إشاعة ثقافة التسامح وعدم ملاءمتها مع النظام الاحادي بين الارياني وياسين

> «الأيام» عن «نيوزيمن» :

>
من اليمين د.عبدالكريم الارياني و د. ياسين نعمان
من اليمين د.عبدالكريم الارياني و د. ياسين نعمان
أكد الدكتور عبد الكريم الإريانى رئيس منتدى (جسور الثقافات) أن اليمن أحوج ما تكون إلى نشر وإشاعة ثقافة التسامح والقبول بالآخر ونبذ نعرات الفرقة والاختلافات، ودعوات التضييق على الناس والمجتمع من منطلق أحادى و إقصائي على كافة المستويات السياسية والثقافية.

وأشار الإريانى لدى حضوره ندوة (ثقافة التسامح الديني والسياسي في اليمن) التي ينظمها منتدى (جسور الثقافات) في فندق تاج سبأ في صنعاء على مدى يومين إلى أن اليمن كانت عبر العصور المختلفة حاضنة للعديد من المذاهب والآراء، كما كانت موطنا لديانتين سماويتين منذ ما يزيد على ألف وأربعمائة عام.

واستشهد على قدم انتشار ثقافة التسامح في الحضارة الإسلامية بكلام للمؤرخة الأسبانية د.ماريا روسا مينوكال التي تقول في كتاب لها: «إن أهم ما ميز عصور الإسلام في الأندلس هو ذلك التسامح الذي لم تعرفه أوروبا من قبل، وذلك التسامح هو الذي أسس ثقافة أوروبية أخرجتها من ظلمات العصور الوسطى».

وفى الندوة التي تقام بالتزامن مع احتفال بلادنا بالذكرى الثامنة عشرة للوحدة المباركة قدمت العديد من أوراق العمل المتعلقة بمفهوم التسامح الديني والسياسي في اليمن.

أمين عام الحزب الاشتراكي اليمنى الدكتور ياسين سعيد نعمان أوضح في ورقة بعنوان (كيف نؤسس لثقافة تسامح عميقة بين الشعوب) أن «النظام السياسي والحقوقي الديمقراطي الذي يقوم على احترم إرادة الإنسان وخياراته السياسية والفكرية هو الأكثر ملائمة الثقافة التسامح من النظام الأحادي ذي الميول الاستعبادية، مشيرا إلى أن الأنظمة التي مارست الاستعباد سواء كان ذلك بغطاء أيدلوجي أو ديني أو طائفي أفضت إلى تهميش قطاعات واسعة من مجتمعاتها، وألحقت بها الأذى المادي والمعنوي، الأمر الذي أدى إلى إنتاج ثقافات مقاومة لهذا الاستعباد».

وأشار نعمان في ورقته إلى أن أهم التحديات التي تواجه المجتمعات العربية في نشر ثقافة التسامح وهي تتطلع إلى حوارات ثقافية ناضجة من المجتمعات والثقافات الأخرى «تتمثل في انغلاق الأنظمة السياسية على عصبيات اجتماعية، الأمر الذي أضعف قيام الدولة المدنية ذات الحقوق الواضحة الناشئة لشروط المواطنة المتساوية، كما أرجع نعمان أسباب عدم انتشار ثقافة التسامح أيضا إلى لجوء نخب الحكم في كثير من الحالات إلى مخاتلة الفكر المتطرف وتوظيفه ضد الخصوم السياسيين، مما خلق أمامه بيئة صالحة للنمو والتكاثر وبقوة في المجتمع، إضافة إلى غياب الإرادة بشأن بلورة ثقافة وطنية تسامحية، مستندة إلى إصلاحات سياسية وفكرية واجتماعية عميقة، بما في ذلك إصلاح اقتصادي يحقق العدالة الاجتماعية ويعالج اتساع رقعة الفقر وتزايد مساحة الفجوة الكبيرة بين الغنى الفاحش والفقر المدقع».

وأضاف نعمان: «إن مقاومة الاستبداد ليست بالضرورة ثقافة وأدوات صدامية، بل يمكن لثقافة التسامح أن توعي الجماهير بروح المقاومة السلمية لإنتاج شروط التغيير بالاندماج الوطني الذي سيمهد طريق بناء الدولة المدنية وتحقيق المواطنة المتساوية لكل أبناء الوطن».

ولفت نعمان إلى أن «الجذر الثقافي الإسلامي للمجتمعات العربية يهيئ شرطا أساسيا لثقافة التسامح التي تسعى إليها»، مستدلا بعدد من الآيات القرآنية التي تشير إلى التسامح والتفاهم والتعايش بين الشعوب والثقافات.وأشار إلى أن «تلك المفاهيم جسدها اليمنيون الذين نشروا الإسلام في شرق آسيا وأجزاء من أفريقيا، وجسدته أيضا بعض المجتمعات والمدن العربية التي تعايش فيها الأجناس والأعراق والثقافات»، مستشهدا بمدينة عدن التي جسدت تجربة رائدة في إنتاج ثقافة التسامح والتقارب بين المذاهب والديانات.

وشدد نعمان في ختام ورقته على «ضرورة تعميم ثقافة التسامح بين الأمم، والتي تبدأ من التداخل أولا».

من جانبه دعا القاضي حمود الهتار وزير الأوقاف في ورقته التي قدمها خلال الندوة إلى «إعادة النظر في بعض الأحكام الشرعية المتعلقة بتقسيم الديار إلى دار سلام ودار عهد ودار حرب، خصوصا في ظل التغيرات التي طرأت على العالم منذ إجراء ذلك التقسيم الفقهي».

وفيما أكد د.فضل أبو غانم أن «أهم معوقات التسامح الديني السياسي يعود إلى توغل ثقافة التطرف الفكري القائم في البلدان العربية والإسلامية»، فقد انتقد الباحث عبد العزيز الكميم «إغفال الحديث في جسد التسامح خصوصا بعد حرب 67، والذي حينها لم يكن الإسلام قد انتشر في دول الغرب»، مشيرا إلى أن اليمن كانت ولاتزال موطنا للتعايش بين المذاهب والأديان، موضحا أن «أهم مميزات التنوع المذهبي في اليمن هو فتح باب الاجتهاد على مصراعيه، مستدلا بعدد من الرموز المجتهدة أمثال الشوكاني والصنعاني والمقبلي وغيرهم ممن كان لهم الفضل في نشر آراء المذهب الزيدي خارج اليمن».

فيما جاءت ورقة الأستاذ المؤرخ أيمن فؤاد السيد بعنوان (التعايش المذهبي في اليمن) حيث استعرض خلالها المراحل التاريخية التي مرت بها اليمن وطبيعة انتشار مفهوم التسامح الذي رافق تاريخ اليمن خلال تلك المراحل والفترات.

وفي ندوة التسامح التي حضرها العديد من الباحثين والمهتمين أبدى عدد من المشاركين ملاحظاتهم ومداخلاتهم حول الندوة وموضوعها، حيث أشار اللواء الركن يحيى محمد عبدالله صالح إلى «غياب التسامح في هذه الندوة التي لم يحضرها مـن لايؤمنون بثقافة التسامح».

وأكد أن «دستور الجمهورية اليمنية، المتضمن لليمين الدستورية التي تشترط الالتزام بكتاب الله وسنة رسوله، يضيف نشر ثقافة التسامح التي تقتضي إشراك بقية المذاهب والديانات في الحكم».

ووصف فكرة إنشاء هيئة للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بـ «الرجعية التي تحول دون سيادة فكرة التسامح الديني وانتشارها».

الجدير بالذكر أن ندوة التسامح الديني والسياسي في اليمن ستواصل أعمالها اليوم، حيث ستقدم عدد من أوراق العمل، والمداخلات والنقاشات التي سيثيرها المشاركون.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى