الحلقة الرابعة ..الدورة الثانية 1900..فشل تنظيمي ومشاركة نسائية

> قطر «الأيام الرياضي» عن الجزيرة الرياضية:

>
استضافت باريس دورة الألعاب الأولمبية الثانية العام 1900, وذلك وفقاً لاتفاق سابق جرى في المؤتمر الأولمبي الأول في العام 1894, حيث أعطيت أثينا حق الاستضافة الأولى, وباريس الثانية, علماً أنه أثناء انعقاد الدورة الأولى في اليونان في العام 1896, طلب اليوناني ديميتريوس فيكيلاس رئيس اللجنة الأولمبية وقتذاك أن تنعقد الدورة كل أربعة أعوام في أثينا فقط, لكن كوبرتان عارض الفكرة بشدة, معتبراً أن أهداف اللقاء الأولمبي تنتفي حين تنعقد الدورة فقط في اليونان.

فشل ذريع

لم تشهد الدورة الثانية أي حفل افتتاح أو اختتام, ذلك أنها أقيمت كجزء من معرض باريس الدولي وقتذاك, الأمر الذي أثر سلباً على الدورة وأفقدها أية قيمة فكانت باهتة طويلة إذ استمرت منذ 14 مايو حتى 28 أكتوبر من العام 1900 فلم تثر الاهتمام, مما دفع بكوبرتان إلى القول أن استمرار الحركة الاولمبية بعد هذه الدورة يكاد يكون معجزة, وقد تخلل الدورة عرض واحد في الثالث من يونيو 1900, قام به لاعبو جمباز في ستاد فيلودروم ديفينسين (velodromme de Vincennes) وذلك احتفالاً بالعيد الوطني لاتحاد جمعيات الجمباز في فرنسا.

وكادت هذه الدورة أن تقضي على الفكرة الاولمبية, إذ أن لجنتها المنظمة التي كانت تابعة لنظيرتها المشرفة على معرض باريس الدولي الذي امتد أشهراً مستقطباً الملايين, لم تستخدم كلمة أولمبية في المسابقات, وحل مكانها في تقرير اللجنة المنظمة الرسمي «مسابقات دولية في التمارين البدنية والرياضة», أما الصحافة فكانت تائهة بين تسميات متعددة, «الألعاب الدولية», و«بطولة باريس» , و«البطولات الدولية», و«غران بري معرض باريس», وغيرها, مما أصاب كوبرتان بالإحباط وهو الذي اعتقد أن تزامن الحدثين سيمنح الأولمبياد المزيد من الشعبية, إلا أن النتيجة جاءت بجهل العديد ممن شاركوا في هذا الاولمبياد, أنهم خاضوا ألعاباً أولمبية حتى ممن فاز منهم.

شارك في هذه البطولة أربع وعشرون دولة, مثلها تسعمائة وسبعة وتسعون رياضياً, بينهم 22 إمرأة, وهذه كانت المرة الأولى التي تشارك فيها النساء, فباتت الفرنسيتان السيدة بروهي والآنسة أونييه, أول امرأتين تشاركان أولمبياً, وكانت رياضتهما الكروكيت,عموماً فقد تنافس المشتركون والمشتركات في خمس وتسعين مسابقة, اشتملتها تسع عشرة لعبة هي كرة القدم, المبارزة, الغولف, الدراجات الهوائية, الفروسية, الكروكيت, الكريكيت, ألعاب القوى, الرماية (من ضمنها القوس والنشاب), الجمباز, الغطس, السباحة, كرة المضرب, شد الحبل, بولو, كرة الماء, الإبحار, التجذيف, والركبي.

العديد من الرياضيين الفائزين لم ينالوا أية ميدالية, بل كانت جوائزهم عبارة عن كأس أو جائزة تقديرية, وقد شارك محترفون في هذه الألعاب, خصوصاً في رياضة المبارزة, أو السلاح, ونال ألبرت روبرت, الذي فاز بمسابقة سيف المبارزة, جائزة مالية قدرها, ثلاثة آلاف فرانك, والملفت في هذه الدورة إدراج بعض الرياضات غير الاعتيادية, والتي دخلت البرنامج فقط في النسخة الثانية الأولمبية ولم تعد تظهر, مثل ركوب الخيل مع الوثب العالي والطويل, والسباحة مع الحواجز, والرماية على الحمام الحي.

أبرز المسابقات

جرت مسابقات ألعاب القوى في راسينغ كلوب دي فرانس racing club de france, ولم يكن يوجد مضمار مجهز, فأجريت سباقات الجري على أرض عشبية غير مستوية, مزروعة بالأشجار, وشملت المسابقة بعض المنافسات الخاصة بالمحترفين, بالإضافة إلى بعض السباقات الخاصة بالمقعدين, لكنها لم تكن أولمبية ولم تعتمد نتائجها في الترتيب, وقد سيطر رياضيو الولايات المتحدة على سباقات الجري السريع السبع فحصدوا ثلاث عشرة ميدالية منوعة من أصل إحدى وعشرين ممكنة, فتمكن رياضيو جامعات كولومبيا وبرنستون وبينسيلفينيا, من حصد الذهب..وفي كرة المضرب شهد الدور نصف النهائي مشاركة لثلاثة أبطال سابقين لدورة ويمبلدون, بينهم الفائز بذهبية المسابقة في الفردي والزوجي, الإنجليزي لورنس دويرتي Lawrence Doherty, الذي يملك في سجله خمس بطولات فردي في ويمبلدون, وقد وصل إلى النهائي بعد انسحاب أخاه الأكبر, وتفضيله عدم مواجهة شقيقه الصغير مما جعل الكثير يعتبر أن المسابقة ثانوية لدى الرجال, بعكس السيدات التي لاقت اهتماماً لرؤية أول بطلة أولمبية لدى السيدات, وكانت الانجليزية شارلوت كوبر charlotte cooper الأبرز إذ فازت بذهبية الفردي والزوجي المختلط.

أما بالنسبة للسباحة,فقد استضافت مياه نهر السين غير النظيفة المسابقات, شأن دورة 1896 التي جرت في البحر وليس في مسبح خاص, وقد تمكن السباحون من تحقيق أزمنة سريعة جداً قياساً على أوقات ذلك الزمان, بسبب التيارات, وقد برز جون أرثور john arthur من بريطانيا العظمى, وفريديريك لاين Frederick lane من استراليا, وإرنست هوبنبرغ من ألمانيا Ernst Hoppenberg, وقد نجح كل من السباحين الثلاثة في الفوز بميداليتين ذهبيتين. وفي رياضة الركبي شاركت ثلاث دول هي فرنسا وألمانيا التي مثلها فريق من فرانكفورت, وانجلترا التي تمثلت بفريق موسلي واندررز, وقد نجحت فرنسا في الفوز بالذهب, بعد أن هزمت منافسيها, في حين أن مباراة تحديد المركزين الثاني والثالث لم تقم فتم منح المركز الثاني للفريقين سواسية, مع العلم أن الفريق الانجليزي كان قد خاض مباراة في بلاده قبل الوصول لفرنسا صباح اليوم الذي كان مقرراً فيه أن يخوض لقاءه, فلعب العصر, وسافر مباشرة صباح اليوم الذي تلا عائداً إلى بلاده.

وفي رياضات أخرى نجح فريق هواة من لندن أبتون بارك أف سي في الفوز بأول ذهبية لكرة القدم, بعد أن هزموا الفرنسيين أمام خمسمائة متفرج, وفي المبارزة شاركت تسع عشرة دولة, ونجح الفرنسيون في السيطرة عليها بالإضافة لرياضيين من كوبا وإيطاليا, وفي رياضة الغولف فازت تلميذة كلية الفنون في شيكاغو مارغاريت إيفز أبوت بالذهبية.وقد توفيت العام 1955 من دون أن تعرف أنها أحرزت ذهبية أولمبية, وذلك بسبب ضعف بطولة العام 1900 من جميع النواحي, وباتت أول بطلة أولمبية أميركية.

وقفات بارزة

الفين كرايزلين

كان كرايزلين أبرز من شاركوا في الألعاب الاولمبية العام 1900, فقد نجح في الفوز بأربع ذهبيات في غضون ثلاثة أيام فقط، فقد فاز في الـ60 متراً والـ110 أمتاراً حواجز, والـ200 متراً حواجز, والوثب الطويل, وقد سمحت التقنية التي استخدمها كرايزلين في عدو الحواجز (مد الساق الحرة أثناء القفز)في تحقيقه رقمين عالميين, بالإضافة إلى أنه كان يملك خمسة أرقام عالمية في الوثب الطويل حقها العام 1899.

أما منافس كرايزلين الأبرز فكان ميير برينشتاين, الذي تصدر مسابقة الوثب الطويل في التصفيات, قبل أن يخسر بفارق سم واحد أمام كرايزلين بسبب منعه من خوض النهائيات من قبل مدربه كونها جرت يوم الأحد, ويعود الأمر لاعتبارات دينية.

راي إيوري

هو من أبرز رياضيي الألعاب الاولمبية, فاز بثماني ذهبيات في دورات 1900 و1904 و1908. لكنه كان غير معروف كثيراً كون المسابقات التي فاز بها وهي الوثب الطويل والعالي والثلاثي, من وضع الوقوف لم تعد موجودة على الجدول الاولمبي وألغيت من البرنامج منذ دورة 1912, والملفت في هذا البطل المولود في 14 أكتوبر العام 1873, أنه عانى من شلل الأطفال وهو صغير قبل أن يتعافى تدريجياً وأخذ في التدرب بشكل فردي إلى أن بات أحد أبرز الرياضيين الأولمبيين.

شارلوت كوبر

باتت البريطانية شارلوت كوبر أو بطلة أولمبية بفوزها بمسابقة كرة المضرب, لكنها ليست الأولى التي تتوج بميدالية ذهبية, كون هذا العرف لم يكن موجوداً في دورة فرنسا العام 1900. ولدت شارلوت كوبر في 22 سبتمبر العام 1900, وكانت عضواً في نادي إيلينغ لاون الانجليزي لكرة المضرب, وبدأت مسيرتها مع الألقاب في العام 1895 حين فازت بلقب دورة ويمبلدون على حساب الاسترالية هيلين جاكسون 5-7 و6-8, ثم أحرزت اللقب أربع مرات أخرى, في أعوام 1896 و1898 و1901 و1908, وقد فازت في فرنسا بذهبيتي الفردي والزوجي المختلط.

ميير برنستن

تصدر ميير برنستن مسابقة الوثب الطويل في مراحلها الأولى, وكانت وقتها النتائج تحتسب من التصفيات حتى المراحل النهائية, لكنه خسر المركز الأول لمصلحة الفين كرايزلين بعدما امتنع عن خوض المرحلة الأخيرة كونها جرت الأحد, وهذا يوم مخصص للعبادة وفقاً لاعتقاداته ومدربه, فغضب كثيراً عقب خسارته بسم واحد فقط.

فما كان منه إلا أن هاجم منافسه الفائز كرايزلين ولكمه, علماً أن اللاعبين أميركيان, وقد اعتبر ميير أنه كان يجب على كرايزلين عدم اللعب, احتراماً للدين.

الكروكيت

شارك في هذه الرياضة في فئة الرجال, متبارون فرنسيون فقط من باريس, لكن المفارقة أن التذكرة الوحيدة التي بيعت لحضور منافسات هذه اللعبة اشتراها رجل انجليزي, حضر خصيصاً من مدينة نيس إلى باريس لحضور المنافسات, التي شهدت أيضاً أول ظهور نسائي أولمبي كمشاركة, عبر الفرنسيتين فيلول بروهي وأونييه, لكنهن خسرن أمام المشاركة الوحيدة الأجنبية هي البلجيكية مارسيل هانتينز, كما شهدت الكروكيت مسابقات للمقعدين.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى