قراءة في كتاب:اعتراضات ابن هشام على معربي القرآن - دراسة نقدية للدكتورة إيمان حسين السيد

> «الأيام» علي محمد يحيى:

> أهداني أحد الأساتذة الأفاضل من دولة الإمارات العربية المتحدة في دبي قبل عام وبضعة أشهر كتابا قيما صدر عن دار البحوث والدراسات الإسلامية وإحياء التراث، وهو الإصدار السادس من إصدارات سلسلة الدراسات العربية في طبعته الأولى بعنوان (اعتراضات ابن هشام على معربي القرآن) لمؤلفته الدكتوره إيمان حسين السيد، وهي أطروحتها التي نالت عليها درجة الدكتوراه التي اعتمدت فيها على الدراسة والنقد.

إذ يلقي الكتاب الضوء على دور أبي محمد عبدالله جمال الدين بن يوسف بن أحمد بن عبدالله بن هشام الأنصاري المصري المكنى (بابن هشام) في إعراب القرآن الكريم، حيث شده تبصره بموقع الكلمة في السياق وإبراز عمق الجانب النقدي لديه ودقة منهجة فيه من خلال عرض صور كثيرة من اعتراضاته على من تقدمه من المعربين. تلك الاعتراضات التي صاحبها بتعليلاته ومناقشاته النقدية وحججه العلمية وتوجيهاته وترجيحاته وما إلى ذلك من مباحث مهمة.

ومما لاشك فيه أن ما سطره ابن هشام فيما خلفه لنا من كنوز وثروات ليست بالقليلة القدرة كما وكيفا. فلقد كان رحمه الله واسعا وعطاؤه وفيرا.. ساعده في ذلك ما تعلمه على يد شيوخ أفاضل أجلاء اشتهروا بالعلم والفضل كتاج الدين الفاكهاني النحوي وابن جماعة الحمومي الشافعي وبدر الدين أبو عبدالله وشهاب الدين أبو الفرج المعروف بابن المرحَّل، وأبي حيان النحوي وغيرهم.. فأخذ عنهم مختلف العلوم حتى امتلأ معينه، ثم فاض بالعلم الغزير فكان ما أخرج لنا خلاصة الخلاصة، حملتها كتبه القيمة التي وصلت إلينا.

وتقول د.إيمان السيد مؤلفة الكتاب إن أسبابا أربعة دفعتها لاختيار موضوع البحث في كتابها هذا (اعتراضات ابن هشام على معربي القرآن)، أولها هو ميلها للدراسات النحوية التي تتعلق بالقرآن الكريم، وثانيها أن فكرة موضوع هذا البحث جاءت موافقة لنشأة علم النحو، فمن المعروف بمكان أن نشأة علم النحو كانت مرتبطة ارتباطا وثيقا بفكرة ضبط النص القرآني شكلا وأداءً، وثالث الأسباب كما تقول الباحثة أن من يطالع كتب ابن هشام يجد عددا كبيرا جدا من الآيات القرآنية التي وردت في المسائل النحوية المختلفة قد اعترض فيها ابن هشام على من أعربوا بعض كلمات هذه الآيات. إذ إن تلك الكثرة من الاعترافات قد ألحت على ذهنها ودعتها تزعم أن تلك ظاهرة نحوية صالحة للدراسة والبحث، فهرعت تجمع تلك المسائل. وأما آخر الأسباب فهو كما تقول د.إيمان في مقدمتها أن ابن هشام كان له اهتمام خاص بالنص القرآني، ويظهر ذلك واضحا في الشواهد الكثيرة التي يستشهد بها عند دراسته للمسائل النحوية، مما يجعله أحد الأعلام الذين يمكن بدراسة نتاجهم العلمي الوقوف على تصور صحيح ورأي حصيف في مسألة النحو القرآني التي طالما شغلت بال الباحثة، لما لها من اهتمام بالدرس النحوي في القرآن الكريم.

والدكتورة إيمان حسين السيد كغيرها من الباحثين حين تعترضهم الكثير من الصعوبات والعقبات في بحوثهم.. فهي قد أشارت إلى جملة من الصعوبات لخصتها بالآتي:

أولا: لاتزال بعض المؤلفات لابن هشام في عداد المخطوطات لوجودها في مناطق بعيدة من العالم، وتعذر عليها الوصول إليها.

ثانيا: هناك مخطوطات منسوبة لابن هشام كما تقول الباحثة لاتمت إليه بصلة، فاقتضى الأمر منها شيئان: الدقة والتحري حتى تستطيع التأكد من صحة ما ذهبت إليه.

ثالثا: أن هناك كتبا كانت تقرؤها بأكملها ولم تجد فيها اعتراضا واحدا.. مما كان يضيع الوقت والجهد دون فائدة تذكر، وأما رابع هذه الصعوبات فهي أن مجموع الاعتراضات التي حصلت عليها قد تعدى ثلاثمائة اعتراض.. مما جعل من الصعوبة بمكان أن تستوعب رسالة علمية واحدة كل هذا الكم من المسائل المعترض عليها، وإلا لاستغرقت العديد من السنوات ولخرجت في مجلدات- كما تقول- لأن المسائل التي اعترض فيها ابن هشام لم تكن قاصرة على إعراب كلمات وردت في آيات قرانية فحسب، بل تنوعت فتناولت مباحث نحوية لاعلاقة لها بالتوجيه الإعرابي لآيات القرآن الكريم. كما تناولت مباحث تندرج تحت علوم أخرى كعلم الصرف والتجويد والمعنى، مما جعل الباحثة تنتقي بعضا من المسائل التي تخص موضوع بحثها- وما أكثرها- حسب تعليقها، وقد تعدت مائتي اعتراض، وقد تركت الباقي لمن يريد البحث فيه، وأفرغت لها ملحقا في نهاية الكتاب.

ومع قلة اهتماماتي بالبحوث النحوية إلا أنني أحسست بمتعة القراءة في رحاب إعراب النصوص القرآنية.

em: amys [email protected]

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى