البنك الدولي: ليس عـدلا معاقبة موظف أقـل مرتبـة وحمايـة آخـر في قضايا فساد متشـابهـة

> «الأيام» متابعات:

> طالب البنك الدولي بضرورة استقلالية الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة والهيئة الوطنية العليا لمكافحة الفساد بشكل واقعي وتام وليس على الورق مثلما هو الحال الآن، وأكد البنك أن العديد من التشريعات اليمنية المتعلقة بمكافحة الفساد تتضارب أو تكرر نفسها بما يجعل اختصاص الأمر الواحد لأكثر من سلطة كما آثر المشرع اليمني أن يجعل القانون واسعاً بحيث يحتوي على كل ما يمكن تصوره على أنه فساد أو تسمية أية مواد تشريعية جديدة بالفساد ولهذا ضم ضمن جرائم الفساد جرائم أخرى ذات طابع جنائي.

وأشار البنك في تقريره (المراجعة التحليلية للإطار التشريعي والقانوني لليمن لمكافحة الفساد) إلى أن الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة لا يمتلك حق أخذ خطوات قانونية مباشرة طالباً بضرورة تعديل قانون الجهاز بحيث يشير إلى إبلاغ الهيئة العليا لمكافحة الفساد مثلما يقوم بإبلاغ النيابة.

ونشرت (الصحوة نت) أهم ما جاء في التقرير الذي أعده فريق برئاسة أرون أريا كبير الاختصاصيين لإدارة القطاع العام للشرق الأوسط وشمال أفريقيا.

غياب النظم يعيق محاسبة المقصرين

من الواضح أن الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة في القانون لا يملك حق أخذ خطوات قانونية مباشرة أو رفع أي تقارير أو شكاوى عن نتائج أي أعمال تشكل مخالفة لقوانين النيابة العامة أو الهيئة العليا لمكافحة الفساد قبل تسليم التقرير إلى الجهة المعنية وانتظار 30 يوماً على عدم تقديم الشكوى إلى النيابة.

إن وضعية رفع هذه التقارير إلى الهيئة العامة للفساد لازال غامضاً ومتضارباً بين قانون الهيئة الذي يلزم أجهزة الدولة التي تعثر على معلومات بشأن الفساد بأن تبلغ الهيئة وبين قانون الجهاز المركزي الذي لم يتم تعديله بعد والذي يلزمها بتقديم التقرير وتوصياته إلى الجهة المعنية أولاً أو تسليمه إلى النيابة في حال تلكؤ الجهة المعنية.

معوقات وصعوبات تواجه الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة:-1 توقعات الناس من الجهاز وفقاً لمسماه بأن يقوم بالرقابة والمحاسبة معاً، وحلها في أن تقوم آلية حكومية بتوعية الناس بالدور الفني للجهاز (ضمن منظومة التعريف بأجهزة الدولة وأدوارها) فيما الجانب القانوني من المحاسبة الإدارية والقانونية منوط بالأجهزة المراجعة التي يعمل فيها الموظفون العموميون الذين يرتكبون المخالفات والنيابة العامة. -2 استقلالية الجهاز: بالرغم من النص عليه في القانون على أن ميزانيتها ميزانية رقم في الموازنة العامة لكنها تشتكي من أن الممارسة لا تدل على ذلك الاستقلال حتى في الجانب المالي بما يختص بميزانيتها إذ يقوم وزير المالية بمعاملة الجهاز مثلما يعامل بقية الأجهزة التي تقع تحت دائرة الجانب التنفيذي من غير الأجهزة المستقلة.3 - الجهاز لايرى انعكاس أنشطته من خلال دور الأجهزة في اتخاذ خطوات لإصلاح ما أشار إليه الجهاز أو عمليات التدخل الإداري والقانوني بمحاسبة من أثبت الجهاز من خلال الفحص المالي والرقابة الإدارية والقانونية قيامه بما يرتقي إلى المخالفة أو الجريمة.4 - غياب النظم واللوائح الإدارية في كثير من الأجهزة يعيق عمليات ضبط الأداء أو محاسبة المقصرين أو المتخلفين. -5 ضعف الرقابة المالية الداخلية التي ينبغي أن تقوم بها وزارة المالية مما ينعكس على الجهاز الذي يقوم بكشف مخالفات جمة ويحيلها للجوانب المختصة ومن ثم لا ترى معظمها النور في الوقت المناسب.6 - الجهاز جهة فنية للرقابة وفحص الأطر المالية، غير أنها قلما ما يتم استدعاؤها بواسطة النيابة كشاهد إثبات في حين ليس ذلك مجالها وليست طرفاً في أي قضية بل هي جهة فنية تراقب الصرف المالي وفحصه فقط.

توصيات

- الحصانة يجب أن تكون إجرائية لأعضاء البرلمان وشاغلي الوظائف التنفيذية العليا مثلهم مثل القضاة ووزراء الدولة وأعضاء النيابة ومأموري الضبط القضائي، فترفع الحصانة بموجب الإجراءات الشكلية وليست الموضوعية أو الوظيفية متى اقتضت الضرورة ذلك وفقاً لأحكام القانون.

- يجب أن تكون إجراءات التحقيق والمحاكمة موحدة وفقاً للقانون، فليس عدلاً في قضايا فساد متشابهة أن ينعم موظف أقل مرتبة بإجراءات عقابية أو إجرائية صارمة فيما يمارس القانون الحماية لمرتكب الفساد أو يعامله بشكل أكثر حماية لكونه موظفاً من فئة شاغلي الوظائف العامة.

- استقلالية الأجهزة التالية:

- الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة.

- الهيئة العليا لمكافحة الفساد.

يجب أن تكون استقلالية واقعية وتامة وليست على الورق مثلما هو الحال الآن حسب تعبير بعض من استطلعتهم يجب أن يتم تعديل وتعزيز هذه الاستقلالية بالآتي:

- الاستقلالية المالية (ليس ميزانية رقم فحسب) بل أن تسيطر الهيئة أو الجهاز على ميزانيتها بنفسها وليس وزارة المالية.

- أن يتم تأمين استقلالية أعضاء الهيئة أو الجهاز عبر تقديم تقاريرهم وإخضاع إشراف أعمالهم لسلطة البرلمان وليس السلطة التنفيذية.

- أن يتم اختيار وتعيين من يشغلون الوظائف القيادية في أجهزة المحاسبة والمستقلة بحسب طبيعة عملها عبر البرلمان مثلهم مثل رئيس القضاء.

- تقديم ضمانات بعدم المساءلة أو الإقالة مثل الضمانات المعتادة والمقدمة للسادة القضاة، أي أعمال انتخابية أخرى قد تعرض الجهاز أو الهيئة للتقلبات الحزبية والانتخابية.

- أن يتمتع أعضاء الأجهزة الرقابية والمحاسبة للفساد بحصانات تمنع مساءلتهم عن إنجاز أعمالهم بما يتفق مع القانون أثناء الوظيفة العامة أو بعد تركهم أعباء الوظيفة ا لعامة.

مواد قانونية فضفاضة

تعكس المادة 30 من قانون مكافحة الفساد في اليمن أن المشرع اليمني آثر أن يجعل القانون واسعاً بحيث يحتوي على كل ما يمكن تصوره على أنه فساد أو تسمية أية مواد تشريعية جديدة بالفساد، ولهذا ضم ضمن جرائم الفساد جرائم أخرى ذات طابع جنائي، التي هي بالضرورة يجب أن تخضع لاختصاص النيابة العامة وفقاً لقانون العقوبات والجرائم ولا وجه لجعلها من اختصاص الهيئة العامة للفساد، علاوة على النص على أي جرائم أخرى يمكن وصفها على أنها فساد في أي قوانين أخرى.

وبمقارنة القانون اليمني وتعريفه للفساد وحصره لجرائم الفساد وفق المادة 30 من قانون مكافحة الفساد فإنه يتضح إذا ما حصرنا ما يعد فعلاً من أفعال الفساد في إطار التعريف الدولي والإقليمي للفساد، الجرائم الآتية التي ننصح بتضمينها المادة 30 بدلاً عن المواد الموجودة حالياً، يمكن حصر جرائم الفساد من ضمن الجرائم المذكورة أعلاه بموجب ارتباطها بالموظف العام أو الوظيفة العامة على النحو التالي:

الرشوة،الاختلاس، الإثراء غير المشروع، شراء أو بيع أصوات الناخبين، المشاركة السياسية غير النزيهة، إساءة استخدام المكتب أو الوظيفة العامة، الكسب غير المشروع (الإثراء نتيجة استغلال الوظيفة العامة)، مخالفة الثقة، عدم النزاهة في المكتب العام، إساءة استغلال الأموال العامة، إساءة استغلال أموال المانحين، التأثير أو الغش على العطاءات والمزايدات، التأثير على العقود العامة، التمييز في مكان العمل، تنازع المصالح (المصلحة العامة والمصلحة الخاصة)، التحرش الجنسي في مكان العمل، الجرائم الانتخابية (مثل تزوير الانتخابات ورشوة الناخبين أو إرهابهم ومنع البعض من التصويت أو من الانتخاب أو الترشح وما إليه من جرائم وممارسات).

من خلاصة التقريـر

- المحاكمة سلطة تختص بها محاكم الأموال العامة لكنها تنظر في فساد الدرجات الوظيفية الوسطى حتى الدنيا منها، فمتى تحلق الفاسدون حول أي شخص من حاملي صفة موظفي السلطة التنفيذية العليا التي تبدأ من نائب وزير فما فوق فإن الأمر يخرج عن سيطرة النيابة والمحاكم المتخصصة إلى مجلس النواب والدائرة الدستورية في المحكمة العليا.

- العديد من التشريعات اليمنية تتضارب أو تكرر نفسها في مواد بعينها وفقاً للجدول المرفق أعلاه، بما يجعل اختصاص الأمر الواحد لأكثر من سلطة أو يتم تعريف الأمر أو الفئة الواحدة في أكثر من حالة بحيث لا يمكن الجزم أي الصفتين أشمل (مثالها تعريف أعضاء السلطة التنفيذية العليا في قانون الذمة المالية عنها في قانون محاكمة شاغلي الوظائف العليا).

- الهيئة العليا للفساد تعرف الفساد بشكل عام وتجمع حولها جرائم لا دخل للفساد بها غير أنها تجتمع في جنسها الذي يصنفها جميعاً على أنها جرائم جنائية.

5 - الهيئة وفقاً لقانون مكافحة الفساد سلطة استدلال وجمع للمعلومات، لأن نصوص قانونها تقيدها بأن جعلت اختصاص التحقيق والادعاء من اختصاصات النيابة بل واستشهدت بقانون الاجراءات الجزائية (القوانين النافذة).

- قانون مكافحة الفساد ينص على التعاون والتنسيق بين الأجهزة بل ويضع على عاتق الهيئة الوطنية العليا تلك المهمة غير أن القانون لا يفرض جزاءات أو يبين كيفية إلزام الأجهزة الأخرى غير المهتمة أو المتعاونة أو عقابها.

- كل القوانين السابقة لقانون مكافحة الفساد باستثناء قانون الذمة المالية لم تذكر الهيئة العليا لمكافحة الفساد، كما لم تعطها أي حق في التحقيق أو استلام أي بلاغ أو شكوى.

- رغبة الهيئة الوطنية العليا في الحصول على حقوق في التحقيق والادعاء تستوجب تعديلات ليست قانونية فحسب بل ودستورية في الابتداء لأن حق النيابة كممثلة ونائبة عن الشعب حق دستوري في الأساس وتقنينها بالاختصاص تقنين قانوني ذهب إليه حتى قانون مكافحة الفساد.

- الخلل القائم في التعديل الدستوري الأخير في 2006م الذي جعل النيابة من سلطات ومكونات القضاء يجب أن يعالج لجعل القضاء جهة حيادية فاصلة وليس طرفاً في الاتهام أو الادعاء أو تنازع سلطات التحقيق مع جهات أخرى، ليس من العدل أن تكون السلطة القضائية (النيابة كأحد مكوناتها) هي المختصة بالتحقيق وتوجيه الاتهام عبر الادعاء ثم هي نفسها وجهة المحاكمة (نظرية الشاكي والحكم والجلاد).

- النيابة تظل في وضعها المعتاد من أجهزة وزارة العدل، وهي بتلك الصفة يمكن مقاضاتها ولا يعد ذلك ممكناً في حال كانت جزءاً من القضاء، النيابة يمكنها أن تكون ممثلاً للحكومة بصفتها الطبيعية كآلة من آليات وزارة العدل ومدافعاً عنها ولا يعقل أن تخرج النيابة ذاتها للدفاع عن موظفين عموميين تتهمهم بارتكاب جرائم فساد في القضية الواحدة وهذه مدعاة لفصل قضايا الفساد ادعاءً وتحقيقاً لصالح الهيئة الوطنية العليا لمكافحة الفساد.

- الهيئة منحت حق التحقيق والادعاء في المادة 8 الفقرتين (5) و(7) من قانون مكافحة الفساد غير أن القانون ذاته عاد وناقض نفسه معطياً السلطات ذاتها للنيابة بالاختصاص عليها، لهذا يجب تعديل وإزالة هذا التعارض في هذا القانون قبل السعي إلى إجراء تعديلات دستورية وقانونية أخرى.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى