في ندوة الحوار الطلابي المجتمعي المنعقدة في عتق حول مخاطر النزاعات والثأر على التعليم.. التأكيد على أهمية دُور العلم واعتبارها مساحات بيضاء خالية من النزاعات

> «الأيام» زبين عائض عطية:

> تحت شعار (إلا التعليم) نظمت يوم الأربعاء الماضي بقاعة المركز الثقافي في عتق بمحافظة شبوة ندوة بعنوان (الحوار الطلابي المجتمعي) في إطار حملة توعوية تهدف إلى التخفيف من مخاطر وآثار النزاعات والثأر على التعليم، التي ينفذها تحالف يضم ثلاث منظمات غير حكومية وثلاث مؤسسات إعلامية في محافظات الجوف ومأرب وشبوة، بدعم ومساندة من المعهد الديمقراطي الوطني للشؤون الدولية (NDI)، ممثلا بإدارة برنامج النزاعات.

افتتحت الندوة بحضور قيادات في السلطة المحلية بالمحافظة وأعضاء المجلس المحلي والمكتب التنفيذي وشخصيات قضائية واجتماعية وثقافية وإعلامية من المحافظات الثلاث. وفي الافتتاح أكد الأخ علي بن راشد الحارثي الوكيل المساعد لمحافظة شبوة أهمية إقامة مثل هذه الندوة للوصول إلى رؤية سليمة لوضع الحلول الممكنة لمشاكل المجتمع، وقال إن «الثأر معظلة كبيرة أمام عملية التنمية في بلادنا، وأن الحكومة تسعى جاهدة إلى إنهاء قضايا الثأرات التي أفسدت كل شيء وألحقت الضرر بالأمن والاستقرار والسلم الاجتماعي»، مؤكدا اهتمام الدولة ومساندتها لكل الجهود الشعبية والوطنية الرامية إلى التخفيف من قضايا الثأرات القبلية والنزاعات الاجتماعية، وإيجاد أواصر المحبة والتآخي بين أفراد المجتمع.

من جانبها أكدت الأخت ندوى الدوسري مسئولة برنامج النزاعات بالمعهد الديمقراطي أن المعهد يسعى إلى نشر ثقافة الحوار والحد من النزاعات في المجتمعات. وقالت إن «المعهد الوطني للشؤون الدولية منظمة غير حكومية، تعمل في أكثر من 60 دولة حول العالم من أجل دعم الديمقراطيات الناشئات في تلك البلدان لغرض بناء القدرات المؤسسية والديمقراطية من الأحزاب ومنظمات المجتمع المدني والبرلمان، من خلال تقديم الدعم الفني والاستشاري». وأوضحت أن «إنشاء برنامج للنزاعات في إطار عمل المعهد في اليمن بالذات هو لدعم الجهود الرسمية والشعبية في محافظات شبوة ومأرب والجوف لمعالجة قضايا الثأرات»، مشيرة إلى أن «الحكومة اليمنية هي الشريك في هذا البرنامج ممثلة باللجنة الوطنية لمعالجة قضايا الثأر، بالإضافة إلى شركاء آخرين من مؤسسات المجتمع المدني، هي جمعيات الإخاء للتنمية والسلم الأهلي في شبوة، والمستقبل في مأرب، والسلام والتنمية في الجوف وصحيفة «النداء» وموقع (مأرب برس) وصحيفة «يمن تايمز»»، لافتة في كلمتها إلى أن «هذه المنظمات والمؤسسات الإعلامية تقدمت قبل ثلاثة أشهر بمبادرة لتنفيذ حملة توعوية للتخفيف من مخاطر وآثار النزاعات والثأرات على التعليم، وبعد دراسة هذه المبادرة من قبل المعهد ومعرفته بحجم الدمار الذي ألحقته قضايا الثأرات على العملية التربوية والتعليمية وعلى حياة الطلاب والمعلمين في المحافظات الثلاث قررنا في المعهد دعمها ومساندة هذه المبادرة، واليوم دعمنا لندوة الحوار الطلابي المجتمعي يأتي بهدف الوصول إلى رؤية من شأنها وضع الحلول للمشكلات التي تواجه القطاع الطلابي والتعليم إزاء النزاعات والثأرات في المجتمعات المحلية».

ودعت مسئولة برنامج النزاعات بالمعهد الديمقراطي للشؤون الدولية في ختام كلمتها المشاركين في الندوة إلى إثرائها بالأفكار والآراء والمقترحات لمعالجة هذه القضايا.

كما ألقى في جلسة الافتتاح الأخ أحمد حسين طلان رئيس جمعية الإخاء للتنمية والسلم الاجتماعي في شبوة كلمة ترحيبية بالحاضرين والمشاركين، مستعرضا الغرض من تنظيم هذه الندوة.

كما ألقت إحدى طالبات الثانوية العامة كلمة المشاركين، استعرضت في مجملها بعض الصعوبات والعراقيل التي تواجه سير العملية التربوية والتعليمية نتيجة الثأرات والنزاعات، ومنها توقف بعض المدارس وانقطاع البعض عن التعليم وغياب بعض المعلمين خوفا من أن يكونوا ضحايا للثأرات القبلية.

في نهاية الجلسة الافتتاحية قدم الزميل الإعلامي شفيع محمد العبد الأمين العام لجمعية الإخاء للتنمية والسلم الأهلي في شبوة عرضا بشاشة البروجكتر، أظهر من خلاله صورا لمدارس تعرضت للتخريب وأخر مغلقات بسبب قضايا نزاعات أو ثأرات قبلية انعكست سلبا على حالة التعليم في المجتمعات المحلية، وبعد ذلك بدأت فعاليات الندوة التي أدارها الأستاذ عبدالحكيم العفيري مستشار برنامج النزاعات بالمعهد الديمقراطي الوطني، وشارك فيها نخبة من طلاب وطالبات المدارس الثانوية والكليات في محافظات شبوة ومأرب والجوف، وعدد من المعلمين والقيادات التربوية والممثلين للسلطة المحلية والمشايخ والشخصيات الاجتماعية والسياسية والمثقفين والإعلاميين، وقد شهدت أعمال الندوة مداولات ونقاشات حول بعض المداخلات التي قدمت من الطلاب والمعلمين المشاركين الذين رووا قصصا واقعية لمآسٍ وقعت بمدارسهم على خلفية نزاعات أهلية وثأرات قبلية، ولعل أبرز القصص والمداخلات ما قدمه مدرس يدعى أيوب علي تحدث عن اعاقته عن التدريس عندما أصيب برصاص في نزاع ثأر على إثره غادر المنطقة والمدرسة، وظل حبيس منزله، وجاء إلى الندوة يمشي على عكازين.

أما حميد زايد من الجوف فقال «كنا ستة زملاء ندرس معا، لكن الثأر فرقنا، لم يكمل مشوار الدراسة سوى اثنين». وقال صدام حسين من مأرب «الثأر يلاحقنا حتى خارج المحافظة». وتحدث طالب من حطيب في شبوة بأنه الوحيد الذي يدرس بكلية التربية من بين ألف شخص من قريته، جميعهم يخافون الثأر في المدارس.

محرر «الأيام» الزميل صالح حقروص قال إن «الثأر يستدعي مشاكل القبائل إلى ما تمارسه أجهزة السلطة من قمع وتقييد اللحريات ومراقبة الهواتف واحتكار المعلومات».

وفي مداخلة هيام طالب القرموشي، مديرة مدرسة سابقة، أشارت إلى أن «شيخ القبيلة هو المسئول عن تهجير دور العلم لأنه يستطيع أن يفعل ما لم تستطع الدولة فعله، لأن مكانته القبلية تعطيه صلاحيات واسعة ونفوذا في مجتمعه المحلي».

ويرى نائبا عميد كلية النفط والمعادن د.فهد خميس ود.عبدالله الدنبي أن الحلول تتمحور في إجراء نقاشات جادة وتكثيف التوعية لطلاب الكليات وتفعيل أجهزة القضاء والأمن في حل النزاعات سريعا والنظر إلى الثأر كمنظومة متكاملة.

لكن أحمد حسين طلان رئيس جمعية الإخاء في شبوة يرى أن هذه الحملة هي فاتحة للعمل من أجل التخفيف من الثأر بشكل كامل، لكن التعليم هو البوابة التي من خلالها ندلف لخلق جيل جديد قادر على العطاء والبناء لخلق مجتمع آمن.

وقال الشيخ علوي أحمد بن طالب إن «المجتمع عانى كثيرا من ويلات الثأر، ونتطلع إلى حل ناجع لهذه القضايا التي تلقي بكثير من الخوف والهلع في حياة الناس».

فيما طالب الأخ عبدربه هشلة ناصر رئيس لجنة التخطيط والتنمية بمحلي شبوة بـ «توفر إرادة سياسية يكون لها أثر بالغ في هذه القضية»، ولم يغفل دعوة المجتمع إلى فتح حوار لحل قضايا الثأر.

أما أحمد رويس عوض نائب مدير عام التربية بالمحافظة فقال إن «مناطق الثأر تحرم من المشاريع التعليمية، ويحرم أبناؤها من العمل والتعليم، ومدروسها من التأهيل والتدريب». وفي مداخلته قال أمين تجمع الإصلاح في شبوة الأخ الحسن علي حدير «إننا نحمل المجتمع في قضايا الثأر فوق طاقته فالمسئولية الأولى تقع على السلطة، فيجب أن تقوم بواجبها، لأنها المسئولة الأولى عن توفير الأمن والاستقرار للمواطنين، ورسالتنا ينبغي أن تكون واضحة وقوية، فالتعليم ذبح برصاصات الثأر عندما ذبح المتنفذون القانون وعندما ذبح القضاء برصاصات الرشوة، والوطن يئن من الثأر، والاقتصاد يتدهور والحريات تتناقص، ونحن معا ينبغي أن نسأل أنفسنا: وقف الثأر فترة في المحافظات الجنوبية، فما الذي أعاده مرة أخرى، ومن الذي يدعمه؟!».

وأشار إلى نماذج من القصص في العهد الإسلامي الأول. في حين تحدث الشريف سالم بن سعود من مأرب عن معظلة الثأر قائلا «نريد أمن، نريد سلطة قوية تقدم حلولا ناجعة». بينما أشارت الدكتورة إشراق السباعي إلى ضرورة أن يكون للمرأة دور في هذه القضية التي تهدد المجتمع رجاله ونساءه وأطفاله.

الندوة كانت حجرا في زاوية النسيان لواحدة من القضايا المجتمعية التي نعاني منها، وبهذا تكون جمعية الإخاء والسلم الأهلي مع شركائها المحليين والدوليين قد دقت ناقوس الخطر لتحفظ للصغار بسمتهم وللمجتمع سكينته.

وخرجت الندوة بالتوصيات التالية:

إقرار صلح عام بين القبائل في المحافظات الثلاث شبوة مأرب والجوف وتكثيف الندوات التوعوية لكافة شرائح المجتمع، وتعزيز دور الأمن وأجهزة الضبط القضائي وسرعة الفصل في القضايا المنظورة أمام المحاكم، والتأكيد على أهمية دور العلم واعتبارها مساحات بيضاء خالية من النزاعات، والتنسيق مع مختلف الفعاليات المجتمعية للتوعية بمخاطر النزاعات والثأرات وآثارها السلبية على التعليم، وتوقيع ميثاق شرف بين القبائل يحرم الاعتداء على الطلاب والمعلمين والمدارس والكليات والمعاهد، ومناشدة الفعاليات السياسية والمدنية والمشايخ والأعيان للإسهام في حملة (إلا التعليم)، وعقد مؤتمر طلابي، وترشيد الخطاب المسجدي لمناهضة قضايا الثأر.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى