رؤية تقييمية بشأن خليجي 20 في عدن.. الحدث الخليجي بين إمكانية الاستضافة من عدمها .. من المسئول عن تبديد (7) سنوات من فترة الإعداد دون فائدة؟

> «الأيام الرياضي» احمد محسن احمد:

> الأستاذ القدير د. عدنان الجفري.. المحترم محافظ محافظة عدن.. رئيس المجلس المحلي لمحافظة عدن ..تحية وطيبة وبعد.

مدخل

بدافع المسئولية الأدبية.. وتحت واخز الضمير الحي الذي مازال حيا بقوة الدفع الشديد للوقوف أمام الأمانة التاريخية لقول الرأي وإعطاء خلاصة تجربتنا الشخصية التاريخية في مجال الرياضة وكرة القدم بالذات كلاعبين مبدعين في أنديتنا الرياضية منذ العام 1958، وفي القرن الماضي كلاعب أساس في فريق عمالقة كرة القدم في نادي الجزيرة (سابقا) شمسان (حاليا) مرورا بالمشاركة في أول فريق وطني (منتخب عدن)، واللعب خارجيا في مصر العربية عام 1964 حتى قيادة نادي الجزيرة كأمين عام في العام 1968، ثم رئاسة نادي الجزيرة عام 1972، وهو العام الذي غادرت الملاعب كلاعب ودخول المجال الإداري والفني، ثم انتخابي كأمين عام لفرع اتحاد كرة القدم في محافظة عدن، فالعودة لرئاسة نادي (شمسان) الذي أصبح معروفا بهذا الاسم كبديل لاسمه السابق (الجزيرة) وكان ذلك في عام 1979، وهوالعام الذي تمَّ فيه تغيير أسماء أندية عدن جميعها، وفي العام 1980 تمَّ انتخابي كأمين عام للاتحاد العام لكرة القدم في جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية (حينها) وقبل تحقيق الوحدة المباركة وخلال الفترة من عام 1980 حتى 1986 قفزت الكرة اليمنية في الشطر الجنوبي من الوطن قفزات كبيرة وعظيمة أهمها كسب ثقة الاتحاد الآسيوي والاتحاد الدولي واللجنة الأولمبية الدولية.. فقد كان لنا شرف ترؤس العديد من الفرق الوطنية لكرة القدم التي شاركت في المسابقات الدولية والآسيوية والعربية وأهمها البعثة الكروية للنائشين التي شاركت لأول مرة في مسابقة كأس آسيا لكرة القدم للناشئين عام 1984 في المملكة العربية السعودية الشقيقة والذي احتل في هذا المسابقة فريقنا الوطني لكرة القدم للناشئين المركز الأول، وجاءت السعودية في المركز الثاني، وكان لي شرف رئاسة هذه البعثة.. كما ترأست البعثة الكروية نفسها للناشئين التي شاركت في التصفيات النهائية للمسابقة نفسها في قطر عام 1985 بصعود منتخبنا للناشئين الذي حقق المركز الأول مع منتخب السعودية للناشئين الذي حقق المركز الثاني في التصفيات الأولى في السعودية.. ومن أبرز ما تحقق من إنجاز خلال الأعوام 1980 حتى 1985 استضافة مجموعتنا في التصفيات الأولى لكأس العام عام 1985، فقد كلفت شخصيا بتمثيل اليمن في المؤتمر الدولي الرياضي في بكين التي تمت فيها (القرعة) أو تقسيم منتخبات دول العالم المشاركة في كأس العالم، حيث تمت (القرعة) تقسيم المنتخبات الدولية، فوجدت أن مجموعتنا هي الوحيدة التي عجز الاتحاد الآسيوي والاتحاد الدولي عن تحديد موعدها لأسباب الحرب الدائرة بين العراق وإيران، فكانت مجموعتنا مكونة من (اليمن والبحرين وإيران)، وبسبب الحرب اعتذرت البحرين عن اللعب في إيران، وكذا اعتذرت الدولة نفسها عن استضافة منتخب إيران عندها لسبب نفسه (الحرب).. حينها طلبت السماح لي بالقاء كلمة في الجلسة الثانية للمؤتمر وخلال كلمتي وجهت الدعوة لمجموعتنا لتلعب مبارياتها في عدن، فقوبل طلبنا باستحسان كبير من قبل الاتحاد الدولي والاتحاد الآسيوي وكافة الدول التي حضرت ذلك المؤتمر، ووجه الاتحاد الدولي رسالة شكر للاتحاد العام اليمني لكرة القدم لدعوته فرق مجموعتنا للعب في عدن، وتمت عملية استضافة ممثلين عن منتخبي (البحرين وإيران) في عدن بعد انتهاء المؤتمر الدولي المشار إليه في بكين في العام 1984، وكان لي شرف ترؤس اجتماعات ممثلي (البحرين وإيران) في عدن، وتمَّ رفع محاضر الاجتماعات للاتحاد الدولي والآسيوي لكرة القدم، وعلى إثر ذلك حظيت كرة القدم اليمنية في عدن باحترام وتقدير عال من قبل الاتحادات الدولية والعربية، واحتلت بلادنا مكانة مرموقة بين الدول، خاصة وقد نجحت عملية ترتيب استضافة هذه التصفيات في أبين، وكان لي شرف الإشراف الكامل على سير هذه الاستضافة.. ولنا- ولله الحمد -بصمات واضحة في هذا المجال مازالت الشواهد ماثلة للعيان حتى يومنا هذا.

هذه لمحة بسيطة وسريعة لخلفيتنا الرياضية وتجربتنا العملية في المجال الرياضي وكرة القدم بالذات، ولا ننسى أنه كان لنا شرف ترؤس العديد من البعثات الرياضية لبقية الألعاب وأهمها الكرة الطائرة، وكذا اجتماعات اللجان الوطنية المختلفة.. وعندما نقدم هذه السيرة الذاتية السريعة، فهي ليست للاستعراض والتفاخر بقدر ما أن الرأي الذي نبديه كمساهمة بالرأي والمشورة في واحدة من ركائز النشاط الرياضي اليمني الهام، والأبرز وهو تنظيم بلادنا لمسابقة خليجي 20 في العام 2010 ولتأكيد المنطلق والأرضية التي يصدر عنها هذا الرأي بأنه وجهة نظر مسئولة ونابعة من تجربة عملية وميدانية، وخبرة مكتسبة طويلة في العديد من الأنشطة الرياضية لحركتنا الرياضية اليمنية.. مؤكدين بأن هذ الرأي أو المشورة هي تجسيد لما نؤمن به من حق وواجب علينا تجاه سمعة بلادنا الغالية التي نطمح بأن تكون سمعة مشرفة، وعاكسة للمستويات الرفيعة لكوادر بلادنا في هذا المجال، ولا نهدف من طرح هذه التجربة لتحقيق مآرب شخصية- لا سمح الله -أو تحقيق مكانة في مساحة العمل القادم في خليجي 20، فنحن من ذلك الجيل أو الرعيل الأول في الرياضية الذين عرفوا بنتائج أعمالهم السابقة بأنهم يعطون بسخاء حبا في العمل نفسه دون أن يكون لهم مآرب وأهداف شخصية، فهم الجيل الذي يعطي ولا يأخذ، بل إنهم لم يعرفوا هذه المآرب الشخصية لكونهم من النوع الذي يتقمصهم العمل، ويحصر تفكيرهم الهدف الأوحد والغاية الأسمى لرفع سمعة بلادهم في المحافل الدولية، وهذا وحده هو الهدف الأوحد لنشاطهم وعملهم الرياضي ومكافأتهم وحوافزهم ليست سوى إنجاح أعمالهم العظيمة والجليلة ولا شيء سوى ذلك.

وفيما يلي نقدم رؤيتنا وتقييمنا لهذا العمل العظيم وهو خليجي 20.. وسنضع حدود هذه الرؤية في محاور أساسية هي:

1- معنى استضافة بلادنا لمسابقة خليجي 20.

2- ما تمَّ من خطوات من مسيرة التحضير لهذه المسابقة خليجي 20.

3- ما تبقى من زمن أمام موعد الاستضافة لهذه المسابقة.

4- المخارج والمقترحات المساعدة لإنجاح الاستضافة.. وهل سيسعفنا الزمن لإقامة هذه المسابقة؟.

وفيما يلي سنستعرض المحاور المذكورة أعلاه.. مع التذكير بأن هذه المحاور الثلاثة هي بالمقابل بحاجة لوقفات طويلة أمام كل محور لكي نوسع دوائر كل محور من خلال مشاركة الخبراء المحليين من أبناء اليمن وعدن، وكذلك وهم الذين -للأسف- لا توجد لهم وحولهم النظرة المقبولة والمشفوعة بالثقة من قبل قياداتنا المسئولة في الدولة، وهذا الموقف الذي يلمسه كل كادر يمني رياضي ليس وليد اليوم أو هو من بناة وإفراز الوضع الحالي لنا ولبلادنا، ولكنه يسحب نفسه -للأسف- من زمن سابق يمتد لنا قبل الوحدة المباركة عندما كنا (أيام التشطير) ومازلنا حتى يومنا هذا نواجه الإهمال والتركين وعدم الإكتراث، ذلك لأن بعض القيادات في الزمن السابق قبل الوحدة المباركة كانوا يعتبرون الرياضة لعب وعبث لا طائل له، وما يؤسف له أن هذه النظرة مازالت تحسب نفسها على واقع رياضة بلادنا حتى يومنا هذا.. لذا فإننا ننظر نظرة تفاؤل وأمل كبير لأن هناك تباشير مشجعة واهتمام نسبي يوحي بأن رياضة بلادنا تسير بخطوات متثاقلة نحو المستقبل المشرق، وهذا المستقبل المأمول الذي يحلم به سيتحقق حتما، إذا دفعت قيادات بلادنا عجلة السير بشكل متسارع وفقا لتخطيط ومنهاج عملي ورؤية مستقبلية واضحة المعالم.. وفيما يلي سندخل في استعراض المحور الأول وهو:

المحور الأول: معنى استضافة بلادنا لخليجي 20

في اعتقادي الشخصي أن الخطوة التي أقدمت عليها القيادة الرياضية لبلادنا والمتمثلة في قيادة الاتحاد اليمني العام لكرة القدم كانت مبادرة سريعة وطفرة ناتجة عن رغبة محصورة في نطاق ضيق وغير مدروس.. ونحن لا نلوم أصحاب فكرة استضافة خليجي 20 التي تقدم بها الاتحاد اليمني لكرة القدم خلال فترة إقامة خليجي 16 في الكويت، وقد تكون الفكرة المتولدة لدى قيادة الاتحاد حينها مستوحاة من ذلك الزخم الذي يتسجد في المشاركات المتعاقبة لهذه المسابقة.. وكذلك الترابط بين شباب العرب في الخليج وخارجه.. وهو في ذات الوقت كان كرغبة لتأكيد حضورنا مع أشقائنا في دول الخليج، لنؤكد بأننا مشاركون فاعلون، وليس حضور بلادنا في هذا المحفل الكبير كحضور تقليدي بالمشاركة فقط.. وهذا ما يشفع لأصحاب فكرة الدعوة بأن دعوتهم هذه كانت لتحقيق مكانة طيبة لبلادنا مع أشقائنا في الخليج!.. إلا أن هذه الخطوة التي أقدم عليها الاتحاد باستضافة خليجي 20 قد ولدت موقفا معارضا وبارزا من قبل وزارة الشباب والرياضة في الحكومة اليمنية.. ولم يكن هذا الخلاف محصورا في أروقة الوزارة والاتحاد، ولكنه خرج إلى الشارع اليمني وربما لأبعد من الشارع اليمني.. وهذا مايؤكد وجهة نظرنا التي أبديناها في بداية الحديث في هذا المحور الأول، حيث إن الدعوة افتقدت للتنسيق المبدأ بين الوزارة والاتحاد، فعملية التفرد والاستحواذ على فكرة الدعوة من قبل الاتحاد جعلت الوزارة أمام أمر واقع ولاخيار لها سوى الموافقة أو الاعتراض، وقد عرفنا من بعض قيادة الاتحاد أن هناك عدم رضى وقبول للفكرة.. وهذا الموقف الذي يواجه الاستضافة من أيامها الأولى بعد الدعوة قد عكس نفسه على مسار جدية الاستعداد من قبلنا كيمنيين لهذه المناسب العظيمة خليج 20 وأخذ منا الزمن مأخذه.. وظهرت التباينات بين ما تنظر إليه وتمارسه الوزارة تجاه هذه المناسبة، وما قد حققه الاتحاد من موقف لا رجعة فيه تجاه دعوته.. ولقد كان لنا شرف الحضور لأول لقاء دشن من خلاله الأخ وزير الشباب والرياضة الخطوات الأولى في مسار الاستضافة، وكان ذلك اللقاء الذي دعا إليه الأخ الوزير وحضره لفيف من قيادات العمل الرياضي في عدن وبعض القيادات في المحافظة ومرافق الدولة في عدن.. وغاب عن هذا اللقاء الذي تم في ملعب 22 مايو في عدن كل من القيادة العليا للاتحاد العام لكرة القدم، وكذلك فرع الاتحاد في عدن، وهذا الغياب البارز لقيادات اتحاد الكرة أكد ما تناقلته الأخبار أن هناك تباعدا كبيرا بين قيادة الوزارة وقيادة الاتحاد، فلو أن هذه الخطوة التي أقدم عليها الاتحاد اليمني العام لكرة القدم قد وضعت لها اللبنات الأساسية من أيامها الأولى وتظافرت الجهود بين الوزارة والاتحاد وبالاعتماد على الفنيين والخبراء اليمنيين منذ الأيام الأولى لهذه الاستضافة لكان لنا موقف أساس ومبني على فهم صحيح للمعنى المحاط والمرجو والمقصود من مسابقة خلجي 20 في عدن اليمن..

ولقد كان لي شخصيا شرف حضور أول لقاء للأخ الوزير الشباب والرياضة الذي تم فيه تدشين أول خطوة في مسيرة التحضير لهذه الاستضافة.. وكان الاجتماع في ملعب 22 مايو. قلت للأخ الوزير :«ماذا نريد من خليجي 20.. هل نريد تحقيق سمعة ومكانة مشرفة لبلادنا أم أن هناك مآرب أخرى؟!».. فلم أجد أية إجابة على سؤالي هذا رغم أهميته.. وهذا الدليل الأكثر وضوحا أن قيادة العمل الرياضي لم تعرف المعنى والهدف من هذه المسابقة المهمة جدا لسمعة بلادنا.

خلاصة المحور الأول

1- تمَّ تقديم الدعوة لاستضافة خليجي 20 في الكويت عندما كانت المسابقة في عامها السادس عشر، ولم يعتمد الاتحاد عند تقديم الدعوة للاستضافة على دراسة وتقدير سليم لحجم وأبعاد هذه المسابقة، واعتمد الاتحاد في دعوته على قناعته الذاتية وبصورة سريعة وارتجالية.

2- واجهت الدعوة في أيامها الأولى خلافا حادا جدا بين الوزارة والاتحاد، أخذ هذا الخلاف منحاه الأول خارج إطار الشعور بالمسئولية الجماعية، وخلق هذا الخلاف مواجهة الساخنة بين الوزارة والاتحاد، وهي القضية التي وصلت إلى مجلس الوزراء، والخلاف كان على صرفيات بعثة اليمن إلى خليجي 16 في الكويت، وسحبت قضية الخلاف نفسها على الدعوة الموجهة لاستضافة خليجي 20.

3- اتضح أن الوزارة ومعها الاتحاد في سير العمل للتحضير لخليجي 20، وتعمل خارج حدود ودائرة الفهم العميق والأهمية الكبيرة لخليجي 20.. بدليل أن لا الوزارة ولا الاتحاد قد خطوا الخطوة المهمة والضرورية لوضع صورة الهدف والمعنى العميق لاستضافة اليمن لخليجي 20.. وظهرت الوزارة ومعها الاتحاد يخطوان خطوات متعثرة وخارج إطار المسئولية الكبيرة تجاه سمعة اليمن في المحافل الدولية والآسيوية والعربية.

4- لوحظ أن اللجنة العليا ومعها الوزارة والاتحاد يخفيان كل أعمالهما باستثناء خبر الاجتماعات التي نسمع عنها في التلفزيون أو أخبار الصحافة الرياضية.. وكأن هذا العمل (خليجي 20) يخص هذه الجهات وحدها ولا يخص اليمن وأبناء اليمن بشكل عام.. وكان على هذه الجهات عقد لقاءات ومؤتمرات مع الكوادر الرياضية المحلية لمعرفة آرائهم فيما تقوم به من خطوات عملية.. وشاب عمل هذه الجهات السرية التامة وكأن هناك أعداء متربصون بهذا العمل العظيم.

المحور الثاني: ما تمَّ من خطوات في مسيرة التحضير لهذه المسابقة(خليجي 20)

لقد خلقت اللجنة العليا ومعها وزارة الشباب والرياضة والاتحاد حالة إحباط لدى أبناء اليمن وعدن بالذات لما وصلت إليه هذه الجهات من لخبطة في العمل، وعجز تام وواضح خلال الفترة المهمة من مسيرة التحضير لخليجي 20.. ففي الوقت الذي قلنا في المحور السابق إن التخطيط والبرمجة اللذين كان يفترض على اللجنة أن تعتمدهما كأساس لعملها، هو أول نقطة ضياع في عملها وظل الارتجال، وعدم وضوح الرؤية هو ماينتج ما يخرج إلى الناس من عمل غير مقنع أو أنه في الأساس لا عمل.. فقد علم الناس جميعا في عدن واليمن قاطبة أن هناك عثرات وتعطيل واضح لعمل هذه اللجنة رغم ضخامة ومكانة أعضائها من الحكومة اليمنية كوزراء.. فلم يشفع لهذه اللجنة مكانة أعضائها في الحكومة اليمنية، حيث إن قصة الملعب الأساس لمسابقة خليجي 20 أخذ من اللجنة وقتا طويلا وثمينا.. فلم تستطع هذه اللجنة ذات المقام العالي أن تقنع أية جهة من الجهات الحكومية في محافظة عدن لا ستقطاع مساحة لإقامة الملعب الأساسي للمسابقة.. وظهرت هشاشة هذه اللجنة عندما سمعنا أنها عجزت عن إقناع جهات فرعية في عدن لتسليم مساحة الملعب الذي افترضه البعض لأن يكون في (أبوحربة) في الحسوة.. وبدأ المشوار أن يكون الملعب منسقا لعشرين ألف متفرج (جمهور)، وتناقلت الأخبار بين الناس أن هناك تجاذبا بين من يقول:«إن الملعب يجب أن يكون لعشرين ألف متفرج».

وهناك من يقول: «يجب أن يكون لأربعين مفترجا».. وتاه الملعب بين العشرين والأربعين، وجاء المخرج العجيب أن ينقل هذا الملعب لأبين.. ما يؤسف له أن الرؤية هنا غائبة.. لأن الملعب الأساس الذي ستقام عليه المباراة الأولى (الافتتاح) هو وجه لليمن للعالم.. ونحن نرى كل دولة تستضيف مثل هذه المسابقات تعتبر الملعب الرئيس للمسابقة هو بمثابة مباراة الدولة والشعب مع العالم.. أي أن عملية الافتتاح للمسابقة تكون صورة اليمن وحضارته ورمزه وتاريخه.. لكن ما ذهبت إليه اللجنة للأسف حصر في (كيف ما تكون مباريات الدوري المحلي تكن مباريات مسابقة خليجي 20).

نحن قلنا للجهات المسئولة من بدري ومن الأيام الأولى.. إن هناك حركة شاملة خلال مرحلة الإعداد.. أهمها الدعاية والإعلام وتسويق الشعار والرمز لهذه المسابقة، فالدول المنظمة لمثل هذه المسابقات تقوم بعملية تسويق الشعار والرمز لجني مبالغ من خلال إلزام التجار ورجال الأعمال والمرافق والمؤسسات برفع الشعار والرمز الخاص بخليجي 20 على البضائع والمراسلات والطوابع وغيرها.. وهذه العملية لوحدها سيتم جني مبالغ كبيرة منها لصالح المسابقة وبرنامجها المفقود!.. ومن جانبنا حاولنا تقديم الرأي والمشورة من أول يوم أعلن فيه عن استضافة اليمن لخليجي 20، فقد كتبت ثلاث مقالات في صحيفة «14أكتوبر»، وكتابات أخرى في صحف أخرى، لخصنا في هذه الكتابات آرائنا حول ما يجب الانتباه إليه في المرحلة الأولى لإعداد وتجهيز كل ما يتعلق بهذه المناسبة.. ولكن ما نلمسه من الجهات المسئولة عن هذا العمل هو إهمال كل الآراء القيمة التي يمكن الاستفادة منها من كل صاحب رأي.. واكتفت اللجنة والوزارات والاتحاد معها الاعتماد على قناعاتهم، واستثنوا أصحاب الخبرة والمعرفة والدراية بالأمور، فنسوا جميعا أن المثل القائل: «ما خاب من استشار».. ولكن يظهر أن هذه الجهات اعتبرت خليجي 20 ملكية خاصة بها وحرمت أهل الخبرة والتجربة من المساهمة في إنجاح هذا العمل العظيم الذي مردوده سيكون سمعة مشرفة لليمن وأبنائه قاطبة. لقد تساقط إلى مسامعنا من الشارع اليمني أن اللجنة ستقوم ببناء ملعب في أبين، وستعتبر الملاعب الأخرى في عدن عبارة عن ملاعب تمارين للفرق في إعدادها.. للأسف هذا العمل هو ارتجالي بحت، وهو عمل دكاكيني، وعلى طريقة العمل (بالبوكة) أي العمل «كل يوم بيومه» دون أن تضع اللجنة من الوجهة الفنية كيف ستكون الملاعب الخاصة بالتمارين.. والملاعب الحالية في عدن جميعها ملاعب شاخت من طول وعرض ومساحة الأعمال لها طوال السنوات الماضية.. واللاعب الخليجي ليس هو اللاعب اليمني الذي عودته الوزارة ومعها الاتحاد اللعب في ملاعب كلها حفر ومطبات تقصر عمر اللاعب.. ثم (وهو الأهم) أين التجهيزات الأخرى الخاصة بالفرق.. بمعنى أن بعض الفرق لا تعتمد على الإعداد في الملاعب.. فهناك معدات تستخدم للفرق، أما للإعداد البدني أو الفني أو حتى الترويجي كالمسابح والمتنفسات (وهذه المسائل لن ندخل فيها لكونها من اختصاص الجهات المهنية بالإيواء)، فنحن نختص بالجانب الفني للعبة كرة القدم.. إذن فالملاعب أساسا غير جاهزة، والملعب الرئيس الذي ستقام عليه مباراة الافتتاخ الذي قلنا عليها أنها مباراة الدولة والشعب أمام الأشقاء الذين سبقونا في عرض صور وملامح سمات الشعب والدولة والافتخار لما تحتويه وتمتلكه كل دولة من آثار ورموز تاريخية تفتخر وتفاخر بها الدول الأخرى في العالم العربي والآسيوي والدولي.

خلاصة المحور الثاني:

1- ضياع الخطة والبرنامج الخاص بعمل اللجنة العليا.

2- افتقار التنسيق بين اللجنة العليا والوزارة واللجنة الأولمبية اليمنية واتحاد الكرة.

3- عدم الاتفاق على أهمية الملعب الرئيس الذي سينظم المباراة الأولى ومراسيم الافتتاح.

4- عدم تسويق شعار المسابقة ورمزها لكسب مردود مالي تستفيد منه الجهات المشرفة على المسابقة.

5- عدم صاحية الملاعب الحالية لإقامة المباريات التجريبية والتمارين للفرق المشاركة.

6- غياب التنسيق بين المرافق الخدمية والإيوائية مع اللجنة المشرفة في الوزارة والاتحاد.

7- غياب الصورة الكاملة والشاملة للتوقعات وعمل الاحتياطات اللازمة (مسبقا) لضمان إنجاح هذا الحدث العظيم الذي اسمه (خليجي 20).

المحور الثالث: هل ما تبقى لنا من زمن سيسعفنا لتنفيذ خليجي 20؟

من ما سبق استعراضه نكشف أن الجهات المعنية بالتحضير والإعداد الجيد لمسابقة خليجي 20 جميعها (لجنة عليا + وزارة الشباب والرياضة + واتحاد الكرة) قد أسرفت في تبديد الوقت وقتلت الوقت الذي كان يجب عليها استغلاله بشكل جيد لتقديم عمل مقنع لهذه المسابقة.. فقد بددت اللجنة العليا وقتها في النزول المتكرر من صنعاء إلى عدن، وكان كل وزير (عضو اللجنة) لاينزل إلى عدن إلا ومعه طاقم لايحصى، ومعنى هذا أن المصاريف هي الأخرى لا حصر لها والناتج صفر.. لذا فإن علينا قبل أن نستعرض المسافة من الزمن المتبقي لموعد إقامة المسابقة خليجي 20 أن نقف بشجاعة أمام ما فات من زمن، فاللجنة لم تقدم أي عمل يذكر ما عدا قتل الوقت في (بهرجة)، وحركة إعلامية فارغة المحتوى.. لأن نقطة الانطلاق الحقيقية نحو استغلال الزمن المتبقي حتى موعد إقامة المسابقة لن تكون الخطوات فيها جادة ومثمرة ما لم يكن هناك وقوف جاد أمام ما خلفته اللجنة السابقة من ضياع وتبديد للوقت.. وفيما يتعلق بالزمن المتبقي حتى موعد إقامة المسابقة فإننا نعتبره ضيقا جدا وقد لايكفي للإعداد الجيد والمضمون لهذا العمل الراقي، فنحن للأسف في بلادنا اليمن لانقيم الزمن بقيمته القاطعة والحادة.. فالزمن إن لم تقطعه بـ (العمل) قطعك!.. لذا فإننا نريد أن نقيم هذه المسابقة لعكس صورة مثلى لليمن وتاريخه وعراقته، وإن علينا قطع المسافات بخطى سريعة وأكثر مما كانت عليه الخطوات السابقة للعمل الرتيب والبطئ الذي جمدته وشلت فعاليته اللجنة العليا (للأسف الشديد) ومعها الوزارة والاتحاد.. لذا فإن ما تبقى لنا من زمن حتى الموعد المقرر لإقامة هذه المسابقة يتطلب جهدا مضاعفا من الجميع.. وأهم ما يمكن عمله خلال الفترة المتبقية أولا قبل كل شيء وضع الأولويات الأساسية للتنفيذ وتحديد فترة زمنية لإنجازها (الملعب الرئيس والملاعب الأخرى).. يجب أن يتم وضع خطة لحجم العمل وفترة الإنجاز، وعلى الجهة المشرفة على هذا الجزء من العمل أن تتابع المعنيين بالتنفيذ، وترفع تقاريرها أولا بأول إلى الجهات المشرفة الأعلى (قد لاتكون اللجنة الوزارية الحالية)، ثم وهو الأساس يجب أن نحدد- كما أسلفنا- كيف نتصور شكل الملعب الرئيس وعلمية الافتتاح، لأن الجهة المشرفة على هذا العمل ستحتاج من الجهات الأعلى أن تحدد رأيها حول صورة الافتتاح.. فنحن لانحلم أن يكون افتتاح مسابقة خليجي 20 بصورة قريبة من صورة افتتاح أولمبياد الصين الأسطوري! ولا حتى أن يكون شكل الافتتاح الذي أذهل العالم العربي الذي أقيم في قطر مؤخرا!.. نحن يمكن لنا أن نقدم شيئا نقنع به الأشقاء والأصدقاء.. لكن لا أن نقدم الطلبة ومراوحهم ولوحاتهم البسيطة (ولا هو تقليل في ما يقدمه الطلبة في المناسبات السابقة)، ولكن لكل حدث حديث، فهذا خليجي 20 وهو نشاط جديد يربطنا بإخواننا وأشقائنا، ونريد أن نقول لهم (ها نحن هنا) لكي نقدم ما يشرف اليمن وأهله.

الفترة الزمنية يمكن لها أن تكون في حدود الممكن لتنفيذ العمل بالصورة المرضية، ولكن ليس على طريقة عمل اللجنة العليا التي تاهت ولم تقدم شيئا يذكر.

إن ما تناولناه في هذا المحور محصور في برنامج العمل الكلي، فلم نتطرق لقضية الفريق الوطني اليمني الذي سيمثل اليمن في هذه المسابقة، وهذا الأمر لأهميته فإننا سنفرد له لاحقا ملحقا يختص به، لذا فإننا سنخلص أهم جوانب هذا المحور في النقاط التالية:

خلاصة المحور الثالث:

1- يجب تشكيل فريق من الخبراء الفنيين اليمنيين للوقوف أمام مسألة الاستضافة من عدمها.. ويمكن لهذه الورقة المتواضعة أن تكون جزءا من عملية التقييم اللازم، على أن تحدد الفترة الزمنية لهذا التقييم بما لاتزيد عن شهر واحد فقط.

2- يجب تحديد جهة فنية قادرة على تقديم إنجاز حقيقي لهذه المناسبة العظيمة والوقوف أمام اللجنة السابقة، وتقييم عملها الذي سيقنع باستمرارها أو تعديلها أو إلغائها.

3- في حالة وصول الجهات الفنية إلى اقتناع أن هناك أملا أو إمكانية لإقامة هذه المسابقة (خليجي 20) فإن على اللجنة المشرفة السابقة أو الجديدة اللاحقة تقديم برنامج سريع للخطوات العملية التي ستقوم بها خلال الفترة حتى نهاية هذا العام 2008.

4- لابد من استصدار قرار إداري من جهة أعلى يدعم هذه اللجنة المشرفة على العمل لكي يكون القرار الإداري غطاءً قويا ومساندا لها.

5- يجب تحديد مبالغ مادية داعمة وبشفافية ومعلنة لكي يكون ذلك حافزا قويا لعمل اللجنة المشرفة واللجان الفرعية.

المحور الرابع: المقترحات والمخارج العملية لبرنامج عمل الاستضافة:

1- في البدء يجب حل الخلاف القائم والذي يعرفه الجميع وتخفيه الجهات التي لازالت تعتقد أن الناس لاتعرف هذا الخلاف الذي نعتبره أساس تعطيل العمل الجاد لهذه الاستضافة.. وهذا الخلاف الذي لم يعد خافيا على أحد هو خلاف الوزارة والاتحاد (وزارة الشباب والرياضة والاتحاد اليمني لكرة القدم)، فالوزارة تريد أن تكون هي المشرفة على هذه المسابقة، والاتحاد هو الآخر يريد أن (يكوش) ويستأثر بالعمل لوحده.. وهناك من لا ولم يتفق معنا حول هذه النقطة الجوهرية التي تؤكد بالدلائل الملموسة التي ذكرنا جزءا منها في سياق المحاور المذكورة في هذه المقال التي نعتبرها جهدا متواضعا للإسهام في إبداء الرأي والمشورة الصادقة.. ونحن نعرف أن من يريد تكذيب هذا الخلاف هو من يريد أن يستمر التعطيل لهذه المسابقة؟.. أما إذا أقررنا أن هناك خلافا (مبينا وواضحا) فإن الهدف من ذلك هو تعبيد وتسوية الطريق بدون شوائب نحو النجاح.

2- على القيادة في المحافظة إعطاء مساحة من الزمن (لا يتعدى شهر) للوقوف بـ(شفافية) أمام الفترة الزمنية من العمل السابق، وتحديد مكان الخلل الذي جعل من الفترة الزمنية السابقة عبارة عن مساحة زمن ضايع.. وننوه هنا إلى أهمية الجانب الذي قد يخلق حساسية مشابهة، لم لا.. لأن فترة خليجي 16 في الكويت عندما حاولت الوزارة تقييم عمل بعثة بلادنا إلى خليجي 16، فأصبحت أزمة تسحب نفسها على علاقة الوزارة والاتحاد.

ونحن هنا لا نريد عملية تقييم عمل اللجنة السابقة لتكون مساحة جديد للخلاف بين قيادة محافظة عدن واللجنة العليا، في الوقت الذي يجب أن يكون هناك صدور متقبلة للمراجعات والمداولات بدون حساسيات.

3- بعد انقضاء (شهر المراجعة) يجب تحديد صلاحيات ومهام اللجنة المشرفة الجديدة، وبثوب جديد لمواجهة الزمن القصير المتبقي حتى موعد المسابقة (خليجي 20) على أن تعمل اللجنة بجهد مضاعف واضعة في ذهنها الزمن القصير المتبقي حتى موعد المسابقة، وياحبذا لو اعتمدت اللجنة على أساس البرامج وخطط العمل القصيرة والممكنة للتنفيذ مع رفق تقاريرها الدورية الشهرية إلى الجهات الأعلى لمعرفة ما إذا كان سيسعفنا الزمن المتبقي أم لا!.

4- يجب تشكيل لجان فرعية مسئولة على المجالات الأخرى التي تعطها مساحة من ورقتنا المتواضعة هذه مثال على ذلك لجنة فنية لإعداد فريقنا الوطني المشارك في هذه المسابقة ليكون خير ممثل لنا في هذه المسابقة، وعلى هذه اللجنة أن تضع برنامج إعداد فني للفريق لجعله بمستوى هذه المسابقة التي تقام على أرض يمنية، كما أنه على القيادة في المحافظة تشكيل فرق عمل متخصصة في المجالات الأخرى كـ(السياحة، الفندقة، والإيواء)، وأيضا الخدمات المختلفة كالكهرباء والمياه والتلفون والاتصالات المختلفة.. ولجنة متخصصة في الاستضافة واستقبال الضيوف والحرص على سلامة إقامتهم وراحتهم خلال فترة المسابقة.. كذلك لجنة متخصصة في الإعلام والدعاية والتعرف والاطلاع على معالم عدن اليمنية.

وكذلك إقامة الحفلات الفنية والمسرحية التي يمكن للضيوف التعرف عليها، ولابد من تشكيل فريق مروج ودعائي للمعالم الأثرية والتاريخية لبلادنا حتى نجعل من فترة الاستضافة فترة واسعة شاسعة بالبرامج التي تعرف الضيوف باليمن المعطاء.

كما أن النقل الجوي والبري والبحري هو من المفاضل المهمة التي ستعكس سلاسة وسرعة تحرك الضيوف من الفرق والمشاركين بشكل عام. هذه بعض الجوانب المهمة.. وهناك جوانب أخرى تفصيلية يمكن تناولها عند الوقوف بجدية أمام عملية السير الحثيث والجاد نحو خليجي 20 الناجح بإذن الله تعالى.

5- نقترح تشكيل فريق من الخبراء اليمنيين (الذين لا تعترف بهم الجهات الرسمية في بلادنا رغم إنجازاتهم الكبيرة والعظيمة) من الفنيين والمهندسين والإعلاميين والإداريين والحكام ورجال الأعمال.

ويتم إرسالهم إلى آخر دولة في الخليج أقامت مسابقة خليجي، ويتم التعرف والاستفادة من تجارب من سبقونا في هذا المجال لمعرفة تجربتهم والاستفادة منها.. علما بأننا نقيم هذه المسابقة للمرة الأولى وهذا لوحدة دافع لجعلنا أمام الحاجة الماسة، لمعرفة خصوصيات هذه المسابقة حسب نظرة الإخوة والأشقاء في الخليج العربي.

* رئيس سابق لنادي الجزيرة (شمسان حاليا) الرياضي- أمين عام الاتحاد اليمني لكرة القدم سابقا- رياضي متقاعد

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى