جيل الغضب والاحتمالات القادمة

> عبدالله أحمد الحوتري:

> لم يعد وجود للحكمة اليمانية عندما يرفض من يدعي الحكم الاستماع للأصوات الداعية لإصلاح الخلل ولا يعير اهتماما لصراخ الجياع وأنات المرضى والعاطلين عن العمل والمقاعدين قسراً والنصف مقاعدين (خليك بالبيت) من أبناء المحافظات الجنوبية والشرقية.

المنادون بالإصلاح السياسي يتهمون بالعمى لأنهم لا يرون الإنجازات العظيمة وقصور الأمراء الشامخة، حسناً لنرَ المستقبل القريب، لقد قلتم إنكم لا تعولون على جيل الصراعات القائمة ما قبل الوحدة، الجيل الذي شارك في الحرب على الجمهورية العربية اليمنية واحتلها إلى رداع، والذي عليه أن يدفع الثمن اليوم بعد أن صار نظام ورموز الجمهورية العربية اليمنية هم المسيطرون على الجنوب كاملاً بعد وحدة غدر بها، أنتم تعولون على الجيل القادم الخالي من العقد حسب قولكم.. إنكم واهمون.. ألا تعلمون أن الجيل القادم هو جيل الغضب؟ ألم يكونوا أبناء الجيل المتهم بالانفصالية، وأصحاب النظارات السوداء؟

إن معاناة الجيل القادم أكبر بكثير من معاناة جيل الصراعات، إنه جيل البطالة بعد أن أفنى السنوات الأولى من العمر في التحصيل العلمي بغية الحصول على الوظيفة الرفيعة لخريجي الجامعات والدراسات العليا والمعاهد بمختلف تخصصاتها.. ماذا وجد؟ هل تحقق طموحه؟ طبعاً لا.. إنهم لم يقبلوا كجنود متدربين، فعندما وصل البعض منهم إلى معسكرات الاستقبال أغلقوا الأبواب في وجوههم، وعندما غضبوا من هذا التصرف واجهوهم بالرصاص والسجون، هذا حال الجيل الذي تعولون عليه.. لا نعتقد أنهم سيقبلون استمرار هذا الوضع، فقد تربوا تربية لا تقبل ولا تستكين للظلم، لقد بدأ التململ في أوساط هذا الجيل وتصدر هذا التململ طلاب الجامعات ثم الثانويات والمعاهد وتلاميذ المدرسة الموحدة وتلاقوا مع جمعيات الشباب العاطلين عن العمل في حراكهم السلمي، الذي عم كل المحافظات الجنوبية والشرقية. إن هذا الجيل عندما يدرك أن حلمه «في مستقبل تتحقق فيه الوظيفة المناسبة والدخل المناسب والمستقبل الآمن» لن يتحقق عندها لن يقبل السكوت ولن يتردد في قيادة قافلة التغيير، فهو الجيل الأكثر جرأة وإقداما وعناء، نحن واثقون أن هذا الجيل هو الأكثر قدرة على إحداث التغيير وعندما يتحرك ويتولى قيادة الحراك السلمي ستتغير الموازين.. إنه الجيل الذي يقدم التضحيات مختاراً في سبيل تحقيق طموح الأمة.

هذا الجيل ستسعى قيادة التغيير إليه، وعندما يتحملها لا يحسب الفائدة والخسارة الخاصة، بل يمضي بعناد إلى تحقيق الطموحات العامة.

إن حديث السلطة عن الثقة بالأجيال القادمة إنما هو نوع من الترحيل العبثي للقضايا وللوقت أيضاً. والأجدى بالقائمين على أمر البلاد هو تحقيق طموحات تلك الأجيال عندها سيكسبون ثقتهم، بدون ذلك فهم يهيئون للقادم بما يعتمل من مفاسد في الحاضر، هذه المفاسد كفيلة بتوليد جيل جريئ ناقمً.

قبل ثمانية عشر عاماً كانت أصوات أبناء المحافظات الجنوبية والشرقية بهتافاتها المطالبة بتحقيق الوحدة تصم الآذان، واليوم نسمع هتافاتهم تستنكر الظلم.. لماذا؟ لم يكن السبب الأساس إسقاط تمثيل الجنوبيين في السلطة بعد حرب 94م كشركاء في الوحدة، لكن العقاب الجماعي الذي طال كل أبناء الجنوب هو السبب الأساس.

المواطن الجنوبي لو شعر بأفضلية الحياة بعد حرب 94م قد لا يهتم بالصراع السياسي على السلطة، لكن الشارع الجنوبي يبدو أنه قد خاب أمله في الوحدة عندما تحولت طموحاته وآماله فيها إلى سراب.

وعندما خرجت طلائع تعبر عن رفضها لما يجري وتدعو إلى دفن ضغائن الماضي وتوحيد صفوف المقهورين في حركة سلمية عمت المحافظات الجنوبية والشرقية، وجهت لهم تهم الخيانة والانفصالية وغيرها، وزج بهم في السجون تمهيداً لمحاكمتهم، ويجري العمل على استصدار قوانين تجرم النضال السلمي ذا الطابع الجنوبي غير مدركين أن مثل ذلك إنما يعمق مشاعر الانفصال في النفوس.

من يحب الوحدة عليه أن يتدارك تراكم أساليب القهر والإذلال، ويبحث عن الحلول المزيلة لتلك التراكمات السلبية، والفيدرالية أفضل من الانفصال.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى