رجل بصورة المثقف الذي لايخشى في الحق لومة لائم

> «الأيام» خالد حمدان مساوى:

> من الصعب جدا أن نكتب عن رجل أخلص لنفسه قبل قلمه.. من الصعب أن تجد رجلا أحبه الناس لصدق كلماته، وجرأة عباراته.. رجل تعددت كتاباته واهتماماته.. من الصعب أن نختصر ذلك كله بمقالة وجيزة أو كلمات جياشة، لكن يجب أن نذكر أمره، لعلنا نفيه حقه.

إنه المؤلف المسرحي المعروف والكاتب المبدع صاحب القلم اللاذع الأستاذ سعيد عولقي، وإذا ذكرنا اسم هذا المبدع سرعان ما تتبادر إلى الأذهان مسرحية (التركة) إخراج الناقد والمخرج الراحل أحمد الريادي.

ومسرحية (التركة) التي أضحت أشهر من نار على علم، لايختلف عليها اثنان، إنها من أبرز وأفضل ما قدم من أعمال مسرحية ناجحة جماهيريا في الحركة المسرحية قبل ثلاثة عقود من الزمن، ولاتزال عالقة في الذاكرة إلى يومنا هذا.

والمبدع دوما سعيد عولقي مؤلف كتاب (سبعون عاما من المسرح في اليمن) الذي استعرض فيه تاريخ ومسيرة المسرح ومراحل تطوره في اليمن منذ بدايته في عام 1910 حتى نهاية عام 1979، ليغطي 70 عاما من عمر المسرح اليمني في جنوب اليمن وشماله.

ويعتبر هذا الكتاب هو الأول من نوعه في المكتبة اليمنية والعربية والأجنبية، وأحد أهم المراجع للأجيال القادمة، ليسد لهم هذا الكتاب فراغا ظل قائما زمنا طويلا في مجال الفن المسرحي، ولأنني من أشد المعجبين بكتابات وأعمال أستاذنا القدير سآتي بسؤالي الذي لم أجد له إجابة، ترى ما هو سر ابتعاد المؤلف سعيد عولقي عن التأليف المسرحي والتأليف الدرامي؟. ولكوني حظيت بشرف المشاركة في أحد أعماله الدرامية في المسلسل الكوميدي (طحطوح) إخراج المبدعة المتألقة دائما نادية الغضب، فقد شكل لي هذا المسلسل محطة مهمة، وأضاف لي الكثير في حياتي الفنية المتواضعة، لهذا ساقني فضولي إلى سؤالي الحائر.

ومع هذا وذاك لم يجف حبر قلمه ولا مخيلته الخصبة، لم يبتعد كثيرا عن الأدب، بل تواصل وأجاد فن كتابة المقالة، وبطريقة خاصة جدا كل أربعاء في صحيفة «الأيام» صحيفة كل القراء داخل الوطن وفي المهجر.

وظهر بشكل أقوى مما مضى، ولم يكن غائبا عن ممارسة حقه في التغيير والتعبير عن رؤية الحقيقة الكامنة في أن الإنسان هو أثمن ما في الوجود، وأن التفريط به تفريط بكل القيم التي بناها المجتمع طيلة حقب التاريخ.

تميزت مقالاته بكلمات بسيطة وسهلة، بلغة الحياة اليومية التي تتدفق على الألسنة لتبحر بنا إلى أعماق جوهرها، وأجمل ما فيها القفشات الساخرة بنكهة الكوميديا العفوية بأسلوب السهل الممتنع.

لطالما صور لنا في مقالاته العديدة والمتنوعة التزامه بقضية الإنسان، ومعالجة جروحه والتخفيف عن آلامه، في زمن الجميع فيه يسحقون تحت وطأة القهر والذل والخوف، كدلالة على السقوط من الآدمية إلى الحيوانية.

هكذا اعتدنا منه أن يدفع قلمه لكتابة الكلمة الصادقة، ولايخشى في الحق لومة لائم، ولا أدري إذا كنت قد وفقت في إعطائك حقك أم قصرت، وحسبي أنني حاولت.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى