أصوات في عدن لم ينل منها الزمن

> «الأيام» صالح حسين الفردي:

> كنت في مساء الثلاثاء الماضي - الثالث من يونيو الجاري - متابعاً لفضائية عدن (يمانية) والبرنامج الفني (سهرة فنية خاصة) إعداد الإعلامي المخضرم معروف بامرحول تقديم - ابن المكلا - صلاح بن جوهر، وقد استضافت حلقة السهرة الفنانين الكبار: المبدع أحمد علي قاسم وصبوحة الفن العدني صباح منصر والصوت المخملي أنور مبارك، وفي تلك الدقائق المعدودة في عمر الزمن الفني العدني الخالد انهالت على مخيلتي صور الكثير من الرواد العباقرة الذين صنعوا شكل ومضمون الأغنية العدنية الحديثة، منهم الفنانون - على سبيل المثال لا الحصر- الكبار خليل محمد خليل وأحمد بن أحمد قاسم ومحمد سعد عبدالله ومحمد عبده زيدي ومحمد مرشد ناجي والراحلة رجاء باسودان وغيرهم من مبدعي الزمن الفني العدني الجميل.

المبدع أحمد علي قاسم ورائعة ابن سعد

(مابا بديل)

هذه الوجوه الرقيقة كانت تحوم بقوة في ذاكرتي، وأنا أتابع المبدع المقل في ظهوره الإعلامي، الفنان الكبير أحمد علي قاسم وهو يشدو برائعة رائد الأغنية العاطفية اليمنية محمد سعد عبدالله (مابا يدل)، وقد تغنى بها ابن علي قاسم وفاء لذكرى رحيل ابن سعد السادسة التي مرت في صمت من (فضائياتنا الفاضية)، ولكن الفنان أحمد علي قاسم عاد بنا إلى أجواء وروح السمر العدني التلفزيوني، ومجد قناة (عدن) في السبعينيات والثمانينيات، فكانت تلك الرائعة قادرة على حملنا إلى روابي الذوق والفل والكاذي والزعفران وكريتر والميدان وكل أزقة عدن وحويفها الرابضة على ثراء مجتمعي نبيل، ونجح فناننا الكبير في ترجمة تلك الرائعة الغنائية بصدق وعفوية وأداء متميز، ليؤكد أن المبدع الحقيقي يظل مبدعاً وإن تكالبت عليه عاديات الزمن المادي القبيح.

الرائعة صباح منصر وجه البراءة الفنية

في فقرة أخرى من هذه الأمسية الفنية تغنت الفنانة - العائدة بقوة - صبوحة الفن العدني المبدعة الكبيرة صباح منصر برائعتها السبعينية (قال ابن الأشراف من هجري بكيت)، وهي الرائعة التي اشتهرت بها في سبيعينات القرن الماضي، وكانت وهي تقدمها في هذا المساء قد اختزلت الزمن وعادت بصفاء صوتها وأدائها التعبيري الهادئ وطفولة وجهها وبراءته إلى انطلاقتها الأولى التي عرفت بها ولم ينل الزمن من مساحة صوتها الغنائي وتنغيمها الشجي وأدائها الرقيق، فظهرت صباح اليوم وهي تشدو بصباح الأمس دون فرق إلا من نضج فني وروح شفيفة نقية.

الفنان أنور مبارك ونجوى بن شامخ

الفنان المبدع المقل في ما يقدم، الثري في ما يعطي من فن راقِ وجميل، مخملي الصوت (الغالي) أنور مبارك كان وفياً لعلم آخر من أعلام الأغنية اليمنية المعاصرة الفنان والملحن الراحل الكبير محمد سالم بن شامخ، فكان وفاؤه في تقديمه رائعة بن شامخ - كلمات ولحناً - (نجوى الحبيب)، وفي هذه الرائعة تجلت قدراته الأدائية التي أطلقها في منتصف الثمانينيات، وكانت ذورتها أغنيته الشهيرة (غالي غالي غالي يامحبوب والله غالي) التي تغنى بها الكثيرون ولكنهم لم يبلغوا مبلغه فيها.. والفنان أنور مبارك كغيره من أبناء جيله - خاصة - الراحل الكبير أبوبكر سكاريب، كانا - بحق - خير من يمثل الامتداد الفني لروائع المبدعين مع الفنان المتمكن المثقف - المنسي - عصام خليدي، وقد رفدوا جميعاً الأغنية العدنية بدماء جديدة وروح عصرية انقطعت بها السبل مؤخراً لأسباب يعلمها المتفقهون في كواليس الثقافة والفن والصحافة والإعلام اليوم، وهذا موضوع آخر جاء عارضاً هنا.

وخلاصة الخلاصة أن هؤلاء المبدعين (بن قاسم، صباح، بن مبارك) أكدوا أن أصوات عدن لم ينل منها الزمن.. وكفى.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى