إليك أيها الراحل العزيز

> «الأيام» عبده يحيى الدباني:

> ذات أسبوع من عام 2000 شدني الشعر إليه بعد انقطاع طويل، فكتبت قصيدة بعنوان (قمر الزمان.. هلال الشيخ عثمان) كان موضوعها هو أستاذي الفاضل أستاذ الأساتذة الأب عبدالله فاضل فارع، وقد أهديته إياها- رحمه الله- فقرأها وشكرني عليها، بيد أنني أحسست من رد فعله أنها أثارت فيه شجونا، وأدركت فيما بعد أن بعض مقاطعها التي كانت قريبة من الرثاء هي التي جعلته يتحفظ بعض التحفظ على تلك القصيدة، فضلا عن طبيعة هذا الرجل الفريد الذي لايحب أن يثنى عليه في حضرته أو أن تعدد مناقبه وإنجازاته، فكان سرعان ما يوقف المتكلم قائلا له: «الله يحفظك ما فيش داعي»- رحمه الله تعالى-، ومع أنني قد نشرت القصيدة كاملة في صحيفة «الأيام» في العام نفسه إلا أنني أحب أن أنشر هنا بعض مقاطعها بمناسبة أربعينية الفقيد المرحوم- بإذن الله- وذلك على النحو الآتي:

نراك تفيض شبابا/ نراك.. نراك شهابا/ نراك أبيا عزيزا مهابا/إنا نراك- أبانا- كتابا/ نفتحه كل يوم.. ونقرأه كل يوم/ وفي كل يوم نرى فيه درسا جديدا/ ولحنا فريدا/ وشوقا مذابا/ وفي كل يوم نرى فيه شعرا وفلسفة وخطابا/فبوركت فينا شهابا. وبورك فيك كتابا/ لكم تتجدد فينا كما يتجدد فينا القمر/ لكم تمنح الأرض فينا حنانا/ لكم تجعل الخوف فينا أمانا/ لكم تعشق الأرض فينا نداك/كما تعشق الأرض ظامئة خطوات المطر/ لقد كنت اختزن الكلمات لعلي بها سوف/ أرثيك يوما/ولكنما أنت فوق الرثاء وبعد الرثاء/ لكنما أنت نفسك خير العزاء/ فأنت الذي يتجدد فينا كما يتجدد فينا القمر / وهأنذا الآن أثني عليك وأرثي نفسي/ فنحن النجوم التي تنطفئ كل حين/ وأنت القمر/ نحن السحاب المبعثر فوق الجبال غداة الشتاء/ وأنت المطر/ نحن الحشائش والعشب يا أبتاه وأنت الشجر/ فكيف سأرثي القمر؟!/ وكيف سأرثي المطر؟!

***

فأنت من الطير كل القوادم/ وأنت من الأرض.. أنت من الأرض/ خير المعالم/ وخير العواصم، وأنت من الدهر خير المواسم/ فأنت كما قال سيدنا المتنبي/ «على قدر أهل (العزائم) تأتي العزائم»/ إذا عربد الليل فينا أتيناك يافجرنا المتجدد/ وإن أحرقتنا رياح الزمان، أتيناك يا ظلنا المتفرد/ وحين يحاصرنا اللؤم والظلم نأتي إليك/ فتبعثنا ثورة وتمرد/ تكسر فينا جدار التردد/ تكبح فينا التطرف.. تخلق فينا التوحد/ وإن شدنا الطين يوما إليه/ أتيناك نبكي عليه/ فتزرع فينا التزهد/ وتنفث فينا التجلد/ ترى أين أنهي حديثي إليك؟!/ ولكنني ما بدأت قصيدي فيك/ فليس هناك بداية/ وليس هناك نهاية/ فأنت قصيدة هذا الزمان وكل الزمان/ وكل القصائد يا أبتاه تؤدي إليك.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى