«الأيام الرياضي» تفتح الملفات الرياضية مدربونا بين قوة المقومــات وهشاشتها.. المدرب الوطني .. مكانة وتميز سجلتها القدرات الخاصة وكثرة الأندية فتحت المجال أمام الكثيرين للارتزاق

> «الأيام الرياضي» خالد هيثم:

>
في ملاعب كرة القدم وعلى ظروفها التي تتجه يوما عن يوم نحو آفاق مختلفة يجيد البعض الإمساك بزمام الأمور فيها، فيجعلها في شكل أجمل وأفضل، فيما يعجز البعض عن ذلك ويبقى في موقعه لكون المقومات وتواجدها أساس في ذلك.

ولعل تناول أي قضية والحديث عنها يكون دائما وأبدا في الخوض في كل التفاصيل حتى يكون ذلك ذا جدوى ومحققا للغاية التي نبش لأجلها تناول الموضوع.. وفي كرة القدم ومقومات تطورها يظل المدرب حلقة مهمة وبارزة وأحد الأدوات التي يجب النظر إليها بعناية فائقة لتقوم بالدور المطلوب منها في العملية برمتها.

ولعلي هنا لن أخوض حديثا في ما أصبح عليه مدرب كرة القدم من قيمة كبيرة، وأهمية يضعها المتخصصون في الخطوات الأولى لهم حين يفكرون في فرقهم وتحسين مستواها.. ولكن كيف هو الحال هنا في ما يخص مدربينا أصحاب الكلمة الفنية في الفرق الكروية بكل فئاتها وليس على مستوى الفرق الممتاز (الكبار).

حديثنا في هذا الاتجاه سنحاول وبقدر ما نستطيع أن نركز فيه بما لدينا لنخرج بالفائدة، وسيكون ذلك انطلاقا من معايشته وقرب واطلاع لكثير من الحيثيات التي أصبحت ظاهرة للعيان.

مدرب كرة القدم هنا في بلادنا يختلف في أحواله وأوضاعه ومؤهلاته وقدراته من شخص إلى آخر، وهو أمر حتمي موجود في كل مكان ليس في الرياضة فحسب، ولكن في كل المجالات، إلا أن أوضاع التدريب في ملاعبنا تسير وعلى خطى متوازية مع كل الأمور الأخرى التي تعيش في أزقة الأزمات المدمنة دون القدرة على الخروج منها لترفع رايات الاستسلام على مدى السنوات التي مرت من عمر رياضتنا.

ولعل المتابع لكرة القدم والقريب من شؤونها سيجد أن المدرب في ملاعبنا تغيرت ملامح أدائه وتقنيات شخصيته وانضباطه في العمل التدريبي رغم اختلاف الوضع المالي الذي أصبح في حال أفضل مما كانت عليه في السنوات الماضية.

وحتى نجعل الصورة هنا أوضح فإن السطور لا تقلل أبدا من شأن مدربينا الوطنيين أو تنتقص من قدراتهم التي أكد حضورها وزهوها مدربون رائعون متمكنون في ما لديهم على مر السنوات مع كل ألوان فرقنا اليمنية وفي محافظات عدة في ربوع الوطن وعلى الساحات العربية والآسيوية والدولية.. ولكن الحديث هنا عن الأوضاع غير المتوازنة في هذا الجانب التي كان سببها اختلاف القدرات التدريبية عند المدربين في كل الجوانب الفنية والتثقيفية وقوة الشخصية، مما جعل التدريب في أوقات كثيرة وعديدة يذهب بعيدا عن محتواه الحقيقي، ويتصف بصفات غير مستحبة عند الجميع، ويفتحها الكثيرون (طلبة الله) دون مراعاة شيء.

والتدريب الذي أصبح علما متكاملا ويعطى له الاهتمام الكبير يجب أن ينظر إليه برؤية دقيقة من الفئات العمرية المتعددة وصولا للكبار، حيث سنجد أن الأمر عند المتخصصين وأصحاب القرار لا يعطون ذلك كثيرا بعد أن اختاروا وجهة واحدة، وهي حيث يتواجد الفريق الأول، وهو من الأخطاء الفادحة والكبيرة التي تغلف عمل إدارات الأندية في معظم الأندية مع استثناء بسيط عند البعض، كالذي حصل في نادي الصقر الذي سعى إلى إيجاد مدرب متخصص في الفئات العمرية، وبصفات احترافية خصصت في قدرات مدرب خارجي من العراق الشقيق، وأما دون ذلك فالحديث في جوانب تدريب الفئات العمرية الجزء الهام في العملية التدريبية، فالأمر في الاتجاه المعاكس، وما يدور فيه بعيدا عن القناعات ويعيش في حالة توهان ورسوخ مزمن غير قادر على الخروج منه في ظل غياب المساعي التي جاءت كحلقة في الجو العام المهيمن على هذه الفئة التي أثرنا الكتابة عنها كجزء لا يتجزأ من العملية التدريبية.

وهكذا يكون غياب الاهتمام بهذه الفئة وقيمة اختيار مدربيها يمر بنا نحو مدربي الكبار في فرقنا الرياضية التي تفتقد إلى الثبات والاستقرار ودائما ما تجد الفجوات مكانا لها، فتؤثر في مدرب ما، فينعكس ذلك على الفرق وأحوالها.

ورغم كل ذلك سيجد المتابع أن قدرات مدربينا الوطنيين كانت ولازالت في أحسن الصور وأجملها، وهي تتواجد على رأس القيادة الفنية للفرق والمنتخبات من خلال ما حققته من إجادة وحضور مميز نالت من خلاله الألقاب، واعتلت بفرقها منصات التتويج على مر التاريخ كرة القدم اليمنية حتى اليوم ، أمثال علي محسن المريسي (رحمه الله) وعبدالله خوباني (رحمه الله) عزام خليفة، عباس غلام، عبدالله عبده (رحمه الله)، عمر باشامي، فرج بايوسف ، عبدالعزيز مجذور، مقبل الصلوي، مهدي الحرازي، علي صالح عباد ، خالد سالمين، أحمد صالح قيراط، سعيد دعالة، أنور غفوري (رحمه الله) عوضين، القادري، سامي النعاش، أمين السنيني، عبدالله فضيل، عبدالله باعامر، عبدالله عتيق، وغيرهم كثير.. تلك الأسماء ما هي إلا قدرات وطنية خالصة وضعت لمدربنا الوطني مكانة وسقفا عاليا يتفوق على المدرب القادم من خارج البلاد وبكثير، وشواهد التاريخ والأحداث الرياضية تتكلم عن ذلك وبالصوت العالي.

غير أن اختلال التوازن وعبث الأمور في مجال التدريب هو بمقارنة عدد الأندية الكروية في بلادنا أزمة المدربين التي أبقت المجال مفتوحا أمام كل الاحتمالات وكل الاتجاهات ويصبح الموضوع حائرا ما بين هيبة القدرات وهشاشتها من مجاميع إلى أخرى، غير قادر على إيجاد ملامح أكثر نضجا تساعد على النهوض بواقع الجانب التدريبي وكرة القدم عامة.. فكيف يمكن لمدرب أن يخوض تجارب متعددة على مستويات مختلفة في موسم واحد وبفشل متلاحق؟!، تلك هي الأمور التي يأتي بها البعض ودون حسابات تكون جانبا سيئا في العملية التدريبية وكادرها الوطني المميز الذي لا يرضى لنفسه التعامل مع الأمر إلا بما يحفظ له المقام الرفيع الذي أوجد له حيزا كافيا بتجارب متعددة وناجحة خلال سنوات عمله المتلاحقة في هذا المجال مع اختلاف عمرها من مدرب إلى آخر.

وعلى ذلك نحن في حاجة ماسة لإعادة ترتيب هذا الجانب العام في العملية الرياضية برمتها، وذلك بإيجاد مسار آخر لما هو حاصل.. ولعلي أرى البداية تأتي من قبل أصحاب الشأن «المدربين»، وذلك بالتعامل مع الأمور برؤية فاحصة تغير الصورة التي تكونت ألوانها بأفعال البعض ممن ينتسبون إلى هذا الجانب ثم من قبل إدارات الأندية ومديري شؤونها التي عليها لعب الأدوار على منحنيات أخرى غير التي كانت، وإبرام عهد مع نفسها تضع من خلاله خطوات جديدة لترسيخها للمدربين وتعاقدها معهم، أكان في فئات فرقها العمرية أم الكبار، والتركيز في الاختيار حتى لاتكون عاملا مساعدا للبعض من المدربين الذين لا يضعون حسبة لشيء في مسألة إيجاد نقلة نوعية للفريق الذي يتولونه ويتركونها للحظ (إما صابت وإما خابت) الاعتبار في المردود المالي العائد عليهم من تلك التجارب المتتالية في غضون الموسم.

من هنا يستطيع المتابع التقييم للوضع التدريبي بسهولة، حيث سيجد أن الأمر يسير على خطين أولهما فريق متزن لديه ما يقدمه للاعب وكرة القدم تاركا بصمته في كثير من الأوقات حين تعطى له فرصة الإشراف على فريق أو منتخب، وثانيهما لا هثا في مجال ليس له به شأن مجرد ظروف جاءت به بتنقل من هنا إلى هناك دون ترك أثر بسيط يشفع لبقائه في مجال التدريب وبنسبة أكبر من الأولى.

كل ذلك جعل التدريب مجالا فاقدا لمقوماته على أرضية واقعنا باحثا عن الاستقامة في غياب العوامل التي تساعده على ذلك.

علما أن التدريب ليس اجتهادا بل موهبة خاصة تكمن في مواصفات خاصة يضاف إليها التأهل المواصل الذي يساعد المدرب على تطوير ما لديه نحو الأفضل ليكون قادرا على وضع الجديد في هذا المجال وترك البصمة في أداء اللاعب والفريق في كل الأوقات حتى وإن لم تصل النتائج إلى حالة الإشباع.

تلك هي بعض ملامح واقع التدريب في ملاعبنا التي لن يصلح حالها وتصل إلى مستوى التطلعات إلا إذا انصلح الحال والواقع المعاش في رياضتنا بكل جوانبها وأجوائها، وأخلصت النيات من قبل كل الأطراف في تحمل المسئوليات بصدق والنظر مجددا في الاختيار، وخصوصا في الفئات العمرية والاستفادة من تجربة نادي الصقر الذي أنشأ مدرسة كروية للفئات العمرية، واستقدم المدرب العراقي محمد علوان صاحب التجربة والخبرة التدريبية ليسجل بذلك خطوة أكثر من رائعة في هذا الحقل المهم الذي نحتاج إلى النظر إلى الجانب التدريبي فيه مجددا ولؤية ثقافية أكثر فهما وإدراكا، وهو مطلوب في هذا الاتجاه تحديدا.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى