشان إلى بناء عدد من السدود والحواجز المائية، حيث لا يوجد بالمديرية سدود أو حواجز مائية أيضا، رغم أنها مديرية تشتهر بزراعة البن والخضروات والفواكة.. والسطور هذه لاتكفي بذكر معاناة أبناء جيشان، كونهم يعانون في كل المجالات، ونطالب الأخ محافظ أبين بإيلاء مديرية جيشان الرعاية والاهتمام أسوة بالرعاية والاهتمام التي يتم إيلاءها لبقية مديريات المحافظة (أبين)».

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى