المصور الألماني أندرياس روست لـ «الأيام»:أعمالي بحثت عن لحظات تحكي بنفسها عن الواقع معبرة عن الناس وعلاقتهم بالآخرين

> «الأيام» عبدالقادر باراس:

>
(المدينة كلها) هو عنوان لمعرض صور لفنانين ألمان، نظمه معهد العلاقات الثقافية الخارجية بألمانيا (إيفا) في إطار التعاون الثقافي بين اليمن وألمانيا خلال الفترة من 25 مايو - 15 يونيو القادم، تضمن المعرض 69 صورة فوتوغرافية فنية التقطتها عدسات (6) من كبار المصورين الألمان، جميع أعمالهم عكست طبيعة الحياة اليومية المعاصرة في برلين، عرضوها بأساليبهم التعبيرية المختلفة.

«الأيام» كانت حاضرة في المعرض، والتقت المصور الألماني أندرياس روست خلال المعرض، وأجرت معه حوارا فنيا ضافيا عن بدايات تجربته التصويرية، وقد قام مشكورا بالترجمة طبيب الأسنان د.محمد زكي.

> حدثنا عن بداياتك في مجال التصوير، ما هي أول صورة قمت بالتقاطها؟

- كنت أتطلع لأن أدرس التصوير السينمائي، لكن توجهاتي وانتمائي السياسي منعاني من ذلك، قبل أن أدرس عملت في مجال تصوير (الزيجات)، أي تصوير الأعراس والتصوير الفوتوغرافي (الشخصي) كان العمل مكثفا ومتعبا ومملا، بعدها عملت في مصنع الفولاذ، حينها شعرت بارتياح لاختلاطي مع الآخرين، عكس مجال التصوير.. أثناء عملي في المصنع كنت أجد حالات ووضعيات تستدعيني التقاطها في حينها على الرغم أن التصوير في ذلك الوقت من الممنوعات.

أما عن دراستي فقد ساندني أحد المصورين المشهورين عندما رأى أعمالي التصويرية، تواصلت معه ومنحني فرصة لمواصلة الدراسة، كان ذلك في 1987 - 1993 في معهد متخصص للتصوير يعرف بـ (المدرسة العليا للجرافيك وفن الكتب) بمدينة لايبزج، ونتيجة لانخراطي في حركة الحريات توقفت عن العمل والدراسة، وبعد أن تغيرت الأوضاع السياسية وإطلاق الحريات توسع مجالي للأفضل، بينما في السابق لم أستطع التنقل.

أما أول صورة التقتطها فلا أذكر بالضبط، وإنما بدايات استخدامي للكاميرا كان في الثامنة من عمري وكانت الكاميرا خاصة بوالدي.

> قيل عن أعمالك الفوتوغرافية أنها ليست صور تحقيقات أو توثيق بالمعنى التقليدي، لكنها تتموضع بين حدود التقسيمات ولاتتواجد دون انكسار في حدود الموضوع الفني.. هل لك أن توضح لنا هذه الرؤية؟

- صوري تعبر عن نفسي وعن الحياة التي أعيشها بين الناس، فهي تناقش بيئتي، على سبيل المثال المصورون التابعون لوكالة (ماجنوم)، وهي هيئة مشتركة لمصوري العالم كانوا يقومون بتوظيف نقل صور أخبار الحروب والمجاعات بطريقتهم، بينما أنا لي طريقتي الخاصة، ومخيلتي وظفتها لنقل الحياة العادية في برلين، هذه الطريقة ساعدتني في أن أتعامل مع البسطاء، وأعطتني تسهيلا في إبراز تفاصيل الحياة وإيصالها إلى المتفرجين.

> وجد البعض في أعمالك أنها كئيبة ومجسدة لحالات اجتماعية.. ما تعليقك على ذلك؟

- من وجهة نظري أعتبرها طبيعية، لأنها تمس حياتنا وحياة غيرنا وتتماشى مع واقعنا، مثلا الحياة في ألمانيا تختلف عن اليمن، لأن هناك تباينا نسبيا في فهمنا للفقر، فالفقر في ألمانيا ليس كما هو في اليمن، المواطن الألماني الذي لايستطيع شراء سيارة يعتبر فقيرا، بينما في اليمن الفقير هو الذي لايجد قوته اليومي، فالفقر ظاهرة إنسانية اجتماعية.

> رأينا أن معظم أعمالك التصويرية بالأسود والأبيض.. هل لك أن توضح الغاية أو الهدف منها؟

- أثناء الحكم الاشتراكي في ألمانيا الشرقية لم تكن المواد التحميضية الكيماوية متوفرة بشكل كبير لأجعل أفلام صوري ملونة، ولهذا تماشيت مع اللونين الأبيض والأسود، ولم يكن في الحسبان أن يأتي يوم وأغير من طريقتي هذه، فبقيت على نمطي السابق.

> هل يمكنك أن تزودنا بلمحة مبسطة لأعمال معرضكم المسمى (المدينة كلها)؟

- (المدينة كلها) فكرة أوروبية موحدة أتت بعد أحداث 11 سبتمبر 2001، فدول الاتحاد الأوروبي ارتأت أن هناك خطأ كبيرا قد وقع في المجتمعات الإسلامية، وأفرز نوعا من الخلط وسوء الفهم، لهذا قامت أوروبا بعمل برنامج للربط والتواصل بين الحضارات بهدف إيجاد حوار ثقافي مشترك، فالمعرض كما شاهده الآخرون يمثل واقع الحياة في مدينة برلين، عرضت أنا ومن معي من المصورين بعدساتنا للمدينة وللحياة البشرية والثقافية بأساليب تعبيرية عن واقع الحياة في برلين، فأعمالي بحثت عن لحظات تحكي فيها الواقع بنفسها، ومعبرة عن الناس، وعلاقة أحدهم بالآخر، وجسدت الإغراءات والسخريات والانفعالات المعلنة والمخفية، فقصصي التي رغبت أن أرويها متأصلة أساسا في رأسي.

> متى يحين الإمساك باللحظة البصرية أثناء التصوير؟

لاتوجد لحظة إمساك، وإنما تتولد لدينا قراءة مسبقة، ففي بعض الأحيان نعتقد أن الصورة المراد تصويرها ستكون جيدة بينما نجدها سيئة، والعكس يأتينا، ولهذا يعتمد على المشاعر والأحاسيس عند التقاطنا للصور، وأي شيء يجذبني أقوم بتصويره، لأنه يحمل معاني عدة في داخلي، فالمصور وظـيفته نقل واقع الشـارع أكان سـيئا أم خيّرا.

> كيف وجدت مستوى وتجاوب المشاركين في ورشة العمل التي أقمتها؟

ورشة العمل رغم قصر مدتها إلا أنني وجدت حماسا وتجاوبا جيدا من قبل المشاركين، ولاحظت أن معظمهم لديهم أفكار جيدة ومعبرة، ستفيدهم في المستقبل، وهم بحاجة ماسة إلى الاحتكاك، وهذا لايمنع وجود بعض العثرات هنا وهناك.

> انطباعاتك عن اليمن، وتحديدا عدن، برؤية عدستك؟

يؤسفني بأني لم ألتقط صورا لضيق الوقت، لأني كنت مصابا بوعكة صحية منعتني من الخروج والمشاهدة، لكن الشيء الذي أحب أن أقوله هو عندما قمت بزيارة لعدد من الدول العربية كنت معتقدا أنني مكتفيا برؤيتها، لكنني عندما زرت اليمن ذُهلت بما شاهدته في صنعاء القديمة، وأنا أتجول في أحيائها شعرت كأنني في ذاك الزمان من التاريخ.. أما عدن فسحرتني بجمال بحرها، لهذا أفكر أن أزورها، ولكن مع أسرتي لأقضي فيها أحلى الأوقات.

السيرة الذاتية

أندرياس روست ( 42 ) عاما، المولود في منطقة (فايمار) الألمانية، درس التصوير الفوتوغرافي في (المدرسة العليا للجرافيك وفن الكتب في لايبزج)، له العديد من المعارض والمشاركات الخارجية، تحصل على جوائز منها جائزة (جيرا) من مؤسسة صناديق الثقافة ببرلين 1994، وجائزة (آنا بيرمان) للتصوير الألماني المعاصر 1995، حاليا يعيش ويعمل في برلين.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى