ماهذا الضنك؟!

> علي سالم اليزيدي:

> كنا نسمع عن أمراض وأسماء الأوبئة تأتي من بعيد أو مرت بمناطقنا قبل أن نولد، رأينا الجدري في وجوه من أصابهم، والذي نطلق عليه شعبيا (القطيب)، ولكنهم علمونا في المدارس ما هو البعوض، وكيف نقضي عليه في بيوتنا، وداخل زير الماء، بل كان الناس يأتون بيرقات الماء الحلو (العنابير)، بحيث نضعها وسط أوعية الماء لتأكل يرقات البعوض، وأصبح هذا شرطا صحيا هاما، يراقبه عمال النظافة في البلدية حينما يدخلون البيوت يفحصون المنازل بالقيام بالرش والوقاية والرقابة الدورية المفاجئة، وكم كان لهذا قيمته في أوساط الناس لشدة خوفهم من التقصير والعقاب, وتطور ليصبح سلوكا ووعيا صحيا داخل البيت وفي الشارع على حد سواء.

كنا نصطف طابورا قبل بدء الدراسة لنأخذ جرعة التطعيم بالوخز في الكتف أو اليد، مثلما هو ماثل (كعلامة) علينا، وكأنما نحن أبناء أسرة واحدة ذهبت للتطعيم في وقت واحد، كانوا يفتشون عن القمل وسط شعر رؤوسنا، وكم عدنا إلى أمهاتنا ونحن نحمل صابونا هدية، كنا فرحين بكل هذا، نعم يتناهى إلى مسامعنا أن ما يفعلون تجاهنا من عناية ووقاية بسبب انتشار بعض الأمراض، إلا أننا لانعرف ما هي وأين كانت، وما اسم تلك البلاد البعيدة التي تخاف من مرضها، بحجم ما يتوفر لدينا يومئذ من أنباء أن هناك مرضا يقال له (الوعويع) ما هو هذا؟ هكذا نردد وإلى اللحظة لاندري ما لونه و أوصافه، ومثله ما يصيب الدجاج المنزلية، وقالوا هذا مرض (العوش) إذ تتيبس الدجاجة وتموت، ويومها نأخذها فرحين ونرميها في بحر المكلا وجنبها نغتسل ونمرح ولا خوف.

من منا لايتذكر كيف كنا نشرب من صنابير المياه، وكذا من مياه العيون والبراميل المفتوحة ومن قنوات الماء (العتم) الصافي العذب بسنح الجبل وكل البلاد تشرب منه، إلى زمن قريب قبل الاستغناء عنه، وبدلا من إبقائه كمعلم لتاريخ المدينة حطمناه، وبعنا كل شيء من الميناء وما تحت البحر، وما أظرف عندما نشرب بقلاصات العلب الفارغة للفاصوليا، والأناناس الذي لايأكله إلا الميسورون حينذاك، ولم نفعل هذا لأيام بل سنوات من عمرنا.. كانت نوايانا مثل أهلنا ومن عايشنا، التوكل على الله، كل شيء حولنا نظيف، بحرنا صافٍ وحتى الطين بيضاء، نأكل البيدانة من الشجرة في فوة أو الغيل، ومن صبح الله نبكر إلى صاحب الباخمري والكعك وهو حار من المقلى (الكري) لا سليط مغشوش ولا دقيق فاسد، وحتى الفاسد يهرب ويباع للفقراء، نحن غدونا أولئك الفقراء، وفوقنا علية القوم وكل الفاسدين الشرعيين.

ماهذا الضنك؟! ألم يكفِ ما بنا من ضنك الحياة حتى يداهمنا هذا المرض الخبيث والعياذ بالله؟! ولانسمع إلا صرختنا ترتد إلينا، كل دول العالم تعلن عما بها، وتنشد العون والتضامن إلا نحن ننكر، وهذا عندما يبلغ الاستهتار وقلة الحياء أقبح صوره!، نحن وهذه الحكومة والسلطة المتآخية ورجالها والقائمون عليها نعيش في ما بنا من ضنك!.

إن التساؤل الذي يضعه المواطن أين حقوق الإنسان في وطننا ضد الإهمال، والوقاية، أم أن حتى هذا الضنك هو بفعل أقاويل المرجفين ونظرتهم السوداء.. لاندري!.

ما هذا الضنك، وقد جرثم علينا الأجواء؟! زعقنا من ما بنا من ضنك طال ليله، أتانا ضنك آخر يسحب ذيله، وكما قالوا في الأمثال «رب ضنك أفضى إلى ساحة وتعب إلى راحة». وقانا الله وإياكم ما ظهر وما بطن من شر.. آمين!.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى