عنا وعن عدن وعدنان

> «الأيام» عبده يحيى الدباني:

> الإهداء: إلى بنت عدن الأصيلة، الأستاذة الفاضلة: د. أسمهان عقلان العلس

ليس هذا العنوان ترفاً لغوياً أو بلاغياً ولكنه وثيق الصلة بالموضوع الذي سأجمل الحديث فيه في هذه الحلقة.. إن (عدن) هذه الجوهرة النفيسة في عقد التاريخ والجغرافيا.. هذه المدينة الأسطورية الذي اشتق اسمها من الإقامة الأبدية ومن الاستقرار والتمدن والنعيم فكانت اسماً على مسمى.. عدن البحر الذي يحاور الجبل على حد تعبير صديقي الشاعر مبارك سالمين هذه المدينة اكتنزت وتكتنز عدداً كبيراً من الأدباء والكتاب والفنانين والمسرحيين والتشكيليين والصحفيين والرياضيين ورجال الفكر والثقافة والسياسة والتربية وغير ذلك فمن هؤلاء جميعاً من قضى نحبه ومنهم من لايزال يواصل المشوار بصعوبة بعد أن تعثرت عجلات الزمن في ما تمر به عدن اليوم، فلا عجب إن كان هؤلاء المبدعون في عدن يعدون بالمئات إن لم نقل بالآلاف، لقد كانت عدن في تاريخها الحديث حاضرة استعمارية تهوي إليها العقول والنفوس ثم غدت حاضرة دولة مدنية مستقلة فضلاً عن خصائص أخرى تاريخية وجغرافية واجتماعية تميزت بها عدن وماتزال، على الرغم مما تواجهه اليوم من تهميش وإهمال لاسيما على المستوى الثقافي حتى أن عدداً من المقرات والمنشآت المخصصة للنشاط الثقافي جرى السطو عليها ضمن ما جرى السطو عليه بعد حرب 1994م ومن بينها مقرات مشهورة كانت تابعة لاتحاد والأدباء والكتاب اليمنيين، كما جرى السطو على معالم تاريخية وثقافية في أماكن مختلفة في عدن.. ولكن ما مناسبة هذا الكلام في هذا المقام؟ إننا بهذا نريد أن نلفت انتباه محافظ عدن الجديد الدكتور عدنان الجفري ابن عدن وابن جامعتها إلى هؤلاء المبدعين أفراداً واتحادات وجمعيات، وإلى الوفاء مع من رحل منهم من خلال الاهتمام بما خلفوه للأجيال من إبداع في مختلف الميادين فكرياً ومادياً، وإلى حماية الآثار والمواقع التاريخية من عبث المتنفذين والفاسدين. إن هذا العدد الكبير من المبدعين الذين أنجبتهم عدن وخرّجتهم ليستطيع المرء أن يفاخر بهم أمام تاريخ أي مدينة عربياً وإنسانياً ليس من حيث الكم ولكن من حيث نوعية الإبداع وتنوّعه وتعدّده وتكامله.

إن كل المبدعين في عدن اليوم يعيشون وضعاً استثنائياً وقد انعكس هذا الوضع سلباً على الحياة الثقافية والأدبية والفكرية والفنية وغيرها بوجه عام.. فإذا كانت عدن نفسها هي التي احتضنت قيام اتحاد الأدباء والكتاب اليمنيين في مطلع السبعينات من القرن الماضي الذي ظل مقره فيها حتى قيام الوحدة اليمنية ومايزال النظام الداخلي للاتحاد ينص على أن المقر الرئيس هو عدن، فإن أدباء عدن اليوم وكتابها صاروا فرعاً من فروع كثيرة.. فرع من غير ضرع بميزانية نصف سنوية لا تتجاوز ما ينفقه واحد فقط من الفاسدين المتوسطين سحابة نهاره. إن هذا الفرع - الأصل - ينظم فعاليات اعتيادية بمعدل فعاليتين في الشهر ويقيم مهرجانات عدن الثقافية السنوية النوعية ويصدر مجلة فصلية «المنارة» من غير ميزانية مع أنها المجلة الثقافية الوحيدة التي تصدر في عدن وتطبعها جامعة عدن مجاناً فضلاً عن أعباء كثيرة يواجهها الفرع. إننا من على هذه الشرفة القصية نلوّح لأخينا المحافظ الدكتور وهو في زحمة الهموم اليومية والرسميات والمقابلات التي لا يحضرها المبدعون عادة، مشيرين إلى هذه الشريحة النوعية الواسعة في عدن فمنهم المرضى ومنهم العجزة ومنهم المحبطون ومنهم المحتاجون للرعاية المعنوية والمادية أفراداً ومنتديات واتحادات ولكنهم عزيزون وشامخون عزة عدن وشموخها فلن تجدهم في أروقة ديوان المحافظة.. إنهم ينتظرون من يشرفهم بالإتيان إليهم وقد كان سلفك الأسبق الدكتور يحيى الشعبيي - رعاه الله - يزورهم إلى بيوتهم وغرفهم البائسة وإلى مقراتهم ومنتدياتهم.. ولانراك إلا خير خلف لخير سلف.

[email protected]

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى