مداخلة «الأيام» في الحلقة النقاشية التي نظمها مركز اليمن لدراسات حقوق الانسان بالتعاون مع مؤسسة فريدريش ايبرت.. لنتحاشَ إسقاط رواية «1984» على واقع الكتاب والصحفيين

> عدن «الأيام» خاص:

> شاركت «الأيام» في الحلقة النقاشية التي نظمها مركز اليمن لدراسات حقوق الإنسان بالتعاون مع مؤسسة فريدريش إيبرت المنعقدة في الفترة 24-23 يوليو 2008م بعدن تحت عنوان «تعزيز التعددية الحزبية والسياسية وحرية الرأي والتعبير ودعم التحولات الديمقراطية في اليمن»، بمداخلة موسومة بـ(لنتحاش إسقاط رواية «1984» على واقع الكتاب والصحفيين) ألقاها الزميل د. هشام محسن السقاف.. وفيما يلي نصل المداخلة:

مكونات المداخلة :

1- الواقع الجميل على الورق.

2- الواقع المأزوم على الأرض.

3- إسقاط رواية 1984م لجورج أورويل على الواقع المعيش.

4- ردم الهوة بين الواقع الجميل والواقع المأزوم.

1- الواقع الجميل على الورق :

أعلنت الجمهورية اليمنية على رؤوس الأشهاد في المادة (6) من دستورها بأنها تؤكد العمل بميثاق الأمم المتحدة والإعلان العالمي لحقوق الإنسان وميثاق جامعة الدول العربية وقواعد القانون الدولي المعترف بها بصورة عامة .

هناك عناوين بارزة للإعلان العالمي لحقوق الإنسان ولكل عنوان من تلك العناوين عناوين فرعية، أما البارزة منها فهي :

1- الحقوق المدنية 2- الحقوق الأساسية

3- الحقوق الاقتصادية 4- الحقوق الاجتماعية 5- الحقوق الثقافية

كفل الدستور اليمني هذه الحقوق في مواد مختلفة منها :

المواد (56،52،51،50،48،47،46،45،44،43) وهي الخاصة بأهم الحقوق المدنية.

والمواد :(4، 5، 28، 41، 42، 57) وهي الخاصة بأهم الحقوق السياسية .

والمواد : (7، 27، 79، 53، 55) وهي الخاصة بأهم الحقوق الاقتصادية .

والمواد:(7، 27، 53، 55، 79) وهي الخاصة بأهم الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية وغيرها من المواد.

كما أن هناك ضمانات كفلها القانون، التي سارت بموازاة عدد من المبادئ منها: عدم تطبيق القوانين الجنائية بأثر رجعي ومبدأ الاختصاص المكاني ومبدأ قرينة البراءة، ومن الضمانات : ضمانات التفتيش وضمانات الاستجواب وضمانات الحبس الاحتياطي وضمانات المتهم في مرحلة المحاكمة وغيرها من الضمانات .

(لمزيد من التفاصيل راجع كتاب: «القسطاس: الحماية القضائية لحقوق الإنسان في اليمن»)

2- الواقع المأزوم على الأرض :

ألقى سعادة بان كي مون الأمين العام للأمم المتحدة في الفاتح من مايو هذا العام كلمة بمناسبة اليوم العالمي لحرية الصحافة، جاء فيها:«أن الهجمات على حرية الصحافة هي هجمات ضد القانون الدولي ..وضد الإنسانية وضد الحرية ذاتها.. ضد كل ما تمثله الأمم المتحدة».

إن الواقع العربي عامة واليمني خاصة مرير، ووضع حقوق الإنسان فيه يعد الأكثر تخلفاً بين دول العالم، كما أفاد الأخ عبدالهادي الخواجة، رئيس مركز البحرين لحقوق الإنسان واستطرد الخواجة في إفادته بالقول بأن «الحكومات تعتبر منظمات المجتمع المدني خطراً وتتعامل معها بالقمع». (لمزيد من التفاصيل: راجع «الأيام»، 13 أغسطس 2006م).

لو وقفنا أمام أوضاع الصحافة والمنتسبين لها من معشر الصحفيين أو الكتاب والمعنيين بمنظمات حقوق الإنسان التي نذر رجالها ونساؤها أنفسهم للدفاع عن حرية التعبير والرأي، ومن ذلك ما تعرض له زميلنا جمال عامر من تعسف خلال الفترة الممتدة من العام 2000م وحتى العام 2008م ومن نماذج ذلك التعسف صدور أمر قضائي في فبراير 2000م بمنعه من الكتابة ووقف صحيفة «الوحدوي» مدة شهر واحد، وتعرض في هذا العام لإجراء تعسفي بإغلاق صحيفته وانتصر له القضاء، وكان قبل ذلك قد تعرض للاختطاف والاعتداء عليه في منطقة نائية في إحدى ضواحي العاصمة.

ومن تلك الوقائع، تعرض الزميل عبدالكريم الخيواني لسلسلة أعمال تعسفية كان أولها في 20 أغسطس 2002م عندما جرت محاولة لاختطافه والاعتداء عليه بالضرب من مجهولين وتعرض ويتعرض الزميل الخيواني لصنوف العسف والعذاب وهو يرزح حاليا في السجن المركزي بعد أن أعلنت محكمة متخصصة حكماً بسجنه ست سنوات دون تلاوة الحيثيات، مما يؤكد أنها محكمة استثنائية .

كما نذّكر بإجراء الزميل هشام باشراحيل عندما سجل بلاغاً في 25 مايو 2000م لدى نقابة الصحفيين بأنه (أي رئيس التحرير «الأيام») تلقى تهديدات من مدير أمن محافظة عدن بإشعال الحريق في صحيفته أو تعريضه للإصابة بأذى بسبب نشر الصحيفة مقالاً في مارس 2000م حول تدمير قوات الأمن لمعبد يهودي في عدن .

إن الوقائع لا حصر لها، إلا أن المنظمات رصدت في العام 2007م سجلاً غير مسبوق كماً ونوعاً لحوادث انتهاكات واعتداءات جسيمة تعرض لها صحفيون وكتاب، واتسعت مساحة الانتهاكات للدستور والقانون خلال النصف الأول من العام 2008م ، ومن مظاهر تلك الانتهاكات : انتهاك قدسية مبدأ الاختصاص المكاني، حيث تم مداهمة منازل كتاب وناشطين حقوقيين من عدن في غرة إبريل 2008م بصورة وحشية ومخالفة للقانون، وتم اقتيادهم إلى صنعاء والتحقيق معهم هناك والتسويف في محاكمتهم حتى الآن .

3- إسقاط رواية «1984» لجورج أورويل على الواقع المعيش :

رواية «1984» للروائي الإنجليزي جوج أورويل (صاحب الرواية المشهورة «مزرعة الحيوانات» (ANIMALS FARM)، وتعتبر هذه الرواية «1984» من الروايات التي أشير إليها بالبنان وقد قرأها عشرات الملايين من البشر من خلال 62 لغة، وأحدثت ضجة في كل الأوساط الأدبية .

صدرت رواية «1984» في يونيو 1949م إلا أنها مثلت قراءة مبهمة لأشياء مستقبلية طارئة، حيث اعتبر المؤلف عامي 1980و 1982م هما زمن روايته وأن ما هو على وشك الحدوث، ربما يحدث بعد عامين أو أربعة أو قد لايحدث أبداً. (راجع قراءة للرواية في مجلة «الدوحة» فبراير 1984م، ص 88) .

تتحدث الرواية عن دولة خيالية هي دولة «أوشانيا العظمى» وتدير شؤونها أربع وزارات هي : «وزارة الصدق» ومهمتها تزييف الحقائق والقضاء على الوثائق التي تذكر الناس بالماضي و«زارة السلام» وتتولى شؤون الحرب والإعداد لها و«وزارة الوفرة والرخاء» وتتولى مهمة تخفيض الحصص التموينية المخصصة للأفراد، وأكثر الوزارات بثاً للهلع والرعب في قلوب المواطنين هي «وزارة الحب» التي تعنى بحفظ النظام وتنفيذ القوانين، فإذا سمعت أن فلانا قد أصابه مكروه فاعلم أن المكروه من صنع «وزارة الحب» شكلاً و«وزارة الرعب» مضموناً .

إذا طفت في أرجاء الدولة فسترى هنا وهناك شعارات الدولة الثلاثة:«الحرب هي السلام- الحرية هي العبودية - الجهل قوة»، إن المشاهد السوريالية في رواية «1984» تذكرنا بالمتغيرات العنيفة التي عصفت بأوضاع التعددية الحزبية والسياسية وحرية الرأي والتعبير، وأمامنا المداهمات والاعتقالات والاعتداءات وتعطيل الصحف الورقية والإلكترونية على الرغم من الوجود الشكلي لمنظومة الحقوق الدستورية والإعلان العالمي لحقوق الإنسان (المادة 19) والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية (المادة19) وإعلان صنعاء لحرية الصحافة (7- 11 يناير 1996م) وإعلان صنعاء للديمقراطيات الناشئة (28- 30يونيو 1999) وإعلان صنعاء حول الديمقراطية (يناير 2004م) وإعلان صنعاء حول الديمقراطية والإصلاح وحرية التعبير (25- 26 يونيو 2006م ).

4- ردم الهوة بين الواقع الجميل والواقع المأزوم :

سنظل نحرث في البحر مالم نعمل على ردم الهوة بين الواقع الجميل على الورق والواقع المأزوم على الأرض وحجتنا في ذلك أن بلادنا تتخلف عاماً عن عام في شتى المؤشرات التي تصدرها منظمات دولية وإقليمية مختصة وحجتنا في ذلك أننا لانزال نعمل بخطط خمسية لمكافحة الفقر والبطالة ولم ننتقل بعد إلى خطط خمسية للتنمية .

من دواعي مطالبنا بردم الهوة أن ثمة عوامل ينبغي الأخذ بها لنتجاوز واقعنا المأزوم ومنها:

1- المشاركة الشعبية في حكم الوحدات الإدارية (المحلية) واحترام إرادة السكان من خلال حكم محلي كامل الصلاحيات

2- العمل على تجفيف منابع الأمية.

3- ضمان تلازم التنمية السياسية والتنمية الاقتصادية الاجتماعية والتنمية الثقافية في ثلاثة خطوط إنتاجية واعتبارها هماً وشأناً محلياً .

4- القبول بالتعدد التنظيمي والمؤسسي في شكل أحزاب ونقابات واتحادات وجمعيات، وصمام أمان ذلك :

4-1 : الفصل بين السلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية وضمان استقلال القضاء.

4-2: فهم الديمقراطية على أنها: الرقابة والمساءلة والمحاسبة وليست صندوق

الانتخاب الذي يخضع لسيطرة السلطة في البلدان المتخلفة.

4-3: الفصل بين جهاز الدولة والحزب.

4-4: الفصل بين الحزب الحاكم والقطاع العسكري.

4-5: الفصل بين السلطة والثروة.

4-6: التأكيد على مبدأ العدالة في توزيع الثروة.

4-7: التأكيد على مبدأ حرية الوصول إلى المعلومات.

5- لن تؤتي العملية الديمقراطية أكلها ما لم تطبق في سائر المنظمات السياسية والاقتصادية والاجتماعية وتطبيق مبدأ العمل بالرأي والرأي الآخر، وعلى الذين يمارسون الديكتاتورية داخل منظماتهم ألا يتوخوا إفساح الحرية لهم من الآخرين، لأن «من زرع حصد».

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى