إنما للصمت حدود !!

> «الأيام» عصام علي محمد:

> أما آن الأوان لهذا الصمت المطبق أن يتحرك ولهذه السحب الضبابية التي لبدت - ومازالت- سماء الفن خاصة والثقافة عامة أن تنقشع وينجلي سوادها.

كثيرا ما يتسرب إزعاج هذا الوضع الراكد في نفوس وعقول كل المنتسبين المنتشين فخراً وولاءً بالثقافة وفن الثقافة عاكساً صورة قاتمة مفادها (أسألك الرحيل) ونسيان الطرب وأهله.

هذا الانزعاج ينطلق أصلاً من ملامسة الواقع المتقوقع الذي يرزح فيه متضجراً الوضع الثقافي العام برمته .

هذا الوضع يفقد معه من كانوا يمتلكون حق امتياز التحدث فيه وبما تختزن عقولهم استحقوا الوقوف في المقدمة، هؤلاء وغيرهم من المحبين وهم قلة قليلة باقية على سابق عهدها الأول أيام كان للفن والطرب (شلة وحطة) جميعاً لا يملكون حتى ما تيسر من بصيص التفاؤل أو بارقة أمل تلوح في آفاق سماء الإبداع الرحبة .

والأدهى من ذلك عمليات الإقصاء التي تتعرض لها مواهب الأجيال التي تغلق دونها الأبواب، والعجيب أن محاولات الإقصاء هذه تبدو قاسية عندما تمارس داخل مكاتب الثقافة التي يجدر بها القيام بدور الحاضن والناصح .

لقد تحولت مكاتب الثقافة دون استثناء إلى إقطاعيات خاصة ينهي ويقطع فيه المدير على كيفه دون أن يجد من يقول له (ثلث الثلاثة كم)، بل أن الأمر قد تعدى كل حواجز المحذور وظيفياً والممنوع مهنياً في تذكر وتقديس الخاص وتجاهل العام معطلين كل بادرة أمل نحو عمل منسجم متناغم يرفع شأن الفن وأهله الذين ضاقت عليهم الأرض بما رحبت، فمنهم من تعطلت عنده آلة الإبداع، ومنهم من تحول إلى مزارع، وقلة قليلة تركوا ليس ساحة الإبداع فحسب، بل أنهم تركوا أرض الوطن وفضلوا الهجرة على العيش وسط الفن والإبداع اللذين (لا يؤكلان عيش) في ظل عقول قادت الفن والإبداع إلى هاوية المأساة، ومن كذب هذا القول فعليه أن يفتح عينيه وينظر بهما حال من يعرف أو من لا يعرف من الفنانين الموهوبين ما هو حالهم ويتعجب كيف أضحى هذا مصيرهم!

هذا يئن على فراش المرض وذاك يصرخ من طعنات الجراح وهؤلاء مهضومون بين الناس لا لشيء سوى أنهم أحبوا وأخلصوا الحب لهذا الفن وتناسوا جمع مصائب الدنيا على اعتبار أن الناس و(...) إذا رأتهم كشرت أنيابها.

ولأن الرجل ابن لحظته، فالناس لا تثمن قنطير إبداع السنوات للفنانين والملحنين الكبار في تراثنا الفني حتى بقطمير إحسان بعد أن ترسم السنوات ظلالاتها على وجوه المبدعين من الفنانين والموسيقيين .

علي سيود اشتكى من فوق السرير الأبيض.. وبشير ناصر، الله عالم بحاله هذه الأيام.. سعودي أحمد صالح، قد أضنته ساعات الانتظار تحت لهيب شمس الظهيرة ومن قبلهم يأتي المبدع المناضل الأستاذ محمد علي ميسري، الذي انقطع به السبيل بعد تعطل وظائف بعض أعضاء جسمه، لكنه لايزال صابراً يعاند ويتحدى صنوف ووقعات وجلد المرض.. نعم هي أمثلة متحركة من صور الخذلان ونكران صنيع هؤلاء الرجال الذين أماتهم الصمت وغض الطرف عنهم وعن عطاءاتهم التي توازي (جبال).. فلا عجب إذا طمس تاريخ وفن وإبداع من سكبوا عصارة سنوات اكتشفوا الآن أنهم قد حرثوا في أرض يبدو أنها أرض بور.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى