غلب الطبع التطبع

> «الأيام» أحمد مقبل الحنش:

> لقد اتهم وليم شكسبير- رائد الشعر الإنجليزي- أنه رجل انتهازي، وأنه لم يؤسس مسرحه إلا لجني ما في جيوب الناس، فلم يأخذ عليه انتهاز الفرص، والذي يعني الطموح المشروع، وإنما أخذ استغلال الناس لمصلحته الشخصيه فقط، لكن في عصرنا الحاضر تطورت الانتهازية ودخلت في كل شي في حياتنا، فقد نرى رجلا مستقيما وتبدو عليه علامات الخير والصلاح، ولكن إذا تفحصته وجدته فارغا لا يساوي جناح بعوضة، فهو يرسم لنفسه شخصية تتوافق مع أهدافه الرخيصة، ويحاول إظهار نفسه بأنه دمث الأخلاق، شعبي ومحبوب، وتراه يتدخل في كل شيء، ويوجه في كل شيء يخصه أو لا يخصه، ولكنه في حقيقة الأمر شخص أناني متطفل ومتسول من الآخرين، ومستهتر بحقوقهم، فهو مريض يصنع لنفسه شخصية حسب هواه، مصور لنفسه الكمال، وكأنه قد أوتي جوامع الكلم ومكارم الأخلاق، يمدح نفسه، وينظر إليه بمظهر ملائكي فريد، ويحسب نفسه بمثابة لقمان الحكيم، ممسكا بقوائم الإصلاح، على عكس من ذلك فهو إنسان نفعي يستجدي ضعاف النفوس، مفرط بأي شيء مقابل تحقيق أهدافه ومنافعه التافهة، يحب الظهور بصورة مغايرة لحقيقته، مستغل طيبة الآخرين، مرتدي لباس الزهد والتقوى، فهو يتفق مع المنافق بإضمار مصلحته الذاتية القريبة من ترقيه أو نفعه المادي.

وقد صنف الله- سبحانه وتعالى- الناس إلى صنفين: الذين يبتغون الدار الآخرة وهم المؤمنون وصنف لا نصيب لهم في الآخرة وهم أهل الدنيا من الكفار والمنافقين.

وعلى هذا الأساس يدخل الانتهازي ضمن الصنف الثاني، كونه يلهث وراء الدنيا ويستغل الفرص أبشع استغلال، ويتدخل في أعراض الناس وحقوقهم، وكيل التهم دون تثبيت أو دافع رغبة في شيوع الفساد وإظهار شخصيته، لأنه لا يحب الخير لمن يعايش أو يعاشر، لذا يجب التحذير منه لأنه أصبح عقبة أمام مسيرة الأمة في طريق رقيها وتعاليها نتيجه هذه النفس المريضة المليئة بالحقد والغدر والخداع والمصلحة، فهو صورة للجبن والفزع، ساعة الاختبار والشدة وسلاطه اللسان عند الرخاء.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى