«الأيام» ترصد انتشار البعوضة (إيدس إجيبتاي) وكيفية وقاية المواطنين من خطر فيروس (الدنجة)

> «الأيام» برهان عبدالله مانع:

>
محمية الحسوة تعتبر مملكة لتوالد وتكاثر البعوض
محمية الحسوة تعتبر مملكة لتوالد وتكاثر البعوض
عادة ما تكون الأمراض التي تنقلها الحشرات مردها أساساً تدني الوضع البيئي والصحي.. لأن وجود الحشرات مؤشر على البيئة الملائمة لتكاثرها، فوجود بنية تحتية متدهورة من صرف صحي أو شبكة مياه أو وجود مخلفات قمامة عضوية كلها عوامل شديدة الوطأة في توفير مناخ ملائم لتوالد وتكاثر الحشرات كالبعوض الناقل للملاريا وحمى الدنجة (الضنك)، والحمى الصفراء، أو الذباب لمرض الكوليرا والتايفوئيد.. إلخ. وأصبحت المعادلة واضحة، الاقتصاد والصحة وجهان لعملة واحدة.

ويكفي المواطن ما يلاقيه من الغلاء والحياة الصعبة، وليس من باب التهويل بل من باب حب الوطن وحماية المواطن طرحنا عدة أسئلة على لفيف من المختصين وأصحاب الرأي والمشورة.

ماذا تعني حمى الضنك وما هي الأسباب الناقلة للمرض؟؟

ما سر تردد المرض بين الحين والآخر على بعض المحافظات ؟

سجل المرض أكثر من حالة في محافظة شبوة ولاتزال الحالات في تصاعد، فكيف يجب الحد من هذا المرض ووقف انتشاره؟

ماهي سبل الوقاية من المرض وتجاوز الإصابة به؟

وهل الجهود الرسمية في مستوى مجابهة مرض حمى الضنك؟

وقد أجاب عن هذه الأسئلة متخصصون في الأوبئة وصحة البيئة والتوعية البيئية والبلدية وعدد من ممثلي الشعب من أعضاء المجلس المحلي لمحافظة عدن.

2,5 مليار نسمة تحت خطر الإصابة

د. صالح الدوبحي، اختصاصي علم الأوبئة يقول:

«بالإضافة إلى ما نشر قبل أسبوعين في هذه الصحيفة فإن حمى الضنك مرض فيروسي وبائي، ويضيف بأنه من أمراض الحميات الحادة التي ترتفع عند بداية الإصابة بها درجة حرارة الجسم دون أن يكون هناك مكان محدد ملتهب ثم بعد يومين تظهر الأعراض الأخرى.

وهذا المرض مستوطن في خمسة من البلدان مثل سنغفورة، الفلبين، تايوان، الهند، البرازيل، ويمكن أن ينتقل إلى أي بلد مع المصابين به الذين لا يمكن التعرف عليهم خاصة في فترة الحضانة.

ويمكن أن تتم العدوى بالمرض فقط في حالة وجود البعوض الناقل له وهو بعوض يسمى بـ «أيدس اجبتاي»» الذي يوجد تقريباً في نفس النطاق الجغرافي الذي يوجد فيه بعوض الملاريا، إلا أن البعوض الناقل لحمى الضنك غالباً ما يوجد في المناطق الحضرية بعكس بعوض الملاريا الذي يفضل العيش في الأرياف، وعموماً هناك مايقارب 2.5 مليار نسمة تحت خطر الإصابة بهذا الوباء (ثلث سكان العالم).

بالنسبة للوضع الحالي لا توجد لدي معلومات كافية أستطيع تقييم الوضع من خلالها. وبالنسبة للإجراءات المطلوبة هي في الأساس معتمدة على وجود خطة متكاملة شاملة ومفصلة على المستويين الوطني والمحلي والتي لابد أن تشارك فيها كل القطاعات ذات العلاقة، وللمواطنين أيضاً دور بارز.

وتشمل هذه الإجراءات:

-1 عملية الترصد الوبائي المبكر، التشخيص السليم والتبلغ وتحليل المعلومات بدقة والتي يمكن من خلالها تقييم الوضع الوبائي للمرض.

-2 إجراءات المعالجة الصحيحة للحالات المصابة وخاصة النوع المصحوب بالنزيف.

-3 إجراءات الوقاية وتشمل إجراءات عامة مثل مكافحة أماكن تكاثر البعوض الناقل بالرش أو ردم المستنقعات وكذا بمكافحة البعوض الطائر بالرش الضبابي، وهناك إجراءات وقاية شخصية على المواطنين اتباعها بتغطية أجسامهم أو استخدام مواد مانعة للبعوض وقد سبق الحديث حول ذلك والأهم بالنسبة للأشخاص المسافرين بالسيارات أو الباصات وعند نزولهم المؤقت للاستراحة وتناول الغذاء خاصة في المناطق التي ينتشر فيها الوباء أن يتجنبوا لدغات البعوض، لأن لدغة واحدة قد تكون كافية لنقل المرض».

نتطلع إلى تزويدنا بالمبيدات الكافية

م. حسين عوض، مدير عام مكتب الأشغال العامة بالشيخ عثمان سألناه:

> هل تعتبر منطقة الشيخ عثمان هي البوابة الأولى لقبول الوافدين من جميع المحافظات؟

فأجاب:«نعم تعتبر مديرية الشيخ عثمان بوابة عبور إلى بقية المديريات وتعتبر ملتقى لجميع الوافدين إلى عدن كما تزدحم المديرية بالحركة التجارية».

> في حالة قدوم المرض، كيف سيتم معالجة الأمر ومتابعته؟

- تفادياً لقدوم المرض يتم حالياً المتابعة المستمرة لنظافة المطاعم وإلزام العاملين بالمطاعم بالزي واللياقة الصحية، كما لابد من متابعة المياه الراكدة والقضاء عليها والتنسيق مع مؤسسة المياه والصرف الصحي بشأن تسرب في العدادات.

وإلزام جميع المواطنين بالنظافة وذلك بعمل شبوك للنوافذ الخلفية كما يتم التنسيق مع إدارة المجاري لتصفية الممرات الخلفية والاستمرار بأعمال الرش بالمبيدات للبيارات وعمل الرش الضبابي ومتابعة المقاصف في المدارس لوقاية الطلاب.

كما نتمنى تزويدنا بالمبيدات الكافية وذلك لكون المديرية مترامية الأطراف وتحتاج إلى جهود الجميع وتزويدها بالاحتياجات الضرورية.

كما يقوم قسم صحة البيئة بالمتابعة المستمرة للمواد الغذائية التالفة وكذلك التي على وشك الانتهاء من صلاحياتها يتم سحبها من الأسواق والباعة المتجولين ومفترشي الأرصفة ومصادرتها وإحراقها وعادة ما يتم التنسيق بين مختلف الجهات المختصة كصحة البيئة، المياه، المجاري، الرعاية الصحية عند حدوث أي أمراض أو أوبئة أو حتى اشتباه بمثل هذه الأمراض وتحديداً «حمى الضنك»، حيث تتضافر الجهود لإحكام السيطرة على حلقة المرض فالمجاري تقوم بإحكام غرف التفتيش أو ما شابهها على سبيل المثال وعندنا في صحة البيئة نقوم بأعمال الرش لمكافحة الطور المائي والبالغ للبعوض.

والرعاية الصحية تقوم بالتحري الوبائي وهكذا دواليك».

تستطيع وزارة الصحة دحر المرض

> أما جعفر محمود قاسم، من قسم التوعية البيئية فقد أجاب بالقول:

«لم تكن اليمن تعرف المرض، خلو المنطقة من المرض، ومع بداية تدفق اللاجئين الصوماليين إلى سواحل شبوة وعلى ما أذكر فإن التحذير من ظهور حالات مرضية قد بدأ في العام 2003م بين المواطنين في المحافظة، حيث ؤن الناقل للمرض بعوض Aedes Eygptiمن الأنواع الموجودة في اليمن وهو ما يعرف بالبعوض الأرقش ويعيش على دم الإنسان ويتكاثر في المياه الحلوة مثل الترع والأواني الخاصة بخزن المياه، ويكثر توالده بعد هطول الأمطار لتعدد أماكن التوالد (الأوعية الخازنة للمياه)، إطارات السيارات، العلب الفارغة وغيرها.

وللأسف الشديد لم تستطع الدولة ممثلة بوزارة الصحة دحر المرض، لأنه يتطلب مهارات بشرية ومعدات مخبرية وغيرها أي يجب أن تكون هناك منظومة متكاملة (برامج للمكافحة)، حيث اعتمد حينها على الرش الضبابي للمناطق الموبوءة وعلاج أعراض المرض.

ولدحر المرض لابد من أن يتم أولاً: تدريب الكوادر الطبية وعمل دورات خاصة لهم لتعريفهم بعلامات وعوارض المرض، ولابد من أن يصاحب ذلك توفير المختبرات والكادر الطبي المؤهل لفحص العينات، ويأتي بعد ذلك الإبلاغ الفوري عن الحالات المرضية لجهة وزارة الصحة التي تتولى بدورها إجراء المسوحات المناسبة للمخالطين والتوجيه ببرامج المكافحة، والاستقصاء.

أما عن الدور الشعبي في مكافحة المرض فهو دور لا يستهان به فالمسجد وخطبة الجمعة، وكذا حلقات الذكر بين الصلوات إذا ما جند لها الخطيب بعد تلقيه دورة معلوماتية مناسبة تسهم إسهاماً لابأس به في تطوير مدارك المستهدفين، وتحد من انتشار المرض وهناك جهات أخرى مثل عقال الحارات والشخصيات الاجتماعية التي لابد أن تسهم بدورها بشكل مباشر، كما أن الجمعيات النسوية والخيرية واتحادات الشباب وجمعيات أنصار البيئة يمكن أن تكون العماد الرئيسي للتوعية إذا ما تحصلت على التوجيه والدعم المناسب.

ولاشك أننا لاحظنا أن هناك جهدا حكوميا في توعية الناس بمخاطر المرض عن طريق التلفزة - وما يتم من رش ضبابي - ومدى التعاون بين اليمن والمملكة العربية السعودية في هذا المجال.

ولا نخفي عليكم أن برامج التوعية للمواطنين تحتاج إلى كثير من الجهد والمال والمعدات وهي لا تتوفر بالحد المعقول، وبالتالي فإن إشراك قوى المجتمع الفاعلة في مكافحة المرض واستنهاض قطاع الطلاب والطالبات والمرأة وغيرهم ممكن أن يعطي نتائج إيجابية في دحر المرض.

وأهم ما في الموضوع هو المراقبة الحكومية للمداخل، وإقامة المحاجر للوافدين، وعلاج المرضى بالسرعة المناسبة، وإزالة موئل توالد بعوض الإيدس إجيبتاي».

استحياء جهات رسمية من الاعتراف بالمرض

> محمود السعدي، عضو المجلس المحلي لمحافظة عدن رد على أسئلة «الأيام» بالقول:

«في البدء أحب أن أوجه شكري وتقديري لجريدتنا «الأيام».. هذه الصحيفة الصادقة المتابعة لكل ما يخص ويهم أمر الوطن والمواطن وأيضاً شكري لك شخصياً لتطرقك لهذا الموضوع (انتشار حمى الضنك).. فالواجب على الكل أن يكتسب معرفة بماهية المرض وطرق انتشاره والوقاية منه. فهذا الأمر يقف على عاتق الجهات المسؤولة في مكاتب الصحة العامة والسكان وصحة البيئة.. وعلى عاتق كل الجهات ذات العلاقة.. وانتشار المرض والفيروس المسبب له. يجب على الجهات المسؤولة أن تقوم بواجبها وتشحذ الهمم وتنفض الغبار العالق بمكاتبها لمجابهة انتشار المرض والحفاظ على الصحة العامة.

يوجد استحياء من قبل الجهات الرسمية بالاعتراف بهذا الوباء.. فالعلة أكبر أن لا تعترف الجهات ذات العلاقة بوجود انتشار لهذا الوباء ونشر الوعي بين أوساط المواطنين والمواطنات عن كيفية الوقاية من هذا المرض الفيروسي.

طرق المكافحة والوقاية يجب أن تشترك فيها كل الجهات الرسمية (التي يقع على عاتقها العبء الأكبر) وغيرها من مستوصفات ومستشفيات وعيادات خاصة ومنظمات جماهيرية التي يجب أن يكون دورها فاعلا وناشطا بالتعريف والتوعية بمخاطر مثل هذه الأوبئة وإبلاغ الجهات الرسمية عن وجود حالات مشكوك بإصابتها بالمرض.

كلي ثقة في كفاءة الأطباء والطواقم التمريضية وإخلاصهم وتفانيهم بالقيام بواجبهم الإنساني باستقبال وعلاج حالات المرض التي تصل إليهم وفي علاج العديد من الأمراض والأوبئة، بالرغم من شحة الإمكانيات وشحة الأمصال والأدوية.

لكن للأسف الشديد لا يوجد اهتمام بالكادر الطبي النشط والعامل الفعلي في المستشفيات العامة التي تعاني من نقص في بعض الأجهزة الطبية الحديثة وصيانة الموجود منها.

فلنأخذ على سبيل المثال حالة مستشفى الجمهورية الذي يستقبل حالات من العديد من محافظات الجمهورية، المبنى يعاني والأجهزة الطبية تعاني والطواقم العاملة تعاني. علماً بأن الميزانية التشغيلية للمستشفى قد ارتفعت، ولكنها لا ترتقي إلى المستوى المطلوب.

أنا شخصياً وزملائي في المجلس المحلي لمحافظة عدن طالبنا بتحويل إدارة مستشفى الجمهورية إلى هيئة (أسوة بما هو حاصل في مستشفى الثورة العام بصنعاء) وقد صدرت التوجيهات بتحويل إدارة المستشفى إلى هيئة.. ولكن هذه التوجيهات لم تر النور حتى وقتنا الحاضر.

وسبق أن وجه فخامة الأخ الرئيس علي عبدالله صالح رئيس الجمهورية حفظه الله بإنشاء مستشفى جديد بسعة 100 سرير في حرم المستشفى.. نأمل أن يرى هذا التوجيه النور قريباً.

في الأخير أتمنى من كافة الجهات ذات العلاقة بصحة المواطن نفض غبار الكسل وتشمير السواعد لمحاربة هذا الوباء وغيره.. والمكافحة تبدأ من المنزل وفي إطار الحي والشارع والوحدة السكنية.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى