من يده تحت الرحى ما دارها

> مقبل محمد القميشي:

> الرجال- عادة- لاتبكي.. وإذا بكت فذلك إما من قهر أو من شدة ألم.. ولانبالغ إن قلنا إن مثل هذا البكاء تهتز له الجبال.. إذ (يتفجر) ذلك البكاء كالبركان لايخمد إلا بعد حين.

وإذا بكى الرجال من قهر فإن القلب يظل مشحونا مدى الحياة ولايمكن نسيانه (القهر).. إلا في حالتين لا ثالث لهما كما أعتقد.. إما (الانتقام) وإما (الصفح) والسماح عن المتسبب في البكاء.. ومن المؤكد أننا لاندري متى يأتي أو يكون هذا اليوم المعلوم الذي يتخذ فيه المقهور أحد الأمرين (الحالتين) إلا أننا من تجربة بل تجارب ندرك أن الزمن يدور بسرعة مذهلة وتتسارع الأحداث مع دوران هذا الزمن، لذلك وجدنا أن بقاء (الحال من المحال)، فتأكد لنا أيضا أن (اليوم يومان، يوم لك ويوم عليك)، وقد وضعنا القائل أمام اختيارين للعمل بها، وكل (ذنبه على جنبه).. (اعمل لدنياك كأنك تعيش أبدا واعمل لآخرتك كأنك تموت غدا).

- هذه الحياة.. مرت بها أمور، والكثيرون منا لم يعطوها اهتماما وتناسوها، خاصة أولئك القائمون أو المسئولون عن أمور البلاد والعباد.

ولا شك أننا- جميعا- على علم بما جرى من الأحداث المختلفة بين اعتقالات ومحاكمات جراء فعاليات سلمية.. وعلى علم بما ينال أبناء الجنوب من ظلم وتعسف وقهر في سجون ومعتقلات صنعاء عاصمة وحدة 22 مايو 90م، التي يفترض أن تزرع الابتسام على وجوه الرجال، لا أن تكون عاصمة (القهر) والظلم لرجال لا ذنب لهم سوى أنهم أصحاب حق ويطالبون به، وبتحقيق أهداف الوحدة بعد أن ضلت طريقها، رافضين سياسة الضم والإلحاق والاحتواء والهيمنة وتوسع نفوذ مراكز القوى و(أبطال 7/7).

لقد كتبنا حول نقل المعتقلين إلى صنعاء وطرق اعتقالهم، وتساءلنا حول سياسة وقوانين سلطة 7/7 مع الجنوب، وكشفنا عن عدم مساواتها بسياسة وقوانين صنعاء، وفيما إذا كانت الجنوب داخلة في وحدة 22 مايو 90م، أم إنها تابعة لصنعاء عاصمة البكاء وقهر الرجال.

وآخر ما عرفه الجنوب من عاصمة البكاء- وهذا ما وصلنا من خلال ما أوردته بعض الصحف- ما يدور في (كواليس المحاكم) من أن المعتقلين قد سئموا الظلم الواقع عليهم والمعاملات السيئة في سجون صنعاء، فقرروا التخلص من هذا الحال بأية طريقة وأية وسيلة كانت، فالقهر وما يتعرض له الرجال- حقيقة- أجبر الرجال، وكان سبب تقديم اعتذارهم واعترافهم بما أراد الحاكم أن يعترفوا به.

وهذه مسألة واردة في ظل وضع قاتم، مايزال قائما على شلة تعبث بحياة الناس وأمور البلاد كيفما تشاء وتهوى، لذا وجب علينا أن نقدر أولئك الرجال الذين لن يزيدهم ما قرر منهم إلا رفعة ومكانة في نفوسنا، لعلمنا اليقين أن السياسة تتطلب ذلك.. (السياسة فن الممكن) والمثل يقول (من يده تحت الحجر يجرها بالبصر)، أو من (يده تحت الرحى ما دارها).. والرحى هي مطحنة الحبوب، ولها عدة تسميات في اليمن (رحى - مطحنة - ماورة..).

وقد عرفنا حقيقة سياسة الوضع القائم هذا.. وأدركنا أنك (الجنوبي) غير مسموح لك بالاعتصام ومحكوم عليك مسبقا بـ (القمع أو القتل أو القهر).. ثلاث (قافات) على الجنوبي أن يتذكرها قبل أن يفكر بأية وسيلة لرفض الظلم أو للمطالبة بحقوقه والعدالة والمساواة.

أدرك تماما أن كلامي هذا سيغضب الكثيرين ممن لايريدون الواقع والحقيقة، ومهما حاولنا حتما ستتسرب الحقيقة ساطعة، (ومحد يغطي عين الشمس بمنخل).

وأخيرا نذكر رموز سلطة الفيد والغنيمة (من أبكى عيال الناس لابد ما يبكونه)، ونؤكد أننا نرفض واقعا فيه القانون مفقود، والفوضى هي الموجود، وكل يحكم بمزاجه.

[email protected]

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى