يحيى محمد عبدالله صالح في ختام ندوة حول حماية آثار اليمن يدعو إلى:محاسبة مهربي الآثار أيا كانت مواقعهم سواء أكانوا أعضاء في مجلس النواب أو الشورى أو أي مسئول في موقع عام ومحاكمتهم وتجريدهم من مناصبهم

> صنعاء «الأيام» بشرى العامري:

>
دعا الأخ يحيى محمد عبدالله صالح، رئيس ملتقى الرقي والتقدم، وزارة الأوقاف والإرشاد إلى التصدي للدعوات التي تصدر عن البعض والتي تبيح حيازة الآثار والتصرف بها من قبل المواطنين وأن تبرز في وسائلها المختلفة أن مهمة حماية الآثار هي مهمة وطنية ودينية في آن معا.

مشيرا في الندوة التي عقدت صباح أمس حول حماية آثار اليمن والحفاظ على تراثه الحضاري والتي نظمها ملتقى الرقي والتقدم إلى دور الإعلام في التعريف بهذه المسألة وعرضها وتكوين وعي عام يدرك أهمية الآثار.

كما أوضح أن الندوة جاءت في سياق مناقشة وبحث أفضل السبل لحماية الآثار وصيانتها وعرضها واستردادها ومنع تبديدها ودعا إلى ضرورة القضاء على المحاولات العابثة بتاريخنا سواء بالتنقيب عنه أو النبش بطريقة غير شرعية أو بيعه وتهريبه، مؤكدا أن من يقدم على هذه الجريمة لابد من نبذه اجتماعيا علاوة على تجريمه قانونيا وتأثيمه دينيا.

وقال:«إن من يبيع تاريخه وحضارته كمن يفرط في شرفه وكرامته الوطنية».

ودعا أيضا إلى حصر الآثار اليمنية في الخارج بشكل عام والعمل على استرداد ما يمكن استرداده وفق المواثيق والأعراف الدولية.

كما تحدث د. عبدالسلام محمد الجوفي، وزير التربية والتعليم في مداخلته حول دور التعليم في الحفاظ على الآثار مؤكدا أنها تمثل إحدى وسائل الصمود على الأرض.

موضحا أن دور وزارة التربية يتمثل في إكساب الطلاب التراث الثقافي اليمني مما يجعلهم قادرين على إدراك وفهم الآثار المختلفة لليمن وعلى شرح ونقل القيمة الحقيقية والرمزية لهذه الآثار وربطها بمختلف البيئات الثقافية والحضارية والاقتصادية التي ينتمي إليها كل أثر من الآثار اليمنية.

وأكد أن الوزارة من خلال المنهج الدراسي والأنشطة الصفية وغير الصفية تعمل على بناء وإيجاد وعي شامل بالتاريخ والحضارة اليمنية مستعرضا بعضها.

وأشار إلى ضرورة إيجاد هذا الوعي ونشره بين صفوف الأجيال الوطنية الواعدة من خلال إشراك وإعمال وتفعيل دور الإعلام التلفزيوني والإذاعي ودور المسرح إلى جانب التوعية من خلال المطبوعات والكتيبات وحلقات الدراسة والندوات والمؤتمرات والإنترنت.

ولفت إلى عزم الوزارة على زيادة كم ونوع الموضوعات في المنهج الدراسي ذات العلاقة بالآثار في اليمن خاصة والآثار بشكل عام وإضافة فكرة إنشاء مجموعة أصدقاء الآثار إلى مجموعات الأنشطة الطلابية الممارسة في المدارس ومنها جماعة الهلال الأحمر وجماعة أصدقاء البيئة.

كما تحدث الأخ نبيل الفقيه، وزير السياحة عن دور التراث الثقافي والتاريخي في التنمية السياحية مبينا علاقة ذلك التراث بالتنمية السياحية في اليمن.

وأشار إلى تعرض مكونات التراث الحضاري والتاريخي وعلى وجه الخصوص منه التراث المادي المتمثل بالمناطق الأثرية والمدن التراثية القائمة لعدد من الضغوطات البيئية التي تجعل مساهمتها في التنمية السياحية متواضعة والتي من أهمها عدم تفعيل قانون حماية الآثار وتطبيقه بشكل صارم على العابثين بآثارنا الوطنية وتدمير وتخريب المواقع التاريخية والأثرية والزحف العمراني والعشوائي على تلك المواقع في مناطق متفرقة وسرقة ونهب الآثار والاتجار بها وتهريبها إلى الخارج، وكذا محدودية التنقيب في المواقع الأثرية وعدم الاهتمام بصيانة وترميم المواقع الأثرية.

وأضاف إلى ذلك تأخر أعمال الصيانة والترميم لبعض المدن التاريخية كما هو الحال في زبيد وعدم وجود المعارض التاريخية والشعبية في المحافظات والمديريات والمناطق السياحية وعدم الترميم والصيانة للقلاع والحصون الأثرية المشهورة.

ودعا إلى ضرورة إصدار لائحة تحدد المدن والقرى والمواقع التاريخية والأثرية التي يمكن زيارتها من قبل السياح وتحديد الرسوم المناسبة للدخول إليها على أن تخصص لصالح صيانتها ونظافتها والمحافظة عليها وإيصال الخدمات الأساسية الضرورية إلى المناطق والمواقع الأثرية المهمة وكذا تشجيع القطاع الخاص على المساهمة للحفاظ على المعالم التاريخية والأثرية من خلال تقديم التسهيلات اللازمة لاستغلال بعض المباني التاريخية كمشروعات استثمارية دون المساس بطابعها الأصلي.

واستعرض د. يوسف محمد عبدالله، مستشار رئيس الجمهورية مفهوم الآثار ودور المجتمع في حمايتها، مؤكدا على ضرورة تطبيق قوانين الآثار من قبل المواطن وتعاونه مع الجهات المختصة والإبلاغ عن أي موقع أثري أو لقية أثرية والامتناع عن بيع أو تهريب أي قطعة أثرية أو مخطوطة لديه مما يسهل على الجهات المختصة اتخاذ الإجراء الصحيح في الوقت المناسب للحفاظ على ذلك الموقع وتلك القطعة.

مؤكدا أن كل فرد وكل مؤسسة حكومية تتحمل مسئولية حماية ماضي المجتمع البشري، ودعا مؤسسات المجتمع المدني وأجهزة الحكم المحلي إلى ضرورة العناية بالتراث والآثار باعتباره ملكا للأمة ومسئولية وطنية، كما دعا إلى ضرورة إنشاء جمعيات شعبية للدفاع عن التراث والآثار وحمايته والتعريف به على غرار الجمعيات الوطنية غير الحكومية التي تتخذ من المجلس الدولي للمعالم التاريخية والمواقع منظمة عالمية لها.

كما ناقش د. محمد باسلامة، عضو المكتب التنفيذي للملتقى في ورقته المعنونة بـ (الآثار اليمنية المهربة والمنقولة للخارج وموقف الحكومة اليمنية منها) قضية الآثار التي تم تهريبها ونقلها إلى خارج اليمن وبطرق كثيرة ومتنوعة تعود بداياتها إلى فترة زمنية بعيدة، واستعرض البدايات الأولى لسرقة الآثار اليمنية ونقلها إلى الخارج مشيرا إلى أن عرض اللقى الأثرية أو الاحتفاظ بها خارج البلد الذي تنتمي إليه يقلل من القيمة العلمية والثقافية لهذه الآثار.

وأشار باسلامة إلى أن تلك المراحل المبكرة قد بدأت منذ منتصف القرن التاسع عشر أثناء الوجود البريطاني في المنطقة الجنوبية من اليمن وذلك من خلال استعراض الرسائل التي نشرها د. محمد عبدالقادر بافقيه في كتابه (المستشرقون وآثار اليمن)، وتحدث عن عمليات نقل الآثار (النقوش والتماثيل وغيرها من اللقى الأثرية) وبداية التنقيب في مأرب وبيحان بوساطة البعثة الأمريكية في منتصف خمسينيات القرن الماضي، كما استعرض موقف الحكومة اليمنية في فترة متأخرة وذلك من خلال الإشارة إلى قانون الآثار رقم (21) لسنة 1994م.

واستعرض د. أمين أحمد الحذيفي الأستاذ المساعد في قسم القانون الجنائي بكلية الشريعة والقانون بجامعة الحديدة، صور الحماية الجنائية للآثار في التشريع اليمني وأشار إلى دراسة مقارنة مع أحكام قانون الآثار العربي الموحد.

موضحا حجم الحماية التي وفرها المشروع اليمني لحماية الآثار، لافتا إلى وجود بعض القصور والضعف في بعض العقوبات المرصودة لبعض تلك الأفعال، مؤكدا ضرورة تلافيها في مشروع تعديل بعض النصوص العقابية الخاصة بحماية الآثار.

وأشار د. محمد أبوبكر المفلحي، وزير الثقافة في ختام الندوة إلى أن قضية نهب الآثار هي قضية دولية ولكنها واضحة لدينا لوجود الهامش الديمقراطي الذي يتمتع به مجتمعنا مؤكدا أن اتساع رقعة الآثار في المجتمع اليمني وانتشارها في كل نواحي الجمهورية يشكل عائقا أمام هيئة الآثار ووزارة الثقافة عن الوصول إليها في الوقت الراهن وكذا شحة الإمكانيات المادية.

وأكد على عدم قدرة تنفيذ أكثر من ثلاثة أو أربعة مشاريع في العام على مستوى الجمهورية بسبب ذلك، مؤكدا أيضا على صعوبة تتبع الآثار المهربة لعدم تسجيلها والتعرف عليها، وأشار إلى ضعف الجانب القانوني في حماية الآثار، وأن 20 ألف ريال لاتساوي شيئا للمهرب أمام قطعة تساوي ملايين الريالات.

وقال: «ربما يحتاج القانون إلى إعادة صياغة ليكون رادعا»، وأوضح أن الهيئة العامة للآثار هي هيئة متخصصة لديها العديد من الكوادر التقنية التي يجب أن تنظر إليها الحكومة بعين خاصة وأن توفر لهم الإمكانيات المادية التي تساعدهم على الحياة وعلى العيش الكريم ولنحصل منهم على الجهد المطلوب.

واختتم حديثه بالإشارة إلى بعض الإجراءات من قبل وزارة الثقافة في مجال التوعية والتعاون الدولي مع المنظمات الدولية للوصول إلى أماكن مختلفة في الجمهورية للتنقيب عن الآثار وحمايتها.

واستعرض د. علي الزبيدي رئيس مصلحة الجمارك دور الجمارك في حماية الآثار مستعرضا مجموعة من الآثار المضبوطة من قبل الجمارك منها عملات ومخطوطات وقطع أثرية، مبينا بعض الإجراءات التي تتم في المنافذ المختلفة برية وبحرية وجوية والتي تساعد على ضبط هذه الآثار مشيراً إلى وجود فحص يدوي إلى جانب الفحص بالأشعة مؤكدا وجود جهات أخرى في هذه المنافذ تساعد رجال الجمارك على القيام بهذا العمل مستعرضا نتائج الضبط في عام 2007م واصفاً إياها بالكبيرة.

ودعا الأخ يحيى عبدالله صالح في ختام الندوة إلى محاسبة المهربين أيا كانت مواقعهم سواء أكانوا أعضاء في مجلس النواب أو الشورى أو أي مسئول في موقع عام ومحاكمتهم وتجريدهم من مناصبهم.

وخرجت الندوة بعدة توصيات من أهمها مطالبة الحكومة ممثلة بوزارات الداخلية والعدل والأوقاف بالإضافة إلى مجلس القضاء الأعلى العمل على سرعة البت في جميع قضايا الآثار المنظورة أمام القضاء أو التي لا تزال قيد الإجراءات القضائية وإنشاء محكمة متخصصة بجرائم الآثار في أسرع وقت ممكن، وكذا إنشاء كليتين للآثار والسياحة في محافظتي حضرموت ومأرب لاستقطاب أبناء المحافظتين والمحافظات الاخرى للدراسة والتأهيل وسيتم تسليم التوصيات إلى كل من رئاسة الجمهورية والجهات المعنية للنظر في تنفيذها.

حضر الندوة كل من د. هدى البان، وزيرة حقوق الإنسان ود. عبدالعزيز بن حبتور، نائب وزير التربية والتعليم ود. عبدالله باوزير، رئيس الهيئة العامة للآثار ود. أحمد الكبسي، نائب رئيس جامعة صنعاء وكوكبة من الأساتذة والمتخصصين والمثقفين وممثلي الجهات الحكومية والمؤسسات الثقافية والمجتمعية ذات العلاقة.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى